رسل أمريكا للسودان وحصاد السراب !؟ … بقلم: آدم خاطر
لم تعد تنطلى على المواطن السودانى فرية ما يحمله المبعوثين الامريكان للسودان والحوارات التى تجرى معهم على أهميتها ، عدد من الرسل ظلت ترسل بهم الادارة الامريكية على اختلاف الحكومات وتعاقبها هناك من لدن ملكة جمال أمريكا عام 1958 م ماليسا ويلز مرورا بالقس دانفورث وحتى الجنرال غرايشون الحالى ، يمثلون مختلف الواجهات الأمريكية من الاكاديميين الى العسكر فالكنيسة والدبلوماسية الخ ولكن المحصلة النهائية لما يحملونه لنا من نعم هى هذا الذى نراه الآن من التفافات وتحقيق لمقاصد بعينها تهدف لخدمة الأجندة الأمريكية واستراتيجيتها فى المنطقة دون أن يجنى السودان شيئاً يذكر لجهة تحقيق المصالح العليا للبلاد والتقدم فى حل قضاياه !. تعددت مهام هؤلاء الرسل وكان السلام بكل تفريعاته هو الهم العام كما أشيع عنهم ولكن المردود الذى ظل يحمله كل فى جعبته لا يتجاوز الوعود الفارغة والتطمينات الشخصية دون تأثير على مجريات الأوضاع هنا أو أى انعكاسات موجبة تخدم القضية الأصل بسبب اللوبى الصهونى والمنظمات الكنسية المعادية والآلة الاعلامية الموجهة ونفوذ الكنغرس ونوابه فى تسيير دفة الأمور باتجاهنا !. فيما ظلت العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة تبارح مكانها دون تقدم فى الملفات التى حبستها القرارات الأمريكية من مقاطعة وحصار وتجميد وقوانين لمحاربة الاستثمار فى السودان ، وبالمقابل ظلت الأموال تغدق والسلاح يتدفق والخبراء يتوافدون على أرباب السودان الجديد تمهيدا للدولة التى تسعى الولايات المتحدة لخلقها فى جنوب الوطن ، حسبما أكدت عليه وزيرة خارجيتها كلنتون بأن الا نفصال بات حتمياً !. هذه هى حقيقة الأمانى التى تعمل لأجلها الدبلوماسية الأمريكية بوجوهها الناعمة التى تحمل من المكر والشرور والكراهية للبلاد ما يفوق نزعات الشياطين والنتائج الماثلة على الأرض تدعم ما ذهبنا اليه اذا ما أمعنا النظر فى التهديدات والوعود الحانقة التى يطلقها بعض هؤلاء الرسل فى دعوتهم لضرب الخرطوم وتشديد الحصار والعقوبات عليها كا دعا أندرو ناتسيوس مؤخراً وسبقه بها السفير ريتشارد وليامسون فى رؤيته المكتوبة قبل ان يسمى مبعوثا للسودان ، ويزداد حنق هؤلاء كلما اقتربت الأطراف من نهايات السلام والاستفتاء ونتائجه المرجوة والذى تحرص عليه أمريكا بأكثر من حرص الحركة الشعبية شريك الاتفاق كونها المنفذ لهكذا مخطط !. للأسف نحن ظللنا نحسن استقبال هؤلاء الرسل ونعد لأجلهم البرامح ونمكنهم من زيارة أى مكان يريدون ، ولقاء من شاءوا من السياسيين والمعارضين ونحتفى بهم بحفاوة على خلاف ما يتطلبه التعامل فى تحقيق مبدأ المعاملة بالمثل أسوة بما تمليه الأعراف الدولية من سيادة البلاد وعزة قيادتها التى تسعى أمريكا لحبسها وعزلها ومحاصرتها عبر قرارات الجنائية الدولية ، لا ندرى بأى كيف وتقدير يجرى هذا وما نتيجته وأى المكاسب حققها والحوار يمتد معهم بلا حدود ولا ميقات ولا هدف ، وكلما سمى مبعوث سارعنا فى الترحيب به وفتحت له الأبوب وبعضهم وصف قيادة الدولة بال (صعاليك ) وهدد وتوعد ، لذلك كا ن طبيعيا أن تجنى البلاد هذه النتائج المريرة من اهمال وضغط وعقوبات ومناصرة للطرف الآخر وتجاوز خيباته واسقاطاته على مسيرة السلام التى تعثرت وتتعثر بفعل الادارة الأمريكية ورسلها الذين لا هم لهم سوى تقطيع أوصال الوطن وضرب أمنه واستقراره !.
كان لزاما بعد مرور أكثر من عقدين من الزمان على مسيرة الحوار السودانى الأمريكى بكل خلفياته التى من بينها استخدام سلاح الطيران الأمريكى لقصف مصنع الشفاء فى عام 1998 م ، وموالاة الضغط على البلاد عبر أكثر من آلية ومسار ، أن يصار الى نظرة فاحصة وكاشفة لمغزى هذا التواصل وما قدم خلاله من سياسات وتنازلات لأجل غايات كبار حسبناها مكملة لاتفاق السلام الشامل وتهدئة الأجواء وتلطيفها باعتقاد أن ذلك من شأنه أن يعطى هؤلاء الرسل بعض الثقة والأمل فى أن بلادنا لا تضمر شرا لهم ولا تأوى ارهابا كما يشاع ولا تعمل لمحاربة المصالح الأمريكية فى المنطقة والاقليم ، وأننا نسعى للتعاون مع سائر الدول والحكومات لذات الأهداف التى تؤسس لتبادل المنافع والمصالح المشتركة ، ولكن النظرة الأمريكية الاستعلائية القاصرة لا تأخذ الا بمفهوم القوة ومنطلقات فرض الارادة والأجندات ولى الذراع واعلاء مصالحها ومكاسبها دون تنازل او مساومة طالما وجدت ما يبقى على هكذا سياسة !. بقيت أمريكا خلف كل القرارات الأممية التى استهدفت السودان فى اقتصاده وأمنه وتنميته وسلامه واستقراره ، وهى ربيبة الكيان الصهيونى بكل ما يحمل من سوءات وشرور محدقة بعالمنا العربى وقضيتنا المركزية فى فلسطين وتفريعاتها فى الصومال والعراق وأفغانستان ومن قبلها السودان ، مددنا اليد وكشفنا الحجب وقدمنا من القرابين ما هو معلوم لراعى الضأن فى البادية ومواقف الادارة الأمريكية فى تشدد ومغالاة ، وضغطها يزداد وحصارها الى تمدد ومؤامرتها تطال كل شىء كى ينسف ما تبقى من بروتوكولات السلام ويفخخ الاستفتاء بفوضى خلاقة ودسائس كشف عنها مؤتمر نيويورك فى الرابع والعشرين من سبتمبر المنصرم ، هكذا ترسم هذه الدولة الماكرة لأهدافها بعناية ولنا ان ننظر الى المآلات التى ترتبت على مشاركتنا فى هذا المحفل الذى كان بمثابة الطاقة الموجبة لمنح أوباما روحاً جديدة وهو يقدم على انتخابات تجديدية لفترته الأولى بما يظهره وبلاده وكأنهما يحرصان على تعزيز السلام فى العالم واشاعة الطمأنينة والاستقرار ، ولنا أن نتأمل فى كنه التصريحات التى تصدر عن رسل أمريكا السابقين والحاليين وما تضمره نواياهم من شرور محدقة بالبلاد !. درينا أو لم ندر فقد اتحنا من خلال لقاء نيويورك منبرا ترويجيا دولى للحركة الشعبية لتسويق مشروعها الانفصالى وتهيئة الساحة الدولية والأمم المتحدة منذ ذلك الحين الى الدولة التى ستولد فى جنوب البلاد كى ترتب لأطر الدعم والمؤازرة التى تتولى الولايات المتحدة كبر قيادتها والترويج لها باكراً ، وما تحقق لجهة السودان الكبير حكومة وشعبا لا يكاد يبن من بين هذه المنتديات المتعددة والتى كثيرا ما تحرص عليها واشنطون لدعم حليفها الحركة الشعبية دون اكتراث لما يمكن تحقيقه لجهة الطرف الأخر ، ولم يعد خافيا أن تكشف عن جوهر نواياها فى دعم حكومة الجنوب حتى فى المحافل الاقليمية والدولية بصفة حصرية وليس آخرها ما جرى فى اجتماعات الكوميسا بنيروبى قبل يومين من رعاية كاملة لممثلى الحركة الشعبية وتقزيم الوفد الحكومى الرسمى واعلاء اجندة الشعبية ورعاية مشروعاتها حتى وان كانت لتكثييف زراعة المحاصيل المنتجة للبيرة كأولوية قصوى فى التنمية الزراعية بالجنوب وكل ما يدعم منهج باقان وعرمان !.
آن الأوان للوقوف عند الدعوات الأمريكية الخائبة والمتآمرة لمعالجة ملفات السلام العالقة خارجيا وهى تعلى من اهتمامات ومشاغل سلفاكير ومجموعته الانفصالية ، وتطعن فى وحدة السودان وسيادته وهيبة رمزه الذى تقاطعه حتى فىى اللقاءات التى يجريها المبعوثين الأمريكان بالخرطوم امعاناً فى التطاول والاهانة وليس هنالك ما يحملنا على تحمل مثل هذه التصرفات النشاز وكلفتها وقائد البلاد يرتكز الى سند جماهيرى وتفويض نيابى مشهود ، ومن خلفه تاريخ للجهاد والشهادة يشرفه لقيادة دولة السودان التى لا تشبهها هذه المهازل والسخافات التى يرسل بها الرسل الأمريكان ويتقبلها المسئولين بالدولة !. لا نقبل لقائد البلاد ان يسكت عن هكذا سلوك محرض للمقاطعة والعزلة التى أرادوا فرضها عليه وكسرها البشير بالزيارات الخارجية والتحليق فى أجواء الدول دون مهابة او وجل، و لا يمكنه أن يقبل بالمقاطعة الداخلية وكل من يلتقيه الامريكان بالخرطوم يعمل تحت امرة البشير وسلطان الدولة التى هو رمزها وتاج فخارها وسفرائهم معتمدون لديه !. من يقبل من مسئولينا أن يلتقى أى مبعوث أو مسئول أمريكى لا يريد مصافحة البشير فكأنما هو يقرر طواعية تجاوز الأصل الى الفرع وهذا ما لا يقبله العرف واحترام الذات ومطلوبات السيادة وأمريكا أياديها ملطخة بالدماء وسجلها حافل بالفعال النكراء والتاريخ المشين وكل السوء والمخزيات فى أبوغريب ومدن العراق وأفغانستان !. الذى يتجاوز البشير قائد البلاد وحامى حماها وحرماتها ينبغى أن توصد أمامه الأبوب وتحبس عنه التأشيرة لا هذا الاحتفاء والبسمات التى تمنح لهؤلاء المجرمين من رسل أمريكا الذين يتدثرون بثياب الوعظ والعداية الالهية وهى منهم براء !.كيف تفتح الأبواب ويسمع لهؤلاء وهم يدعون لضرب الخرطوم واطباق الخناق عليها ومحاصرتها وتشديد العقوبات كى يسقط النظام !. لا أجد مبررا أن تناقش القضايا العالقة فى ملف السلام بأديس أبابا أو غيرها من مدن الاقليم بعد هذا التداعى الدولى والتروريج الخارجى والبلاد قد ملت هذا التدويل والضغط المتعاظم ولا مندوحة فى الاستجابة لهكذا شروط ترجح كفة العدو وتوسع من ساحة الانفصال ومطالب قادته فى السودان الجديد !. حتى زيارة النائب كيرى وارهاصاتها وما يتدول فى الاعلام الامريكى هذه الأيام من شرور قادمة وما يحمله هذا الرجل من بوار و من وعود كاذبه وتطمينات خواء ، وزيارته الثانية ليس فيها من جديد الا لصالح أعداء السلام من قادة الانفصال وهى تأتى على خلفية زيارة بايدن وعدد من نواب الكنغرس ولقاءتهم بزعيم الحركة فى نيروبى ، وجميعهم يضمر للبلاد كل الشرور والموبقات ونحن نفتح لهم أبوابنا ونمكن لهم من تسديد الضربات الموجعة فى هذا التوقيت الذى يلزمنا فيه وقفة متانية وتقييم موضوعى للسلوك الأمريكى باتجاهنا وهو يستعد لتسديد الطعنة القاتلة قريباً !. كفوا عن مصافحة الأمريكان وأحذروا وعودهم المؤجلة والمرحلة والشواهد على ما تحمل من تضليل وكذب وخداع أوفر من أن تحصى !. أعملوا على عزة رأس البلاد وقاطعوا من يقاطعه وعلى رأيسهم أمريكا التى تعمل ليل نهار لاستكمال تبعات مشروعها المظلم عقب الاستفتاء ودارفور والجنائية هى بعض أحلامهم فى ما يعتزمونه من مشروع !. ردوا للدولة اعتبارها ولسيدتنا ما انتقص منها لا هذا الرهان الخاسر بانتظار آى وعد أمريكى الا ان كنا نثق فى السراب أن يحمل ماءًا !....
adam abakar [adamo56@hotmail.com]