إسرائيل .. إسرائيل في جنوب السودان
تقول الوزيرة الإعلامية الفذة ، وصاحبة أصغر عمر في حكومة الإنقاذ ، ولا أعلم لماذا لم يمنحوها درجة الدكتوراه أو الأستاذية ، فهذه من الأمور السهلة في عهد الإنقاذ ، فهي تقول أن بقاء الحدود بين شمال وجنوب السودان يعني أن السودان يجاور دولة إسرائيل ، وربما لا تعلم سعادة الوزيرة الشابة أنه من الصعب إغلاق الحدود السودانية مع كل دول الجوار حتى ولو قررت حكومة الإنقاذ ذلك ، وهي مثل معلمها الدكتور كمال عبيد تتكلم بما يصير عليه الحال لو أنفصل الجنوب عن الشمال ، والحدود بين الشطرين تصل إلى ألفي كيلومتر ، أي انها متسعة أكثر من الحدود التي تفصل بين باكستان وأفغانستان ، ولا أعلم ما هي خطة حكومة الأستاذ سناء الخاصة برسم هذه الحدود الشاسعة ، في موضوع الحقنة يستطيع الدكتور كمال عبيد تعميم قرار على كل المستشفيات العاملة يبين فيه بين الذين يستحقون الحقنة وبين الذين عليهم دفع ثمنها ، وهنا توجد رخصة لأن الجميع يدفعون في الظرف الحالي ، ولن تواجه وزارة الصحة صعوبة في تطبيق القرار ، أما قصة الحدود فهي قضية في غاية التعقيد ، لأن الحل الأنسب هو التعاقد مع الشركات الصينية من أجل بناء جدار عازل يفصل بين الشمال والجنوب ، وهذا الجدار يجب حراسته بمروحيات وكاميرات مراقبة على مدار الساعة حتى لا يتسلل الإسرائيليون إلى العمق السوداني في الشمال ، ويجب أن تزوره وزيرة إعلامنا الشابة لتنقل للعالم كيف يمكن للجدران أن تحجب حركة التاريخ ووشائج الدماء وتدفق المياه ، ولعل العالم يقبل بنظريتها الفطيرة بأنها قامت بذلك من أجل حراسة الأمة السودانية من الخطر الإسرائيلي وسوف يشكرها خالد مشعل على ذلك ويقدم لها إكليل الزهور كلما زار السودان .
لكن هناك أزمة وشيكة سوف تبدد أوهام الوزيرة المرعوبة ، فإسرائيل عندما قصفت قافلة حماس في شرق السودان لم تكترث لأمر الحدود ، فقد أخترقت طائراتها المياه والبحار الدولية للسودان ونفذت عملية حربية في غاية الدقة والتصويب ، ولا أظن أن وزارة الإعلام ترغب في نبش هذه القضية لأن المجلس الوطني نفسه شطب البلاغ وأكتفى بتكوين لجنة تقصي الحقائق لمعرفة ملابسات الحادث ، لكن الأمر المريع أن بناء المجلس الوطني نفسه تم وفقاً لخرائط مبنى الكنيست الإسرائيلي ، ولم يتبرم النواب الكثيرون من هذا الكشف الاثري ، وبعد تسرب هذه المعلومات لم " يحردوا " أو يقرروا مقاطعة الجلوس في كراسيه ، ولا حتى الدكتور كمال عبيد نفسه يرى غضاضة في ذلك ، وربما يعترف أنه قرأ في كتب التاريخ أن اليهود كانوا جزءاً من مجتمع المدينة المنورة في زمن الرسول ( ص ) ، وقتها كانت الحدود داخل مجتمع المدينة مفتوحة ، كما لم نسمع أن ألصحابة اقاموا نقاط تفتيش أو جدران تحميهم من الخطر اليهودي ، وسؤالي للأستاذة سناء : لماذا لا تكون مصر هي مصدر الخطر الحقيقي على السودان لأن بها سفارة إسرائيلية ؟؟ وما هو الفرق بين العلم الإسرائيلي الذي يرفرف في القاهرة وبين نظيره الذي يرفرف في جوبا ؟؟ ومع ذلك تملك مصر حق الحريات الأربعة .
لذلك أقول أن فريق الحكومة الحالي الذي أطلقت عليه فريق " خم الرماد " هو اسوأ فريق حكم السودان على الإطلاق ، و تنقصه الثقافة والخبرة والإلمام بالتاريخ ،وتعميه العصبية الجهوية ، وكلنا نعلم بطبيعة المعركة التي خاضها حاج ماجد سوار مع إتحاد كرة القدم العالمي منذ أول لحظة تسلمه للمنصب ، ولقد شغل الوسط الرياضي لمدة ثلاثة اشهر ثم تراجع عن المعركة التي أشعلها ليخوض واحدة أشرس منها مع الحركة الشعبية ، ثم جاء كمال عبيد بحديث الحقنة ليقضي على كل آصالة أو موروثات إنسانية عرفها السودانيين ، ولم نستفق من هول المصيبة حتى يخرج علينا وزير المالية علي محمود ويذكرنا بالإستعداد لعام الرمادة وضرورة شد البطون والأحزمة والعودة " للدوكة " و " الطايوق " لتوفير ثمن الخبز ، أي أن كل امة منهم تلعن بعضها البعض ولن ينعقد في نواصيهم الخير ، والمصير السيء الذي ينتظر أهل السودان ليس هو إنفصال الجنوب أو سقوط غرب السودان أو ضياع الشرق ، المصيبة التي تحزن النفس وتفطر القلب هي أن السودان يحكمه أنصاف متعلمون وحمقى وبلهاء سوف يوردونه في " قليب " الهلاك ، ولا يسع السودان الصمود أكثر من هذا ، وصرنا ننتظر مصيرنا من تصريحات رجال أمريكا مثل جون كيري أو وعود غريشن أو تلميحات أوباما . أو من نسائها من أمثال هيلاري كلنتون و سوزان رايس .
سارة عيسي
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]