ظهور طبقة من الباشوات والأرستقراطيين وأبناء الذوات فى السودان … بقلم: تاج السر حسين

 


 

 

royalprince33@yahoo.com

الصحفيه المصريه اسماء الحسينى مشكوره اوردت خبرا تناولته على طريقتها التوافقيه التصالحيه التى تقصد منها خيرا بالسودان وأهله الذين عاشرتهم لفترة طويله من الزمن وتعرفت على الكثير من سلوكياتهم وطبائعهم وثقافاتهم، جاء فى الخبر انها التقت عن طريق الصدفه بعدد من ابناء قيادات المؤتمر الوطنى وهم فى سن الشباب خلال ما كانت تحاور الناطق الرسمى باسم حركة العدل والمساواة فى بهو احد الفنادق الكبيره فى مصر، فاتجه اؤلئك الشباب ابناء (المؤتمرجيه) نحوها وسلموا على الأخ/ أحمد حسين آدم بحرارة وتمنوا منه ومن رفاقه ان يعودوا للخرطوم!

 

ومن حق الأستاذه اسماء ان ترى النصف المملوء من الكوب فى القضايا  والمواقف السودانيه، أما نحن الذين عرفنا المر من هذا النظام الذى اتى لأنقاذ الوطن فقسمه وجعله يتشظى ويتجزأ ويصبح الأنفصال هو الخيار الأول لأهلنا فى الجنوب وفى كل صباح يوم جديد يقترب الأنفصال أكثر وتبتعد الوحده حتى كادت أن تصبح سرابا، فمن حقنا ان نرى النصف الفارغ وأن تعذرنا  (أسماء) على هذه الرؤيه فمن يده فى النار ليس كمن هو فى البر حتى لو عاش بخياله ما تفعله النار فى جسم الأنسان  المرهف الحس والشعور.

 

فى سابق الزمان كنا فى السودان عامة وفى ام درمان على وجه الخصوص نعيش متساويين متحابين وعلى تكافل اجتماعى دون اتفاق بيننا، يميز الناس كلهم حب للوطن وكراهية الحياة بعيدا عنه مع أعتزاز بالنفس لا حدود له وعلى سبيل المثال  لا الحصر تجد أحدهم انسان  سودانى بسيط عاطل عن العمل  يرتدى جلبابا سودانيا عاديا يجلس تحت ظل شجره أمام  منزله يتجاذب اطراف الحديث مع رفاقه وهم يحتسون أكواب الشاى وكأنهم قد امتلكوا الدنيا كلها، فتأتى عن طريق الصدفه سيرة وزير أو شخصيه عامه تتقلد منصبا كبيرا فى الدوله وفى الحال تلاحظ  لذلك الشخص وقد (شنق) طاقيته ووضع رجل فوق رجل ثم يقول: هذا الوزير الذى تحدثتم عنه أبن عمى لزم لكنى لا يمكن  ازوره  أو أطلب منه وظيفه  فى اى موقع لأنه لا يزور الناس، وهذه سلوك نادر  بين السودانيين يندم فاعله طيلة حياته لأنه يصبح معزولا بين اهله ومعارفه مهما بلغ حجمه فى الدوله.

 

والجار فى أم درمان ما كان يهنأ بلقمة طعام  شهى لذيذ دون أن يتذوق منه  جاره حتى لو لم تفح منه رائحه مثل رائحة الشواء، وعندما يحل ضيف على احد سكان الحى فجأة وبدون ميعاد سابق، سرعان ما تبدأ الجارات فى ارسال الطبائخ عبر (نفاج) لأكرام الضيف بما هو مستطاع.

 

الشاهد فى الأمر وما دفعنى لكتابة هذا الموضوع ..  هو الخبر الذى  تطرقت له اعلاه منقولا مما نشرته الأستاذه/ أسماء الحسينى على هذا الموقع (سودانايل) وعلى مواقع أخرى وجاء فيه أن 12 شابا فى المرحله الثانويه تقريبا من ابناء القيادات العليا فى نظام الأنقاذ التقت بهم عن طريق الصدفة خلال جلسة حوار صحفى مع الناطق الرسمى لحركة العدل والمساواة الأخ (أحمد حسين آدم) فى بهو احد فنادق القاهره وكيف انهم اقبلوا على الناطق الرسمى بالسلام والتحايا الحاره .. وهذا شئ جميل  واضافت أن اؤلئك الصبيه تحدثوا مع الأخ/ أحمد حسين حديثا طيبا وتمنوا منه ومن رفاقه أن يعودوا للخرطوم فى وقت كان فيه زعيمهم د. خليل ابراهيم يتعرض للمضائقات ويمنع من دخول تشاد بايعاز من نظام الأنقاذ  أى بايعاز من اهلهم الكبار حتى لا يصل الى قواته وجنوده فى دارفور ويتعرض جواز سفره للتلف ويصرح نظام الخرطوم مؤيدا ما فعلته تشاد بالمواطن السودانى خليل ابراهيم ورفاقه، حتى يضطر آخر المطاف وبعد أكثر من 17 ساعه للعوده الى ليبيا.

 

هذا ما فعلته الأنقاذ بخليل أبراهيم فى نفس الوقت الذى كانت فيه حركة العدل والمساواة تطلق سراح  44 اسيرا من قوات الحكومه التى كانت تقاتلها فى دارفور وتسلمهم للصليب الأحمر!

هذا سلوك الحركات التى تحمل السلاح فى السودان وذاك سلوك نظام يدعى انه شرعى ومنتخب!

ولو كان نظام الخرطوم جادا فى السلام لما طارد  د. خليل ابراهيم فى كل مكان حتى يمنعه من الألتحاق بقواته وأن يجبره للعودة للمفاوضات صاغرا يبصم على ما تريده الأنقاذ ولكى ينفذ لها أجندتها ضد أهله فى دارفور وضد شعبه فى السودان الكبير، والسلام الذى يأتى عن طريق القهر والضغط و(الفهلوه) لن يستمر ومصيره أن يؤدى للأنفصال مثل الذى سوف يحدث فى الجنوب.

 

ود. خليل حينما جاء الى مصر وقوبل بصوره عفوية وتلقائيه مقابله  حاشده من كآفة قطاعات الشعب السودانى وبصورة لم تحدث من قبل لزعيم شمالى، ولذلك لم يخيب ظن من هبوا لملاقاته، حيث ركز جل حديثه عن الوحده بين الشمال والجنوب وقدم العديد من الأقتراحات الأيجابيه والتنازلات التى تجعل تلك الوحده خيارا جاذبا وممكنا ولو كان فى نظام الأنقاذ عقلاء لطالبوا بأن يعتمد حديثه فى فندق سونستا للجماهير السودانيه فى مصر كوثيقه هامه من وثائق دعم مشروع الوحده بين الشمال والجنوب.

 

للأسف هذا هو سلوك الأنقاذيين مع أهل السودان الشرفاء الذين لم يحنوا روؤسهم ولم يبيعوا قضايا أهلهم ووطنهم المصيريه بثمن بخس وبمناصب زائله.

 

وبالعوده مرة أخرى لذلك الخبر الذى تناولته الأستاذه اسماء الحسينى على طريقتها وباسلوبها التوافقى والتصالحى وهى رغم المامها بالكثير من جوانب الحياة والثقافه السودانيه، لكنها لا يمكن أن تدرك معنى وجود 12 شابا من ابناء قيادات الأنقاذ فى بهو فندق فخم عند اى سودانى، ولا بد أن يتساءل ذلك السودانى عن سبب حضورهم لمصر ودون شك  معهم أهلهم وذويهم. 

والراجح عندى أن سبب الزياره هو (السياحه) والهروب من حر الصيف اللافح فى السودان، ولذلك من حقى  وحق كل مثقف أن يسأل ، هل تخلى نظام الأنقاذ عن تطبيق الشريعه الأسلاميه وحول البلد الى دوله مدنيه؟ الا يعلم الأنقاذيون ان السياحه فى الشريعه هى الجهاد؟

ام الشريعه  تعنى عندهم جلد الفنانين وتفتيش (بناطلين) النساء بواسطة الرجال والتأكد من مطابقتها للمعايير ؟

للأسف هذه تناقضات الأنقاذ التى حرمت العديد من السودانيين أن يتعلموا فى الخارج وفى ذات الوقت ارسلوا ابنائهم الى جميع جهات الدنيا لنيل تعليم متقدم فى دول مثل امريكا وبريطانيا وماليزيا وغيرهم من البلدان.

هذه تناقضات الأنقاذ التى جعلت من كوادر المؤتمر الوطنى وتبعه طبقه من الأثرياء الأرستقراطيين والباشوات وأبناء الذوات.

 ومن مال الشعب السودانى يؤسس المؤتمر الوطنى  مكاتب فى (فلل) فخمه فى الخارج ويقود قادته السيارات المرسيدس بينما المنضوين للحركات الأخرى يعانون من شظف العيش ويسكنون فى الشقق المتواضعه الرخيصة الثمن.

 

أقول للحادبين على مصلحة السودان وأستقراره ودون شك منهم الأستاذه/ اسماء الحسينى، لا بعض الجهلاء والأرزقيه والسطحيين ان حل مشاكل السودان وعودة مواطنيه الى ديارهم لا تتم بهذه البساطه وبالنوايا الطيبه فقط.

 والسبيل الوحيد هو أن يتساوى الناس جميعا داخل السودان فى كل شئ وأن يتذوقوا الحلو والمر معا فالسودانى انسان عزيز لا يرضى بالذل والهوان والتعامل بدونيه.

ايها الأنقاذيون دعونا من التنطع والمكابره والمزايدات فجميع تصرفاتكم لا علاقة لها بالدين، ولا داعى ان تقحموا الأسلام فى السياسه وأنتم ترسلون ابنائكم مهما حسنت نواياهم للسياحه وللتصييف فى فنادق 5 نجوم بينما أبناء السودان المسحوقين فى الهامش يموتون بسبب نقص الغذاء والدواء.

 

آراء