مواعيد سودانية … بقلم: د. أحمد خير/واشنطن

 


 

د. أحمد خير
10 October, 2010

 



لا أعلم من أين ومتى إشتقت عبارة " مواعيد سودانية " ، تلك العبارة التى باتت علامة مميزة للسودانى أينما حل ،حتى بات البعض يتساءل: هل هى عدم أهمية للوقت لدى البعض أم هو نوع من عدم اللامبالاة ؟! أو عدم تقدير للشخصية أو الأشخاص الذين من المفترض مقابلتهم فى الوقت المحدد ، أم أنه قصور لدى البعض وعادة يتصعب التخلص منها ؟! إذا كانت المشكلة متعلقة بالأفراد فهذا يعتبر من أخف الأضرار ، أما إذا كان الشخص مدعو لإلقاء محاضرة أو للمشاركة فى محاضرة أو مؤتمر والجميع حاضرون إلا الشخص المعنى فهذا يعتبر كارثة حقيقية .
من أين إكتسب السودانى ذلك السلوك الغير حضارى؟ ذلك السلوك الغيرحميد الذى ان دل على شئ إنما يدل على عدم الجدية واللامبالاة وعدم إحترام النفس والآخر؟
فى مسألة الوقت وإحترام المواعيد لايمكننى أن أعمم لأننى صادفت والحق يقال أناس من أبناء السودان من يضعون الوقت فى مستوى قدسى لايمكن الإخلال أو التلاعب به ومن هؤلاء الصديق الكاتب الصحافى مدير مكتب  الشرق الأوسط فى المغرب الأستاذ/ طلحه جبريل . هذا من السودانيين القلائل الذين يحترمون الوقت ويعطونه حق قدره . يكفى ماخبرته فيه إبان تواجده فى واشنطن عندما كان رئيسا لإتحاد الصحافيين فى أمريكا . كان عندما يقرر قيام ندوة أو لقاءً فى الساعة المحددة يبدأ اللقاء أو الندوة فى الوقت المعلن بصرف النظر عن عدد الحضور ومستوى المشاركة وإنسان بهذا المستوى من التحضر لاتملك إلا وأن تحترمه وتشيد بأفعاله وتتمنى أن يحذو البقية حذوه .
الندوات  والمحاضرات وماشابه من الحراك الإجتماعى العام مقدور عليه ، ولكن أن لاتحترم المواعيد فى المناسبات الخاصة فهذا والله لشئ يستدعى إلى إعادة النظر . أن تقدم دعوة من أحد الأصدقاء لمجموعة من السودانيين لتناول طعام العشاء مثلا على شرف صديق أو قريب حضر من السودان ويكون كل شئ جاهز وأصحاب المنزل ( إستاندباى)  لخدمة أولئك النفر وكل يحضر حسب التساهيل منهم من يتأخر عن الموعد بساعة وآخر بأكثر من ساعتين وثالث يتصل ليعتذر بعد الوقت المحدد بأربعة ساعات ومن الغريب ان يحاول مداراة فعلته بذكر قصة سمعها الحاضرون عشرات المرات وهى " يا أخى انت ماعارف السودانيين ماعندهم مواعيد ، وبعدين يعنى ماكنتو تتعشوا ونحنا بنلحق الفى، الأكل ماكتير والحمد لله " ومنهم من يعتذر فى اليوم التالى .  وبعد إنتهاء الوليمة بعد منتصف الليل لايهم أن يستمر عمل أفراد المنزل إلى قرابة صباح اليوم التالى للم وترتيب  مابعثره أصدقاء ليلة الأمس!  كما أن أولئك لايضعون إعتبارا لهذا الضيف الذى قطع الساعات الطوال متنقلا من طائرة إلى أخرى ومن مطار إلى آخر كى يصل إلى محطته الأخيرة لينال قسطا من الراحة فيواجه بإناس يصرون على زيادة ما أصابه من تعب وألم . وهم أصلا مدعوون للونسة .فكيف لهذا الضيف أن يتونس بعد أن أصابه ما أصابه من طول إنتظار؟!  
هناك تعليلا واحدا يمكننا التوصل إليه عند فحص مسببات هذا التأخير الذى فى إمكاننا أن نقول متعمد. ونقول متعمد هنا لأن السودانى عندما يكون له موعدا مع أجنبى تراه يصل قبل الموعد المحدد " علشان عيب الخواجه ينتظر" أو " علشان الخواجه مايأخد فكرة سيئة عن السودانيين"!!!!!
ربما يتخذ البعض أهمية من جعل الآخرين ينتظرونه وإذا سألته يقول بكل عنجهية " ما ينتظروا يعنى اللاحقنها شنو "
كنت أعتقد ان المسئول الحكومى القادم من السودان سيكون أكثر شفافية وانه سيعمل قصارى الجهد للوصول إلى المكان المحدد فى الوقت المحدد ، ولكن وبكل أسف لاحظت ان بعض المسئولين عندما يحضر إلى واشنطن لايأبه بالموعد المحدد الذى يتوجب عليه الحضور فيه . وحتى عندما يحضر متأخرا ساعة أو أكثر فإنه يستنكف أن يعتذر لهؤلاء الذين كانوا فى إنتظاره بغرض سماع ما سيقوله حتى وإن كان ماسيدلى به ليس له علاقة بحقائق الأمور . وليت هذا المسئول يعلم أنه بمقدارتأخره عن الموعد تتضاءل درجة الحميمية إلى أن يحل الضجر وعندها تنقلب الموازين .
أود أن أهمس فى أذن كل مسئول يأتى إلى واشنطن أو إلى بلد أوروبى أن يترك خيباته فى وطنه ويحاول جاهدا أن يرتقى ولو قليلا إلى مستوى موجبات الضيافة ومتطلبات العصر التى يلعب فيها الوقت الكثير فى حياة البشر . ألا قد بلغت ، اللهم فاشهد .   
   

Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]

 

آراء