حملة مناهضة لنفير الوحدة تنطلق !؟ …. بقلم: آدم خاطر
14 June, 2010
كلما أقتربنا من موعد انطلاقة الخطوات العملية للاستفتاء كلما تمايزت الصفوف والحملات الداعمة للوحدة والانفصال على حد سواء ،فمنذ اعلان رئيس الجمهورية دعوته لاطلاق حملة نفير الوحدة فى الاجتماع الاستثنائى لشورى حزبه ، تباينت ردود الفعل فى الأوساط المقابلة بالحركة الشعبية ، وأصاب القلق التيار الذى ينهض بدعوات الانفصال فيها جهرة على نحو ما يعبر عنه باقان وزمرته !. فالدولة تدرك مسئوليتها الوطنية والتاريخية و التزامها بموجب اتفاق السلام الشامل وضرورة انفاذ نصوصه وروحه التى تدعو لجعل الوحدة جاذبة ، وهذا ما يجعلها تستدعى هذه المعانى والعمل لأجلها بصدقية دون انزعاج الى ما يمكن جنيه وتحقيقه لجهة الوقت وطموحات أبناء الجنوب ، فمشاريعها وبرامجها ظلت ماضية بتتابع وتنسيق ولكن كل مرحلة كانت لها أولوياتها وآلياتها دون اغفال ، والانتخابات العامة كانت مرحلة فاصلة وعصية كشفت العديد من الأضواء وما يمكن عمله لأجل بلوغ الاستفتاء من حيث القوانين والاجراءات والضوابط المنظمة له وتهيئة الساحة له على عظم تبعاته !. لأن الحكومة تعى دورها وما يطلب اليها فيما تبقى من مراحل تطبيق اتفاق السلام ، وقد سبق و أن مكنت لشريكها بمنحه كامل استحقاقاته على صعيد الثروة والسلطة منذ ابرام الاتفاق ، وهى جزء من هذا الذى تتوجه الأنظار اليه الآن ، ولكن هل ما ضخ به من مال وامكانات ، والقيادات التى تولت المسئولية بالجنوب فى هذه الفترة بامرة الحركة الشعبية ، هل هى قدر التحدى أم ظلت تركض خلف أجندتها الحقيقية باكرا ؟ وهل قامت بدورها فى الخطط والبرامج التى ترسى الأساس المتين للوحدة التى يتطلع لها شعب السودان من واقع ما اتيح لها من تراتيب وسيطرتها على مؤسسات الحكم التى أقامها السلام !؟. لماذا تتقاعس حكومة الجنوب عن واجباتها وترم المسئولية بكاملها فى تجسيد الوحدة على المؤتمر الوطنى ، والأخير يحمل مسئولية البلاد بكاملها بكل تعقيداتها وصعابها فى الجنوب ودارفور والشرق والمعارضة الشمالية ودول الجوار ومجلس الأمن والقوى العظمى والجنائية ، فيما انزوت الشعبية فى حدود الجنوب الجغرافى دونما برامج ولا أهداف مما قاد لحالة من عدم الاستقرار وانفراط الأمن وتمدد النزاعات القبلية واضعاف هيبة الدولة من واقع سيطرة الجيش الشعبى المتعطش للدماء والفوضى ، وتركته يعيث فى الأرض فسادا ويتسلط على الرقاب ويوجه الارادة حتى علت صيحات المواطن هناك والذى بات يتضور من الجوع والفاقة وتفشى البطالة الا من محسوبية وانتقائية عرقية تدوس على جماجم الآخرين، دعك عن غيابها وانشغالها عن الشمال !!. فى غمرة استدعاء الاستحقاق وتحمل كل طرف لمسئوليته وما يتوجب عليه فعله ، تريد الحركة أن تقول أنها ليست معنية بنصوص الاتفاق الذى يلزمها بجعل الوحدة جاذبة وبالعمل لأجلها من واقع صناعة أرضية الانفصال التى تكرسها فعالها وممارستها اليومية على الأرض !. بكل تعلن حملة مناهضة لتسميم الجوء الذى تهيئه الدولة بمسع ومرأى أهل السودان فى ارادتها الماضية نحو الوحدة، تواجهه حرباً ضروسا ً و رياحاً عاتية تريد ان تجعل الصوت النشاز بالانفصال يعلو بخطوات لها أبعاد ومرامى فى متوالية تستبطن الكثير !. تيار باقان الانفصالى لم يغير نهجه وخطابه منذ أول يوم من نفاذ الاتفاق وحتى هذه المرحلة التى نعيشها ، وهو يسعى كى يكبر فى نفوس الغلاة من تجار الحروب وسماسرتها فى الاقليم من أجنحة الاستخبارات الأجنبية وأصحاب الأجندات الخارجية ليكون تياراً غالبا يفرض هذا الخيار ولو اعلاميا ارضاءًا لأربابه وسداد فاتورة عالقة !.
والمدهش أن الدولة ظلت تفتح أبوابها للمبعوث الأمريكى غرايشون ومن سبقه من رسل أمريكا متى ما أردوا وكيفما شاءوا تستقبلهم وتحاورهم وتجلس اليهم وتتجاوب مع اهتماماتهم (كراعى للعملية السلمية) ! , بل وتمكنهم من زيارة الجنوب ودارفور ولقاء المعارضة والمنظمات الدولية بالخرطوم والتحدث للاعلام ، وبالمقابل تأتى رسائل أمريكا المربكة والمتناقضة واشاراتها السالبة ومواقفها العدائية لم تتغير ، وعقوباتها وحصارها وقوانينها باتجاهننا تجدد بطريقة آلية ووعودها لنا فى كذب متحرك ، وضغوطها علينا ومناوراتها لبلوغ غاياتها الحقيقية فى ازدياد وتمدد ، وبرغم هذا بقيت أبواب السودان مشرعة باتجاه أمريكا وحوارها الذى أفردت له مساحات واسعة وجولات متطاولة ولكنه لا يفضى فى نهاية المطاف الا الى مصالحها وأهدافها دون أن تحظى مشاغلنا بأى قدر من التفهم والتقدير !!. وها هو نائب الرئيس الأمريكى بايدن يلتقى سلفاكير بوصفه رئيسا لحكومة الجنوب المنتخبة كدولة موعودة ، يلتقيه فى أول عمل خارجى لحكومته بنيروبى بطلب أمريكى لا بوصفه نائبا أول لرئيس الجمهورية ، وكينيا هى من استضافت أطراف السلام وعمل قادتها لأجله كما تشارك الآن فى تقويضه ، ولكن أمريكا على عهد أوباما مهتمة بالشرعية التى أكتسبها سلفاكير بالانتخاب لتبلغ بها غاية فى الطريق ، وهى لا تهتم بشرعية البشير الذى لولا حكومته ونهجها فى وقف الحرب وما أبرمته مع الجنوب من اتفاق لم يحظى سلفا بهذه المكانة التى هو عليها الآن !. وزعيم الحركة الشعبية لا يتورع فى الطلب الى مستقبله بايدن ، طلب اليه أن تقوم الإدارة الأميركية بالضغط على المؤتمر الوطني لحل القضايا العالقة في سبيل إجراء الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان !، ويأتى بالتزامن مع هذا اللقاء أن دعت منظمات شبابية جنوبية في مسيرة كبرى جرت يوم 9 يونيو في جوبا يتقدمها الجيش الشعبى والمؤسسة التشريعية بالجنوب ، دعت شعب الجنوب بالتصويت للانفصال، في إطار حملة قيل أنها ستتواصل في التاسع من كل شهر إلى حين موعد الاستفتاء مطلع العام المقبل ، هكذا توصل قيادة الحركة الشعبية لأمريكا أن حملتها للانفصال قد بدأت باجراءات داخلية وسند امريكى ، و الناطق الرسمى للخارجية الأمريكية يقول أن بلاده ستعترف بدولة الجنوب حال انفصالها وتدعمها هكذا دون مواربة ، فهى مهتمة بالانفصال وتعترف بصداقتها للحركة الشعبية ودعمها لها المادى واللوجستى وبالعتاد والسلاح والخبراء ما انقطع على أيام الحرب ، وهو متصل فى أيام السلام يتوج برعاية لصيقة لا تنتهى بالمستشار روجر ونتر ولا يقف عند سلاح الطيران الأمريكى بالجنوب الذى يدشن هذه الأيام فى مخالفة صريحة لمطلوبات السلام وتعزيزه !. بينما يفشل المبعوث الأمريكى غرايشون فى اقناع خليل بليبيا للعودة الى المفاوضات بالدوحة لأنه يرغب فى الميدان لا التفاوض ، هكذا يبدوا المشهد الأمريكى منحازا وداعماً لأجواء الانفصال ، ومهيئأ لمسرحه وكل غاية تؤدى اليه من خلال الانتقاد الحاد الذى يوجه لاجراءات الحكومة تجاه تفلت المعارضة ونهجها فى تقويض البناء الحكومى الجديد الذى يتشكل، وحوارها المتعثر ووساطتها المشبوهة !.
الجهود الأمريكية الداعمة للانفصال لا تقف عند عتبة بعينها وأمريكا تحتضن هذه الأيام الأمين العام للحركة الشعبية باقان الذى سيدلى بشهادته للكنغرس الأمريكى المعروف بعدائه للانقاذ ، وربما مجلس الأمن بطريقة أو أخرى ويا لها من شهادة !؟. وعلينا أن ننظر فيما يمكن أن نتوقعه من افادات باقان أموم وهو الذى يجهر بدعوات الانفصال ليل نهار ولا يخافت بها ، ويطلق من الاحكام والقطعيات ما يجعله دائما فى دائرة الضوء والفعل ، وصناعة القرار ، فهو يقول أن 99% من مواطنى الجنوب يقفون الى جانب الانفصال ، هكذا هو يبنى آليات الرأى العام ويشكلها لصالحه ويقطع بافاداتها دون منهجية يخاطب بها الداخل والخارج !، ويعيب على نائب رئيس الجمهورية على عثمان أن يقيم فى الجنوب ليبشر بالوحدة ويدعوا لها كما ظل هو الآن مقيما بالخرطوم ومخاطبا لكل أهل السودان عبر كافة وسائط الاعلام لا هم له غير الانفصال وكل ما يدعمه بالقول بالعمل !.هذا الرجل لا يخفى علاقته بأمريكا وهو بديلها فى مستقبل الجنوب وحكمه ونصيرها فى انفاذ مخطط ( السودان الجديد ) الذى تباعدت خطاه وتوارى عن الأنظار لعدة عوامل من وحى سلوك الحركة الشعبية وتعاطيها السياسى اليومى ، لكنه يظل حلم باقان وعرمان فى مناهضة تيار الوحدة الذى ينطلق بعزيمة الدولة وتحالفاتها ، فهو نفير بالكلمة والتعبئة والبرامج التى سبقت بها الحكومة التى سيتجاوز بعضها المدى الزمنى المتبقى ، تريد له دعوات باقان التى هى جزء من تيار متأصل داخل أجهزة الحركة الشعبية السياسية والعسكرية يغزى هذه النزعة ، ويسهر لأجلها بارسال الاشارات المربكة والتبارى بالتصريحات من أعلى هرمها فى أوقات وأمكنة مختارة بعناية لها معان ورسائل تخاطب الداخل الانفصالى وتطمئن الخارج دولا وحكومات ومنظمات وكنائس ومراكز تتجاوز الاقليم ، وكل من يقفون الى جانب الانفصال ويعملون لأجله وينتظرون حصاده !. الخطى التى تسعى بها الشعبية فى مقبل الأيام وسائر تحركاتها وتكثيفها لنشاطها وهى تضاعف من خيلائها كى تشوش على نفير الوحدة ومشروعها الناهض الذى هو برنامج الدولة للستة أشهر القادمة ، دون أن يحول أو يعيق المسار المنطلق باتجاه دارفور ، حيث تسعى الجهات الداعمة للانفصال أن تتركها معلقة تنتظر مآلات الاستفتاء للمزيد من الضغط على الحكومة والحزب الحاكم !. لذلك فاننى أنظر الى هذا التوجه بمزيد من التفاؤل والروح الدافعة للابداع وتجاوز المطبات باعمال أقصى درجات الحكمة واليقظة، والانقاذ فى مسيرتها العامرة عرفت مكر الداخل وتآمر الخارج واجتماعهما تارة منذ زمن بعيد وبقيت شوكتها قوية وجذوتها متقدة تسطر الانجاز والاعجاز فى اوقات الحرب والثورية ومن باب اولى فى أوقات السلم والتأييد الشرعى الذى اكتسبته عبر الانتخابات !. السحب الكثيفة التى تحيط بواقع الحركة الشعبية فى الجنوب الآن تحتاج الى شماعة كى تعلق عليها تبعات الفشل الذى يطوقها ، لذلك سيكون المزيد من الطرق على السلاح الذى يتدفق من الشمال وبؤر التمرد التى تتفجر ، وايواء القادة الذين تمردوا عليها ، وكافة البلاوى التى تحيط بها سيخرج علينا باقان ليقول فى شهادته أن المؤتمر الوطنى هو العدو الأول ، وأن الصديق يبقى أوغندا وكينيا ومن رائهما رغم الاحن التى تئن بها أرض الجنوب من وراء وجود هذه الدول وسيطرتهما على حركة التجارة والاقتصاد، ومن ورائهما أرتال من أجهزة المخابرات وعملاء الموساد والسى آى أى ، عبر مظلات وواجهات يسيل لها اللعاب !. لهذا سيظل باقان يهرف لأجل جعل خيار الانفصال جاذباً فى اصباغ المزيد من التهم والهراء على شريكه حتى يظن البعض أن أهل الحركة الشعبية أصحاب مظلمة كبرى ، على الأموال الطائلة التى سكنت جيوب قادتها والفقر المدمر الذى يلف المواطن العادى والجحيم الذى يعيشه الجنوب !. وتبقى قضايا التعليم والصحة والخدمات والبنى الأساسية هى مسئولية المؤتمر الوطنى !، أما النهب والفساد وسحب الأموال والأرصدة الى الخارج وحشد العقارات والممتلكات وكل ما يرفد الانفصال سيظل الآليات المساندة فى مقبل الأيام !, لذا لابد لاستراتيجية الدولة ازاء هذا الملف الحساس وهى تستصحب حملة الشعبية لافشال الاستفتاء وتجييره لخدمة أجندتها ، أن تثق فى قدراتها ونواياها وآلياتها تجاه هذه الغاية ومن يضطلعون بهذن المهمة !. فالحركة هى تحمل الآن استقلال الجنوب الى مجلس الأمن والترويج له لدى الدول العظمى بتسهيل أمريكى مفضوح !. وبايدن هو عراب تقسيم العراق الى ثلاثة دول بحملة تدميرية شاملة ، وهو مهندس تفخيخ أفغانستان كما نراها الآن !. فعلينا أن نحسن ادارة المعركة ونتمسك بثوابتنا لشرعنة الوحدة رغم الغبار الكثيف والمزايدة التى تنسج حولها عبر الابتزاز والسياسة الدولية وتقاطعاتها !. نحن لا نملك المعجزات ولا الخوارق ولكن نملك القدرة فى المراهنة على حدس شعبنا وتوقه للسلام والاستقرار ، الذى يتماهى تيار الانفصال داخل الحركة أن يغيبه ويرسم صورة من خياله المريض !. لطالما قبلت الدولة الرهان عليها أن تحكم سياجه بالضوابط والتدابير التى تعصمه من قواصم باقان وقادة حركته الذين يكثيرون الحديث عن الانفصال وصومون عنغيره ، وبالمقابل يدعون الحرص على الوحدة بمعايير جديده هى من بنات فكرهم الهدام وأمانيَهم الغيبية التى لا يملك أحدا تفسيرها أو الاحاطة بمدلولها ، والوقت للجد والنزال الحقيقى وقدرات شعبنا وامكاناته أكبر من أن تحاط بنعرات هؤلاء الأقزام الذين لولا السلام واكرامياته وهباته ما عرفهم حد !. فلتثق أخى الرئيس بالله الذى يكتب الآجال والمقادير ، ولتعتمد بعد التوكل عليه على عزيمة هذا الشعب الذى لم تقهره التحديات ولن تثنيه المؤامرات الكثيفة والاحاطة اللصيقة عن انجاز وعد الاباء والأجداد، وليرتكز العمل والتوجه النافذ بقيادتكم على قاعدة وتيار داعم هو الذى كتب السلام وسهر على سقيا شجرته فتحقق حلمه فى ارساء دعائم الحكم واشاعة السلام على مكدراته، وأمكن للانتقال السلمى نحو التحول الديمقراطى على ما قام به تحالف جوبا من محاولات لافشاله !. مجرد خطاب وحدودى ليوم واحد ينتظم مدن الجنوب يتصدره الرئيس البشير فى جوبا وآخر يوازيه فى ملكال يقوده على عثمان وثالت بواو يتقدمه د. نافع كفيل بقلب الموازين وترجيح الكفة !. وما تبقى من خطوة لن توازى أو تفوق ما بذل من جهود قوت من شكيمة أهلنا وجلدهم فى التحمل والمسير نحو الغايات الكبار ، وليكتب الله من بعد نيتنا وكسبنا وتوكلنا عليه ما يريده لنا فلا راد لقدره كيفما كان ، وما أعظمه من قدر عندما ينتصر دعاة الفرقة ، وما أجله وأغلاه من نصر عندما يخزل هؤلاء على عدتهم وعتادهم ومن يقفون خلفهم ، فالله مولانا ولا مولى لهم ، فهو من بيده أسباب النصر والتوفيق انه ولى ذلك والقادر عليه ؟!.
adam abakar [adamo56@hotmail.com]