الموت على قارعة الطريق …. بقلم: د. احمد خير / واشنطن

 


 

 

الأطباق الطائرة " السيارات والبصات والشاحنات " التى تجوب شوارع الخرطوم والشوارع مابين الخرطوم والمدن الأخرى والتى بين الفينة والأخرى تحصد العشرات من المسافرين ، لم يجد لها مسئول واحد الحل المناسب الذى يتمكن معه من أن يدرأ ذلك البلاء ويجعل الطريق آمناً لكل مسافر ! لقد أصبح المسافر على تلك الطرق كما المودع الوداع الأخير لأهله وعشيرته !

منذ سنين ويجتمع هذا المسئول مع ذاك للتدارس فى إيجاد الحلول المناسبة ولكن وبكل أسف يخرجون بتوصيات هى بعيدة كل البعد عن مايجب أن يكون . فتوصياتهم لاتتعدى عن نشر أساليب وطرق القيادة الرشيدة والتوعية بمخاطرالطريق " السرعة لاتقرب المسافة ، السرعة قاتلة " ومنهم من قال بزيادة عدد المستشفيات ونقاط الطوارئ على الطرق السريعة ! ولم يهدى الله مسئولاً واحداً فى أن المشكلة تكمن فى الطرق ذاتها التى لاتتعدى سعتها بضعة أمتار وتضيق أحيانا بسبب المطبات والحفر التى يحاول السائق تفاديها فيقع المحظور ويزداد عدد الضحايا !

من منا لايتذكر رجل الشرطة المايسترو بشرى ، الذى كان فى بداية السبعينيات من القرن الماضى يقف بلباسه الأبيض الناصع يدير حركة المرور مما حبب الأطفال آنذاك فى مهنة إدارة حركة المرور . فكان من الأطفال ممن شاهدوا بشرى يدير المرور فى العاصمة الخرطوم عندما يسأل أحدهم عما يود أن يكون عندما يكبر ، كان يجيب ببراءة " عسكرى مرور " ولم تكن مهنة الطب أو الهندسة تقترب من ذهن أطفال تلك الأيام لتنافس مهنة المرور . ذلك عندما كان العم سليمان موسى " رحمه الله رحمة واسعة " لايرخص أية عربة إلا وان كانت كاملة " من مجاميعه " ولايحابى فى التصديق برخص القيادة . إذن عمليات الضبط والربط كانت على قدم وساق فى تعاون كامل بين الشرطة والنقل الميكانيكى . وفى الجانب الآخر كان بمكتب الحركة الضابط صلاح ميرغنى " الذى أحيل للمعاش فى زمن الإنقاذ بعد أن وصل إلى رتبة مساعد مدير عام الشرطة " . وكانت التوصيات بأن تقوم الدولة بعمليات توسيع الطرق وصيانتها .ولكن كما يقولون " ظلت ريمه على حالته القديمه"

وظلت الطرق تقام كشريط ضيق بلكاد يسع عربة فى كل إتجاه ! المهم أن يتقدم المسئول بتقرير نهاية العام يشمل الكيلومترات من الطرق التى شيدت فى عهده !

إذن السودان كان به من الكفاءات مايحول دون أو يقلل من حوادث الأطباق الطائرة ، ولكن تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن . ذهب أولئك النفر وذهبت معهم أحلام حماية أرواح الآلاف من المواطنين .

الرابع من مايو الماضى صادف أن يكون اليوم الذى أطلقت عليه الأمم المتحدة بـ " يوم المرور العالمى " الذى خصص ليكون يوم توعية شاملة للجميع ، وطرح وجهات النظر للخروج بما يضمن الحفاظ على أرواح البشر. فهل خرج ممثل السودان بشئ يمكن معه أن يقدم شيئا لهذا المواطن الذى يخرج من منزله فى كل يوم ولايعرف ان كان سيعود إليه أم سيروح ضحية لطبق من تلك الأطباق الطائرة ؟

ماتقوم به السلطات سواء كان فى الخرطوم أو المدن الأخرى من ترميمات لاتقدم ولاتؤخر يذكرنى بما قيل أنه قد حدث فى صعيد مصر بالرغم من أنه من باب الطرائف ليس إلا! فالصورة النمطية عن الإخوة الصعايدة فى مصر لاتمت للحقيقة فى شئ . وإن كنا لانشجعها إلا انها تضحكنا وتضحك إخواننا الصعايدة " أحيانا "

يقولون انه كانت هناك حفرة فى منتصف شارع من شوارع إحدى القرى بصعيد مصر . تلك الحفرة كانت السبب فى الكثير من الحوادث المرورية وأحيانا كانت تسقط فيها الدواب . للحد من الحوادث التى تقع بسبب تلك الحفرة ، إجتمع أهالى القرية لتدارس الأمر والخروج بمقترح يخرجهم من تلك الورطة . إقترح أحدهم بأن يقوم الأهالى بشراء عربة إسعاف لنقل كل من يقع فى تلك الحفرة إلى المستشفى لتلقى العلاج المناسب . بعد عدة شهور ، كانت تكاليف الوقود وصيانة العربة وراتب السائق أكبر من طاقة الأهالى . إجتمعوا مرة أخرى وقرروا أن يقيموا عيادة بجانب الحفرة فيها طبيب مقيم ليتولى علاج من يقع فيها ! ثم كان أن إجتمعوا مرة أخرى بحجة أن التكاليف عالية ولاقدرة للأهالى على تغطيتها . فى ذلك الإجتماع ، وقف أحدهم قائلاً أنه بدلا من نقل المصابين إلى المستشفى و للإستغناء عن العيادة التى بجانب الحفرة أنه لديه إقتراحاً سيحل المشكلة من جذورها . صمت الجميع وركزوا فيما سيقوله . نطق قائلاً : ندفن الحفرة اللى فى الشارع ، ونحفر حفرة جنب المستشفى !

Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]

 

آراء