مخاطر رئيسية جديرة بالمتابعة في السودان

 


 

 


الخرطوم (رويترز) - تفصل أيام السودان عن الموعد المقرر لبدء استفتاء على استقلال جنوبه المنتج للنفط وهو ما قد يؤدي لتقسيم البلاد الى دولتين واذا أدير الاستفتاء بشكل سيء فقد يزعزع ذلك استقرار المنطقة بالكامل.

وتتراوح النتائج المحتملة لاستفتاء منتظر على الانفصال من السيناريو الاسوأ وهو عودة الحرب بين الشمال والجنوب الى فترة من التحول الاجتماعي والاقتصادي على جانبي الحدود في أفضل الاحوال مما قد يسبب حالة من التشكك بين المستثمرين.

ومع بلوغ الثقة بين الجانبين أدنى مستوى مع تصعيد التصريحات من كليهما أصبح التقدم بطيئا فيما يتعلق بحل نزاعات رئيسية مثل وضع منطقة أبيي المنتجة للنفط والجنسية وتقاسم النفط وكلها مسائل ربما تسبب صراعات.

وتشمل أصول السودان وهو اكبر دولة افريقية ملايين الافدنة من الاراضي الخصبة التي قد تصبح سلة غذاء لمنطقة الشرق الاوسط المجدبة وذهبا ونفطا ومياه نهر النيل.

وفيما يلي العوامل التي تجدر متابعتها:

* العنف:

عزز حزب المؤتمر الوطني الذي يهيمن على الشمال والحركة الشعبية لتحرير السودان المهيمنة على الجنوب قبضتهيما القوية بالفعل كل في منطقته من خلال تحقيق انتصارات ساحقة في انتخابات ابريل نيسان.

وتصاعد القتال بين الحكومة والمتمردين في منطقة دارفور بغرب السودان وامتد الى منطقة كردفان المجاورة بل كان له تأثير على الجنوب. وأعلنت الخرطوم الجماعة المتمردة الوحيدة في دارفور التي وقعت معها اتفاق سلام هدفا عسكريا وبدأت محاربتها الى جانب جماعات أخرى.

كما أعلن الرئيس عمر حسن البشير عدم فاعلية محادثات السلام في قطر قائلا ان الحكومة لن تتفاوض في 2011 الا مع من هم داخل دارفور ذاتها محذرا من أن أي جهة تحمل أسلحة سيجري التعامل معها بحسم.

ومع احتداد الاشتباكات في غرب دارفور فان المناوشات امتدت جنوبا أيضا. وقصف جيش الشمال الجنوب أكثر من مرة أثناء تعقب متمردي دارفور الذين يقول الجيش ان الحركة الشعبية لتحرير السودان منحتهم اللجوء داخل الجنوب.

وسبب هذا تصعيدا في التوترات العسكرية ويخشى كثيرون اندلاع اشتباكات محلية مما ربما يستدرج الجيشين الاكبر الى الصراع.

وتتوجس الحركة الشعبية لتحرير السودان من أي محاولة لافساد عملية الاستفتاء لذلك فقد أعلنت أنها لن ترد عسكريا على أي استفزاز. لكن أي استمرار للاستفزازات الموجهة للجنوب لن ترسخ العلاقات الودية بين بلدين جديدين سيكون اقتصاد وشعب كل منهما يعتمد على الاخر لا محالة.

ما تجدر متابعته:

- المزيد من الصراع. تتصاعد التوترات بين الجيشين. كما أن اقتراب القتال في دارفور من الجنوب ربما يؤدي لافساد عملية الاستفتاء. ويسعى منظمو الاستفتاء جاهدين لاجرائه في موعده ولا يمكنهم مواجهة عقبات اضافية. ويرفض الجنوب التنازل عن الموعد النهائي المحدد في التاسع من يناير كانون الثاني وأي ارجاء قد يكون سببا اخر للصراع.

- مخاوف اقتصادية. خاض البنك المركزي السوداني مقامرة خطيرة ليقرب بين سعر الجنيه السوداني في السوق السوداء وسعره في البنوك وشركات الصرافة على أمل اجتذاب العملة الاجنبية الى البنوك وابعادها عن السوق الموازية. وحتى الان لم تنجح هذه السياسة بصورة كبيرة رغم عمليات الاحتجاز المنتشرة لتجار السوق السوداء. وأدخل البنك المزيد من القيود على مبالغ العملات الاجنبية المتاحة للمسافرين كما أن التضخم في سلع أساسية مثل السكر استشرى بالفعل. ويأمل البنك المركزي أن يعدل ما اتخذه من اجراء بخفض العملة مؤقتا خلال أشهر معدودة واعادة الجنيه مرة أخرى الى مستواه المفضل. ويقول محللون انه اذا أخفق البنك المركزي في ذلك فربما يواجه الجنيه السوداني خفضا في قيمته ربما يصل الى 20 في المئة على المدى القصير مع اهتزاز ثقة المستثمرين على المدى الطويل. وربما يؤدي المزيد من التضخم في أسعار السكر أو الخبز الى اضطرابات في الجنوب.

*لاتفاقات بين الشمال والجنوب:

فقدت مفاوضات تجري بين زعماء الشمال والجنوب بشأن التركيبة الاقتصادية والسياسية لدولتهم او دولتيهم بعد الاستفتاء على الانفصال الزخم لكن واشنطن الى جانب مبعوث الاتحاد الافريقي ثابو مبيكي يأملان في احيائها خاصة فيما يتعلق بأبيي التي اتضح أن لها أهمية كبيرة في أي اتفاق.

وتقول الحركة الشعبية لتحرير السودان انها مستعدة لعرض مجموعة من الحوافز المالية للشمال وحقوق الجنسية للبدو الذين يتجولون في أبيي لعدة شهور كل سنة لرعي الماشية مقابل تسوية من شأنها ضم أبيي الى الجنوب.

ومن القضايا الاخرى التي تغطيها المحادثات وضع الحدود المشتركة بينهما الذي لم يحسم بعد وكيفية اقتسام أصول السودان والتي تشمل عائدات النفط ومياه النيل والديون الدولية المستحقة التي يقول صندوق النقد الدولي انها تبلغ الان 38 مليار دولار.

ما تجدر متابعته:

- استمرار الاجتماعات. كانت اكثر اللحظات اثارة للخوف على مدى الاعوام الخمسة الماضية حين توقفت المحادثات بين الطرفين. وسيعطي استمرار برنامج ثابت لهذه الاجتماعات "بعد الاستفتاء" للمستثمرين بعض الثقة في ظل التصريحات العلنية العنيفة التي لا مفر منها.

- النصيب من عائدات النفط. سيكون على الطرفين الوصول الى نوع من الاتفاق اذا كانا يريدان مواصلة الاستفادة من النفط الخام الذي يمثل الان 45 في المئة من عائدات الحكومة في الشمال وما يصل الى 98 في المئة في الجنوب. وتقع معظم الاحتياطيات المعروفة في الجنوب لكن الوسيلة الوحيدة لتوصيلها الى الاسواق هي من خلال مصافي الشمال وخطوط أنابيبه ومينائه.

- الحدود. لم يتفق الطرفان بعد على وضع 20 في المئة من حدودهما المشتركة رغم سنوات من الجدل وتقارير الخبراء. ومن بين النقاط الساخنة المحتملة حقول النفط في هجليج التي يطالب بها الجانبان وقد تبادل جيشا الشمال والجنوب الاتهامات بالفعل بحشد القوات.

- الجنسية. قد تحدث اضطرابات واسعة النطاق وموجات نزوح هائلة اذا نفذ وزراء حزب المؤتمر الوطني تهديداتهم التي وجهوها في الاونة الاخيرة باسقاط الجنسية عن الاف الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال اذا أيد الاستفتاء الاستقلال. ولم يتضح بعد وضع هؤلاء قبل أيام فقط من الاستفتاء. وحث مراقبون دوليون على ابراز مسألة الجنسية باعتبارها أولوية.

* المحكمة الجنائية الدولية:

أصدرت المحكمة ومقرها لاهاي أمري اعتقال للرئيس السوداني عمر حسن البشير ليواجه اتهامات بتدبير ابادة جماعية وارتكاب جرائم حرب في دارفور.

وأصبح البشير اكثر جرأة في رحلاته الخارجية وزار كينيا وتشاد اللتين كان يجب أن تلقيا القبض عليه لانهما من الدول الموقعة على ميثاق المحكمة.

غير أنه بعد ذلك بدأ البشير يواجه مواقف محرجة بسبب ليبيا وجمهورية افريقيا الوسطى وهما من الحلفاء بعد أن طلب منه البلدان أن يلغي زيارتين مزمعتين في ظل ضغوط من أنصار المحكمة الجنائية الدولية. ومنذ ذلك الحين قلص من زياراته الدولية مؤثرا بذلك التنقل داخل السودان.

ومن شأن استمرار سياسة الخرطوم المتمثلة في تحدي قرارات المحكمة الجنائية الدولية دفع السودان لمزيد من العزلة وربما تحدث مواجهة حتى بين الخرطوم وأقرب حلفائها.

ما تجدر متابعته:

- الاعتقال. اي خطوة ضد الرئيس في الفترة السابقة للاستفتاء - وهو احتمال غير مرجح - ستجر البلاد وعملية السلام بالكامل الى مياه لا قرار لها وخطيرة للغاية.

- على المدى الطويل. سيكون من الصعب على شمال السودان اعادة بناء الجسور مع الغرب بينما لا يزال البشير في الحكم. ووعدت واشنطن بمساعدة الخرطوم في اسقاط الديون وخفض العقوبات التجارية اذا أجرى السودان استفتاء سلميا وحقق الاستقرار لدارفور.

ولم يتضح بعد ما اذا كان الرئيس الامريكي باراك أوباما لديه الارادة او القدرة على اقناع الكونجرس الامريكي ودائني السودان بمساعدته في تحقيق هذه الوعود بينما يجلس على رأس السودان رجل مطلوب القبض عليه.

* جنوب السودان بعد الاستفتاء:

في عام 2005 كان جنوب السودان أحد أقل مناطق العالم نموا. ومنذ ذلك الحين تسعى الحركة الشعبية لتحرير السودان جاهدة لاختيار من يصلحون لادارة الحكومة واغراء ابناء الشتات الجنوبيين في الخارج بالعودة الى الوطن وبالتالي كانت التنمية بطيئة. وعادت أزمة انسانية للظهور.

ما تجدر متابعته:

- أعراض الدولة الفاشلة. يعتقد كثيرون أن الاستقلال الكامل للجنوب الذي لم يعد له عدو شمالي قد يغرقه في فوضى بسبب الخصومات العرقية والاغارات المتبادلة على المرعى والماشية. وفي حين أن مؤتمر المصالحة الجنوبية الذي عقد في جوبا وحد صفوف حتى أشد منتقدي الحركة الشعبية لتحرير السودان كما أن زعماء ميليشيات المتمردين قبلوا قرارات العفو فان بعض المحللين يقولون ان هذا التقارب ربما لا يدوم طويلا اذا أعلن الجنوب الاستقلال.

- كما يتعين على الجنوب أي يبدأ من الصفر لبناء بلد جديد بميزانية محدودة. وربما تكون مساعدات الجهات المانحة غير سانحة في ظل الازمة المالية العالمية واذا لم تتمكن حكومة الجنوب من السيطرة على الفساد المستشري
 

 

آراء