هل ستنجح مفاوضات الدوحة في إحلال السلام بدارفور .. وحسم الصراع

 


 

 

 

فى ظل غياب حركتان أساسيتان !!.

 

بقلم / آدم جمال أحمد – سدني – أستراليا

 

   تعيش دارفور مأساة إنسانية كبيرة ، فهناك النازحون واللاجئون والمشرّدون ، وقد قتل من أبنائها حسب الإحصائيات والتقديرات الرسمية ما يفوق أى تصور ، فالمطلوب أن تعي وتدرك الحكومة السودانية وحركات دارفور المسلحة والشعب السودانى بأجمعه حجم المأساة الإنسانية بالاقليم ، والتصريحات الأخيرة التى أطلقها الرئيس عمر البشير تنافى الواقع ، وكما يجب أن يعي ويعرف قادة حزب المؤتمر الوطنى وبقية أحزابنا وتنظيماتنا السياسية طموح وأماني إنسان دارفور العيش في أمن وسلام ، وأن يتوفر له العدالة ويتحقق له الاستقرار وأن يمارس حياته اليومية كما كانت من قبل .. هذا كل ما يطلبه إنسان دارفور من النازحين واللاجئين في هذه الظروف الراهنة من الحكومة ومن قادة الحركات التي تتظّلم بإسمه.

 والمتتبع لمجريات مسار مفاوضات السلام التى إنعقدت مؤخراً في الدوحة بقطر لحل قضية دارفور وتحقيق السلام ، بحضور الوساطة القطرية ( دولة وحكومة ) .. والاتحاد الأفريقي .. ووفدى الحكومة السودانية الذى يتكون من ۳۰ شخصاَ بقيادة أمين حسن .. وحركة التحرير والعدالة بقيادة التجانى السيسى والتى تضم نحو ٧۰ من قيادات التحرير والعدالة .. والتى تكونت من عدد من الحركات الدارفورية الصغيرة المتمرّدة والتي تعتبر حركات صورية لا وجود لها أو أثر عسكرى على الأرض ، ولم توحّد مواقفها ورؤاها حول وفد مشترك للتفاوض بعد ، وذلك بسبب الطموحات والنزاع حول الزعامة والأجندة ، وهذا الطموح والنزاع حول الزعامة يثير الشك بأنه لا توجد برامج وأهداف وخطة موضوعية للعمل السياسي لحل أزمة دارفور لدى هذه الحركات المسلحة المتواجدة بالدوحة ... في حين يرفض عبد الواحد محمد نور- رئيس حركة تحرير السودان ، ود. خليل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة وحركات أخري الحضور لهذا المؤتمر الذي دعت إليه دولة قطر والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى ، والذي قالت عنه الحكومة إنه سوف يكون آخر مؤتمر تناقش فيها قضية السلام في دارفور والجلوس مع أخر قوة مسلحة سواء كان فى حضور ومجئ حركة العدل والمساواة أو عدم حضورها .. وهذا بمثابة العاصفة التى تسبق الريح.

فى ظل هذه التطورات التى طرأت على ساحة التفاوض .. هل ستنجح مفاوضات الدوحة بقطر في إحلال السلام .. وحسم الصراع الدائر في دارفور فى ظل غياب حركتان أساسيتان؟؟!!.. هما حركة العدل والمساواة بقيادة دكتور خليل ابراهيم وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور ؟؟!! هذا سؤال مطروح علي كل المستويات الرسمية والشعبية محلياً وإقليمياً ودولياً ... ولكن قد تكون الاجابة بنعم أو ربما تكون بلا .. ولكن حسب تقديراتي وقراءتي للأحداث السياسية والعسكرية الجارية .. وعلي مجريات الأمور بالسودان عموماً ودارفور خاصة .. بعد أن إستؤنفت محادثات السلام فى الدوحة وسط ترحيب من أحمد بن عبدلله ال محمود وزير الدولة للشئون الخارجية بوفدى الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة فى قطر من أجل الوصول الى السلام العادل فى الإقليم وفى السودان ، وعلى ضوء ذلك لقد حددت الدولة المستضيفة وجبريل باسولى الوسيط المشترك للاتحاد الافريقى وممثلى الأمم المتحدة مسار المفاوضات وتشكيل اللجان وآليات عملها والملفات التى سيبدأ بها المناقشات فى إجتماع مباشر بين الوفدين لأول مرة .. والسيناريو صار أكثر تعقيداً الآن بعد أن علقت حركة العدل والمساواة مشاركتها في مفاوضات الدوحة مع حكومة المؤتمر الوطني وطالبت بإصلاحات لتفعيل منبر الدوحة وقدمت ورقة بذلك تتمثل فى الآتى:

 

١-  الوساطة في حاجة إلى منهج واضح وخارطة للطريق

٢-  ترفض الحركة المشاركة في مفاوضات متوازية متزامنة

٣-  ضرورة توسيع التفويض

٤-  الفصل بين دور الدولة المضيفة ومهمة الوسيط المشترك

٥-  ضرورة توفير خبراء وأهل تخصص

٦-  دور المجتمع الإقليمي والدولي

٧-  ضرورة تحديد أطراف التفاوض

٨-    ضرورة وجود آلية لضمان تنفيذ الاتفاقات

۹-  يجب أن تكون الدولة المضيفة والوساطة محايدتين

وبذلك نجد أن حركة العدل والمساواة لقد قلبت كل الموازين وأربكت حسابات الحكومة ودولة قطر وباسولى والمجتمع الدولى في هذا الظرف الحرج .. وهو موقف أشبه بموقف الحركة الشعبية بتعليق مشاركتها فى الحكومة ومطالبتها بإصلاحات وضمانات لتنفيذ بنود إتفاقية نيفاشا كشرط لعودة وزرائها ونوابها الى الحكومة وجلسات البرلمان .. لكن في تقديري أن حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان وحركات دارفور الأخرى الرافضة لمنبر الدوحة الذى أصبح غير محايد كما تعتقد محقة فيما تدعو اليه ، فلذا لن تقبل بأي شيء وسترفع من سقف مطالبها ، بحيث لايمكن أن تقبلها الحكومة .. خاصة حركة العدل والمساواة بعد أن نالت جرعة كبيرة فى عدم إيفاء الحكومة بعهودها بعد توقيعها لإتفاق حسن النوايا والإتفاق الإطارى الأخير بالدوحة وما تعرضت له من هزة قوية فى علاقتها بحليفها إدريس دبى الرئيس التشادى ، ومحاولة الحكومة تضييق الخناق عليها وإجبارها فى القبول بالمفاوضات والعودة الى منبر الدوحة .. وبموجبها علقت الحركة مشاركتها فى التفاوض مع الحكومة إلا بعد تنفيذ مطالبها والتي تتمثل فى إصلاحات لمنبر الدوحة ، بالإضافة الى ما نصت عليه إتفاقية حسن النوايا والإتفاق الإطارى الذى توصلا اليه كل من دكتور خليل ابراهيم ومستشار الرئيس غازى صلاح الدين  في إنجمينا والتى قال عنها الرئيس عمر البشير حينها فى حملته الإنتخابية بدارفور مطمئناً أهلها قائلاً .. ( .. لقد وقعنا إتفاق سلام مع أخونا د. خليل فى إنجمينا عشان نجيب السلام ليكم فى درافور .. يا أخوانا فى إنجمينا خلاص إنجمينا من الحرب .. ) .. الا أن الحكومة بعد ضمانها إستمرارية الإتنخابات والفوز بها بدأت تتماطل في الايفاء بتطبيق بنود الاتفاقية والسعى فى تنفيذ الإتفاق الذى وقعته مع حركة العدل والمساواة ، بدلاً من إعطاء الثقة للحركة وأهالى دارفور والمجتمع الدولى بأنها جادة فى تحقيق السلام وحسم الصراع الدائر فى دارفور ، لتلعب الدور الحقيقي فى تنفيذ السلام وليس التماطل وكسب الوقت واللجوء الى إستخدام القوة والتعنت وعدم التنازل ، فأين نحن من تعاليم رسول البشرية القدوة لنا .. سيدنا محمد ( ص ) حينما قدم أرتال من التنازلات لوفد المشركين فى صلح الحديبية وأين نحن من قول سيدنا عمر بن الخطاب الذى يقول ( لو عثرت بقرة بالعراق لكنت المسئول عنها لما سويت لها الطريق ) .. والآن هناك ماسأة إنسانية وصور للموت والقتل والدمار والحريق والتهجير ..إلخ   .. فلذلك تتسأل حركة العدل والمساواة كيف المجئ لمؤتمر الدوحة فى ظل عدم حيادية منبر الدوحة رغم نفى الحكومة القطرية لذلك الإتهام .. وإضافة لعدم إيفاء وإلتزام الحكومة الحالية بالعهود والمواثيق ، وتعلل ذلك بإتفاقية سلام نيفاشا  .. وإتفاقية دانفورث بجبال النوبة .. وإتفاقية حسن النوايا والإطار الإتفاقى الأخير  .. فكيف لها بأن تفاوض وتوقع علي سلام مع طرف لا يفئ بعهوده ومواثيقه .. وبأي حسابات فى عدم وجود أى ضمانات دولية .. والآن الكرة فى ملعب الحكومة.

فالحل يجب على الحكومة أن تحرص علي الوصول الي سلام شامل وعادل في حوارها مع الحركات الدارفورية دون عزل لأحد من الحركات مهما كان وزنها ودون أى تصريحات تهديد فى بحثها عن السلام  .. إلا إنني شخصياً لا أملك أدني شك من القناعة بأن مفاوضات الدوحة التى تأتي بعد العديد من الإجتماعات في طرابلس وانجمينا وابوجا وأروشا .. لن يحقق شيئاً ، ما لم تلتزم كل الأطراف بدراسة المقترحات الإصلاحية لمنبر التفاوض .. ولا سيما المفاوضات تأتي في ظل ظروف حرجة بالغة التعقيد .. وبعد أن أكدت حركة العدل والمساواة الفصيل الرئيسى باقليم دارفور بأنها لن تحضر محادثات السلام التي ستعقد بمدينة الدوحة .. والتي تتوسط فيها دولة قطر بإعتبارها الدولة المستضيفة ، بالإضافة الى أمريكا والاتحاد الافريقي ما لم تحدث إصلاحات جذرية تتمثل فى البنود التسعة المذكورة آنفاً.. فيما يعني عدم وجود أى بارقة أمل أو أى فرصة لإتفاق سلام يضع نهاية للصراع الدائر والمستمر لأكثر من ثمانية أعوام ونصف العام .. وكما أكد أحمد حسين .. المسئول الإعلامى والناطق الرسمى بإسم حركة العدل والمساواة وقال في تصريح له ( قررنا عدم الذهاب الدوحة بإعتبارها منبر غير محايد والحكومة غير جادة فى مساعيها ونرفض مفاوضات متوازية ومتوازنة وتوسيع التفاوض وتحديد أطراف التفاوض .. وكرر أن القرار أتخذ  بعد مشاورات مطولة .. ولنا إتصالات مع جيش تحرير السودان والحركات الموجودة فى الدوحة الرافضة الدخول فى التفاوض لتوحيد موقفنا من عملية التفاوض ).

ورغم أن العمل العسكري يرتبط بالعمل السياسي ، كنت أتوقع بأن تحرص الحكومة إذا كانت فعلاً جادة لإحلال السلا م بدارفور على حضور كلاً من حركة العدل والمساواة بقيادة دكتور خليل ابراهيم والذي هدد بمقاطعة محادثات السلام بالدوحة .. حتى يقول وجهة نظره ويطرح أفكاره وآراؤه بصراحة ووضوح تام لعلاج هذه الأزمة التي أدت الحرب فيها لقتل كثير من أهالي اقليم دارفور وشرّدت وحرقت ديارهم ، وكذلك حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور .. ونحن نعلم بأن الصراع في دارفور لقد أفرز عدة حركات مسلّحة كل منها تحارب في جهة .. على سبيل المثال هناك حركات في سهول ووديان وقرى دارفور غير حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد أو حركة العدل والمساواة بقيادة د. خليل إبراهيم، حيث ظهرت حركة تحرير السودان جناح عبد الشافع ، وحركة تحرير السودان جناح خميس عبد الله ، وحركة تحرير السودان جناح الوحدة ، وأيضاً حركة العدل والمساواة انشطرت إلى حركة العدل والمساواة جناح إدريس أزرق ، وحركة العدل والمساواة القيادة الجماعية ، وهناك حركات كنا نسمع عنها قبل حركة شريف حرير وشوقار وأبوضلوع وغيرها .. وأخيراً كون ما تعرف بحركة التحرير والعدالة .. وربما تكون هناك حركات في الطريق في أوساط تلاطم أمواج الحرب المستعرة في دارفور .. ولكن فى أخر المطاف كلها حركات لا وجود لها فى الميدان ومعظمها حركات صورية ومن ضمنها حركة التحرير والعدالة بقيادة التجانى .. والذى يعتبره الكثير من الدارفوريين بأنه يمثل كومبارس ويلعب دور مع الحكومة لأنه فى إعتقادهم جئ به من الداخل لتحقيق سلام صورى.

وكان الوسطاء القطريين والاتحاد الأفريقى يأملون في حضور حركة العدل والمساواة أكبر الفصائل والتى لها أكثر وجود عسكرى على الأرض المحادثات والتفاوض على السلام فى دارفور .. منذ توقيع الاتفاق الإطارى ، وقال الخبراء أنه بدون تمثيل كامل لحركة العدل والمساواة بقيادة دكتور خليل ابراهيم وحركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور فان محادثات الدوحة ستسلك نفس درب إتفاق ٢۰۰٦ م الذي حظي بتأييد محدود بين سكان دارفور .. وقبل إعلان حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان عدم حضورهما مفاوضات الدوحة ، والتى أكدت الدولة المستضيفة والراعية للتفاوض بالفعل هناك حركات أخرى تضامنت مع حركة العدل والمساواة وأنهم لن يحضروا .. وقال عبد الواحد محمد نور مؤسس جيش تحرير السودان الذي يقود بعض القوات في المنطقة .. ولا ننسي بأنه يتمتع بتأييد شعبي كبير بين سكان قبيلته من الفور ، انه لن يتوجه الى الدوحة إلا إذا تم نشر قوة للامم المتحدة لوقف عمليات النهب والقتل التي تمثل سمة للصراع منذ إندلاعه في أوائل عام 2003.  ورغم أن هنالك ما يقدر بأعداد كبيرة من الأشخاص قتلوا .. منذ إندلاع الحرب وحمل السلاح ضد الحكومة.

ونحن بدورنا نحمل الحكومة المسئولية الكاملة فيما يجري في درافور ، لأنها تجاهلت الصراع منذ بداية تفجير الأزمة والماسأة التي بأتت فصولها تكبر وتتسع رقعتها كل يوم بتجاهلها لإنسان درافور وعدم تنمية مناطق الاقليم وعدم التعامل مع الإنفلات الأمني بالاقليم بحسم وجدية منذ البداية ولم تعير أى إهتمام لتقرير الوالى السابق لإقليم دارفور الفريق ابراهيم سليمان ، بل وصفتها بأنها حركات نهب مسلح  .. وقامت بتسليح ودعم قوات ما تسمي ب ( الجنجويد ) والتي ساهمت في تأجيج نيران الصراع بالاقليم ، وإتبعت الحكومة نفس العقلية والمنهجية وقامت بتطبيق  نفس السيناريو التي مارستها في منطقة جبال النوبة .. ولكن حركات دارفور والشرق إستفادوا من السلبيات والأخطاء التي وقعت بمنطقة جبال النوبة .. وإستطاعوا بحكم وجود غالبية قادتهم الذين كانوا يشغلون وظائف عليا بالجيش والشرطة والأمن ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية ، فلذلك هم مدركون لكل خطوات الحكومة وكيفية تفكيرها وشكل العقلية التي تدار بها السلطة أو التفاوض .. ورغم كل ذلك ما زالت تصر الحكومة وبعض قياداتها والتي لم تعي الدرس بعد علي أسلوب المرواغة والترهيب.

ولكن ما يقلق الآن أن الحرب قد إتسعت رقعتها من مكان إلى آخر في دارفور وإنتقلت من قرية إلى بندر في السهول والوديان ، وتفشي العنف وإتسعت دائرة الإنفلات الأمني ، وسادت روح القتل والإنتقام وثقافة العنف ، وصار هناك .. لا سلام .. ولا تنمية .. في الإقليم ، فأصبحت الحركات المسلحة تقاتل بعضها وتهاجم قوات الجيش وقوات الاتحاد الأفريقي ، مما يضاعف ذلك من حجم الأزمة الأمنية في الإقليم ، وقد دخلت في الحرب عناصر أخري من خارج دارفور، من تشاد والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى ، ولم يعرف هل هذه العناصر تحارب بجانب أقربائها وقبائلها التي تنحدر من بلادهم وعاشت في دارفور ؟!.. وبذلك تصبح الحرب بجانب الجنجويد جهوية .. أم هؤلاء يحاربون لصالح جهات أجنبية أم من أجل أهلهم في دارفور؟!.. وما نلاحظه هنالك تساؤلات كثيرة تحتاج لإيجابات شافية .. حتي لا تتكرر مسلسل الماسأة التي تفرزها ظروف الحرب وتمثلت في دخول قوات الهجين الى دارفور والتي تقدر بحوالي 26 ألف جندي ، مع وجود قوات أجنبية أخري من دول الجوار تحارب داخل إقليم دارفور هل يتم نزع سلاحها وطردها من الإقليم .. وهل تستطيع هذه القوات نزع سلاح مليشيات الجنجويد .. والمليشيات الأخرى ؟؟! .. وهل إذا سعت الحكومة بجدية وقامت بنزع سلاح الجنجويد من القبائل العربية ، هل ستحقق السلام فى دارفور والعمل على نزع أى سلاح غير مرخص؟.. وهل القبائل العربية والقبائل الأخرى التى حملت السلاح إذا وقع عليها إعتداء هل ستلجأ الي حمل السلاح من جديد والدخول في قتال مرة أخري؟!.. ومتى تغادر قوات الهجين إقليم دارفور إذا تحقق السلام والأمن والإستقرار في الإقليم .. في الوقت الذي نجد فيه الأمم المتحدة تقوم بتقديم المساعدات الإنسانية ، وبجانبً إحتياجات المواطنين للمنظمات الإنسانية التي تقدّم المساعدات الإنسانيةً في دارفور.. ولكن رغم ذلك نجد أن الحكومة تصف بعض هذه المنظمات الإنسانية ربما لا يخلو هدفها من الغرض في إشعال الفتنة وتأجيج نار الحرب في دارفور خدمة للمصالح الأجنبية ، فلذلك قامت بطرد أكبر عدد منهم مما زاد من حجم المعانأة الإنسانية.

فلذلك حجم المأساة والأوضاع الإنسانية التي تعيشها دارفور جعلت المجتمع الدولي يصرخ وينادي بإيقاف هذه الحرب وأخذت جهات إقليمية ودولية ودوائر لها مصالح في أفريقيا إستراتيجية غير معلنة ، فمثلاً الولايات المتحدة وحليفاتها ينددون بالحرب وينذرون بأهمية التدخل الدولي للقوات الدولية في دارفور ، وبدأت هذه الدوائر وربما بالطبع معها إسرائيل تضخم من حجم المأساة في دارفور بحجة الإبادة الجماعية للسكان .. فالحرب في دارفور تشمل عناصر وقبائل إثنية تنحدر جذورها إلى كلٍّ من تشاد وأفريقيا الوسطى وما جاورهما من دول ، وهذه الحرب بشكل خاص تؤثر على أمن وإستقرار كل من تشاد وأفريقيا الوسطى ، فهذه تشاد تطالب بتوسيع القاعدة الفرنسية في أراضيها حماية لأمنها القومي وتشاد وأفريقيا الوسطى تؤيدان دخول قوات دولية في حدودهما لحفظ السلام فى هذه المنطقة ، وقد بدأ بالفعل مجلس الأمن في مناقشة دخول قوات دولية في حدود كلّ من تشاد وأفريقيا الوسطى حتى لا تتمدد الحرب إلى حدودهما ، وبالطبع دخول هذه القوات في هذه المنطقة بحجة حفظ الأمن والاستقرار لا يخلو من غرض حفظ الأنظمة في هذه البلدان خاصة بعد ظهور النفط في تشاد ومؤشرات ظهوره في أفريقيا الوسطى .. فإستراتيجية التعاون مع الغرب والإبتعاد من التعاون مع الصين كما هو الشأن في السودان ، خاصة أن الولايات المتحدة أخذت في الإعتبار وجود أنظمة يمكنها أن تتعاون مع الصين في إستغلال مواردها مثل السودان الذي تعاون مع الصين ، حيث قامت الصين بإستغلال البترول والإستثمار في مجال الطاقة وغيرها من مشاريع التعاون مع الصين ترى فيها الولايات المتحدة تشكل خطراً على المصالح الأميركية والغربية في المنطقة ، خاصة بعد ظهور البترول في تشاد وربما تكون هذه المنطقة غنيّة بالنفط فأصبحت دارفور منطقة إستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة والدول الغربية ، حيث ترى الولايات المتحدة الحاجة إلى إحتواء النظام القائم في الخرطوم وإعادة العلاقات بينهما وإبعاد الصين عن المنطقة حفاظاً على المصالح المستقبلية لهذه المنطقة.        

الوضع في دارفور أصبح معقّد ومظلم .. لأن ما يسمي بقوات الهجين في دارفور سوف تجد على أرض الواقع الحرب والقتل والدمار، حرب نفوذها الحركات المسلّحة المتمرّدة كما تسميها الحكومة ، وقبائل مسلّحة والتي تعرف بـ (الجنجويد) .. تدعمها الحكومة .. حرب كثرت فيها المنابر والمبادرات وكلها فشلت لحل هذه المشكلة وأخيراً مبادرة الأمم المتحدة في الدوحة بقطرا .. هل ستنجح هذه المفاوضات في حسم الصراع الدائرفي دارفور ؟؟! .. وبحضور الاتحاد الأفريقي ووفد الحكومة وحركة التحرير والعدالة .. ويأمل الكثيرون أن ينجح المجتمع الدولي في إيقاف الحرب في دارفور هذه المرة بإقناع كل من عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السوادن ود. خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة والحركات الأخرى بالجلوس إلى طاولة المفاوضات وذلك بغرض إحلال السلام  وحقن الدماء وقف نزيف الحرب في هذا الاقليم الذى ما زال ينزف دماً.

 

سدنى – استراليا   ١٥ يونيو ٢۰١۰ م

 

 

 

 

Adam Gamal Ahmed [elkusan67@yahoo.com]

 

آراء