د. حيدر إبراهيم: الوضع السياسي السوداني يحتاج إلى ودّاعية الحركة الشعبية تعودت على "دلع" الأمريكان القوى السياسية شاخت "بايولوجيا" وفكرياً وسياسياً المُعارضة لم تكن تعمل لإسقاط النظام، لكن لتقسيم "الورثة" أشعر بأنني "لاجئ" ومواطن من الدرجة الثانية نحن غير محظوظين بالذين "يحكموننا" سيكون لدينا "افغانستان- طالبان" في الشمال"، و "بورندي" في الجنوب البلد ما فيها "عاقل" ونحن أمام خشبة مسرح عليها مُمثلون "فاشلون"
ستظل قضية الاستفتاء على حق تقرير المصير للجنوبيين في التاسع من يناير 2011م "هاجساً" و "كابوساً" يؤرق الوحدويين ولكنها ستظل "حلماً" يراود الانفصاليين في الشمال والجنوب.. لكن صحيفة "الأحداث" بوصفها مؤسسة مستقلة؛ ستفتح ملف الوحدة والانفصال بكل "مهنية وحيادية".. وستبذل قصارى جهدها لاستنطاق معظم "المُتاحين" من السياسيين والخبراء والمُهتمين، لتشريح تلك القضية "المفصلية"، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. وفي هذه السانحة جلست "الصحيفة" إلى مدير مركز الدراسات السودانية والكاتب والمُحلل السياسي الدكتور حيدر إبراهيم علي ليُشرِّح لنا قضية "الاستفتاء" بكل تفاصيلها وتعقيداتها.. وستوالي "الصحيفة" في الأيام المُقبلة ــ بإذن الله ــ "استنطاق" بقية العقد الفريد من الكُتاب والمحللين السياسيين والعسكرييين والرموز الوطنية لتدلي بدلوها في تلك القضية الشائكة والمُعقدة. ويصف د. حيدر إبراهيم في تلك السانحة الوضع السياسي الراهن "بالمرتبك"، وقطع بأنه يحتاج إلى "ودّاعية"، أو "قارئة كف" أكثر من احتياجه إلى محلل سياسي، واصفا الوضع الراهن"بالشاذ"، وطالب باستراتيجية طويلة المدى لإخراج البلاد من محنتها الحالية. حوار:بهرام عبد المنعم- تصوير أبو حريرة *ما هو تقييمك للوضع السياسي الراهن؟ هذا وضع مرتبك تماما، وأنا في مرات كثيرة أقول بسخرية شديدة إن الوضع السياسي السوداني يحتاج إلى "ودّاعية" أو "قارئة كف" أكثر من احتياجه إلى مُحلل، لأن كل القوى السياسية الموجودة الآن لا تدري ماذا سيحدث غدا، وهذا في وجهة نظري منتهى "الارتباك"، وهذا الارتباك ظاهر في التصريحات، والذي يتابع التصريحات يجد فيها قدر كبير جدا من التناقض سواء كان من المؤتمر الوطني أو من الحركة الشعبية، فهذا وضع "شاذ" جدا لم يشهده السودان من قبل، حتى في الفترات التي كانت سابقة للاستقلال، وأيام الحكم الذاتي وكل تلك الفترة لم يمر السودان بوضع "مشوش" كهذا، و"البوصلة" ضاعت من أيدي الناس الموجودين، "شغّالين رزق اليوم باليوم"، كاذب من يقول أن لديه استراتيجية، هناك "تكتيكات" مؤقتة، ومناوشات وملاسنات، لكن لا يوجد أي حزب من الشريكين، أو من القوى السياسية المعارضة لديه القدرة لرؤية خمسة أمتار للأمام، وهذا وضع "شاذ" جدا، ونحن نقول حول مُشابهاته في الفلكور السوداني "كتلوك ولا جوك جوك"، هذا وضع ملئ بالمفاجآت، والأشياء خرجت من أيدي الذين يفترض أن تكون بأيديهم. *سياسة "رزق اليوم باليوم" هل هي ضارة بالنسبة إلى السودان؟ بالتأكيد، لا بد من وجود استراتيجية طويلة المدى، والسياسة توقعات مبنية على الواقع، إن لم تكن كذلك فأنت عرضة لمُفآجات كثيرة جدا، لا بد من وجود القدرة على ما يُسمى باستشراف المُستقبل، نحن الآن دولة "بدون مستقبل"، ولا تحدثني عن الوحدة أو الانفصال، نحن الآن دولة بدون "مستقبل" كما قلت لك، هذه أشياء في الغيب، بالتالي هذا وضع "شاذ" جدا. *وفقا لقراءاتك ، ما هى مآلات الاستفتاء المقبل؟ كأن الواقع يُمكن قراءته الآن؟ أنت عندما تسأل عن المُستقبل، المُستقبل يبدأ من الآن وهنا، لا توجد أي مؤشرات، يعني ما تسمع "الدوشة" الحالية، الانفصال، وسلفاكير يقول إنه سيصوّت للانفصال، أنا أتوقع في أي لحظة وصول الطرفين إلى "صفقة" معينة، ممكن جدا، لأن كثير ما يقال الآن فيه قدر من "التهويش"، يعني على سبيل المثال، لماذا يخبرني سلفاكير أنا كمواطن سوداني أن صوته سيكون لصالح الانفصال؟ هذا لا يهمني من ناحية، صوته هذا بينه وبين صندوق الاقتراع، المسألة الثانية أن سلفاكير رمز، ويجب عليه عدم إظهار وجهته فيما يتعلق بالوحدة والانفصال وتحديد وجهة صوته، شخص مثل وزير الإعلام كمال عبيد يتحدث بصورة "بلدية جدا"، ويقول إن الحكومة لن تعطي حقنة لأي مواطن جنوبي حال الانفصال، ومن بعد ذلك يأتي الرئيس البشير ينفي حديث برمته، وبعد ذلك كله يجلس الرجل في وزارة الإعلام، دون تقديم استقالة أو اعتذار، أو سحب كلامه، فحقيقة نحن غير محظوظين بالذين "يحكموننا" لافتقارهم للحكمة وبُعد النظر، وأنا في الماضي كنت أُشبهِّها بطريقة "السوق العربي"، لكنني الآن احترم "السوق العربي" كثيرا جدا مقارنة بالطريقة التي يحكم بها الناس الموجودين في السلطة الآن، السوق العربي فيه فطنة، وبه فى مرات كثيرة قُدرة على أن يكون الشخص "حدسه" جيّد، وتوقعاته أيضا جيدة وغير ذلك، هؤلاء حُكّام عاطلين عن الحكمة والفطنة، وتاركين الأمور "محل ما ترسى تمسى". *الصفقة بين الشريكين إذا تمت ستصب لصالح الوحدة أم للانفصال؟ ستكون بشكل "فضفاض" قريب من "الكونفدرالية" ولكن أهم ما فيها استفراد المؤتمر الوطني بالشمال، والحركة الشعبية بالجنوب، وسيكون لدينا "افغانستان- طالبان" في الشمال، و "بورندي" في الجنوب. *لماذا القوى السياسية راكدة، وكأننا مقبلون على "عُرس وطني" وليس على حق تقرير مصير للجنوب؟ -والله شوف- هذه القوى السياسية "شاخت"، وكلها فوق الستين والسبعين وكذا، فشاخت "بايولوجيا"، وشاخت فكريا لعدم وجود أفكار جديدة، وشاخت سياسيا لعدم قُدرتها على تحريك الشارع، أحزاب لمدة (20) عاما فشلت في تنظيم مظاهرة واحدة، هذا أشبه بالرجل الذي يتوقف لمدة عشرين عاما عن التمارين ويريد أن يخوض مباراة في كرة القدم، فلذلك هذه القيادات "شاخت" وليس لديها قُدرات للعمل، لذلك شرعية النظام قدمت من غياب البديل، وهذه ليست بشرعية ذاتية، وإنما الشرعية استمدها النظام من غياب البديل في الطرف الآخر، وهذه أزمة السودان الحقيقية. *لماذا تقف القوى السياسية موقف "المتفرج والشامت" بالنسبة لعملية إجراء الاستفتاء؟ لا يحق لها أن "تشمت"، يمكنها أن "تتفرج"، ولا يحق لها أن "تشمت"، النظام إذا كان في"ورطة"، فإن القوى السياسية ليست السبب في "توريط" النظام، والقوى السياسية لم تمارس عليه ضغوطات ولم تتظاهر ضده، كانت توجد آمال أيام التجمع الوطني الديموقراطي للضغط على النظام ، لكن هذه الآمال أُجهضتْ بسبب الانشقاقات الحزبية، وعدم الجدية، والمعارضة لم تكن تعمل لإسقاط النظام، لكن لتقسيم "الورثة"، والقوى السياسية مررت إلينا فكرة النظام الحالي "كلوح الثلج"،وعندما تسطع الشمس في منتصف النهار، فان لوح الثلج يذوب، بالتالي القوى السياسية لم تكن تعمل لإسقاط النظام، بل كانت تعمل لورثته، توجد شخصيات نصبّت نفسها وزراء للإعلام، وللخارجية، والمسألة بالنسبة إليهم "غنائم"، بالتالي في مسألة "الغنائم" أنت لا تحتاج إلى تضحيات، لذلك هذا هو الوضع الطبيعي لتكون القوى السياسية في وضع "المتفرج". *القوى السياسية المُعارضة تنتظر في الرصيف لتحميل "وزر" الانفصال للمؤتمر الوطني حال وقوعه؟ المؤتمر الوطني لا يهمه، النظام من أول يوم يمتاز بقدرته على تجاهل الآخرين، ولديه ما أُسميه أنا في مرات كثيرة "صهينة الصهاينة"، لا يوجد نظام يُكال له السُباب، ويُنتقد كالمؤتمر الوطني، وفي النهاية وكأن لا أحد يتحدث، مثلا الحديث الذي أثير عن الفساد، والناس تراه بأعينها في العمارات والسيارات، والمزارع والزيجات المتعددة والترف، الفحش الواضح للعيان لا يهمهم، فلذلك هذا النظام ليس لأنه "قلبه ميت"، لكن يعتقد في نفسه امتلاك الحقيقة المُطلقة، والحكم باسم الله، ولطالما اعتقد الحُكم باسم الله فإنه لا يُخطئ ، وإن أخطأ فإن الله سبحانه وتعالي سيغفر له، بالتالي لا يهمه ما يقوله عنه البشر. *لماذا لا تتسامى القوى السياسية عن جراحاتها وتصطف مع المؤتمر الوطني من جديد لإخراج البلاد من الأزمات؟ لا.. سؤالك هذا معكوس. *كيف؟ السؤال: لماذا يرفض المؤتمر الوطني توسيع المُشاركة لإشراك القوى المُعارضة مهما كانت ضعيفة في السلطة؟ والمسألة ليست مسألة "تتسامى" لكن المؤتمر الوطني يُسيطر على السلطة "ومُكنكش" فيها، ومصر على "الاستقصاء" باستمرار. *لكنه دعاها إلى بيت الضيافة لمناقشة القضايا الوطنية؟ لا، لا، لا.. هذه دعوة علاقات عامة، القوى السياسية رأت ضرورة مُناقشة قضية التحول الديموقراطي، والمشاكل الاقتصادية، والاستفتاء، والوحدة، لكن المؤتمر الوطني رفض، هل المؤتمر الوطني يدعو القوى السياسية "بمزاجه"، أم وضع الأجندة والاتفاق عليها، ومن ثم تأتي خطوة الدعوة؟ تلك دعوة "مراكبية" وليست دعوة حقيقية. *لو سلمنا جدلا بأن القوى السياسية لديها جراحات لماذا لا تتسامى عنها لمصلحة البلاد الكُلية؟ هذا حديث "إنشائي"، أين هي مصحلة الوطن الكلية؟ هل مصلحة الوطني تعني استمرار المؤتمر الوطني في الحُكم؟ مصلحة الوطن الكُلية تتمثل في إعادة صياغة كل ما هو موجود الآن، والظُلامات لم تقع على الجنوبيين فقط، وإنما وقعت على الشماليين أيضا، الذين عارضوا النظام في أول أيامه مواطنين من الدرجة الثانية، أنا الذي أجلس أمامك أشعر بأنني "لاجئ" ومواطن من الدرجة الثانية، لوجود أشياء لا يحق لي أن أمارسها كالذين ينتمون للمؤتمر الوطني، أو القريبين منه، لذا عليك أن لا تعكس الأسئلة وكأن العيب موجود في الطرف الآخر؟ هؤلاء المُمسكين بالسلطة كاملة عليهم التنازل والتراجع. *لكن القوى السياسة جرّبت السلطة وفشلت كما فشل المؤتمر الوطني كما تقول؟ القوى السياسية لم تُجرِّب السُلطة "مطلقة"، المؤتمر الوطني أمسك السلطة "مُطلقة"، وأصدر القرارات يُمنة ويُسرة، و"قرارات لنصحو من النوم في أي زمن"، و"قرارات لكيفية ارتداء الزي"، تلك سلطة مُطلقة، لا تقف أمامها حواجز، فهذا فرق كبير، حكومة الأزهري الأولى، سقطت في أقل من (6) شهور. *السيناريوهات المتوقعة عند إجراء الاستفتاء هل هي "جهنمية" أم هناك احتمالات أخرى؟ لا أتوقع سيناريوهات "جهنمية"، لأن الكسل السوداني يقف ضد القرارات الحاسمة، المسؤولين "سيجرجروا" أرجلهم، حول عملية تأجيل الاستفتاء وإلى غير ذلك ، إلى أن يتلاشي "الحماس والزخم"، بالتالي لو أتيت بحل وسط يمكن أن يكون مقبولا، بالمناسبة لا يوجد فرق بين الشماليين والجنوبيين في هذا الجانب، الاثنين سودانيين، ومتفقين في ذات سياسة "اللعب بالوقت"، وإكمال الأشياء في آخر الدقائق، لذلك لا أتوقع سيناريو "جهنمي". *الاستفتاء حال إجرائه هل سيكون بطريقة "سلسة" أم تعترضه بعض العوائق؟ لن تكون هناك مشكلة. *خالص؟ خالص. *لكن المؤتمر الوطني قطع بعدم قبوله بتدخلات الجيش الشعبي في عملية الاستفتاء؟ هذا حديث للاستهلاك المحلي، وبعد ذلك علينا أن لا ننسى أن الطرفين بعد أن ذهبا إلى نيفاشا ذهبا مُنهكين، ووقعا على اتفاقية ناقصة، مثلا اتفاقية نيفاشا لماذا لم تناقش أزمة أبيي والعمل على حلحلتها؟ لأن المُشرفين والضامنين للاتفاقية أصابهم "الضجر" من المفاوضات الطويلة، ومارسوا الضغوطات على الطرفين للتوقيع عليها، ودعوهم لمناقشة بقية القضايا فيما بعد، فالاثنين كانوا مُنهكين، سواء الحركة الشعبية، أو المؤتمر الوطني، والآخير ما كان باستطاعته إطلاق رصاصة واحدة في تلك الأيام، والآن أكثر إنهاكا، فهذا مُجرد تهديد، ولا يستطيع أي منهم خوض الحرب من جديد. *الحركة الشعبية طالبت بنشر قوات دولية على الحدود؟ المُطالبة ليست مُضمنة في الاتفاقية، الحركة الشعبية كثيرا ما تتحدث عن الاتفاقية كشئ مُقدس، ومرات كثيرة تتحدث بصورة "مزاجية" هل يوجد أي نص في الاتفاقية يُطالب بوجود قوات دولية على الحدود؟ لا يوجد نص، الحركة الشعبية عليها ألا تتحدث إلينا "بمزاجها"، عليها تطبيق اتفاقية نيفاشا بحذافيرها، والحركة الشعبية جعلت من الاتفاقية "عِجلا مُقدسا"، وظلت مثل الكتاب المُنزل من السماء، وعليها عدم اختراع أشياء من عندها. *رئيس الحركة الشعبية الفريق أول سالفا كير ميارديت هدّد بإجراء استفتاء بمعزل عن الشمال حال ماطل المؤتمر الوطني في إجراء الاستفتاء في مواعيده المضروبة؟ هذا حديث "فارغ"، لأن الحديث ورد على لسان وزير الخارجية البريطاني، وفي السطر الذي بعده، قال إن سالفا كير وعد بعدم إجراء استفتاء دون إشراك الطرف الآخر، فهذا كله حديث "بروباغندا"، كلام "دعاية" تخص التلفزيونات، وهؤلاء الأشخاص "أكلت رأسهم"، أضواء الكاميرات والتلفزة الخارجية، والمسؤول عندما توضع أمامه الكاميرات والأضواء يطلق ما يشاء من حديث - هؤلاء أشخاص غير مسؤولين- *عدم المسؤولية هل يشمل الطرفين "شريكا نيفاشا"؟ الاثنين غير مسؤولين، لأن الشخص بعد أقل من (24) ساعة "يلحس كلامو". *البلد ما "فيها عاقل" يا دكتور و"لا شنو" ؟ ما فيها عاقل، البلد تحتاج إلى حُكماء وناس عاقلين، وصادقين، الذي أمامي "خشبة مسرح" عليها ممثلين فاشلين، يتلاعبون بمُقدرات بلد كالسودان، لكن ليس فيها عاقل، الناس العاقلين ما ممكن قبل أقل من مائة يوم "يقعدوا يتنابزوا"، على الشخص أن "يقل خيرا أو ليصمت"، لذلك ليس هناك حكماء أو ناس عاقلين. *أين المخرج؟ الطريق الذي تمشي عليه البلاد طريق "كارثى"، وطريق اتجاه واحد، لأن البلد حال خلوها من العقلاء، والحكماء، والصادقين، وأصحاب النية الصادقة ، فإن النتيجة هي "الكارثة" سواء قام الاستفتاء أو لم يقم، وإن تجاوزنا مسألة الاستفتاء، واستمرت العقلية الموجودة أمامنا الآن في حكم السودان فإن مصيره الكارثة. *ماذا تعني لك الحشود العسكرية على الحدود من الطرفين؟ هذا أيضا جزء من "المسرحية"، وفي رأيي الشخصي "مسرحية" كبيرة. *"تهويش ساكت يعني" ؟ نحن والله "ناس مساكين"، نجلس أمام مسرحية "بايخة" جدا، ورغم أن ثمنها غالٍ وعالٍ جدا، لكن الطرفين لا يُعتمد عليهم. *يعني أن الطرفين ليس على استعداد لخوض حرب جديدة؟ "كذّابين"، في العام 2004م قبل اتفاقية نيفاشا بعام واحد كانوا مُنهكين، الحركة الشعبية لم تستطع الدخول إلى جوبا، والجيش السوداني لم يستطع طردهم، لا توجد قدرة على الحرب، هذا كله "تهويش". *ماذا يعني لك فشل مفاوضات أديس أبابا حول قضية أبيي؟ مفاوضات أديس أبابام لم تفشل، توجد نقطة لا بد من وضعها في الاعتبار، لأول مرة المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان سكوت غريشن "يزجر" الحركة الشعبية بصورة واضحة جدا، الحركة الشعبية تعودت على "دلع" الأمريكان، إذا حدثت لهم أي مشكلة مع المؤتمر الوطني تذهب لتشكوه في واشنطن، والحركة الشعبية تعتقد أن الأمريكان باستمرار في صفهم، الأمريكان ليسوا في صف الحركة على طول الوقت، بالمناسبة حتى الانفصال فإن أمريكا ليست معه حتى نهاية الخط، أمريكا تهمها مصالحها، وتشعر بأن القاعدة من الصومال يمكن أن تدخل إلى غابات "كبويتا وياي" في السودان، وعلى الجنوبيين ترك "الدلال" واعتبار أن أمريكا تقف معهم على طول الوقت وإلى آخره، في إثيوبيا غريشن أدان الحركة الشعبية، وقال للأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم "إنت قلت حديثا حول استفتاء أبيي في نيويورك، ودينق ألور ذكر حديث مختلف خالص هنا في أديس أبابا، إنت قلت لا مانع للتفاهم مع المسيرية، ودينق ألور أعلن رفض الحركة التفاهم مع المسيرية، واختصر التفاوض فقط مع المؤتمر الوطني" وكأن المسيرية مؤتمر وطني و"بس". *تهديدات غريشن للحركة الشعبية هل تُعطي مساحة للمسيرية بالتصويت في استفتاء أبيي؟ ممكن، الطرفين سواء المؤتمر الوطني، أو الحركة الشعبية لا يحترموننا نحن كشعب لهم، وإنما يحترموا حديث الأمريكان، وحديث الأمريكان في النهاية هو الذي يُنفذ، لعدم وجود الإرادة الوطنية، لذلك عند بروز أي خلافات فإن الشريكان يشدا الرحال إلى الولايات المتحدة الأمريكية لعقد الاجتماعات، والعودة باتفاق على بعض القضايا. *بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بالعصا والجزرة، هناك من يعتقد أن جزرة أمريكا مجرد وعود لا تتنزل على أرض الواقع؟ دولة تقبل "الجزرة" أتشكك في أنها دولة وطنية، ويجب عدم مناقشة تلك القضية، السودان دولة لديها صوت في الأمم المتحدة مثلها مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وعلينا أن لا ننسى أن هذه أمريكا التي "دنا عذابها" -ضحك- .. علينا أن لا ننسى التاريخ الموجود، "على أمريكا التي دنا عذابها حمل "جزرتها وعصاتها" لنستطيع تطبيق إرادتنا الوطنية لو فعلا نحن صادقون"، لكن هذا كله موضوع "بكش وحركات" تدل على عدم الجدية، أنا لا أخذ هؤلاء الناس محمل الجد، "لو قالو لي إن فلان صرح سأقول لهم غدا سيقول كلام آخر، والتوقع دائما "يطلع صاح". *هل أنت متشائم أم متفائل بشأن الأوضاع السياسية؟ أنا واقعي جدا، والمسألة ليست قضية تشاؤم أو تفاؤل ، هذا وضع "تعيس" الانقاذ حكمتنا (15) سنة، بإضافة (5) سنين جديدة، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ليس لديهم أي تصور للنهوض بهذا البلد، يريدون الحكم فقط، حكموا واغتنوا ووجدوا السلطة والثروة، وعدّدوا الزوجات والعمارات، هذا ما يريده سواء الجنوبيين الذين كانوا يرفعون مانفستو "ماركسي"، أو المؤتمر الوطني الذي كان يرفع "المشروع الحضاري"، همهم السلطة والثروة وتقسيمهما مع بعضهما البعض، "قسموها" واستمتعوا بها، أذكر أن أحد الخلفاء عندما خرج عليه الخوارج ، أُقيمت له وليمة غداء، وأُوتى له برأس أحد الخوارج في "حربة"، فنظر إلى الأكل، ورأس الخارجي، قال:"كان يريد أن يحرمني من هذا"، بالنسبة للخليفة المسألة لديه في نهاية الأمر أن لا يتم حرمانه من الولائم والترف الموجود، فهؤلاء لا يريدون الحرمان من المتع التي يعيشون فيها. *هل هذا يعني أن المشروع الحضاري ومشروع السودان الجديد مشاريع "وهمية" لتخدير الشعب السوداني؟ هذه ليست مشاريع "وهم وبس"، هذه مشاريع "إفك ولعب بعقول الناس"، الواقع أمامنا وننظر إليه، ماذا يحدث في الواقع، نرى كيف يعيش الجنوبيين العاديين، ونرى أيضا الشماليين العاديين كيف يعيشون؟ ننظر إلى التعليم والصحة والضرائب، والأسر المسحوقة، ونرى أطفال المايقوما، ونسبة المُخدرات في الجامعات هذه نشاهدها في الشمال، ونرى أيضا المجاعات في الجنوب، ونرى النُخبة الجنوبية كيف تعيش؟، تشتري المنازل في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي استراليا، وأوغندا، وتدخل في المُضاربات، هذا إفك كبير جدا، الاثنان أفاكان.