وتانى الغائب يكلم الحاضر … بقلم: سعيد عبدالله سعيد شاهين
4 May, 2010
وما أغلى دموع ودالأمين يا حكومه يا معارضه يا حركه شعبيه ويا حاملى السلاح
waladasia@hotmail.com
سعيد عبدالله سعيد شاهين
كندا - تورنتو
متابعة لمقالنا السابق بعنوان الغائب يكلم الحاضر والمستوحى مما نقل أن وزير مالية الجنوب قاله فى أمريكا أخيرا بأن (الإنفصال قادم والحاضر يكلم الغائب) أو كما قيل على لسانه ، ولكن لا بد أن نقف وقفة تجلة وإحترام للعملاق الأستاذ محمد الأمين ورائعته التى جعلت دموعه تنسال كما روعة ما أنشده من أجل هذا الوطن ووحدته ، والذى جاء متزامنا مع ما سطرته فى مقالى السابق حول هذا الموضوع ، ومدخلا لهذا الطرح ،فقد ذكر لى بعض ممن ناقشونى فى ما كتبته أن المؤتمر الوطنى لايمكن الإتكال عليه فى موضوع الوحده ؟؟ لأنه يملك الماركه المسجله فى نقض العهود!؟
ولنعتبر أن هذا صحيح بالكامل ، لكن الحقيقه أن المؤتمر الوطنى يعتبر خارج هذا الأمر ألا وهو الإستفتاء القادم لأنه بالكامل يقع تحت إختصاص الناخب الجنوبى وحده ، وهو الذى يقرر ، ولا مجال له فى موضوع تزوير أو (خج) صناديق الإستفتاء ، أولا . ثانيا وهذا هو الأهم أن المؤتمر الوطنى طال الزمن أو قصر فهو الى زوال والباقى هو السودان . وهذا هو جوهر الأمر الذى يجب أن تدور حوله كيفية الإلتفات لمعركة الإستفتاء وهى للأمانة والتاريخ مسؤولية جميع مكونات المجتمع السودانى بكل أطيافه بعيدا عن الألاعيب السياسية الضيقة ، هى أمانتنا إتجاه الأجيال القادمة ،
هى مسؤولية الجميع خاصة قوى المعارضه لأنها أجازت فى العام 1995 بما يعرف بمقررات أسمرا حق تقرير المصير ، والذى أراحت النظام (الساعى) للإنفصال وجعلته يمرر هذا البند فى إتفاقية نيفاشا بمعنى أوضح أن الحركة الشعبية إستطاعة بذكاء سياسى أن تمرر هذا البند على طرفى اللعبة السياسيه فى الشمال مستغله الجموح نحو السلطه لكل الأطراف ، التجمع الوطنى وحوجته لذراع عسكرى يزيح به النظام من ناحيه وإحراج النظام من ناحية أخرى ، والنظام وحوجته لسد ثغرة الجنوب وإيقاف استنذاف كل الموارد البشريه التى طالت كل البيوت بما فيها كوادره ، خلاف بقية موارد الدوله الأخرى . إذن إتفاق جميع القوى على بند الإستفتاء يحتم على (الجميع) تحمل هذه المسؤولية التى يجب أن لا تترك لطرفى الإتفاق وحدهما وهذا ما نحن بصدد طرحه . وحتى بإعتبار أن المؤتمر الوطنى يسعى بكلياته لفصل الجنوب ، ونفس الإحتمال لدى الحركه الرغبه بفصل الجنوب لإعتبارات كثيره منها ما يتم التركيز عليه دوما موضوع البترول . السؤال ألا يعتبر العمل على إنجاح خيار الوحده هو إنتصار على العصبة الحاكمه شمالا وجنوبا حاليا (بفرضية) أن من مصلحة أيا منهم (الإستحواذ) على ما يليه من سلطه مطلقه ، وأن المواطن والوطن لا تخدم مصالحه (تنفذ) مجموعة معينه أيا كان مقدار السلطة التى يتمتعون بها اليوم وهى الى زوال فى كل الأحوال والباقى هو الوطن .
وحتى أضع تصورى لهذا الأمر والذى يعنى الجميع دون فرز أبدأ أولا بما طرحه السيد رئيس الجمهوريه بأن تتحول الهيئة التى ناصرت ترشيحه الى هيئة تدير امر الوحده الجاذبه ، وبإعتبار (الشكك المستوطن) فى ذهنية المعارضه ، فأنه يمكن إعتبار هذه الهيئة هى الإسفنج الذى يمتص الأفعال وردودها أو من خلالها تكون المعبر بين المؤتمر الوطنى والأحزاب الأخرى ، وفى كل الأحوال وبفرضية إنها أداء يريد المؤتمر الوطنى تضييع الوقت ، فعلى قوى تجمع جوبا بما فيها بشكل جوهرى وأساسى الحركة الشعبية والتى سيدور أمر الإستفتاء فى ملعبها بالكامل أن تبادر بالدعوة لمؤتمر تداولى مفتوح لكل القوى السياسيه بما فيها الحركات حاملة السلاح فى دارفور وأيضا المؤتمر الوطنى والهيئة المكلفة من قبل الرئيس للتداول حول كل المشكلة السودانية برمتها كل قضايا السلطه والثروة وعلاقات المركز بالهامش ووضع التجارب الأمريكيه والكنديه فى مجال الحكم وخلافه من منطلق التنوع الثقافى والعرقى وكيفية إقتسام الثروه والسلطه ، ولكن الأهم أن تستصحب كل القوى السياسيه ومنظمات المجتمع المدنى كوادرها بشتى تخصاصتها القانونيه الإقتصاديه الإجتماعيه ..الخ لوضع التصور والتوافق النهائى على كيفية وضع الإطار الكامل لإدارة الحكم فى السودان والذى من خلاله يتم التنافس السياسى مستقبلا لتجويد الأداء على أن يجاز كل ما يتفق عليه من قبل السلطات التشريعيه كافة قوميه وولائيه وأن يتم ضمنا وضع صياغة للدستور الدائم للسودان ، ومن ثم يتم الإلتزام بإنزال ما أتفق عليه للقواعد وبتركيز شديد حتى يتم إقناع الناخب الجنوبى بضرورة الإنحياز لخيار الوحده .على أن يتم كل هذا العمل فى جنوب السودان تحت مسمى مؤتمر جوبا للإجماع الوطنى ، وحتى لو شذ المؤتمر الوطنى عن هذا الإجماع يستمر البقية فى إنفاذ ما أتفق عليه لأن معركة بقاء السودان موحدا يجب أن يصبح هم الجميع لدحر كل قوى الإنفصال
يقع على القطاعات الأخرى عبىء يضاهى ويوازى العمل السياسى ، على القطاع الرياضى تنشيط الدورات الرياضيه تحت شعار نحو سودان واحد ، تتبارى فرق المقدمه بكل مدن الجنوب بل ويمكن قيام دوره استثنائية تحمل إسم كلنا السودان أو لا للإنفصال . ويمكن لإتحاد الكره أن يجمد نشاطه هذا الموسم أو نقل كافة مباريات الدورى الممتاز الى ملاعب الجنوب .
فى المجال الفنى على الإتحادات الفنيه بكل أشكالها الغنائيه المسرحيه الفنون التشكيليه تكثيف حملاتها وأعمالها لتطوف كل أقاليم الجنوب فى عمل متواصل لإحياء حمية الوطن الواحد ويكفى أن حضور الفنان الكبير وردى الى جوبا أيام عبود أخمد دخان القنابل المسيله للدموع عندما كانت المعارضه حول تدريس اللغة العربيه بالجنوب .
بل حتى الحكومة المركزية نفسها يجب أن تكثف من عقد إجتماعاتها فى شتى ولايات السودان بصوره مستمره لحل المشاكل على أرض الواقع وعقد جلسات مشتركه مع حكومات الولايات فى مقارها .
أما الإعلام فتقع عليه من واقع الرقابة الذاتيه إفساح المجال لجعل خيار الوحده جاذبه وأنه لا صوت يعلو فوق صوت (أن يكون السودان دولة موحده ويسع الجميع) . وأن تحجم عن نشر كل ما يوقر الصدور ويؤدى للفتن . بل حتى الصحافة يمكن أن تخصص صفحة يوميه لكل اقليم للإبتعاد عن التركيز على العاصمة فقط وطرح مشاكل وهموم الأقليم من أرض الواقع مع إفساح المجال لكتابة اللهجات واللغات المحليه وشرحها مما سيجلب للصحافة رواج أكثر من قراء تلك الأقاليم . إن النظرة يجب أن تكون شموليه لكل هموم الوطن واسثمار فرصة الإستفتاء لتكون البلسم الشافى لكل أوجاع الوطن التى أهملتها كل العهود الوطنيه.
وعلى التلفزيون يقع عبء أكبر حيث يمكن الغاء كل البرمجه وتخصيص يوم كامل لكل ولايه بالتقسيم القديم بإعتبار الأقاليم السته يعرض فيه كل قضايا الأقليم وفنونه ولغاته والخ اى توسيع برنامج (بلادى سلام) ليكون البرنامج مخصص بالكامل طيلة اليوم للأقليم المعنى مستفيدين من التلفزيونات المحليه فى ذلك حتى يعرف الجميع أن الكل يعانى والكل يجب أن يتعاون للنهوض وإجتياز كل العوائق ، ونفس الطريقة يمكن أن تقوم بها الإذاعه ومن خلال هذه البرمجة للإذاعة والتلفزيون يمكن إحياء التنوع الثقافى واللغوى بكل اللهجات مع عدم إهمال لغة التفاهم الوسيط بين الكل وهو اللغة العربية حتى بلكنتها المحلية لكل ولاية واقليم . حقيقة عندما يتهيأ (الرأى الجمعى) لكل مكونات المجتمع وعبر قياداته ونجوم الفن والرياضه والمجتمع سيتقبل المواطن ويستوعب الأمر ليس بإعتبار أنها مصلحة وقتيه ولكنها كضروره وطنيه تهم الجميع . الخيانة الوطنية الكبرى تتمثل فى إستمرار القيادات السياسيه فى تضييع الوقت فى المهاترات والمكايدات السياسيه التى لن يجنى من ورائها المواطن أيا كان موقعه الجغرافى غير مزيد من العناء ولن يستفيد منها إلا تجار ومحترفى السياسه .وإنها الفرصة التاريخيه لإعادة (الهم السودانى) لأهله بعد أن (تخطفته) الأكلة من كل حدب وصوب حيث مهدنا لهم التدخل فى شؤننا بعد (التعرى السياسى) الفاضح لكل من هب ودب ،فلنتجاوز كل المرارت والإحن والمظالم وقتيا فكفى إستهتار وتلاعب بهذا الشعب والوطن وتاريخه . (فلنقم معسكرا دائما) بالجنوب الى حين الإنتهاء من معركة الإستفتاء ولنكف عن نشر غسيلنا القذر عبر الفضائيات التى تتربح من هبلنا السياسى هذا ، ولتنطلق أفراح الوحده من جنوبنا الحبيب وتطوف غربا ثم شرقا وشمالا مبشرين الجميع أن الوطن صار يسع الجميع وبالتكاتف سينهض عملاقا وطن أريد له أن يقال (كان هنا السودان) ولكن نقول لهم هيهات هيهات .