كسرة الوزير علي محمود … بقلم: سارة عيسى

 


 

سارة عيسى
27 October, 2010

 

     لو ذهبت حكومة الإنقاذ وتقطعت أوصالها سوف تبقى بعض مآثرها في التراث الشعبي  السوداني ، وذلك مثل " لحسة الكوع " و جلد " الكديس " ، وهناك من كذب على الخليفة الشهيد عبد الله التعايشي بأنه طلب من الملك فكتوريا " الإختتان " حتى تتزوج من الأمير يونس الدكيم ، وكما جاء في الأسطورة أن المشورة رُفعت للأمير يونس الدكيم ، أي أنه بعد " عمرة " الملكة فكتوريا أنه من المحتمل أن يرفض الأمير يونس الدكيم هذا العرض المغرض مخافة أن يقع له ما حدث بين الليدي ديانا ودودي الفايد ، والذين كذبوا على الخليفة عبد الله نسوا أنه لا توجد نسخة من هذا الخطاب في الوثائق البريطانية ، ولو حدثت هذه الواقعة كان من الممكن أن يشير إليها سلاطين باشا في كتابه السيف والنار ، لكن الثابت أن سلاطين باشا هو من تعرض للإختتان  المباشر بسبب إسلامه وقد عاش وهو يحقد على الخليفة عبد الله بسبب ذلك .
   أما مشاهير التصريحات في عهد الإنقاذ فهم مصطفى عثمان وشاي الجكة ، وعبد الرحيم حمدي ومثلث العنصرية ، وحقنة كمال عبيد وكماشة عبد الرحيم محمد حسين ، والآن أطلت علينا " كسرة الوزير علي محمود ، وقد أكتشف الشعب السوداني للتو أن فخامة الوزير يتعشى بالكسرة العصيدة ، ولولا مرض السكري لتناولها في كل الوجبات ، وهناك شيء فات على الوزير النابغة والذي أخرجنا من النقاش حول مستقبل أبيي للنقاش حول الكسرة ومواد صناعتها ، وهي المرة الأولى التي تقفز فيها الكسرة إلى عناوين الصحافة الدولية ، وما كان لها أن تنال هذا الحظ من الشهرة لولا الدعاية التي وفرها لها السيد/الوزير ، فالكسرة تُستخدم في علاج مرض الصرع حيث تُقدم للمريض من دون إضافة الملح على مكوناتها ، وهذا شيء مفرح ومن المفترض أن يدخل البهجة على قلب السيد/الوزير ، تستطيع الدولة أن تمزق فاتورة العلاج النفسي ، بل يُمكنها إغلاق الكليات التي تخصصت في تدريس العلوم النفسية ، وسوف تزيد البهجة والمسرة لو سمح  فخامة الوزير بتصدير الكسرة للخارج من أجل حصاد العملات الصعبة ، فالرجل فتح لنا بوابة علاء الدين ، على الرغم أن إكتشافه جاء بالصدفة مثل كريستوفر كولمبوس الذي كان يحاول إكتشاف الهند الصينية  لكنه بدلاً من ذلك أكتشف قارة أمريكا .
    نعم ، تحدث الوزير علي محمود كثيراً عن الواردات البذخية ، تحدث عن السيارات والعاب الأطفال ، لكنه لم يتحدث عن الشركات اللبنانية التي تستورد حتى زي المصالح الحكومية ، وربما لا يدري أن أحد سكان " نيو حوش بانقا " قد أستورد حوض سباحة من إيطاليا ، بل استورد معه حتى السباكين والفنيين والعمال المهرة ، وقبل عشرين عاماً لم يكن هذا الساكن يجيد السباحة حتى في ترعة في حوش بانقا القديمة ، وأرجو أن لا يكون فخامة الوزير قد فُجع في اليخت الرئاسي الذي كلّف ملايين الدولارات ، يُقال أنه تعرض لعطب كبير في المحركات مما جعل لجنة الشراء والصيانة تسافر لعدة مرات إلى خارج السودان   لكن دون جدوى  ، لأن  اليخت الرئاسي بقى رابضاً مثل أبو الهول لا تحركه الأنواء ولا تهزه الرياح ، وقريباً سوف ينضم إلى مجموعة المطاعم العائمة ، فقد هرم اليخت الرئاسي ولم يقوى على الإبحار .
وزير دولة بالداخلية ، وكادر إتجاه إسلامي سابقاً وطبيب بيطري  ألهمته الحرب الأمريكية على الإرهاب بإستيراد عدد من الكلاب البوليسية من جنوب أفريقيا ، والحاسدين يقولون أنه لم يدفع ثمن تلك الكلاب لأنها كانت من السلالة التي أستخدمها البيض في آيام الفصل العنصري ، وحكومة جنوب افريقيا كانت منزعجة في طريقة التخلص منها ، فهي لا تستطيع إعدامها لأن ذلك يحرك الضمير العالمي ، ويُمكن أن يؤدي ذلك إلى ثورات إحتجاج شعبية يقوم بها البيض لأن هذه الكلاب كانت تحميهم ، لذلك كان هذا  الوزير هو مفتاح الحل  ورافع الحرج ، فلم يدفع حتى ثمن الأجرة والتوصيلة ، وصلت الكلاب بسلام إلى الأراضي السودانية وهي محمولة على طائرة تابعة لخطوط البلد المصدرة ، وقد كان في معيتها وفد طبي ومدربين ، وتم توفير سكن مناسب ووجبات دسمة لهذه الكلاب ، وقد قبض البائع الثمن اضعافاً مضاعفة ، وقد ذكرّهم أن التأخير في دفع ربما يضع البلاد في كف عفريت ويُمكن أن يمزق الوحدة الوطنية ، فاستجابت وزارة المالية لتحذيرات الوزير  ودفعت له كامل المبلغ ، لكن الوحشية التي تتميز بها الأجهزة الأمنية في السودان حرمت تلك الكلاب من اداء دورها المنوط بها ،حيث تم تهميش تلك الكلاب في المشاركة في العمل الأمني إلا أن  مجموعة منها شاركت  في مذبحة سوبا  التي وقعت عام 2005 إن لم تخني الذاكرة ، تلك العملية التي نفذها  أحمد هارون والذي صرّح بعدها أن هذه الكلاب استرجعت حتى قلم المتحري الذي نهبه الجناة من مركز الشرطة ، وقد ظهرت في التلفزيون السوداني وهي تقوم بالتعرف على السكاكين والعكاكيز التي أُستخدمت في المقاومة ، لكن الدولة بقدرة قادر تخلصت من هذه الكلاب عن طريق السماح لها بالتسلل من الأقفاص ، ولا أعلم الاسباب التي عجّلت برحيلها للصالح العام  ولكن هناك من يقول أنها أعتادت على تلقي الأوامر من البيض لذلك وجدت صعوبة في تفهم سلسلة  القيادة السودانية ، فهي كلاب ذكية ولا زالت تجري فيها الدماء العنصرية ، فالعدو في نظرها هو الرجل الأسود ولا يهم هل يحمل شارة شرطة أم لا ، كما أسلفنا هربت  تلك الكلاب الغازية إلى منطقة المرخيات  في أمدرمان وتزاوجت مع  كلابنا السودانية فنشأ جيل جديد من الهجين ، كانت هذه الكلاب تتحرك في مجموعات ولها قائد  تعمل تحت إمرته مثل فريق " Nexuus " في المصارعة الحرة ، وكانت تقوم بالإعتداء على المواطنين وومواشيهم ، ثم نقلت مساحة معركتها إلى مدن بعيدة مثل شندي وعطبرة وشاع بين الناس ظهور وحش أمدرمان ، إذاً  لم يتم هنا هدر المال العام فقط ، بل تم إستخدامه تحت الذرائع الأمنية من أجل إلحاق الضرر بالناس ، الافة في السودان هي الأجهزة الأمنية والعسكرية التي لا تخضع للرقابة أو التدقيق ، أما الحديث عن إسراف المواطن السوداني في تناول الخبز أو غيره من الطيبات  فهذا حديث لن يقبل به أحد ، والسبب لأن العصر الحالي يختلف عن عصر التسعينيات ، فهناك شهود ومراقبين للفساد ، وإلا كيف نال السودان الدرجة 127 في سلم  الفساد وعدم الشفافية؟؟ وقد تلته في الترتيب كل من الصومال والعراق وافغانستان .
سارة عيسي

sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]

 

آراء