محاولة شراء ضمير صحفي !! … بقلم: عبدالباقى الظافر
تراسيم
alzafir@hotmail.com
في مطار العلمين الصغير كانت هنالك طائرة ليبية صغيرة تترقب مقدم ضيف مهم جدًا .. الضيف لم يكن إلا الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل .. بعد مجهودات ضخمة قادها نجل العقيد القذافي سيف الإسلام الذي زار الصحفي هيكل في مزرعته بضاحية براقش .. وافق هيكل على زيارة ليبيا .
في طرابلس وقف السيد أحمد قذاف الدم على ابواب الطائرة .. فيما نفض العقيد القذافي يده من الاجتماعات التمهيدية لقمة الاتحاد الإفريقي .. وجلس مع هيكل لأكثر من أربع ساعات .. لم تكن الجلسة الطويلة حوارًا صحفيًا بين سياسي وصحفي .. بل كانت اجتماعًا لتبادل الآراء بين رئيس عربى ومفكرأممى .. كل محاضر الجلسة صُنفت غير قابلة للنشر.
قبل أيام رنَّ هاتفي أكثر من مرة .. ومندوب من وزارة الصحة الاتحادية يطلب مني برفق حضور منشط يخص الوزارة .. وعدته خيرًا .. خاصة أن هذه الوزارة اختطت منهجًا للحوار وتمليك المعلومات للصحفيين .. وقد كنت ضيفًا من قبل على وكيل وزارة الصحة بناءً على طلبه.
حضرت المنشط الصحي .. الذي تم فيه تدشين فكرة طب الطوارىء .. وهممت أن أكتب مشيدًا بالفكرة .. إلا أن طارئًا منعني من ذلك .. بعد يوم اتصل عليّ ذات الناشط الصحي .. وطلب مقابلتي لأمر خاص .. حددت له موعدًا في صحيفة التّيار.
جاء الرجل في موعده يتأبط حقيبة سوداء فاخرة .. كان في عجلة من أمره .. لم يحتاج إلى كبير عناء أو كثير مُقدمات ..أخرج مظروفًا من ضمن مظاريف أخرى يحمل اسمي .. ثم فاجأني بعبارات خادشة للوقار الصحفي (دي هدية بسيطة لموية رمضان وكدا).
غضبت .. الصحافة التي تجلد الساسة صباح مساء .. أصبح لها سعر معلوم في السوق .. أخذت الرجل ومظروفه إلى السيد رئيس تحرير هذه الصحيفة.. ليكون شاهدًا وشهيدًا .. وسردت له في إيجاز المشهد الذي جرى في المكتب المجاور.
السيد رئيس التحرير سأل ضيفنا عن سر هذه الهدية .. هنا تلعثم الرجل وضاقت به الدنيا الواسعة .. ورغم ذلك وجد منطقًا .. قال وهو يبرر لرشوته: (أستاذ الظافر حضر معنا حفل تدشين تخصص الطوارىء) .. هنا عاجله رئيس التحرير:( في هذه الحالة الذي يرتاد حفلاً هو الذي يدفع) .. انتهى الأمر ونحن نرد للرجل مظروفه .. ونوضح له أننا صحيفة محترمة لا نتقاضى مقابلاً عن واجباتنا.
سيدي وكيل الصحة .. نحن نسألك أن تفتح تحقيقًا رسميًا.. يجيب على حزمة من الأسئلة المشروعة .. كم صحفيًا تلقى مثل هذه المكرمة ؟ .. وتحت أي بند يتم الدفع؟ .. وكيف تتم مراجعة هذه الأموال المنقولة
والسائبة ؟.
وبعد ذلك وقبله ننتظر اعتذارًا رسميًا من وزارة الصحة على هذه الإساءة المهنية .. مع احتفاظنا بحقنا في رد الاعتبار.