تأجيل الاستفتاء: أزمة سياسية في الطريق … تقرير: خالد البلولة إزيرق

 


 

 



فتحت مفوضية استفتاء جنوب السودان الباب واسعاً لتهكنات بتأجيل اجرائي للاستفتاء ربما لاشهر قادمة عن موعده المحدد مطلع يناير القادم، بسبب ضيق الوقت المتاح أمامها لإنجاز الترتيبات الفنية والادارية المتعلقة بعملها، لجهة تسجيل الناخبين المتزامن مع الظروف الطبيعية «الخريف» الذي قالت انه يصعب من مهمتها، خاصة وان تسجيل الناخبين يفترض ان يكتمل بنشر الكشوفات النهائية قبل ثلاثة أشهر من عملية الاقتراع المقرره في التاسع من يناير القادم.
ولم يبدُ حديث الفريق طارق عثمان الطاهر مقرر مفوضية الاستفتاء مفاجئاً للمتابعين لسير خطوات مفوضية الاستفتاء وطبيعة المهام التي تنظرها لإنجاز المهمة حينما قال ان تأخير تنفيذ الكثير من الاجراءات والخطوات الخاصة بالمفوضية وتأخير تعيين الأمين العام للمفوضية سيجعل الإلتزام بالزمن المحدد للاستفتاء أمراً صعباً للغاية، وذلك من ناحية موضوعية تتعلق بالزمن، واضاف «ان التزام المفوضية الجاد بكل الاجراءات والخطوات القانونية والفنية المحددة في القانون واللوائح حسب الفترات المحددة، يجعل أي اختزال للاجراءات واللوائح سيكون على حساب مصداقية ونزاهة وعدالة الاستفتاء« مشيراً الي انه اذا حدث تأجيل للاستفتاء فسيكون لفترة قصيرة ضمن الاطار الزمني المتبقي للفترة الانتقالية، مبيناً ان التأجيل لابد ان يتم بالاتفاق الكامل مع الحكومة المركزية وحكومة الجنوب حسبما نصت المادة «14» من قانون الاستفتاء. وكانت الاتفاقية والدستور قد حددا اجراء الاستفتاء قبل «6» اشهر من انتهاء الفترة الانتقالية والتي تنتهي بدورها في التاسع من يوليو 2011م لذا اخذ تاريخ التاسع من يناير 2011م موعداً نهائياً لإجراء الاستفتاء حسب الاتفاقية والدستور.
اذاً ما أشارت إليه مفوضية الاستفتاء ربما يضع تنفيذ عملية اجراء الاستفتاء في ميقاتها محل شدٍ وجذب في الساحة السياسية خاصة بين شريكي نيفاشا «المؤتمر الوطني والحركة الشعبية» وذلك من واقع الحراك السياسي للطرفين لتنفيذ الاستفتاء في موعده، حيث تصر الحركة الشعبية على ان يناير القادم موعد حاسم ونهائي في الاتفاقية لاجراء الاستفتاء وأنها ترفض أية عاوي لتأجيله وسبق لها أن رفضت على لسان رئيسها النائب الأول لرئيس الجمهورية ربط الانتهاء من عملية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب بعملية اجراء الاستفتاء، وبالأمس قال الامين العام للحركة الشعبية باقان أمون إنهم في الحركة الشعبية سيستفسرون مفوضية استفتاء الجنوب حول ما نسب لأحد أعضائها عن تأجيل جزئي للاستفتاء ان كانت قرارا صادراً عنها او خاصا بفرد، مجدداً تمسك الحركة الشعبية بإجراء الاستفتاء في موعده دون تعطيل، ومن جهته أكد حزب المؤتمر الوطني على لسان أمينه السياسي بروفيسور ابراهيم غندور إلتزامه التام بإجراء الاستفتاء في موعده الذي تحدده المفوضية بإعتبارها الجهة المسئولة والتي لديها الحق في تطبيق القانون في إشارة منه الى قبول حزبه لما تقرره مفوضية الاستفتاء.
اذاً حوالي مائة وخمسين يوماً تبقت على الموعد المحدد لإجراء الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان حول خياري «الوحدة والانفصال» وبرغم ان الترتيبات السياسية بين الشريكين تمضي سراعاً لترتيب إجراءات مابعد الاستفتاء سواء كانت نتيجته وحدة او انفصالاً وقطع شوطاً طويلاً في ذلك بمساعدة الاتحاد الافريقي وبعض دول الجوار، إلا أن الترتيبات «الفنية» يبدو أنها لم تكن متزامنة مع الخطوات السياسية التي تبذل جنوباً وشمالاً لأكبر حدث سياسي يترقبه العالم، كما أن الإطار الفني يمضي بخطوات سلحفائية صاحبه تكوين مفوضية الاستفتاء نفسها ولم ينتهِ بعد بالاتفاق على الامين العام للمفوضية المعني بترتيب كل الاجراءات الفنية المتعلقة بالاستفتاء حيث مازالت المشاوارت تجري بين الشريكين للاتفاق على الأمين العام لمفوضية الاستفتاء، إذاً حالة التلكوء التي لازمت انشاء المفوضية انعكست بدورها عليى ترتيب الاجراءات الفنية للاستفتاء التي انعكست بدورها علي مواقيت الجداول الزمنية لتنفيذ الاستفتاء الوارده في قانون الاستفتاء. ولكن مصدراً قانونياً «رفض كشف اسمه» قال لـ»الصحافة» ان الاستفتاء عملية نهائية وللأبد، لذا نتائجه اخطر ومسئوليته كبيرة، ويجري في ظل توتر سياسي وملانسات بين الشريكين وخلاف علي الحدود، وقال ان تأجيل الاستفتاء في القانون المنوط بالمفوضية اتخاذه مقيد بالظروف القاهرة التي لايمكن توقعها، مشيراً الي ان «الخريف، وخلافات الشريكين، والتمويل، والمعينات اللوجستية» من ناحية قانونية ليست اسبابا قاهرة لأنها معلومة ومعروفة ومتوقعة، لذا لايجوز تأجيل الاستفتاء لهذه الاسباب باعتبارها اسباباً قاهرة فهي ليست كذلك، ولكن هناك أسباب موضوعية لكنها لاترقي بأن توصف بأنها قاهرة، مشيراً الي ان محاولة تأجيل الاستفتاء لهذه الاسباب قد يؤدي لإحتكاكات وتوتر بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، ولكنه قال ان السبب الأكثر وجاهة لتأجيل الاستفتاء هو ترسيم الحدود لأنها يمكن ان تؤدي لحرب اذا اختار الجنوب الانفصال لذا المنطق الاقوى ان يدخل الشريكان في حوار لحسم موضوع الحدود، واشار الي ان المفوضية ليست لها مطلق الحرية في تأجيل الاستفتاء لأنها تصطدم بنص قاطع وهو موافقة الشريكين علي التأجيل، وأي تاجيل بدون موافقة الشريكين سيؤدي لنتائج وخيمة قد تقود المتطرفين لإعلان الاستقلال من داخل الجنوب، ويؤكد ما ظلت تردده الحركة الشعبية بأن المؤتمر الوطني يريد ان يتهرب من الاستحقاق الدستوري لتقرير المصير، رأي أنه ليس هناك مستحيل امام مفوضية الاستفتاء لإنجاز المهمة في موعدها رغم صعوبتها، لأنها لن تبدأعملها من الصفر لأنها تمتلك خبرات ثرة وتستفيد من سوابق جيدة في تجربة الانتخابات الماضية.
وسبق لمراقبين ان حذروا من ان تواجه عملية الاستفتاء بتعقيدات فنية قد تكرر ذات السيناريو الذي واجه عملية الانتخابات الماضية التي تتشابه معها في ذات التعقيدات الفنية والسياسية، لإعتبار ان تأخير تشكيل مفوضية الاستفتاء المنوط بها تحديد موعده ووضع الضوابط الادارية والفنية وتسجيل الناخبين قد تأخذ وقتاً يتجاوز الموعد المحدد في اتفاقية السلام والدستور الانتقالي في ظل الظروف الطبيعية المتمثلة في فصل الخريف والتي ستعيق بشكل كبير العمليات الفنية في تسجيل الناخبين، مشيرين الي صعوبة عملية التسجيل التي قد تستغرق وقتاً طويلاً لأنها ترتبط بعملية التحقق من هوية الناخبين الجنوبيين والتي بدورها ستصاحبها فتح بلاغات ومحاكم للفصل في الدعاوي قد يستغرق وقتاً اطول وكذلك التحقق من جنوبي الشمال وجنوبي المهجر. وقال الدكتور شيخ الدين شدو استاذ القانون الدستوري بالجامعات السودانية لـ»الصحافة» ان الظروف المثارة لتأجيل الاستفتاء من ناحية عملية هي موضوعية رغم ان أجل الاستفتاء معلوم منذ «6» سنوات، وقال انه لايرى غضاضة في التأجيل لهذه الظروف اذا اتفقت الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني على التأجيل، واضاف «واذا لم يتفقوا لا يجب ان يكون ذلك خميرة عكننة، وقال اذا اصرت الحركة الشعبية على اجرائه في وقته فالاتفاقية والدستور ملزمة والتوقيت الوارد فيها نهائي وملزم، لأن التأجيل بدون موافقة الحركة الشعبية قد يفتح علينا مشاكل كثيرة» واشار الى أن التأجيل مرتبط بترتيبات الاحصاء للاستفتاء «الناخب الجنوبي» لأن أية تجاوزات فيه قد تقود لطعن في عملية الاستفتاء كلها».
وقد أعطي القانون مفوضية الاستفتاء حق التحقق وتحديد البيئة الملائمة لإجراء الاستفتاء من حيث الناحية الأمنية والطبيعية وحرية التعبير بحسب ما نص في المادة «7»، ويشير مهتمون الى ان الاشكاليات التي تواجه مفوضية أبيي بتعقيداتها الكثيرة قد تعرقل قيام الاستفتاء في موعده خاصة فيما يتعلق بتحديد الناخب في أبيي الذي لم يحسمه القانون وتركه لمفوضية استفتاء ابيي المتوقع ان يجري بالتزامن مع استفتاء جنوب السودان، مشيرين الى انه وبناءاً عليى سوابق تنفيذ جداول نيفاشا يرجح التأجيل لأنه لايوجد في جداول نيفاشا جدول تم تنفيذه في موعده بدءً من تشكيل الحكومة والانتخابات.

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

 

آراء