للأسف .. ليست مُزوّرة !! …. بقلم: عبد الباقي الظافر
19 April, 2010
تراسيم
صديق لي شُغف بزميلته حباً .. وتطرّف في ولهه وأطلق على محبوبته ست البنات ..ولكنّ (سِتّهُنّ ) والتي كانت ريفية مُترعة في الجمال..وتدرك وزنها جيداً..أبت أن تتورط في حب لا يؤتي أُكله ..وكلّما أطبق عليها العاشق وسدّ الأبواب ..كانت تجد مسرباً للخروج ..وتؤكد له أنها لا تفكر في الارتباط الآن .. وأنها طالبة ولا صوت في دواخلها يعلو على العلم .
دواخل صديقنا الشقي رفضت هذه الأُطروحات الواقعية ..ومن فرط حبه ..وجد لها العذر ..وهي تغيب عن حياته بعد التخرُّج ..وتقطع صلتها بكل أبناء وبنات الدفعة ..ورغم تعدد الروايات ..حول تلك الغيبة المُحيّرة ..فريق يرى أن الجميلة استاثر بها رجل أعمال نصف متعلم ..وآخر يحسب أنها قطعت البحر ..ودُونت في السجلاّت باعتبارها زوجة مغترب ..إلاَّ أنّ صديقى ظلّ موقناً أنها ستعود ..وأنّ حبَّهما سينتصر يوماً ما.
حالة الإنكار هذه.. بالضبط ما تعانيه أحزابنا في تعاملها مع نتيجة الانتخابات ..ترى الوطنى والشعبية يحصدان الدوائر ..الدائرة تلو الدائرة ..وأحزابنا تجلس على الرصيف في انتظار معجزة ..تحكم على الانتخابات بأنها مزورة حتى قبل تبدأ ..وأخرى تُبدِّل في آرائها بين الشوطين وبين (الصفقتين).
ببعض الاطمئنان أقول إنّ هذه الانتخابات ليست مُزوّرة ..وإن شابتها فواجع وأخطاء كارثية ..وهذا القول يتسق مع اجتهاد الشيخ حسن الترابي في روايته الأولى .. ويتطابق مع التقييم المبدئي للرئيس كارتر ..وبعثة الاتحاد الأوروبي .. وغير قليل من مراقبي الداخل والخارج .
وقبل أن تُشهر في وجهى بطاقة التصنيف الحزبي ..وأُرمى بموالاة الحكام ..أدعوكم لتنشيط ذاكرتكم ببعض الأرقام الرياضية .. المؤهلون للمشاركة في الانتخابات ..وحسب الإحصاء السكاني الأخير أكثر من عشرين مليوناً من المواطنين .. سجّل منهم نحو 80% ..بمعنى أنّ هنالك حوالي أربعة ملايين سوداني كفروا بالانتخابات وهى فكرة ..إمتناعهم عن التصويت موقف إحتجاجي ضدّ الحكومة في الشمال والجنوب.
التقديرات الرسمية المبدئية للذين شاركوا في هذه الانتخابات ..تشير إلى نحو 60% من المواطنين المسجّلين ..هذا يعني أنّ ستة ملايين مواطن استجابوا لنداء المقاطعة ..بينما تكبّد نحو عشرة ملايين مشاق التصويت ..تلك عشرة كاملة ..ركنت في منازلها ..ولم تشارك في الانتخابات .
إذا نال المشير البشير 80% من الأصوات كما هو متوقع ..هذا التقدير المتفائل جداً يؤكد أنّ مرشح الحزب الحاكم كان سينال نحو 40% من الأصوات ..إذا ما أُجريت الانتخابات تحت ظلال حكومة إنتقالية .. في أجواءَ أكثر ديمقراطية .
الأرقام الإحصائية هذه تُفسِّر سرّ نجاح الحزب الحاكم ..والذي تمكَّن من استمالة قلوب كثير من الناخبين استناداً إلى إنجازاته المادية ..في حين فشلت الأحزاب التقليدية المعارضة ..في تقديم أى طرح جديد يُطمئن معارضي الإنقاذ ..أنّ البديل في أكمل جاهزيته .
ما تحتاجه الساحة السياسية الآن حركة جديدة تُعبِّر عن الكُتل الساكنة والصامتة والحائرة .
Abdulbagi Alzafir [alzafir@hotmail.com]