الولد الشقى … بقلم: د . احمد خير / واشنطن

 


 

 

 

بالأمس رحل عن دنيانا الفانية إبن البلد ،  الكاتب الصحافى الكبير / محمود السعدنى " الواد الشقى " عن عمر يناهز الـ 82 عاماً .

من عاصر الفقيد فى بداية ستينيات القرن الماضى لابد وأن يقر بأن أسلوبه اللاذع المشوب بخفة الدم قد ميزه عن  باقة الكتاب والصحافيين فى مصر . ذاع صيت السعدنى عندما كان أحد أعمدة صحيفة " صباح الخير " المصرية التى جذبت القراء آنذاك  لما تحتويه صفحاتها من مقالات وتحليلات وإستطلاعات العديد من أساتذة ذلك الجيل من الكتاب والصحافيين وأهل الرأى الشئ الذى جعلها من أميز الصحف المصرية التى كانت تصدر فى تلك الفترة مما كان يجعل القرتء فى السودان يتنافسون على إقتنائها فور وصولها وقبل أن تنفذ من الأسواق !

 

يحضرنى مسلسل كان يعرضه التليفزيون السودانى فى شهر رمضان فى تلك الحقبة وتبدأ مقدمته بإغنية  " التتر " التى كتب كلماتها محمود السعدنى يقول فيها :

الشيخ لعبوط

قلع الظعبوط

ونزل بريطانيا

يلم القوت

كان مايساوى قرش

بقالو كرش !

 

كلماته الساخرة فى معظم ماكتبه جلبت له غضب السلطة خاصة فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات ، وكان من نتيجة ذلك أن هجر مصر إلى بريطانيا . حكى لى طرفة فى تسعينيات القرن الماضى عندما كان ضيفا على برنامجى الإذاعى شرح فيها النهج الذى تتخذه بريطانيا حيال الصحافة والنشر بصفة عامة حيث قال: عندما هاجرت إلى بريطانيا قررت أن أقوم بتأسيس صحيفة تناهض الوضع السياسى فى مصر وأن تكون نافذة يتنفس من خلالها كل من يعشق الحرية ، سألت أحد الأخوة من الذين قضوا زمناً فى بلاد " الخواجات " وشرحت له ما أرنو إليه من تأسيس صحيفة وعن الطرق التى يجب إتباعها لتحقيق الهدف ، فما كان من صديقى أن قال بالحرف الواحد: إن كنت عايز تنشر مجلة أو جريدة منتظر إية ، ماتنشر ! قال السعدنى: تعجبت مما ذكره صديقى فقلت له: كده أروح أنشر من غير ما أدفع رشوة لحد أو آخد تصريح من الحكومة !؟ قال تعجبت أكثر من رد صديقى الذى أخطرنى بأن  الحكومة ليست لها أى دخل فى الموضوع  وأن كل ماهو مطلوب هو أن أحصل على " سجل قيد " من وزارة التجارة  وأتوكل ! وكان ردى " رد السعدنى " أن قلت: عمار يامصر ، دا الواحد إذا كان عايز يكح  فى مصر ، لابد له من إستخراج تصريح من الحكومة !   

رحم الله الكاتب الصحافى العربى الساخر محمود السعدنى ، وخالص الدعاء بأن يتقبله الله قبولاً حسنا ويمنحه من الحسنات  بقدر ما أدخل من بهجة فى نفوس كل من قرأ له وبعدد حروف ماكتب ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .  

 

Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]

 

آراء