ولتعرفنهم في لحن القول: اغتيال السيد الإمام الشهيد الهادي المهدي

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
من أبواب متفرقة
alkanzali@gmail.com


1-2
اللحن في الحديث أو الكلام عند أهل الأدب هو صرفه إلى ما هو محمود. أما المعنى الثاني فقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إنكم تختصمون إليَ ولعل بعضكم ألْحَنُ بحجته من بعض، فمن قضيتُ له بحقِ أخيه شيئا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها" وللحن الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرمي، وهو ذهاب الكلام إلى خلاف جهته، فكلام الإنسان يدل على ما يخفيه صدره، وسنرى.
جزا الله عنا الأستاذ محمد حسنين هيكل خير الجزاء، فقد استفزنا بشطحته التاريخية بقوله أن الشهيد السيد الأمام الهادي عبدالرحمن المهدي قد مات مسموماً في كسلا، لأكله قطعة (منقة). فلولا تلكم الشطحة لبقت الحقيقة مخفية في غياهب الجب إلى يوم الدين. وصدق من قال: "إن الله يُمْهِِل ولا يُهْمِل". فقد قيض الله للأمر الصحفي النابه الأستاذ عبدالوهاب همت الذي لم يقعده بعده عن الوطن عن البحث عن الحقيقة وردها لصوابها واصولها وجذورها، فادلى دلوه، وبحث عن شهود الحدث داخل السودان، وعزم على إعادة التحقيق في ملف قضية اغتيال السيد الأمام الهادي المهدي وكان له ما أراد.
لحسن طالعه جاء في مقدمة محاوريه مع شهود عيان حسب ما صنف ووصف في الحوار (سعادة العميد معاش شرطة مختار طلحة محمد رحمة). فنشرت حوارته بجريدة أجراس الحرية وسودانيزاولاين بلغن من العدد خمس وهن صاعدات.
من هو محمد أحمد المهدي؟
 الحس الصحفى جعل من الأستاذ عبدالوهاب همت محققاً جنائياً دون ترتيب منه أو نية مسبقة، فأزاح بعض ما تراكم من الأتربة العالقة بقضية ما زال الكثير من جوانبها غائباً ومغيباً وغامضاً، مما يستدعي مواصلة البحث والتنقيب حتى تنجلي الحقيقة مسفرة، ويكون تدوين التاريخ صادقاً.
حَسْبُ الأستاذ عبدالوهاب همت أن بحثه قاده لوقائع غابت حقيقتها عنا نحن سواد الناس، وعن أنصار حفيد أمامنا الأكبر محمد أحمد المهدي، الذي أراد أستاذه ومعلمه (الأستاذ محمد شريف نور الدائم) أن يهجوه شعراً، ناكراً عليه ومستنكراً منه قوله بأنه المهدي. فإذا بتاريخ الأدب والشعر يخلد المدح ويرمي بالقدح جانباً. فتذهب القصيدة كلها في طي النسيان، ولم يبق منها إلا تلكم الأبيات التي تجعل من المهدي عبداً لله متميزاً ومتفرداً في تعبده وخضوعه وخشوعه لربه. والقليل من الأبيات التي بقت من القصيدة تكشف لنا سمو خلقه، وعلو همته، وتواضعه، وكرمه، حتى أن القارئ ليعجز أن يجد له من ند، فيحسب أن المهدي صحابيٌ أتى متأخراً عن زمانه وأقرانه.
فانظر قارئ العزيز لقول الأستاذ محمد شريف نور الدائم وأحكم بعدها بما تريد. ولعله من المناسب أن أبين للقاري نكته وردت في شطر البيت الأول، استخدم فيها الأستاذ محمد شريف كلمة "زع". وأهل التصوف كثيراً ما يرمزون للأعداد بالأحرف، فحرف الزاء يعني العدد سبعة وحرف العين يعني العدد سبعين. وفي هذه الرمزية يريد الأستاذ محمد شريف أن يقول أن محمد أحمد أتاه في عام 1277 هجرية.
لقد جاءني في عام "زع" لموضع     على جبل السلطان في شاطئ البحر
يروم الصراط المستقيم على يدي    فبايعته عهداً على النهي والأمر
فقام على نهج الهداية مخلصاً        وقد لازم الأذكار في السر والجهر
وأفرغ في جهد المحامد عمره        فرقيته جهلاً بعاقبة الأمر
أقام لدينا خادماً كل خدمـة         تَعُزُ على أهل التواضعِ في السير
كطحنٍ وعوسٍ واحتطاب وغيره        ويعطي عطاء من لا يخش من الفقر
كم صام كم صلى كم قام كم تلا        من الله مازالت مدامعة تجري
وكم بضوء الليل كبر للضحى        وكم ختم القرآن في سنة الوتر
لذلك أسقى من منهل القوم شربة        بها كان محبوباً لدى الناس في البر
لله درك يا مهدي، هذا قول من يريد زَمُكَ، فكيف بمن يريد مدحك؟ (... يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا).
ذلك كان أباه وجده، فآتيني يا سعادة العميد معاش شرطة مختار طلحة محمد رحمة بأب وجد مثله؟ كبرت كلمة تخرج من أفواهكم وأنتم تبشرون عصبة مايو وإن شئتم قل عصابة مايو في الزمن الغابر التي لم تتوان أن تكشف عن وجهها الشيوعي الكالح الذي تعلوه غبرة وترهقه قتره، اؤلئك هم ... ولك أن تتم بما بدا لك.
من مهازل الزمان أنه لم يمض على مقتل الإمام أشهر معدودات حتى بلغ بأهل مايو السفور والغرور أن لا يروا عوجاً ولا حرجاً في الاحتفال بالعيد المئوي لميلاد (لينين) ومن قلب مدينة أمدرمان، وباسم السودان وأهل السودان، ومن خلال أجهزة الإعلام المرئية منها والمقروءة والمسموعة وأغفلوا مولد المصطفى نبي الهدى الذي تزامن مع ميلاد (لينين) إله الإلحاد الحديث، فبذكر "لينين" سَبَحَتْ تلكم القلوب، أفعلى قلوبهم أقفالها؟
أنتم وقاتل الحسين:
كأني أراكم يا سعادة العميد معاش شرطة مختار طلحة محمد رحمة، مهرولاً لِتُبَشِرَ عصبة مايو بأنكم قَتَلْتُمْ الإمام ومن كانوا معه ظلماً وعدواناً. فأين ستبوءون بها (يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) سورة غافر آية 52. فبعد أن قضيتم ومن معكم، على السيد الأمام الهادي، فإذا بكم تبعثون ببرقية حسب ما ورد في حواركم مع الأستاذ همت، ساعتها كأني أراك ممسكاً بقميصك الذي قد من دبر، وأنت تهرول مدبراً نحو البريد لتزف بشارتك، راقصاً طرباً في الطريق لفعلتك التي فعلت ولستَ عليها من النادمين. فمثلكم ومن آزركم، كقاتل الحسين بن علي سلام الله عليهما، فقد كان هو الآخر فرحاً بما اقترفت يداه، طمعاً في جائزة يزيد بن معاوية. أما أنتم فبجائزة مايو "الشيوعية" أشد فرحاً، تبتغون عرض الحياة الدنيا، وقد نلتموها "وسام الشجاعة". ولشدة ذهول عصابة مايو بما أنجزتم، فقد أصبح تكريمكم بوسام الشجاعة كيل يسير، فزادوكم كيل بعير، ترقية ثم إبتعاث لألمانيا. أليس كذلك يا سعادة العميد معاش شرطة مختار طلحة محمد رحمة؟ هو كذلك فها أنت تقولها غير وجلٍ. فانظر لقولكم بافواهكم فالحق يظهر في فلتات اللسان:
"بعد تلك الأحداث تمت ترقيتي ونقلي إلى مدينة يامبيو في جنوب السودان حفاظا على حياتي وقد  كرمني الرئيس نميري بمنحي وسام الشجاعة وقد قلدني له السيد ابيل ألير نائب رئيس الجمهورية. كان هناك رأي أن يتم نقلي للعمل في سفارة السودان في الجزائر ولكن رأى البعض أن وجودي في السودان أأمن لي من  العمل خارج السودان. ومن يامبيو تم نقلي إلى توريت في الاستوائية ومنها نقلت إلى بورتسودان وبعد ترقيتي تم ابتعاثي إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية لمدة عامين". الله، الله يا لمصيبة السودان، فقد عشنا زماناً يُكرم فيه من سمح بقَتْلِ أسيره؟!!!
لنعد لبشارتكم التي زففتموها لمساعد مدير الشرطه بمدني وهي تقول: (أهنئكم بنجاح بوليس نقطة الكرمك في القبض على الامام الهادي ورفاقه .قف الأمام الهادي عطلناه قف). سعادة العميد معاش شرطة مختار طلحة محمد رحمة، هل كان الأمام نشالاً حتى يتم القبض عليه؟ يا لسوء مفرداتكم الفقيرة من الأدب والحياء وتنزيل الرجال منازلها. ها أنتم تنكرون قولكم: (عدو الله) ولم تنكروا قولكم: (القبض)، عجبي! الذي يقبض هو المجرم الهارب. فهل كان أمامنا مجرماً؟ وهل كان هارباً؟
أتعلم يا سعادة العميد شرطة معاش أن السيد الإمام الهادي المهدي ليس له رفاق! فالرفاق بالعدوة القصوى وأمامنا ومن معه كانوا بالعدوة الدنيا، فأفهم! أتدري من هم أصحاب العدوة القصوى؟ ألا تستحي يا سعادة العميد أن تقول: "عطلناه" أتقى الله يا رجل! فقد قتلتموه شر قتله؟ وبعد ذلك تريدون أن تجعلوا منه "معطلاً" ! كبرت كلمة تخرج من افواهكم إن تقولون إلا كذباً. أسمعت قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في من كذب، إن لم تسمعه فهاأنذا أردده على مسامعكم: "إن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً". سعاد العميد معاش شرطة، ستعلمون غداً من الكذاب الأشر.
سعادة العميد معاش شرطة مختار طلحة محمد رحمة، بعد تلكم الجريمة التي يهتزُ لها عرش الرحمن، لم يدر بخلدكم وخيالكم حسب ما جاء في  حديثكم مع محاوركم الصحفي النابه الأستاذ همت إلا "صورة طائرة الهليوكوبتر وهي تقلكم مع جثمان الأمام، وتحلق بكم في السماء لتحملكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، حيث يقيم أتباع إله ذلك النظام السياسي (لينين) أليس كذلك؟ هو كذلك وإن أبيتم ذلك.
كل هذا رغبة منكم أن تجدوا من سدنه ذلك الإله (لينين) التكريم والتبجيل الذي تستحقونه لما اقترفتهوه وسمحتم للآخرين باقترافه ونسيتم أنكم تمثلون شرطة السودان التي هي براء من فعلتكم التي فعلتم براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
سعادة العميد معاش شرطة مختار طلحة محمد رحمة، في مقالي اللاحق يوم الأثنين القادم إن شاء الله سأعدد لكم لماذا أبرئ شرطة السودان من فعلتكم التي فعلتم أنتم ومن معكم، بل أربأ لأي شرطة في بقاع الكون قاطبة أن ترضى من منتسبيها أن يسمحوا بما سمحتم للآخرين الأقدام عليه. وموعدنا صبح الاثنين القادم، أليس الصبح بقريب؟
 

 

آراء