بعد انتهاء فترته: شداد .. أيعود عبر بوابة السياسة!! … بقلم: تقرير: خالد البلولة إزيرق

 


 

 

حركة دؤوبة تشهدها أروقة اتحاد كرة القدم ومفوضية الشباب والرياضة إستعداداً لإجراء جولة إنتخابية جديدة لإختيار قادة اتحاد كرة القدم في البلاد السادس والعشرين من الشهر الجاري، وإن كانت العملية الانتخابية الماضية قد شهدت صراعاً محموماً بين القائمتين المتنافستين للظفر بمقاعد الإتحاد، فإن الوسط الرياضي تسوده الآن حالة من الترقب في انتظار ما ستسفر عنه معركة اخرى قبل الانتخابات تهدد استمرار دكتور كمال شداد من الترشح لدورة رئاسية جديده حسبما ينص على ذلك قانون هيئات الشباب والرياضية، بعد ان قضى فترة دورتين على سدة رئاسة الاتحاد، في وقت بدأ فيه معاونوه ومناصروه حملة اعلامية ليست بعيدة عن منابر السياسة لتعديل القانون لإستثنائه لخوض دورة قادمة جديدة.

وبحسب متابعين لمجريات النشاط الرياضي، فإن الدكتور كمال شداد الذي انهى دورتيه الرئاسيتين بموجب القانون يسعى جاهداً عبر بوابات السياسة التي اشار كثيرون الى انها حملته قبل ثلاثه اعوام الى رئاسة الاتحاد العام لكرة القدم بعد المنافسة التي وجدها من المجموعة المناوئة له، يسعى الآن عبر تلك البوابة للظفر بإستثناء لخوض جولة انتخابية ثالثة، بحسب متابعين ان الفقرة «ج» من المادة «16» التي حددت فترة رئاسة الاتحادات بدورتين أنها من اقتراح الدكتور كمال شداد نفسه بعد أن بررها لديمقراطية العمل الرياضي ومبدأ اتاحة الفرص للآخرين. وسبق لدكتور شداد أن كرر في حديثه عند نشوء خلافات رياضية انه «في الرياضة يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات..لا كبير على القانون» ولكن المادة «16» من قانون هيئات الشباب والرياضة قد تضع تلك المبادئ التي كان ينادي بها شداد امام امتحان صعب، حينما دعم نصها بان تكون دورة عمل مجالس إدارات اللجنة الأولمبية واتحاد الهيئات الشبابية أربع سنوات، وتكون دورة عمل مجالس إدارات هيئات الشباب والرياضة الأخرى ثلاث سنوات، وتكون دورة العمل لعضوية مجالس إدارات هيئات الشباب والرياضة دورتين متتاليتين كحد أقصى في الهيئة الواحدة والمنصب الواحد وأي عضو يحقق للسودان موقعاً قارياً أو دولياً تعتمده الوزارة يمنح الحق في الترشيح لدورة أخرى، ومع مراعاة أحكام البند (3) يحق لمن أنهى دورة عمله أن يترشح لأية دورة أخرى شريطة ألا تكون دورات متصلة .

اذاً حالة استقطاب جديده بدأت وتيرتها تظهر للعلن مع اقتراب موعد انتخابات اتحاد كرة القدم نهاية الشهر الجاري، وبالرغم من ان الساحة الرياضية لم تبرز فيها حتى الآن مجموعات متنافسة لقيادة الاتحاد في الدورة القادمة، تبدو مجموعة الدكتور كمال شداد المسيطرة على مقاليد اتحاد الكرة متنازعة ما بين بذل جهودها لإقناع النافذين بالسلطة والدولة للتجديد لرئيسها كمال شداد، وما بين تجميع اوراقها وترتيب صفوفها انتظاراً لمنافسين قادمين تمرسوا على انتخابات الاتحاد. وإن صحت التكهنات الى سعي مجموعة شداد لكسب تدخلات سياسية لتعديل القانون لصالحه أو لم تصح إلا أنها تعيد للأذهان العلاقة المترابطة بين السياسية والرياضة وتطرح مزيداً من الجدل حولها. ولكن مولانا الريح وداعة الله مفوض هيئات الشباب والرياضة الاتحادية قال لـ»الصحافة» حول استثناء دكتور كمال شداد في الانتخابات القادمه انه «لااجتهاد مع صراحة النص» والنص هو المادة «16» من القانون، وان اي شخص أمضى دورتين متتاليتين ليس له الحق في الترشح في نفس المنصب، لكن هناك استثناء إلا اذا حقق الشخص منصباً قاريا ما عدا ذلك ليس هناك استثناء، واشار مولانا وداعة الى ان شروط الاستثناء لا تنطبق على دكتور كمال شداد، مؤكداً في ذات الوقت أن المفوضية لم تستلم حتى الآن طلب استثناء من دكتور شداد، واستبعد مولانا وداعة الله ان يتم تدخل سياسي في الاستثناء وقال ان وزير الرياضة ملتزم بالقانون وأن عمل المفوضية قانوني وأنهم كقضاء في المفوضية لا يجتهدون في النصوص الصريحة، واضاف «ليس لنا مصلحة في أن يأتي هذا أو ذاك».

ويشير مهتمون الى ان الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد لاينفصل عن الواقع الرياضي الذي يؤثر عليه سلباً وايجاباً خاصة فيما يتعلق بالاحتفاظ بالمواقع والمناصب، فما تعيشه الاحزاب السياسية من مكوث قادتها لأكثر من ثلاثين عاماً من التمسك بتلك المناصب، يبدو أنه وضع في طريقة لتكريس ذات الرؤية في النشاط الرياضي عبر بوابة اتحاد كرة القدم السودانية، حيث يعد الدكتور كمال شداد أكثر الشخصيات الرياضية تقلدا للمناصب العليا لكرة القدم، فقبل أن ينهي دورته الحالية التي استمرت لست سنوات كان قبلها قد أنهى دورتين قبل ان يفصل بينهما بدورة ترأسها الباشمهندس عمر البكري ابو حراز، ومن خلال محاولات تعديل القانون او طلب استثناءه لاستمراره في المنصب هل يكرر دكتور شداد ذات سيناريو رؤوساء الاحزاب السياسية في الاحتفاظ بمنصبه، أم انه سيقتنع بفلسفته ويغادر مباني الاتحاد تاركاً كرسيه لمن يخلفه تحقيقاً لما كان ينادي به في الوسط الرياضي!! ولكن الاستاذ الصحفي الرياضي النعمان حسن رئيس اتحاد التجديف، قال لـ»الصحافة» ان المادة «16» صادرة بقانون من المجلس الوطني، وان اجراءات تعديل القانون تأخذ وقتاً، ثم أن تطبيق القانون لا يتم بأثر رجعي، بالتالي من الصعب ان يعدل القانون لصالح دكتور شداد، خاصة وانه لا تنطبق على شداد شروط الاستثناء الوارده في القانون لأنه ليس عضواً في مكتب تنفيذي لأية هيئة رياضية دولية، مشيراً الى ان اي تصرف خلاف ذلك يضع الجهة التي تتخذه ضد القانون وبالتالي يحق لأي متضرر اللجوء للقضاء، واشار النعمان الى أن مبررات استثناء دكتور شداد لدورة جديدة عبارة عن مواقف شخصية لأنها لو أخذت بلغة الحساب والمنطق هي ضد شداد، لأنه لا توجد انجازات على مستوى المنتخبات الوطنية وليس هناك استقرار في الوسط الرياضي فلا يوجد هناك انجاز رياضي يبرر استثناءه، واستبعد النعمان أي تدخل سياسي من الدولة لاستثناء شداد بقوله «لا اعتقد ان يكون هناك تدخل سياسي، لأن السلطة التي تدخلت ثلاث مرات لصالح شداد ودعمته لم تكسب الدولة من ذلك التدخل سوي أن شداد لا يحترم الدولة وقانونها، واضاف «لا اعتقد ان الدولة على استعداد لتجني المزيد من عدم احترامها».

ويتخوف مراقبون من تدخل سياسي جديد في انتخابات كرة القدم القادمة يساعد دكتور شداد من الاحتفاظ بمقعده في الاتحاد العام عن طريق الاستثناء الذي لا تنطبق عليه شروطه الوارده في القانون، خاصة وان الرجل يحظى بدعم رئيس الجمهورية الذي أبدى إعجابه به اكثر من مرة في ادارة النشاط الرياضي، كما أنه حظي بدعم مقدر للاحتفاظ برئاسة الاتحاد في الدورتين السابقتين، ولكن الاستاذ عبد المجيد عبد الرازق رئيس القسم الرياضي بصحيفة «الرأي العام» انتقد لـ»الصحافة» المادة «16» التي تحدد فترة الترشح بدورتين وقال انها تخالف قواعد ونظم اللوائح التي يعمل بها الاتحاد الدولي والاتحادات الاقليمية، مشيراً الى ان «الدورتين» ليست فترة كافية للشخص ان يبرز قدراته ويستطيع تنفيذ برامجه حتى يجني ثمار تخطيطه، وقال ان الحديث عن الحق الدستوري والديمقراطي يجب ان يترشح الشخص في اي وقت، واضاف «رئيس الاتحاد الدولي تقلد منصبه عام 1998م، ورئيس الاتحاد الافريقي عيسى حياتو تلقد المنصب عام 1988م، فالقانون الرياضي الاقليمي والدولي لا يوجد فيه مثل هذا النص، وقانوننا الرياضي يجب ان ينطبق عليه ما ينطبق في القانون الدولي وبغير ذلك نكون خالفنا القانون الدولي» وقال عبد المجيد ان المعارضين لإستثناء شداد انهم يعارضون ليس المادة «16» وانما لخلافات مع شداد، وقال ان انجازات شداد في المجال الرياضي وتطوير كرة القدم تشفع له في الاستثناء».

وكان شداد قد بدأ رحلته في العمل الاداري والفني بالاتحاد السوداني عندما شغل منصب أول مدير «فني وإداري» للفريق القومي السوداني في الفترة بين (1964 - 1967م) كما اختير سكرتيراً ثم رئيساً للجنة التدريب المركزية باتحاد كرة القدم السوداني لمرات في الفترة ما بين 1962 - 1967م ثم رئيساً لاتحاد كرة القدم لست مرات، بدأ مشواره الإداري بالاتحاد السوداني لكرة القدم في نوفمبر من العام «1979م» عندما انتخب سكرتيراً للاتحاد السوداني لكرة القدم، واستمرت المهمة الإدارية الأولى لشداد حتى يوليو من العام «1982» بعد ذلك غاب شداد عن أروقة الاتحاد السوداني لكرة القدم حتى العام «1988» عندما عاد رئيساً له للمرة الأولى، والتي تلتها ثلاث مرات أخرى (1992م) و (1995م)، وحالياً اعتباراً من الرابع من أغسطس (2001م) وحتى الآن ما زال يتربع على عرش الاتحاد. كما انتخب شداد نائباً لسكرتير اللجنة الأولمبية السودانية (1981م ـ 1982م)، ثم رئيساً للجنة الأولمبية السودانية لتسع سنوات (1988 - 1997م).

وبعيداً عن استثناء شداد وقريباً منه، فإن الساحرة المستديرة في السودان لم تكن ببعيدة عن الصراعات السياسية ومحاولة السيطرة عليها لكسب ود الجماهير سواء عبر إدارتها أو دعمها خاصة في فترة عهد الانقاذ، وبالرغم من أن الرياضة نشاط أهلي إلا أن متابعين يرون ان هناك تماساً كبيراً بينها والسياسة، تماس يبدو أحيانا حميداً حينما يتمثل في الإهتمام بالرياضة وتطويرها، مشيرين الى ان التدخل السياسي في الرياضة عامل متحرك بتحرك الأجندة السياسية. وقد تجلى التدخل المباشر للسياسة في الرياضة وبدأ أكثر وضوحاً في بدايات عهد الإنقاذ عندما أقدم الوزير يوسف عبد الفتاح على حل بعض الإتحادات الرياضية وأتى بأخرى عن طريق التعيين لكسب ولائها. وبحسب مراقبين فإن التدخلات لم تقتصر على عهد بعينه فقد كانت فى عهود سابقه لوزراء تدخلوا حتى في الجوانب الفنية لتنظيم اللعبة، قبل أن يحد قانون الرياضة الحالي من هذه الظاهرة بعد إعتماده على الكيانات المنتخبة فقط، مسايراً بذلك قوانين اللعبة العالمية التي تنأى بالرياضة عن أى تدخلات سياسية. وكان أكبر تدخل للسياسة فى الشؤون الرياضية، منتصف السبعينيات عندما أصدر الرئيس نميرى قراراً بحل الأندية الرياضية وإعتماد الرياضة الجماهيرية، كأسوأ تدخل سياسي تشهده الرياضة في السودان وعده كثير من المراقبين سببا في تدهور الكرة السودانية، كان ذلك بعد النتيجة غير المرضية للنميري التي انتهت عليها احتفالات ثورة مايو بفوز الهلال بهدفي الدحيش وطبيعة هتافات الجماهير في الملعب التى لم ترضِ الرئيس نميري. وإن كان هذا ما فعله النميري وسياسته في الرياضة السودانية فإن معظم المراقبين يشيرون الى تدخل الحكومات في حقب مختلفة في شؤون الرياضة خاصة في انتخاب قيادتها في كرة القدم واللجنة الأولمبية.

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

 

آراء