الصادق المهدي: الرقابة الدولية تضمن سلامة الاستفتاء علي مصير جنوب السودان
9 July, 2010
الكونفيدرالية خيار معقول والمجتمع الدولي منقسم بشأن مستقبل السودان
الحوكمة البديلة خيار المعارضة ضد إنفراد المؤتمر الوطني بالحكم
تجميد عضوية السودان في مبادرة دول حوض النيل قرار خاطئ
القاهرة" أفريقيا اليوم" صباح موسى- محمد عبد الحكيم
دعا " الصادق المهدي" زعيم حزب القومي السوداني ورئيس وزراء السودان الأسبق إلي وجود رقابة دولية علي الاستفتاء المقرر العام القادم علي مصير جنوب السودان لضمان سلامته ووصف المهدي في حوار لـ" أفريقيا اليوم " www.africaalyom.com
خيار الكونفيدرالية بين الشمال والجنوب بأنه معقول, مشددا على أن النظام بات يتصرف بعصبية في كل أمور البلاد بعصبية, وبدون حساب للعواقب.
وأعلن عن تبني حزبه لفكرة "الحوكمة البديلة" ضد ما أسماه إنفراد المؤتمر الوطني في السلطة، رافضا التعليق على إنتقادات " مبارك الفاضل" له بأنه يقود الأمة بشكل أبوي. وقال إمام الأنصار أن السودان أخطأ مرتين في تجميد عضويته في مبادرة دول حوض النيل, مؤكدا أن التنمية هي المدخل الحقيقي للعلاقات العربية الأفريقية, وأنها المفتاح الوحيد للحل.
وفيما يلي نص الحوار
في البداية نود أن نعرف تعليقك على قرار السلطات السودانية بإطلاق سراح الشيخ " حسن الترابي"؟
- أرحب بإطلاق سراح الدكتور الترابي, لأن القوى السياسية كلها كانت تنادي بصوت موحد أن هذه الاعتقالات الجزافية خاطئة, ولابد من منعها, وأن أي إنسان إتهم بشئ لابد أن يقدم لمحاكمة عادلة, ولكن إعتقال الترابي كان بدون سبب, وهذا يدل أنه لايوجد إلتزام بسيادة حكم القانون, دون أي حقوق للمواطن, وهذا حكم تعسفي, والإأجراء الذي تم ضد الترابي يثبت أن الحكم غير قانوني.
* في رأيك هل هناك مغزى من توقيت الإعتقال وتوقيت الإفراج؟
- ليس هناك منطق, وليس هناك أي مغزى, ولايوجد سبب معقول.
وبماذا تفسر ذلك من جانب المؤتمرالمؤتمر الوطني؟
- المؤتمر الوطني وصل إلى رأي واضح إما يحكم, أو الطوفان, ولذلك تصوروا إذا لم يحكموا سيضعوا في قفص الإتهام, وتزويرهم للإنتخابات يؤكد منطق الإنفراد بالسلطة, ولكن لايوجد شئ قد تغيير, لاهاي كما هي منتظره, والإنتخابات المزورة جزء من عدم إحترام الجميع.
تزوير
البعض يقول أن الحركة الشعبية زورت إنتخابات الجنوب, وأن هناك مخاوف من تزويرها للإستفتاء أيضا... ما تعليقك؟
- هناك دلائل على أن القبضة التي تمارس في الجنوب, أدت إلى أن المعارضين للحركة الشعبية بالجنوب أعلنوا أن هناك تزويرا, ورأينا الآن أنه طالما هناك أحزاب غير ديمقراطية تحكم, ليس هناك طريقة للإطمئنان لنزاهة إنتخابات أو إستفتاء, ولذلك نجهز مذكرة للأمم المتحدة, لعمل آلية لإجراء الإستفتاء, لأنه في بلادنا التي تسيطر عليها أحزاب إنفرادية, لابد أن تجرى الإنتخابات والإستفتاءات بالصورة التي يمكن أن يطمئن الناس لسلامتها ونزاهتها. والمسائل المختلف عليها في ظل عدم وجود ثقة, لانؤيد أن تقوم بها جهات وطنية, والآن في السودان إتفاقية السلام تحت رقابة دولية, وكذلك أبوجا في أرض دولية وتحت رقابة دولية, وكذلك أبيي, ونقول وننادي بذلك, ونحن غير راضيين به, ولكن هذا هو الواقع السوداني, فكل الأمور صارت بوصاية دولية, ولذلك لابد من جهة خارجية نثق بها في ظل عدم الثقة بين الشريكين, ولا أرى جهة أقرب من الأمم المتحدة.
هناك أقاويل بأن المؤتمر الوطني سوف يعرض فكرة الكونفيدرالية بوجود دولتين بنظام رئاسي متبادل, وذلك بديلا للإنفصال. كيف ترى إمكانية تطبيق ذلك وهل توافق عليه؟
- طرحنا هذا الموضوع من قبل على الحركة الشعبية في إجتماع جوبا, وهذا الخيار كان موجود أصلا في قرارات أسمره, والتي كان بها 3 خيارات هما الوحدة – الإنفصال- الكونفدرالية, فالكونفدرالية خيار مطروح, لكن الإخوة في الحركة الشعبية لم يستجيبوا لهذا الطرح في جوبا, وقالوا أن هذا سوف يحدث تشويشا على الجنوبيين. على أي حال الكونفدرالية خيار معقول.
انفصال
ألا ترى أن المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية أصبح مقتنعا بإنفصال الجنوب؟
- المجتمع الدولي منقسم حول هذا الموضوع, هناك بعض متأثر بالرؤية الإسرائيلية وهناك كثيرون لا يريدون الإنفصال, لأنهم مدركين أنه لن يضمن السلام, وسيكون سابقة للتأثير السلبي داخل الجنوب والشمال والقرن الإفريقي وكذلك شرق أفريقيا, فهناك مخاوف في الأوساط الدولية حيال هذا الأمر, ولكن الإتجاه الظاهر الآن مادام الجنوبيين حريصون على الإنفصال, ومادام المؤتمر الوطني يمارس سياسات طارده, والمجتمع الدولي مستعد للإعتراف بدولة جديدة طالما أن الجنوبيين يريدون ذلك, فسوف تباركها الأسره الدولية.
تم تشكيل مفوضية الإستفتاء ماتعليقك على الشخصيات الموجوده بها؟
- لم تجر إستشارتنا, والإستفتاء إجراء قومي وليس حزبي, وقد تم الإتفاق على هذا التشكيل بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية, بعيدا عن القوى السياسية الأخرى, نفس الصورة والأخطاء تتكرر كما حدث في مفوضية الإنتخابات.
ماتعليقك على تولي باقان أموم مسئولية وزارة السلام بالجنوب وهو معروف بتصريحاته التي تؤكد الإنفصال؟
- نعتقد أن باقان أموم شخصية قوية بالجنوب, وأعتقد أن التناول الإعلامي له وخاصة جريدة الإنتباهة التي استهدفته وحاولت التركيز على شخصيته جاء بنتائج عكسية, وفي رأيي باقان أموم من حيث كفاءته الشخصية ومركزه داخل الحركة الشعبية هو رقم لا يمكن تخطيه, وأي تناول واقعي يجب أن يأخذ في الحسبان أن مركزه السياسي داخل الحركة الشعبية لا يمكن تجاوزه.
مفاوضات دارفور
دعنا ننتقل إلى ملف دارفور ومفاوضات الدوحة ماذا تقول في سير هذه المفاوضات؟
- لا أستطيع أن أفهم هذه العصبية التي تتصرف بها السلطة السودانية الحالية, والدليل على ذلك أنهم تعاونوا مع خليل إبراهيم, وتبادلوا معه الأحضان, وعندما أتى إلى القاهرة طلبوا من الإنتربول القبض عليه, وطلبوا من مصر تسليمه, فالمطالبة من المودة إلى المطالبة بإلقاء القبض دليل عصبي, ولو كنت مكانهم كنت سأتصل بمصر وأطلب منها الضغط عليه للرجوع إلى طاولة التفاوض, أما تصرفهم كان خاطئا وأتى بنتيجة عكسية, وأيضا بنفس المنطق العصبي يتحدثون عن أنهم سيفاوضون من يأتي وسوف يقابلون من لايأتي في الميدان, وإستقبل خليل في ليبيا وجاء قرار قفل الحدود, وهذا غير ممكن, فليس هناك إمكانيات لذلك, فحدود البلاد طويلة ومفتوحة, ولا يمكن حراستها, وقد حدث أنني قد خرجت من السودان من قبل إلى أريتريا في "يهتدون" وكانت الحدود مغلقه, ولكنني خرجت. فهذا القرار مجرد إعلان غضب, وليس له معنى, فهذه ليست الطريقة فالنظام لديه مشاكل مع أوغندا وجنوب أفريقيا ومصر ودول حوض النيل, وليس معقولا كل هذه العصبية, وكأنك تستقطب العداوات مع دول الجوار بصورة غير مسبوقة, جملة كل ذلك أنهم يتصرفون في كافة القضايا بعصبية بدون عقلانية, وبدون حساب للعواقب.
ومارأيك في المفاوضات نفسها؟
- الظروف القائمة الآن لا تسمح للوصول إلى نتيجة, لأن الحوار مع طرف واحد من أطراف دارفور, والغريبة أنهم ينقدون الآن أبوجا, فكيف توسع الدوحة وهم يهدموا أبوجا؟! ولا يوجد أي حل في النهاية إلا بإتفاق شامل عادل, ولكن مايحدث الآن هو مجرد إعلانات من الخرطوم, ودارفور تحتاج إلى أسلوب مختلف.
ماهو هذا الأسلوب؟
- أولا من وساطة تثبت للجميع أنها محايدة, ثانيا قبل الدخول في أي إتفاق لابد من إعلان مبادئ لحل المشكلة مستمد من مطالب أهل دارفور والتي أصبحت معروفة الآن, ثالثا لابد أن يكون هناك آلية للوساطة لمشاركة كل من القاهرة وطرابلس وانجمينا وقطر والإتحاد الأفريقي والجامعة العربية, ويسمى منبر شركاء أو أصدقاء المبادرة, رابعا أن يكون الإتفاق خارج سقوف المؤتمر الوطني, خامسا ضرورة إشراك كل الفصائل الدارفورية. فيما عدا ذلك فالأزمة ستتحول لأزمة أخرى.
حوكمة بديلة
في ظل هذا التخبط والعصبية التي اتهمت بها المؤتمر الوطني أين أنتم وأين دوركم حيال هذه القضايا المهمة والتي سوف تحدد مصير السودان في شهور قليلة قبل الإستفتاء؟
- سوف نطرح فكرة الحوكمة البديلة, وسنطرح بها كلام أساسي حول الجنوب والمياه ودارفور والتنمية والحريات وغيرها من القضايا المهمة, وسوف نحاول إستقطاب كل القوى السياسية والدارفورية, وسنسعى لتكوين جبهة عريضة أمام إنفراد المؤتمر الوطني, هذا سوف يكون المشهد القادم في السودان في الأيام المقبلة.
مبارك الفاضل زعيم حزب الأمة الإصلاح والتجديد إتهمك بأنك تقود حزب الأمة بشكل أبوي وأن الحزب يحتاج لإستراتيجية وكاريزما. ماردك على هذا الكلام؟
- لا تعليق
مياه النيل
دعنا ننتقل لموضوع آخر مهم هل تعتقد أزمة مياه النيل بدأت طريقها للحل؟
- أبدا الأزمة في طريقها للتعقيد, لأن طريقة إدارة الملف سواء من مصر أو السودان خطأ, فهناك إتجاه أنه إذا طالبت دول المنابع بحق فهذا من حيث هو مرفوض, وأنا في رأيي أن الإتفاق الإطاري المطروح معقول جدا, وإشتركت فيه كل من مصر والسودان, ومنصوص عليه في إتفاقية 1959 بأنه إذا طالبت الدول الأحرى بحق, فلامانع من ذلك, والصحيح أنه لابد ألا يسمح أبدا بإستقطاب في هذا الموضوع, ولابد أن تستمر العلاقة بين جميع دول الحوض, بالتوقيع على المفوضية, ولو هناك أي صراع يتم من داخل المفوضية نفسها, والإتفاقية نفسها تنص على ذلك. الإتفاقية بها 44 بند, والخلاف ينحصر في نصف بند وهو 14ب, وهناك حقوق منصوص عليها, وإذا طلبوا لامانع من ذلك, وإذا كان هناك حق يقتسم بين مصر والسودان, ولابد ألا يحدث استقطاب كما ذكرت لأنه سوف يحول دول المنابع إلى نقابة تطالب بحقوقها, ولذلك فكرنا في منبر شعبي يشمل كل دول الحوض للعمل على إبعاد الإتهامات بأن هناك مؤامرة إسرائيلية, وأنه يجب أن تعالج القضية بالقوة. لابد أن نسعى لأن تعالج القضية بالتركيز على التعاون والحوار, ودول المنابع لا تنكر أن هناك حقوق, ويتحدثوا أنه لابد عندما يتخذ أي إجراء, لابد من إبلاغ الجهات الأخرى. أرى أن الإتفاقية بها أشياء كثيرة مهمة, ولا يمكن أن يتحول نصف بند بها إلى عظمة نزاع بين دول الحوض, ولابد أن نعمل على زيادة مياه النيل, فهناك 4 مشروعات يمكن أن تزيد مياه النيل 20مليار متر مكعب وهي مشروع جونقلي1, جونقلي2 ومستنقعات بحر الغزال, والسوباط, ويمكن الإستفادة من زيادة الأمطار في دول المنابع, وهذه المشروعات لا يمكن الحديث عنها إلا في إطار تعاوني, ولا يمكن الإتفاق على صيانة بيئة النيل إلا بإتفاق الجميع, وهناك مصلحة من توليد الكهرباء من أعالي النيل, لأنه يسهل منها التوليد, وكذلك تخزين المياه لأن التبخير بها يكون أقل, وهذا لايتم أيضا إلا بالتعاون.
وماتعليقك على تجميد السودان لعضويته في مبادرة دول حوض النيل؟
- قرار خاطئ وغير مدروس فكيف يعمل السودان إضرابا وهو صاحب العمل, فمن يعمل الإضراب الذي يطلب ولا المطلوب منه؟!, فالسودان أخطأ مرتين مرة في عدم التنسيق مع مصر, والثاني ليس من حقه لأنه صاحب عمل.
وماذا تقول في اللهجة التصعيدية التي تعلو يوما بعد يوم في دول المنابع ضد مصر؟
- هناك لهجة تصعيدية في كل مكان, ولابد أن تعزل هذه اللغة, لأنه لايوجد حل سوى التفاهم.
إنتقدت وزارتي الري بمصر والسودان حول إدارتهما للأزمة فماهي دواعي نقدك؟
- هناك نقص في القدرات الدبلوماسية, في التعامل مع هذه الأزمة.
أزمة مياه النيل فجرت أزمة أخرى داخل السودان فهناك أصوات سودانية تردد الآن بأنه لايجب الوقوف بجانب مصر لأنها أخذت من حقوق السودان كثيرا طيلة السنوات السابقة. كيف ترى هذا الموضوع؟
- ليس من مصلحة البلدين مثل هذه الإتهامات, ولابد من التنسيق بينهم وإتخاذ موقف مشترك بينهم وبين دول المنابع, ربما علت مثل هذه الإتهامات في السودان من موقف مصر من القضايا السياسية في السودان مثل دارفور, وهذه خلافات لابد أن تعالج بعيدا عن هذا الملف. من الأخطاء الكبيرة في إتفاقية السلام السودانية أنها ركزت في توزيع الثروة على توزيع البترول, وسكتت عن الماء وهو أهم من البترول, فكان من الضروري الاتفاق على أن يستمر العمل بنظام حوض النيل الحالي بإتفاقية 1959 إلى أن يتفق على غيره, والإتفاق أيضا على تعاون الحركة في تنفيذ مشروعات زيادة المياه, فكان لابد أن يكون ذلك واضحا, فمن الممكن الآن بعد تجميد الحكومة السودانية لموقفها من الإتفاقية, يمكن أن يكون للحركة رأي آخر, فلابد أولا من التنسيق مع الجنوبيين, ولكنه هذا كله تحرك إنفعالي من قبل الخرطوم, ودليل سوء إداره, فكان يجب أن ينسق مع مصر لأن مطالب معها, وأيضا كان يجب أن ينسق مع الحركة الشعبية, حتى لا تحدث فجوة, فالحركة لها علاقات قوية مع كل من أثيوبيا ويوغندا وكينيا, ووارد أن يعارضوا موقف الحكومة.
تدخل اسرائيلي
وما رأيك في فكرة التدخل الإسرائيلي في هذه الأزمة؟
- في رأيي أعداء الملتقى إذا ماتدخلوا يكونوا أغبياء, إسرائيل ليست مؤسسة خيرية, لابد أن نأخذ بهذه المسلمة, فأي تقصير سيكون في صالحهم, ويجب علينا أن نغلق الثغرات, والمهم ألا نتفاجأ بهذه التصرفات.
البعض يرى تحميل سياسة مصر الخارجية تجاه إفريقيا المسئولية عن الوصول إلى هذه الأزمة. ماتعليقك؟
- أقول أن المدخل للعلاقات العربية الأفريقية كان في الماضي في دعم حركات التحرر, ومصر وقتها لعبت دورا مهما في هذا الموضوع. الآن المدخل للعلاقات العربية الأفريقية في التنمية, فالكل يدخل أفريقيا من باب التنمية سواء إسرائيل أو أوروبا أو الغرب, ولدينا مصلحة كعرب في هذه التنمية وهي الأمن الغذائي والسوق والجوار, وكذلك الوجود الإسلامي, وأتحدث عن نشاط إستثماري عربي عملاق في القارة فهذا هو المفتاح للحل.
الدول الأفريقية تتهمنا بالإستعلاء هل هذه حقيقة؟
- الشعوب جميعا بينها استعلاء, والإستعلاء الإسرائيلي والغربي أكبر بكثير من العربي, وحتى بين القبائل الأفريقية نفسها, فهذا موضوع ضعيف الحجة.