معارضون: مع المؤتمر الوطنى وضد الجبهه العريضه .. عجبى !!
royalprince33@yahoo.com
قيل أن ابراهام لنكولن الذى حكم أمريكا خلال الفتره (1861 – 1865) حينما حرر العبيد واطلق سراحهم ومنع (السخره) واسترقاق البشر، لم يستوعب عدد كبير من المسترقين والمستعبدين حياة الحريه الجديده عليهم أو لم يستطيعوا تدبير امورهم وحياتهم المعيشيه والأجتماعيه أحرارا، لذلك قبلوا بالعبوديه والذل والأضطهاد وتسلقوا الحيطان وعادوا مرة أخرى الى قصور سادتهم يعملون خدما عند نفس الطغاة الذين كانوا يخصونهم ويسلبون رجولتهم ويجلدونهم بالسياط ويغتصبون نساءهم امام أعينهم، حتى مر زمن طويل تفهموا فيه معنى أن تعيش حرا ومتساويا مع الآخرين، وان الحريه لا ثمن لها ولا يمكن ان تستبدل بمال أو جاه أو سلطه أو (وجبة دسمه)!!
لذلك لم يكن مستغربا ان تعارض هذه الجبهه العريضه التى تم اعلان مولدها فى لندن تحت قيادة المناضل / على محمود حسنين، فئة ادمنت الخضوع والخنوع والذل والأنكسار والعيش تحت (ضل) المؤتمر الوطنى أعنى (لأنقاذ) أو (اخوان) السودان الذين حولوا البلد بكامله الى (ضيعه) واقطاعيه يتحكمون فيها ويصرفون امورها بمزاجهم الخاص، (ينفذون ما يريدون ولا يسالون عما يفعلون)، تهمهم الكراسى والوجاهات ولا تهمهم وحدة الوطن ولا يشعرون بالمواطن البسيط وابنائه الذين يتلوون من الجوع فى كل يوم فى بلد حباه الله بالخيرات وبأراض شاسعه وماء غزير من تحته وفوقه (امطار وانهار)، كان من المنتظر أن يصبح (سلة غذاء العالم)، ولا يهمهم أن يعم الفساد الأخلاقى كافة انحاء البلاد بل تسرب الى الخارج حتى اصبح الفرد السودانى لا يستطيع رفع عينه وينظر فى وجه اقرانه فى الدول الصديقه والشقيقه، وكل ذلك يرجع الى الظروف المعيشيه القاسيه والضائقه الأقتصاديه الخانقه التى فرقت بين الأخ وأخيه والأبن وأبيه أما الصلات الأبعد عن ذلك فى مجتمع عرف التكافل والتوادد والتراحم، اصبحوا لا يلتقون الا فى المناسبات الكبيره والهامه للغايه!
نعذرهم .. ونشفق عليهم ونرثى لحال اؤلئك المعارضين، لقد فقدوا الثقه فى انفسهم وفى قدراتهم حتى اصبحوا كارهين لسماع صوت حر شريف يطالب بالتغيير ويعمل اليه ويجهر (بلا) ولو همسا!!
لأن ذلك الصوت يعتبرونه قد تطاول على ذواتهم المجروحه ورفض أن يشاركهم ذلك الذل والهوان وان يستكين لهذا النظام الأقصائى الشمولى الديكتاتورى المزيف لأرادة مواطنيه والمزور للأنتخابات.
نعذرهم .. لقد ادمنوا هذا الوهن والضعف والأنكسار وتصدير الأحباط للشعب ولذلك كلما شعروا بخطر يتهدد النظام سارعوا قبل كوادره والمستفيدين منه لمساندته ووضع يدهم فوق يده كبارا وصغار!
أنهم وللأسف الشديد موهومين ومخدوعين بما يروج له المؤتمر الوطنى من أكاذيب يدعى فيها توفير مساحه وهامش من الحريه ولذلك عليهم ان يبقوا مستكينين داخل الوطن، والحزب الحاكم يؤسس لنفسه مكاتب فارهه 5 نجوم خارج الوطن خاصة فى الدول الهامه ذات الزخم والتأثير الأعلامى الكبير، هل رأيتم من قبل أو سمعتم عن حزب حاكم أسس مكاتب خارج وطنه؟! وهل تفعل هذا دول قويه أو ضعيفه، أوربيه أو افريقيه أو عربيه؟ رأسماليه أو اشتراكيه؟ ديمقراطيه أم ديكتاتوريه؟
نعذر .. هؤلاء المعارضين لقد اعماهم حب الحياة وحب النفس وتضخيم الذات عن اخطر فعل قام به المؤتمر الوطنى وهو الغاء الدوله السودانيه وتحويلها الى دولة حزب واحد ورجل واحد يأمر فيطاع، وهذا ما لم يجروء عليه الأستعمار الذى رحل وترك فى السودان دولة مؤسسات مدنيه وعسكريه عتيده استفادت من خبراتها كثير من الدول الصديقه والشقيقه!
لم أصدق عيناى حينما مررت فى احدى المواقع على هذه المعلومه التى تقول بأن معارضين، اعلنوا معارضتهم لهذه الجبهه العريضه التى أعلنت عن اهدافها ومقترحاتها واضحه وأرسلت تلك الأهداف والمقترحات لكافة الأحزاب والحركات السودانيه دون استثناء أو اقصاء، وهى تدعو لتوحيد السودان كله بمختلف احزابه وحركاته واتجاهاته ودياناته وثقافاته على اساس المواطنه وبناء الدوله المدنيه الحديثه وعلى بسط الحريات والتعدديه والديمقراطيه وعلى ان يصبح السودان دولة مؤسسات لا دولة حزب واحد هو المؤتمر الوطنى ورجل واحد هو عمر البشير رغبته هى القانون، يرفض تأجيل الأنتخابات لأسبوع واحد أو ليوم واحد ويهدد بقطع الرقاب حتى لو كان فى ذلك مصلحة للوطن، ويعمل على فصل الجنوب من اجل الأنتصار (للأنا) وبقاء الدوله الدينيه مهما ثبت فشلها!
ويتباكى الآن الرئيس وحزبه ويستنجدوا بالأحزاب التى همشوها واضطهدوها من اجل الوحده (الكاذبه) التى يراد لها أن تتحقق قسرا لا حبا فى الجنوب وشعب الجنوب وأنما طمعا فى بتروله وخيراته، بعد أن قتلوا من شعبه 2 مليون و500 الف شهيد وأحرقوا الزرع والضرع.
احتكر الحزب الحاكم (بامر الله) لنفسه ولكوادره العمل العام والخاص والتجاره والثقافه والأعلام والرياضه، وفرض على باقى مواطنى السودان الأحرار 3 خيارات اما ان يعيشوا داخل وطنهم عبيدا أذلاء يدفعون الجزيه والجبايات والضرائب و الزكاة والنفايات ودمغة الجريح وهم صاغرون أو أن يكون مصيرهم السجن والتعذيب أو الهجره والأغتراب والتشريد والخروج عن الوطن والعيش كنازحين ولا جئين.
ووصل الأمر حدا اصبح فيه المواطن السودانى غير المنتمى للمؤتمر الوطنى لكى يؤسس مشروعا صغر أم كبر ان يستعين بكفيل من (الأسلامويين) لكى يوفر له الحمايه ويضمن نجاح مشروعه بعد أن يصبح شريكا نائما يجنى ارباحا دون اى مال أو مجهود يشارك به غير مظهره وكلماته المحفوظه وحرصه على أن يكون فى الصفوف الأولى فى ندوات الرئيس ولقاءاته مرددا (الله أكبر .. الله أكبر)، والقلوب فى مكان آخر!!
هذا الوضع نفسه اشتكى منه عدد كبير من المستثمرين الجادين الأجانب الذين جاءوا للأستثمار فى السودان، والذين تزكى لهم (السفارات) الشخصيات الأسلامويه التى يتعاونون معها، فيفاجئوا بذلك الوضع الغريب المريب فينفضوا اياديهم ويعودوا من حيث جاءوا متحملين الخسائر القليله من تذاكر سفر وفنادق ودراسات جدوى قبل ان تستفحل الخساره وتصل حدا لا يطاق.
لو كان الأنسان حرا وشريفا ومالك لقرار نفسه لما وقف ضد اى عمل معارض لنظام الأنقاذ الذى اهان جميع السودانيين واذلهم وقتل الملايين فى الجنوب ودارفور وشرد عدد أكبر من ذلك وأدخل الغل والغبن فى نفوس اهلهم وذويهم ، فمنهم من انفصل وقرر مصيره مثل (الجنوب) ومنهم من ينتظر.
ان اى سودانى حر وشريف فى ظل هذه الظروف التى يمر بها السودان واجبه المباشر كحد ادنى ان يعمل على رحيل هذا النظام فورا غير مأسوف عليه، حتى يمكن اللحاق بقطار الوحده اذا أمكن ذلك، وبالعدم أن يتحقق الأنفصال فى أمن وسلام وان يحافظ على باقى اجزاء الوطن متماسكه وموحده.
ان الدمار الأخلاقى والأقتصادى الذى احدثته الأنقاذ فى السودان تحتاج معالجته الى عشرات السنين والى خطط ومناهج جديده تربويه وتعليميه وتنمويه، والى اعلام صادق وأمين يديره مثقفون اكفاء ، وأن يجد السودان دعما ومؤازره وتعاونا من المجتمع الأقليمى والدولى وان تعفى الديون التى بلغت الآن أكثر من 35 مليار دولار، يراد من الجنوب ان يتحمل جزء منها، وهى فى غالبيتها استخدمت فى شراء الأسلحه الفتاكه لا لمواجهة عدو خارجى وأنما لكى تحصد ابناء الوطن من الجنوبيين وأهل دارفور تحت ظل نظام تذهب 77% من ميزانيته للأمن والدفاع والشرطه والأجهزه المشابهه.
للأسف قضية السودان معتم عليها وغير معروفه دوليا وأقليميا بصوره كافيه نتيجة لتواطوء الأعلام العربى مع نظام الأنقاذ، وقضية السودان لا تبرح محلها داخليا ويصعب التغيير بسبب تواطوء الطابور الخامس مع نظام الأنقاذ.