جميل غضبك ، لو يدم ؟! … بقلم: د. على حمد إبراهيم
26 April, 2010
عرضحالات الى البلد :
* غضب الزعيم غضبة مضرية ، عندما رأى كيف مسح حليفه المستتر الارض بحزبه وسواها به ، ولم يخف عقباها ! وكان تقدير الزعيم ان الحليف المستتر سيراعى لحمة العلاقة المبطنة ، وغير المعلنة صراحة ، التى جعلت الزعيم يصرح على رؤوس الاشهاد انه ضد الهجوم على الرئيس . اوعلى حزبه . وجعلته يرفض ، فى اباء وشمم ، الانضمام الى تجمع جوبا الذى يمارس الهجوم الرئيس وحزبه . والتى جعلته ، يقف مع الرئيس ضد المحكمة الدولية . وضد محاكمة اى مسئول سودانى فى الخارج.
كان الزعيم يظن أن تلك المواقف كافية بما يكفى لتعبيد العلاقة بين الزعيم وحزبه من جهة . وبين (الجماعة ديل ) وحزبهم من الجهة الاخرى ، اذا استدعينا تعبير الكاتب الالمعى الاستاذ كمال الجزولى . ولكن يبدو ان الاثرة وحب امتلاك ناصية الامور كلها جعلت (الجماعة ديل) يغمضوا اعينهم عن مواقف الزعيم الايجابية نحوهم ، ويسدوا آذانهم ، بطينة وعجينة ، ويمضوا نحو تنفيذ مخططهم بأكل حزب الزعيم مشويا على الجمر. او مسبكا فى حلة . او مفروما و مطحونا فى فرامة دولة لديها مال بترولى كثير ، مسخر للفرم والدهس من كل جنس . وقد داست الفرامة فى يوم الحسم الانتخابى على جمع كثير . وكان على رأس الجمع المفروم حزب الزعيم ، الذى ظن فى حلفائه المستترين خيرا . وجاء يشاركهم فى ما ظن انه انتخابات بطوية صادقة وعزم لا يلين ، ضاربا عرض الحائط برفض جماهيره المليونية . و لكن بعض الظن اثم . فقد ارتكب حزب الزعيم اثما فى حق نفسه عندما ظن ان الليث يبتسم عندما رأى انياب الليث بارزة ، ولم يأخذ بنصيحة الشاعر العربى القديم حين قال :
اذا رأيت انياب الليث بارزة فلا تظنن ان الليث يبتسم
كان ذلك غدرا مكشوفا بحزب الزعيم الذى لم يترك شيئا لم يقدمه لحليفه المستتر – من سحب لمرشحه الرئاسى حينا . واعادة ترشيحه حينا آخر ، حسب طلب الحليف فى كل حين وفقا لتقديراته الميدانية وحاجياته الاستراتيجية فى ميدان المعركة . لم يستطع احد فى حزب الزعيم ان يفك طلاسم اصرار الزعيم و حزبه على الدخول فى معركة محسومة النتائج سلفا . وكان واضحا انها معركة ستحول الحزب الكبير الى حزب صغير ، ا ان لم تشطبه نهائيا من سجل الاحزاب المعتبرة . ولكن بعد ان سبق السيف العزل ، عرف الجميع السبب فبطل العجب.
و وقعت الواقعة الفاجعة . والفى حزب الزعيم نفسه منحورا فى العراء العريض . وتسيل من شدقيه الدماء بلا ذنب جناه الا ذنب الظن الحسن بالحليف المرتقب . وكانت تلك محزنة لم يصدقها احد . و زاد الحليف المستتر من اوجاع الزعيم وحزبه حين اخذ يزهو متبخترا وزاعما بأن جماهير الزعيم قد انفضت من حول الزعيم وحزبه.
الآن وقد انتهت المعركة غير المتكافئة ، وران على الارض غبارها ، سوف يحتاج الحزب الجريح الى دواء قد يكون مريرا مذاقه . وصعيبا . تجرعه ، و غير مستساغ ابتلاعه . سوف يتحتم على الزعيم ان يقدم هو الاجابة على سؤاله اين ذهبت جماهيره فى القاش . وكيف تبخرت الملايين بين غمضة عين وانتباهتها ؟ الارض لم تبتلعها . اذن كيف توارت فى يوم الزحف الانتخابى ؟ اجراءات اولية يحتاج الزعيم لكى يبدأ بها رحلة البحث عن الاجابة على سؤاله الكبير : ان يمكث فى ارض السودان اكثر . وان يحج اليها اكثر من حجه الى ديار الآخرين ، الذين تختلف اجندتهم الحقيقية عن اجندته .و ان يتقلب اكثر وسط حماهيره و بينها . تلك الجماهير التى تخرج بالملايين للترحيب به كلما اتاها زائرا فى المرات القليلة التى يجد فيها وقتا لزيارتها .
وان يلملم شعث جماهيره الكثيرة . و ان يعطيها الحرية ويطلق يديها لعقد مؤتمرات تنتخب فيها قياداتها بحرية . فقدج اعطت تلك الجماهير ولم تترك شيا . ذلك هو الطريق الوحيد الذى سيمكن الزعيم من الرد على ماحدث له ولحزبه فى ابريل . اين راحت الجماهير التى راها الزعيم تتدافع نحوه بالملايين ؟ هل شالها القاش النشفان ؟ . الكل يعرف الاجابة . و ايضا يعرفها الزعيم . ولكنه ، ربما لسمو نفسه ، و ربما احتفاظا بشعرة معاوية ، لا يريد ان يقول ما يعرف. ليته قال ما يعرف . ففى ذلك ابراءا لذمته ، وشفاءا وراحة لقلوب جماهيره التى فى الصدور . لأن تحديد هوية الخصم تسهل عملية التعامل معه .
دعونا نبرئ القاش من دم جماهير الزعيم . فهو (لم يشيل ) تلك الجماهير. شهد بذلك الزعيم نفسه ، حين شهد بنشاف ريق القاش فى هذا الظرف الآنى . وشهادة الزعيم فوق جميع الشهادات . باعتبارها شهادة الموجوع المكلوم الذى وقع عليه الضرر والضرار .
ونختم بالقول " ان غضبك جميل يا حضرة الزعيم . فقط لو يدوم . غضبك حميل لو انتج الفعل الصحيح . والموقف الصحيح : أن تكون فى قلب المعمعة ، لا منزويا فى الاطراف أملا فى المأمول الغائب : ذلك الوفاق الذى لايذكره من بيده امر الوفاق الا عند الضرورات التكتيكية .
و تعالوا نغنى مع (هلاوى) للقاش الغافل عن تصاريف الزمن الغشاش . و نثبت براءاته من دم جماهير الزعيم :
مين علمك يافراش تعبد عيون القاش
الخضرة فى الضفة وهمس النسيم الماش
على حمرة الوردة وحب الندى الرقاش
غافل وما عارف انه الزمن غشاش
بالله ليه يافراش خلاك وراح القاش ؟
دائما يروح القاش ويعود ، وهو فى اندفاعاته وانحساراته الابدية . هذا التعزى ، هل يعيد الطمأنينة الى الذين (فات وخلاهم القاش ) وراءه ظهريا من جماهير الزعيم فى ابريل. أم يمضى فى تسياره القاش ، غافلا عن صروف الزمن الغشاش ، وناسيا وراءه جماهير الزعيم ، و لايعود . مثلما مضى وخلف وراءه الفراشات الجميلة .
ونكرر : ياحضرة الزعيم : غضبك جميل ، لو يدوم !
أح . . . . . يابلد !
Ali Hamad [alihamad45@hotmail.com]