رد على الصحفى المصرى المحترم سمير رجب الذى يخشى من انفصال الجنوب!. بقلم: تاج السر حسين

 


 

 



royalprince33@yahoo.com
يشكر الصحفى المصرى المحترم سمير رجب أنه اهتم بالسودان فى هذا الوقت الحرج من تاريخه .. وفى وقت أنصرف فيه الأعلام العربى كله نحو المفاوضات المتعثره بين الفلسطينيين واسرائيل والتى تنتظر منها الجامعه العربيه (فقط) الموافقة على تجميد المستوطنات لا ازالتها حتى تعطى الفلسطينيين ضوءا أخضر لمواصلة تلك المفاوضات  التى لا تثمن ولا تغنى من جوع ولن تحل مشكلة القدس أو تعيد اللاجئين، اما القضية الأخرى الأهم عند الأعلام العربى هذه الأيام فهى تشكيل الحكومه العراقيه التى يصر المالكى على رئاستها لمدة زادت عن الستة اشهر لا يهمه ان تذهب بلده كلها الى الجحيم بسبب ذلك الأصرار.
وللأسف حتى لو التفت الأعلام العربى نحو السودان فأنه لن يقدم غير موقف سلبى داعم لنظام البشير دون مبرر أو منطق، وقاصدا ومتعمدا عدم اظهار الحقائق بواسطة القوى الوطنيه السودانيه القادره على فضح النظام وتعريته امام الرأى العام العربى والعالمى.
الشكرلك ايها الاستاذ الفاضل وأنت تتحدث عن قضية سودانيه هامه تناولتها على صحيفة "المساء الأسبوعيه" الصادره بتاريخ 9 أكتوبر 2010 فى عمودك المقروء (غدا مساء جديد) وتحت عنوان (وهكذا تسقط ورقة عربيه جديد .. بعد تسعين يوما .. من الآن) !!
ولا اظنك تتخيل حجم الحزن الذى يكتنف جوانحنا ونحن ابناء الجيل الذى ولد خلال فترة استقلال السودان ونشأ وترعرع فى ظل سودان عرف بالأمانه والصدق وطهرة اليد وعفة اللسان وحب القراءة والأطلاع وعمق الثقافه ، ولذلك عرفنا بالقدرة على التوسط وعلى المشاكل بين الآخرين ومؤتمر اللاءات الثلاث فى الخرطوم دليل على ذلك .. والآن اضحينا عاجزين على حل مشاكلنا كبرت أم صغرت!!
وعليك ايها الأستاذ الجليل أن تسال من المتسبب فى ما وصلنا اليه من حال وأنتظار ظهور دولة الجنوب بصوره مؤكده  خلال 90 يوما بل احتمال ظهور دوله ثالثه فى دارفور أو أى مكان آخر؟
نعترف يا سيدى .. أن السودانيين بجميع توجهاتهم وحركاتهم وبركاتهم مسوؤلين عما حدث فى بلدهم، وأن كان هذا النظام القائم الآن والجاثم على صدر الوطن بقوة السلاح وبالأرهاب والسيطرة على الأعلام والترويج للأكاذيب، يتحمل المسوؤليه الأكبر، ولماذا ذلك؟
دعنى باخنصار أن احولك لصفحة فى نفس العدد الذى كتبت فيه مقالك المذكور اعلاه تجد فيها ان وزير الداخليه المصرى صرح قائلا: ( نعرف أن الأخوان سيخوضون الأنتخابات كمستقلين .. وسنعاملهم كباقى المرشحين .. الا اذا استخدموا شعارات دينيه).
وهذا كلام جميل وعين العقل يؤكد على تمسك النظام المصرى بالدوله المدنيه التى تحافظ على الوحده الوطنيه، فما بالك سيدى بنظام دوله بكامله أى لا (حركه) أو حزب يتبنى نهجا دينيا  فى الحكم ، فى بلد نسبة المسيحيين فيه أكبر من نسبتهم فى مجتمعكم المصرى؟
بل أكثر من ذلك يوجد من بين مواطنى هذا البلد وأعنى – السودان – من هم ليسوا بمسلمين أو مسيحيين ، بل لا دينيين ووثنيين ومن يعتنقون ديانات افريقيه أخرى !!
فهل هذا مجتمع يحكم بدوله دينيه؟ وهل يبقى هذا البلد موحدا وبعض (المثقفاتيه) يكذبون ويدعون بأن (دين) الأغلبيه هو (الأسلام)؟
هل تدار الدول هكذا ؟ وهل يعرف (الحق) بالكثره؟
 الا يشعر المواطن غير المسلم  فى هذه الدوله (الدينيه) بأنه مواطن (درجه ثانيه)  ومن حقه ان يبحث عن دوله اخرى تجعل الأديان فيه كلها متساويه وأن تلتزم الدوله ببرنامج ومشروع قومى ووطنى بدلا عن دينى؟
 وقد تستغرب لو قلت لك أيها الأستاذ الفاضل .. ان المواطن السودانى غير المنتمى لهذه (الجماعه) هو كذلك مواطن درجه ثانيه ولا حق له فى جميع مجالات الحياة الا بالصوره (الشكليه) التى تخدع المراقب (السطحى) الساذج الذى يظن أن النظام فى السودان يتيح للآخرين فرصة المشاركه.
وأنت ايها الأستاذ الفاضل كتبت فى جزء عنوان مقالك (تسقط ورقه عربيه جديده) !!
وهذه اشكاليه أخرى فنعم والف نعم الثقاقه العربيه جزء من مكونات الثقافه السودانيه لكنها لا تمثل الثقاقه السودانيه كلها، بل توجد ثقافات أخرى ولغات أخرى فى بلد فيه أكثر من 500 قبيله وأكثر من 130 لغه من بينها اللغة العربيه، لكن من بينها من تشبه لغتهم ابناء (النوبة) عندكم فى مصر، ومن بينهم من يتحدث نفس لغة بعض القبائل التشاديه ومن بينهم من يتحدث لغة بعض قبائل ارتريا وأثيوبيا، وهكذا .. فهل يعقل أن تختزل هذه الديانات كلها فى الدين الاسلامى مع كامل تقديرنا وأحترامنا له فى عالم اليوم الذى يتعامل مع كافة الديانات بمساواة تامه، وهل يعقل ان تختزل جميع الثقافات واللغات فى الثقافه العربيه واللغة العربيه مع ادماننا وعشقنا لها والكتابه والتحدث بها نثرا وشعرا؟
مرة أخرى يا سيدى الفاضل السودانيون يتحملون الجزء الأكبر فيما حل بوطنهم خاصة هذا النظام الدموى القهرى الشمولى الديكتاتورى الذى يرى الأمور بعين واحده، بينما يتحمل المثقف العربى والأعلام العربى الجزء المتبقى فى مسوؤلية انفصال الجنوب وتفتت السودان وتشرزمه الى عدة دويلات كما هو متوقع.
فالمثقف العربى والأعلام العربى ظل يتعاطى مع قضايا السودان بكثير من السطحيه وكأنها فنبلة يخشى من انفجارها أو الأقتراب منها، ومن هذا المنطلق ظل هذا الأعلام يؤيد النظام الحاكم فى السودان ويسانده ويدعمه عن غفلة أو مصلحه، وما أكثر (الأرزقيه) الذين اغتنوا من هذا النظام الضعيف المهتر المستجدى للمساندة والتائيد بأى ثمن!!
وهل تصدق  ايها الأستاذ الفاضل ان بعض (كبار) الأعلاميين العرب لا زالوا يظنون بأن المشكله فى دارفور بين عرب مسلمين ضد افارقه مسيحيين، مع أن دارفور هى الآرض السودانيه الوحيده التى لا يوجد فيها (مسيحى) الا بعد دخول قوات الأمم المتحده المسماة (باليونيميد) فى عهد البشير الذى يحتفى به من قبل الأعلام العربى لا أدرى ما هى البطولات التى سطرها البشير ونظامه لصالح العرب؟
الم يقرأ هؤلاء المثقفين والأعلاميين بأن الأدارة الأمريكيه ذكرت من قبل ان نظام البشير قد مدهم بمعلومات لم تتمكن من توفيرها اجهزة المخابرات الأمريكيه بكل قوتها؟
الم يحدووا رجالا بالأسم فى نظام البشير وقالوا هؤلاء (رجالنا) فى ادارة البشير؟
الم تكشف الأدارة الأمريكيه مؤخرا بأن اجهزة مخابراتها قد دربت كوادر نظام البشير، فى نفس الوقت الذى كان البشير يخطب منفعلا خلال حملة الأنتخابات ويقول أن امريكا تحت حذائه؟
يا سيدى الفاضل .. الحل ليس فى انتقاد (سيلفاكير) وكوادره من اهل الجنوب الذين عانوا من الحروب وقتل 2 مليون و500 الف من رفاقهم ورمى الأحياء من الطائرات وحرق قراهم، فالظلم الذى وقع عليهم كثير، ولا تكفى اعتذاراتنا التى نقدمها نيابة عن النظام فى كل منبر، رغم اننا لم نشارك فيه ولو ليوم واحد .. الحل يا سيدى فى رجل رشيد يخاف الله منكم ان ينصح (البشير) بالتنحى عن السلطه ومعه رفاقه ونظامه غير مأسوف عليهم دون اراقة دماء كما هو متوقع، فقد جاءوا تحت شعار انقاذ السودان كما ذكروا وفشلوا فى ذلك .. عليهم أن يتنحوا (بالتى أحسن) حتى نحاول تضميد الجراح وأن نسعى للتوافق فى الشمال والجنوب على هدى (سودان جديد) وعلى دستور عادل يدعو لدولة مدنيه اساسها المواطنه لا تميز بين الناس بسبب الدين أو القبيله أو الجهة.
وبخلاف ذلك فانتظروا الطوفان على السودان والدول المجاوره وفى مقدمتها مصر العزيزه على انفسنا!
 

 

آراء