الحزن قادم .. والاعاصير ! …. بقلم: د. على حمد إبراهيم
7 May, 2010
عرضحالات الى البلد:
الوفود التى تترى فى حجها السرمدى الى واشنطن قادمة من الجنوب ظلت تؤكد لنا بدون الحاجة الى الافصاح ان الامر قد قضى . قابلت المسئول الجنوبى الكبير الذى كان مشاركا فى اجتماعات آخر وفد يصل من الجنوب الحبيب للتو . وكان منتشيا وهو يحدثنى عما تم ابلاغه للامريكيين للتو من قبل الوفد الرفيع . لقد تبلغ الامريكيون الرسالة القصيرة الشافية الوافية الموجزة " لقد ذهب الجنوب! " . ولما رأى محدثى ان مسحة من الحزن والاشفاق قد رانت على قسماتى ، قال مداعبا :" لا تحزنوا ،دعونا نذهب فى سلام ، فقد يساعد ذلك فى عودتنا مرة اخرى" . قلت لمحدثى لو كان لى فرصة للاقتراع فى الاستفتاء لصوت باصابعى العشرة لصالح الوحدة . ولكنى لن اقاتلكم من أجلها . فوحدة بالاكراه خير منها الف مرة فراق باحسان ." وافقنى المسئول الكبير . ومضى يحادث آخرين وهو فى نفس الحالة من الانتشاء . لقد سمع كلاما مشجعا من اصدقائه الامريكان ، الذين هم مثله قد اقتنعوا ان بلد محجوب شريف الحدادى المدادى قد اصبح ذكرى واثرا بعد عين باعتبار ما سيكون فى ظرف سبعة اشهر من الآن .
الاستفتاء قادم . وسوف تهب فى البرية اعاصير الريح الاصفر لو حاول بعضنا التلاعب به او تحويل مساره عن الاتجاه الذى يريد . والأمل ، كل الامل ، ألا يحاول البعض اللعب بالنار ، واستولاد ابريل جديد. استفتاء ينائر هو خط أحمر وفاصل بصحيح . فاذا احترقت الخطوط الفاصلة بين النيران ، فان الحرائق المدمرة ستقضى على الاخضر واليابس .
نعم، دعوهم يقرروا فى حرية تامة اتجاه وخط السير الذى يريدون . فان اختاروا النوى ، وصدحت مزاميرهم بلحن الوداع الاخير ، فسوف نكابد حزننا ، ونقول لهم فى بركة الله، ولا يعتر ليكم ريح .
مواطن عربى غاضب رأى فى السودان أندلسا جديدا قادما ، صاح فى وجهى : اجدادكم هزموا جيوش الخديوية ، وجيوش فكتوريا ، وحرروا بلادهم من دنس الاستعمار. واقاموا دولة حرة مستقلة فى الوقت الذى كانت فيه جيوش الاستعمار تدك حصون الدول المستقلة وتستعبد شعوبها . وجدودكم أؤلئك لم يكونوا فى مثل كثرتكم االعددية اليوم ، أم أنكم غثاء كغثاء السيل . ولم يكونوا فى مثل قوتكم الاقتصادية ، ولا قوتكم المعرفية . ما بالكم تلتحفون الهوان ، والمسكنة والاستسلام. و تتسابقون فى الترحيب بانفصال جزء عزيز من وطنكم فى رخاوة غريبة كانكم لستم احفاد المهدى ، محرر السودان ، وقاتل غردون الذى فتك بشعوب آسيا والصين . ومشيد اول دولة اسلامية فى مجاهل افريقيا . الا ترون كيف تحارب تركيا الانفصالى عبد الله اوجلان . وكيف تحارب روسيا عن باطل الشيشان والقرغيز . ما بالكم أنتم تضحون بجزء عزيز من بلدكم خضوعا لمخططات الامريكان. كيف يقبل الرئيس البشير أن يكون مثل جورباتشوف ، زمثل العربيد بوريس يلتسن ، اللذين فككا الامبراطورية السوفيتية ومضيا الى مزبلة التاريخ.
كان الرجل الاصولى يرتعش من الغضب . وهو يلقى علىّ خطبة زياد بن ابيه تلك . وقلت فى نفسى : جميل ان تجد من يحس ببعض حسسك حتى وان كنت لا تعترف به . ولكنى كدت اصرخ فى وجه الرجل كما صرخ فى وجهى. واقول له بالفم المليان : " اسمع . . . يا زول هوى! حرّم ، وطلاق بالثلاثة ، أنا يانى القاعد فى الجنوب ، الليلة ، وباكر ، وبعد باكر ، والى ا ن يرث الله الجنوب ومن فيه ! أمى وأبوى مدفونان فى الجزء الجنوبى من مدينة جودة الذى ضم رجالة واقتدارا الى الحنوب رغم انف الصارية الضاربة الجو كحد وضعه الانجليز . وشقيقى ابوجديرى ، ذلك الشاب الاخضر الجميل ، قتل فى الجنوب ظلما وعدوانا وهو مسافر ، وليس له فى عير السياسة ولا نفيرها نصيب . انا قاعد بجوار اؤلئك الحنفاء ، ، ومتوتد فى الارض بقربهم مثل هرم خوفو الكبير ، لا يحركنى انفصال ، ولا يهزنى ريح . اكتب عندك على رأس الصفحة الاولى . وبالحبر الشينى الذى يرفض الفناء .
أخ . . . يا بلد !
Ali Hamad [alihamad45@hotmail.com]