والى شمال كردفان الجديد… وسيرة المويه من جديد؟ … بقلم: سيف الدين عبد العزيز ابراهيم
4 May, 2010
سيف الدين عبد العزيز ابراهيم – محلل اقتصادى بالولايات المتحدة
Aburoba04@gmail.com
قرأت مؤخرا بعض من تصريحات الوالى القادم للولايه السيد معتصم ميرغنى حسين زاكى الدين حيث ابدى فيها الملامح أو الخطوط العريضه لخططه وتصوره لفترة ولايته القادمه أذكر منها بعض (التصريحات الايجابيه) حيث ذكر أن من أولوياته التنمويه هى انشاء طريق بارا أم درمان وحتى أتوخى الامانه الفكريه أعتقد أن هذا المشروع من الاولويات التى يمكن أن تفيد العمليه الاقتصاديه اذا تم تنفيذه. ذكر ايضا تركيزه على اكمال مشروع ربط الابيض وبقية مدن الولايه بالشبكه القوميه للكهرباء وهو ايضا مشروع أو هدف تنموى وان كان على مشارف الانتهاء حسب ماتناهى لاسماعنا من أخبار قادمه من الولايه. ذكرت هذين المثاليين لتوخى الصدق والأمانه النقديه فى التناول التحليلى للأمور. فى وسط تلك القائمه من الخطط المزمع تنفيذها بواسطة الوالى الجديد رؤيته لحل مشكلة المياه المزمنه التى عانت منها شمال كردفان ككل ومدينة الابيض على وجه الخصوص أيما معاناه حيث أعلن عن نيته لحفر الآبار وشق مزيدا من الترع وما الى ذلك من الكلام التقليدى الذى يذكره الولاة الذين تعاقبوا على تلك الولايه أو الاقليم كما كان يسمى سابقا ولسنوات خلت حتى قبل الانقاذ فى منحى ادارى وتوجه فكرى يدل على محدودية وضيق افق ادارى وفكرى ومحدودية سقف غقلى لايوصف. متابعة مايجرى فى السودان والكتابه فى الشأن العام بالنسبه لى واجب تمليه على واجبات المواطنه والاحساس بضرورة التفاعل مع معاناة الناس شأنى كغيرى من المهتمين كل فى مجال تخصصه أو زاويته التى تخدم المواطن على حسب تقديرنا المتواضع ودائما أحاول جهدى أن آتى بالمقترحات أو الاسهامات بعد شرح المشكل وابعاده حتى لا تنصب كتاباتى فى خانة الناقد كثير الشكوى قليل المقترحات التى قد تفضى الى الحلول. شأن السودان ككل يهمنى ولكنى أولى كردفان اهتمام خاص وخصوصا مدينتى الحبيبه الابيض لما لها من تأثير فى تشكيل شخصيتى ولتواجد الأهل بها.
لماذا اهتمامى وتركيزى على مسالة المياه بالنسبه لشمال كردفان ياسيادة الوالى؟ حيث أوليتها كميه من المقالات حاثا ومحفزا ومنتقدا مسؤلى الولايه والحكومه الاتحاديه لتجاهلهم لهذا المنحى أو المشروع الهام للمنطقه وقد استدليت وضمنت مقالاتى السابقه كميه لاباس بها من الاحصائيات واشارات لدراسات لدعم ماذهبت اليه حتى لايكون كلامى نقدا غير مدعوما بالحلول أو بالأحرى المقترحات لأنى لست بالواهم الذى يجعلنى أدعاء امتلاك الحلول. أهتمامى يا سيادة الوالى هو خوفى على أهلى, اهتمامى يا سيدى سببه رد دينى على تلك البقعه التى صنعتنى وغرست فينى من فضائل وصفات أحملها أينما حللت فى بلاد المهجر. مشكلة مياه الابيض ياسيادة الوالى لن تحلها مقترحاتك التى سقتها من آبار وحفائر وخلافها لأنها كما نسميها فى علم الاداره الحلول الساهله والمبسطه ان لم تكن الساذجه حيث هى حلول لتوفير جزء من احتياجات المدينه الحالية, أكرر جزء من الاحتياجات الحاليه لأن المدينه الحاليه تساوى ثلالث أضعاف المدينه التى نشأت بها انت ياسيادة الوالى فى الستينات والسبعينات ونشأنا نحن بها فى السبعينات والثمانينات. أم روابه والرهد وبارا والنهود لم تعد تلك المدن التى تعرفها أنت فى صغرك وصباك وأعرفها أنا أو جيلى الذى تلى جيلكم. وقبل الخوض فى وصف تفصيلى للزياده السكانيه لتلك المدن فلنعد قليلا الى الوراء وننظر الى احصائيات صندوق التعداد السكانى التابع للأمم المتحده, وبل انظر الى التعداد السكانى الذى أجرى بالبلاد مؤخرا رغم علاته حيث نرى أن وتيرة الهجره من الريف الى المدن الرئيسيه ليست بوتيره حكرا على السودان حيث ذكر صندوق التعداد السكانى للأمم المتحده أنه وفى منتصف القرن الحالى أن ثلثى سكان العالم سيكون فى المدن أو حولها وليس ذلك بالخبر, وانما الخبر أن هذه الوتيره ستكون فى سرعه متناميه فى مناطق النزاعات السكانيه والحروب ونقص أو عدم توازن توزيع الثروه حيث يرتحل سكان الارياف الى المدن للهروب من أماكن النزاع وقلة الموارد والخدمات وهى ميزات أو نقمات ابتليت بها مناطق عديده فى أفريقيا والسودان ليس بمعزل عن هذه الوتيره وبالتالى هذه المدينه التى تنوى حفر آبار لها أو حفائر أو تنشيط الاعتماد على حوض بارا الجوفى فتلك الخطوات لن تحل المشكله وانما مسكنات وقتيه وانصاف حلول تغطى على المشكل لفتره قصيره ومن ثم تبدا فى الظهور مره أخرى بعد أن تنتهى فترة ولايتك وياتينا الوالى القادم ليعيد نفس المشهد ويردد نص السيناريو. الحل ياسيادة الوالى القادم لابد أن يكون حلا استراتيجيا وهو كما ذكرنا وذكر غيرنا مرارا وتكرارا يكمن فى مد المنطقه بخط انابيب مياه من النيل الابيض عن طريق شرق كردفان أو من النيل فى شمال أم درمان عن طريق الصحراء الى بارا ومنها الى الابيض ومابعدها وهو مشروع سيدفع ثمن تكلفته بنفسه كما يعرف فى علم الاقتصاد لما له من مرورد اقتصادى وتنموى فاعل, مباشر, وسريع لتجنى ثماره المنطقه.
قرات من التصريحات أنك ستولى التنميه اهتمامك ولسيادتك أود أن أذيعك سرا أن مد المنطقه بمياه من النيل هو عماد التنميه حيث أن معدل صرف سكان الابيض على المياه (سعر الماء, الوقت الذى يستهلك فى البحث عن الماء, الحهد المبذول) يوازى أكثر من 18 فى المائه من دخل المواطن (على اقل تقدير حسب احصائياتى المبدئيه). تخيل تحويل هذه النسبه وتوجيهها نحو الانتاج؟ هذا دون سرد فوائد المياه الطبيعيه من رى لسد الحوجه المحليه من الخضروات والفواكه مما يقلل من تكلفة الاستيراد من مناطق أخرى وبالتالى توفير عماله محليه واستهلاك وقود وخلافه بل يمكن أن يصدر الفائض الى الاسواق فى المدن المختلفه. أى بمعنى أن مد المنطقه بمصدر دائم للمياه من النيل يدخل فى صميم العمليه التنمويه والاستقرار الذى يسبق الانتاج. تشجيع الاستثمار وجلب رأس المال الى المنطقه دون تنفيذ مشروع بهذه الاهميه يصبح طق حنك وتصريح غير جاد أو مدعم بالوسائل المساعده على التنميه. المستثمر ينظر الى الملف الاستثمارى من كل نواحيه قبل الاقتراب أو الاقبال على استثمار أى مبلغ مالى فى الولايه لأن مقومات النجاح يجب توفرها فى المنطقه المزمع الاستثمار بها قبل اتخاذ القرار بالاستثمار فيها. تذبب الامداد المائى أو عدم توفر الماء من الاساس من أهم المؤشرات السلبيه أو المعوقات التى تعترض اقبال المستثمر على المنطقه. هذا مشروع حيوى ولايقبل التجزأه أو انصاف الحلول المقترحه وتكنلوجيا امداد خطوط المياه تكنلوجيا قديمه وحاليا فى السودان رأينا كيف تم توصيل البترول من أراضى كردفان الى بورتسودان وذلك دليل حى و عملى على توفر الامكانيه الفنيه ولكن مانفتقده هو الاراده السياسيه التى تجنبت أو تجاهلت هذا الأمر على مدار العشرين عاما الماضيه.
أهل كردفان ليسو بالسذاجه التى يعتقدها المركز أن تلك الاخفاقات المتعلقه بعدم تضمين مثل هذا المشروع فى مشاريعك التنمويه انها بشأن ولائى بحت, أهلى وأهلك ياسيادة الوالى لهم من الحكمه والذكاء التى تمكنهم من دراية مصدر المعوقات هنا ليست بالولايه أو شماعة الامكانيات وانما المعترضات هنا تكمن فى تمترس المركز ورفضه التام لتبنى مشروع حيوى وبهذه الاهميه لمنطقه على مرمى حجر من مياه النيل ويعانى مواطنها الضنك والحرمان بشأنها. لم يتكرم أى من الولاه السابقين أو عرابى المركز بالتكرم بالرد على تساؤلاتنا المتلاحقه عن عدم تنفيذ مثل هذا المشروع ولم يكلفوا انفسهم عناء الحوار الفكرى لتناولنا لهذا المشروع الحيوى الهام مما زادنا قناعه أن المشكل أصله قرار واراده سياسيه معدومه ولكن أنا هدفى هو الشان العام وساظل أطرق كل الابواب الموصده أمام مطالب أهلنا العادله ولن تكون هذه آخر محاوله لطرح هذه الهموم. انت الآن تمثل حكومه لها سيطره تامه على الجهاز التشريعى والتنفيذى وبالتالى لايمكنك التخفى وراء الابعاد السياسيه والمعترك البيروقراطى, وهذا بالتحدى لك لاثبات جديتك للمنطقه بتبنى مشروع كهذا يمكن أن يحل ضائقة الملايين من أهلنا الكرام وها أنت ابن المدينه والولايه والتى نفترض أنك تدرى معاناتها أكثر من كل الولاه المعينين من مناطق أخرى على الولايه فهلا تعشمنا فيك ام أن عشمنا سيكون مصيره ماتعشمناه فى أبو كلابيش ود. فيصل من بعده حيث أضحت تلك الأحلام كعشم الفروج فى الرضاعه؟.