قصة بروفيسور بالخداع … بقلم: د. تيسير محي الدين عثمان

 


 

 


قبل أعوام كتب الدكتور والكاتب المميز زهير السراج وفي عموده الرائع جداً (مناظير) عدد من المقالات متعلقة بموضوع لقب البروفيسور وكان أولها بعنوان ( بروفيسيرات آخر زمن) والذي تطرق فيه إلي أن في الجامعات والأوساط الأكاديمية بل والأوساط الإدارية في السودان تفشت ظاهرة وجود عدد من البروفيسورات وتسآل عن من أعطي أولئك ذلك اللقب الأكاديمي والذي لا يمنح إلا بإجراءات علمية معينة وبعد إستيفاء شروط معينة و بعدها يستحق الشخص أو الأشخاص هذا اللقب الأكاديمي الرفيع والذي يوجد في أعلي سلم الألقاب الأكاديمية....

 وتسآل الدكتور زهير عن من أعطاهم هذه الألقاب أم أنهم برفسوا أنفسهم هكذا بدون إجراءات وشروط ولجان أكاديمية وكتب أن الغريب في هذا الأمر أن بعض هؤلاء لم يلتحقوا في يوم من الأيام بأية جهة أكاديمية أو بحثية وظلوا يعملون طول عمرهم في أماكن ليس لها أدني صلة بهذا اللقب الأكاديمي وفجأة ظهروا في المنتديات والمجتمعات وأجهزة الإعلام ويتصدر أسماءهم هذا اللقب الرفيع والذي أصبح جواز مرور لكثير من المناصب والصالونات وأشار إلي أن كثير من الجامعات تعاقدت مع بعض هؤلاء علي أنهم بروفيسورات ولم تطلب منهم ما يثبت ذلك وبذلك صاروا بروفيسورات رغم أنف اللجان والشروط والإجراءات الأكاديمية....
 ونوه الدكتور زهير في أن هذا يحدث في الوقت الذي يناضل فيه علماء حقيقيون وأكاديميون قضوا كل عمرهم في الأوساط الأكاديمية أو البحثية لنيل هذا اللقب الرفيع ولم يتمكنوا من ذلك لأن الجهات التي يعملون بها تلتزم إلتزاماً صارماً بالمقاييس العالمية لمنح هذا اللقب ! بينما هناك جهات منح هذا اللقب عندها أسهل كثيراً من شرب الماء! وكتب الكاتب أنه يعرف الكثيرين يعملون بجامعة الخرطوم يئسوا من الحصول علي اللقب برغم المجهودات التي بذلوها ويعرف الكثيرين منحتهم جامعات أخري هذا اللقب وبرغم أنهم لم يفعلوا شيئاً يذكر!! وكتب مستنكراً بقوله ما ذنب أساتذة جامعة الخرطوم الذين لو تركوها والتحقوا بجامعات أخري لأصبحوا بروفيسورات تكعيب.. وخلص في نهاية مقاله بقوله ولكن هذا كوم والاخوة الذين برفسوا أنفسهم كوم آخر!! من ينصف أولئك ويفضح هؤلاء...إنتهي ما كتبه دكتور زهير....
ما كتبه الدكتور زهير بشأن هذا الموضوع لا يعرف كواليسه وخباياه إلا من عمل في بيئة أكاديمية أو بحثية وأعني بيئة التعليم العالي أو العلوم والتقانة والدكتور السراج عمل في فترة أستاذاً جامعياً بالجامعات السودانية وهو رجل يعرف هذه البيئة جيداً بالإضافة لكونه كاتباً صحفياً مميزاً وكنت أتمني أن يتحفنا بالمزيد في هذا الأمر ولأهميته وحيويته ولكنني أجد نفسي أتطرق لهذا الأمر وأفتح بابه من جديد ومن وحي قصة قد تكون واقعاً أو قد تكون خيال لمواطنين وأساتذة جامعيين ومجتمع مدينة يتم تداولها في أحدي المؤسسات التابعة للتعليم العالي وبمدن ولاية من الولايات القريبة للعاصمة والتي فيها مؤسسة تعليمية عليا زاخرة بالمشاكل والغرائب والتي تشيب الرأس حين سماعها..
 وتقول الرواية وحكايات المدينة أن بهذه المؤسسة بروفيسور مريب في كل شئ في نيله لهذا اللقب وفي سيطرته علي معظم أمور هذه المؤسسة المرتبطة بالتعليم العالي فهو العميد لأحد الكليات والمستشار لهذه المؤسسة ولعدد من وزارات وهيئات حكومية وشعبية وفنية ورياضية بالولاية ويستقل هذا اللقب ووظيفته بهذه المؤسسة الأكاديمية للترويج لبضاعته بالولاية ويقال أنه له إسمان مختلفان وحتي في الإسم الأول وأسم والده وذلك في أوراقه الرسمية فعند قدومه لهذه المؤسسة حضر بأسم معين وبعد مضي عدة سنوات فجأة قام بتغيير إسمه لأخر وذلك بعد أن نال درجة الدكتوراة ويعمل بهذا الأسم الأن وبطريقة ما صار بروفيسور فلان وبأسمه الجديد!!!
 والغريب أن هذا الشخص عمل عميداُ ومسئولاً لعدد من الكليات بهذه المؤسسة وهو قد نال تخصص معين ومن جامعة معروفة وبأسمه الأول قبل التغيير وهو في سيرته الذاتية الأن يكتب أنه متخصص في تخصصان مغايران لما درسه وهذا ينطبق علي درجتي الماجستير والدكتوراة وكذلك قام بتغيير تواريخ نيله للتخصص في الدراسات العليا وفي البكالوريوس أو( الليسانس) وكل ذلك مكتوب و وارد في دليل تلك المؤسسة الرسمي والصادر قبل سنوات وكذلك قام بالمشاركة ونيل العضوية في بعض الهيئات المحلية والإقليمية وذلك من خلال تزويره لواقعه الوظيفي حيث يمثل في هذه الجهات بوظيفته في الكلية السابقة وهو الأن ليس مسئول عنها ويورد لهذه الجهات أنه العميد المسئول الحالي وبذلك ينال عضويتها زيفاً وكذباً ويعلن ذلك الأمر في وثائق و صحف رسمية وبعيداً عن علم المسئول أو العميد الأصلي والذي كان يمكن أن يكون هو من يمثل هذه المؤسسة وبأسم كليته وأيضاً وبدون علم إدارة المؤسسة !!!
يقال أن هذا الرجل له قدرات في الغش والخداع فهو يصطاد أي مدير لهذه المؤسسة من خلال إختراقه له عبر رؤساء مجالس تلك المؤسسة فهو يتبع سياسة خداع وتملق رئيس المجلس ويبادر بزيارته في منزله أو مكتبه وإيهامه بأنه مستشار المؤسسة وأنه رقم في هذه المؤسسة ومنذ زمن وأنه رقم في الحزب الحاكم وبالتالي يفرض نفسه علي كل مدير جديد للمؤسسة ويحافظ علي بقائه كمستشار وعميد وبالرغم من أنه عند قدومه لهذه المؤسسة كان يتبع لحزب  حاكم سابق وليست لديه وظيفة سابقة في السودان بل وكان عاطلاً عن العمل بعد أن رجع من رحلة إغتراب فاشلة ويقال أنه أبعد من دولة الإغتراب بسبب مشكلة ما !!! والأن وبدهائه زج بنفسه و أخترق الحزب الحاكم وصار يحدث الناس في بيئة مؤسسته والولاية الزاخرة بالتقلبات بأنه من المؤسسين للحزب الرئيسي والحاكم وبالتالي هو مستمر ولفترة طويلة في العمل الإداري في مؤسسته الأساسية ومن القابضين على زمام الأمور فيها وهو كذلك مستشار لبعض وزارات وهيئات الولاية وهكذا هو موجود رغم أنف الغش والخداع والتزوير وسوء السلوك ورغم أنف الوطنيين والصادقين والعلماء الحقيقيون .
هذا البروفيسور والمستشار يشاع بأنه وراء الفساد الذي حدث بمراكز لمنح الدبلومات كانت تتبع لهذه المؤسسة ومعه آخريين ومنهم من هو معروف في مجتمعات مهنية معينة وإعلامية وكانت تتواجد هذه المراكز في ولاية الخرطوم و ولايات مجاورة وبعض من دول الجوار والتي تم إغلاقها وتجفيفها الأن وبقرار وزاري وكما يحكي عن أن هذا المستشار يجمع الأموال ويتحصل عليها في مؤسسته بطريقة غريبة وتعود لريعه ومصلحته الخاصة ومنفعته و صار ممن يمتلكون عمارة ومسكن ضخم بأحد الأحياء الراقية بمدينة من مدن ولاية الخرطوم وكان قبل قدومه لهذه المؤسسة يسكن في بيت أسرته ويقال أنه كان يرقي نفسه في هذه المؤسسة بتزكيات وتوصيات يحضرها من أساتذة في جامعات موجودة بالعاصمة ويفرضها علي مديري المؤسسة السابقين والذين كان بعضهم أساتذة بالجامعة مصدر التزكية والتوصية وبالتالي وبسرعة البرق صار بروفيسور فلان والمستشار علان ...
يتحدث بعض أهل الولاية وبعض من يعمل بهذه المؤسسة بأنهم ذهبوا لجهات عليا و وزارة ووزير علي المستوي الإتحادي يدير شئون هذه المؤسسة ومثيلاتها وأخبروه بقصة مأساة هذه المؤسسة التعليمية والفساد الذي فيها وبقصة هذا البروفيسور والمستشار المزور والمزيف وأفعاله وبحكم أن هذه الأشياء يمكن أن تسئ للدولة والوزارة والبلد ولكنهم لم يجدوا أي إستجابة وصاروا يقولون غريب أمر هذه الوزارة وهذه المؤسسة وعجيب ما يحدث فيها وعجيب أمر غياب السلطات وغضها الطرف عن هذه المؤسسة وعن ما يحدث فيها من فظائع ,,, سمعت كل ذلك وعجبت وقلت في نفسي قد تكون هذه قصة من خيال أو أن هذا الرجل سوبرمان وإلا فأين ردة الفعل الرسمية ؟؟؟؟ وفي وزارة تعنى بالعلماء وتأهيل أبناء السودان مهنياً وعلمياً !!!!
وعدت بالذاكرة ولسنين طويلة ولما كتبه الزميل الدكتور زهير السراج عن أمثال هؤلاء البروفيسورات المزيفين والذي قال عنهم زهير في مقال آخر بأنهم أصبحوا أكثر من لعيبة الكورة وأن الموضوع أصبح يحتاج لحسم حقيقي ونادي بتطبيق مواصفات ومقاييس موحدة كأساس لمنح هذه الألقاب وعلي رأسها الأستاذية أو درجة البروفيسور وختم زهير مقاله بقوله أنه لا يعقل أن يقضي شخص كل عمره في الأبحاث والتدريس ثم ينتهي به المطاف بلقب أستاذ مشارك لأنه يعمل بجامعة تلتزم بالتقاليد العالمية في منح الألقاب وشخص آخر يحصل علي لقب بروفيسور في أول حياته الأكاديمية لأن الجامعة التي يعمل بها كريمة جداً في منح الألقاب لدرجة أن البروفيسورات فيها أكثر من مساعدي التدريس...إنتهي ما ذهب اليه زهير!!!
وأضيف أن أمثال البروفيسور سالف الذكر والذي يشكل رواية وحكاية في تلك الولاية علي يديه تخرج بعض من حملة درجات عليا من تلك المؤسسة وتحت إشرافه , فيا تري إذا أثبتت الأيام صدق ما يشاع عنه وعن كذبه وتزويره وغشه وتم كشفه ألا يستدعي ذلك محاسبته ومحاكمته ونزع ذلك اللقب الرفيع عنه!! بل وفصله من العمل وما مصير شهادات من منحت لهم تحت إشراف هذا البروفيسور المخادع و هل يقدح ذلك في مؤهلهم وشهاداتهم بل وفي المؤسسة نفسها ؟؟؟
 وهل ستتجرأ الجهات المسئولة عن كشف وفضح أمثال هؤلاء والتحقق من ذلك الأمر وحتي لا توصم مسيرة التعليم العالي بالفشل والترهل و بمثل هذه الأفعال وهؤلاء البروفيسورات العجائب من طينة هذا العجيب المستشار!!!! ومن يتحمل الذنب وهذا الخداع والغش إن وجد حقيقةً وفعلاً!!!
 ولكن أتمني وآمل أن تكون مجرد حكاية ورواية وكلام ونسة في تلك الولاية فلا يليق بشعب بلادي أن يصدم في بروفيسور أو دكتور أو خفير أوعامل أو مدير جامعة أو أستاذ وخاصة في السلوك أو الأفعال ؟؟؟؟؟
tayseer marawe [tmarawe@gmail.com]

 

آراء