الإنتخابات السودانية في يومها الثاني: هدوء أكثر… وإقبال جماهيري أقل … بقلم: صباح موسى

 


 

صباح موسى
13 April, 2010

 

 

الخرطوم- أفريقيا اليوم/ صباح موسى    sabahmousa@hotmail.com

تشهد العاصمة  السودانية الخرطوم في يومها الثاني للإنتخابات العامة للبلاد هدوءا ملحوظا على مستوى الشارع العام, كما واصلت  مراكز الاقتراع عملها أيضا بهدوء, و شهد الإقبال الجماهيري انخفاضا عن اليوم الأول   ,  ولم تخل العملية الإنتخابية  أول أمس من  مشادات وبعض المشاجرات التي حدثت في 26 مركزا من مجمل 821 بالعاصمة وفق تقديرات المفوضية العامة للإنتخابات,  نتيجة الأخطاء الفنية وسعت  المفوضية إلي تلافي هذه الأخطاء الإنتخابية التي شهدها اليوم الإنتخابي الأول.

 

 المفوضية من جانبها إعترفت في بيان لها أنه حدثت  أخطاء  في طباعة البطاقات في كل من جنوب أفريقيا وبريطانيا, وأنها قامت بإخطار بعثة الأمم المتحدة للإسناد الإنتخابي بهذا الخطأ, وأكدت المفوضية في بيانها أنه تم إعادة طبع البطاقات بمطابع العملة السودانية قبل الإنتخابات بيوم, مبينة أن هذا الخطأ تم لضيق   الوقت الذي تمت فيه هذه العملية, مشيرة إلي أن عملية تصحيح الطباعة حدثت في وجود ممثلي بعثة الإتحاد الأوروبي للمراقبة, ومركز كارتر, وأعلنت المفوضية  أنه سيتم تعويض الوقت الضائع لهذه المراكز بزيادة ساعات الإقتراع خلال اليومين الباقيين, كما أكدت المفوضية أنها ستظل في حالة إنعقاد دئم لمتابعة سير عملية الإقتراع, لإتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة أي أخطاء قد تحدث.

 

وفي متابعة ميدانية  لـ " أفريقيا اليوم"   www.africaalyom.com  لعدد من المراكز بالخرطوم تبين أن العملية تسير بهدوء, وأن الإقبال الجماهيري أضعف من اليوم الأول, وفي أحد المراكز بضاحية بحري بالخرطوم  تحدثت إلينا  "فيوليب داغر" إحدي المراقبات من البعثة العربية الأوروبية المستقلة, وقالت  أنهم رصدوا بعض الخروقات في اليوم الأول, ولكنها إستدركت :  لا يمكنني أن أفصح عن شئ الأن بحكم عملي, موضحة أن  بعثتها سوف ترفع تقريرها في نهاية الإنتخابات, مضيفة سوف ننتظر تقاريرنا اليوم لنرى إذا كانوا تداركوا الخطأ أم لا, موضحة أنها تسمع لوكلاء الأحزاب والجميع بجانب عمل البعثة, وأن البعثة ستحاول أن نتأكد من كلامهم, وقالت:  مثلما كان هناك إيجابيات, هناك أيضا سلبيات, وسوف نرفع التقرير النهائي بعد ذلك.

 

البعثة العربية الأوروبية المستقلة أعلنت عن نشر أعضائها في ولايات (الخرطوم – نهر النيل – البحر الاحمر –القضاريف وكسلا – النيل الازرق – الجزيرة وسنار – جنوب وشمال كردفان – شمال دارفور – جنوب دارفور – غرب دارفور – البحيرات – بحر الغزال)، وبناءا على التحليل الأولي للمعلومات الواردة من خبراء البعثة القادمين من سبع دول وثلاث قارات، أفادت البعثة في تقريرها الذي تلقت " أفريقيا اليوم " نسخة منه عن اليوم الأول أنه تراوحت عملية الإقتراع بين أجواء إتسمت بالإيجابية, وإستياء من خروقات متفاوتة في تأثيرها على مسار العملية الانتخابية. ويجرى حاليا التحقق من صحتها وطرق معالجتها من قبل المفوضية القومية للإنتخابات

 

وأوضحت أنه في اليوم الأول من عملية الإقتراع ما كان يمكن أن يطعن بمصداقية النتائج لو قيد له أن يستمر. لكن التدخل الجاد والمسؤول للمفوضية تجاوباً مع الشكاوى التي تقدمت بها ومحاولة تدارك الأمر فيه ما يبعث على الإطمئنان.

 

وحرصت البعثة على مساهمتها البناءة مع كل الفئات السودانية وخصوصا منظمات المجتمع المدني والتي تجلت بالتدريب والإرشاد على المشاركة في المراقبة، وأكدت في تقريرها على أن دورها لا يقتصر على تسجيل الملاحظات وتصيد الأخطاء في مجتمع ينشد التحول الديمقراطي والخروج من مسار عنفي شهد تراكمات سلبية على مدى 24 عام. ورأى البعثة في تقريرها أن تصويب مسار عملية الإقتراع هو من صلب إهتمامها مع الحرص على عدم المس بحياديتها وموضوعيتها في العمل.

 

وأعلن التقرير أنه ستجري البعثة العربية الأوروبية المستقلة تقييما بعد الإنتهاء من عملية الإقتراع والفرز وستدعو لمؤتمر صحفي لتقديم إستنتاجات أولية تستكمل بإعداد تقرير نهائي يستعرض المناخ العام ويحلل النتائج على ضوء المشاهدات التي سجلت والملاحظات التي قدمت قبل وخلال وبعد العملية الانتخابية.

 

 

الشبكة الوطنية لمراقبة الإنتخابات أقرت بوجود ظواهر سلبية وإيجابية في اليوم الأول للإنتخابات. وقال " طارق مبارك" الناطق الرسمي للشبكة في مؤتمر صحفي أن الظواهر الإيجابية تمثلت في وجود مراقبين دوليين ومحليين, أما السلبية فكانت في إثارة المشاكل, والأخطاء الفنية التي حدثت أمس, مبينا أنه لم ترفع تقارير بوجود حالة أمنية واحدة, مشيرا إلي  أن اليوم الثاني  شهد   تدارك الأخطاء الفنية ، موضحا أن مراقبي الشبكة منتشرون في كل الشمال, وأنهم يرفعون تقاريرهم تباعا.

 

 وأكد "كمال عمر" الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي أن البيئة السرية المطلوبة في الإقتراع لم تكن موجودة, وقال لـ " أفريقيا اليوم" أن المساحات القانونية داخل غرف الإقتراع بين المراقب والناخب لم تراعى, وأنه يمكن التأثير على الناخب في هذه الحالة, موضحا أنه كانت هناك أيضا تجاوزات فنية متعلقة بمفوضية الإنتخابات, وقال أن هذا يدل على أن الكادر الإداري للمفوضية لم يكن غير مؤهل للعملية, مشيرا إلى أنه تم ضبط أوراق خاصة بالتصويت مع أفراد عاديين, وأن هذا يدل على أن هذه الأوراق تسربت للخارج, مضيفا أنه قد تمت إضافات أخرى للسجلات التي سلمت للأحزاب, وقال " عمر" أنه رغم هذه الأخطاء وهذه التجاوزات إلا أنها جميعا لا تصلح لأن نسجل إعتراضا بالإنسحاب, وقال :رفعنا تقاريرنا للجهات المختصة وسوف نستمر, مبينا أن هناك تنسيق بين الأحزاب السودانية التي شاركت في الإنتخابات, وأنها سترفع تقاريرها تباعا حول هذا الأمر ،  مؤكدا أن هناك إقبال جماهيري واسع, وأن الأحزاب التي لم تشارك تقلل من هذا الأمر ، مضيفا :  كان من الأفضل أن يشاركونا الإنتخابات.

 

ووصف " د. الشفيع خضر" القيادي البارز بالحزب الشيوعي عملية التصويت بالمهزلة, وقال لـ "أفريقيا اليوم"عملنا مسحا شاملا للعاصمة, وكنا نتوقع أخطاء, ولكننا لم نتوقع أبدا أن تكون بهذه الفداحة , مشيرا إلى أن النظام الإنتخابي بالسودان معقد, وأنه كان يجب شرح العملية بصورة أكبر للمواطنيين, مبينا أن الأموال التي صرفت على هذه العملية أثبتت بالنزول إلى   أرض الواقع  أنها لم تصرف في أماكنها ،  ورأى " خضر" أن الإقبال الجماهيري كان ضعيفا, وأن الخرطوم شبه خالية هذه الأيام نتيجة لذهاب الناس إلى الأقاليم.

 

من جانبه قلل " د. إبراهيم غندور" الأمين السياسي للمؤتمر الوطني من قيمة الخروقات, وقال لـ " أفريقيا اليوم" حتى أنه لو وجدت بعض الخروقات, فمسئوليتها تعود إلى مفوضية الإنتخابات, وليس للمؤتمر الوطني الذي يعاني منها أيضا أي مسئولية, مضيفا أن مجموع ماتم رصده لا يطعن في صلب العملية الإنتخابية, وقد كنا نتوقع مثل هذه الإنتقادات من الأحزاب التي إنسحبت.

 

وإستنكر " ضياء الدين بلال" المحلل السياسي السوداني ماورد في تصريحات المعارضة بشأن مجريات  العملية الانتخابية, وقال لـ " أفريقيا اليوم" أن المعارضة التي قاطعت الإنتخابات لا يصح لها أن تتحدث عنها, مضيفا أنه بالفعل قد حدثت  ارتباكات  في اليوم الأول, ولكنه أرجعها إلى طبيعة السودانيين في بداياتهم للأشياء, وقال دائما لدينا مشاكل في البدايات والنهايات, مضيفا أن هذه الأخطاء فنية, وأنها تدل على أنه لم يبذل جهد حقيقي من قبل المفوضية, مؤكدا أن هذه الأخطاء ليست سياسية, وأن الإقبال الجماهيري في اليوم الأول كان كبيرا, وفي الثاني متوسطا.

 

آراء