البشير في جوبا: خطاب متزن و مسئول … ولكن في الوقت الضائع!! .. تقرير: صباح موسى

 


 

صباح موسى
5 January, 2011

 


الخرطوم" أفريقيا اليوم" صباح موسى
 sabahmousa@hotmail.com
قام الرئيس " البشير" أمس بزيارة تاريخية إلى مدينة جوبا عاصمة إقليم جنوب السودان, قبيل أيام من إجراء الاستفتاء علي حق تقرير المصير للجنوبيين , والذي باتت نتيجته شبه مؤكدة  بترجيح الانفصال ، وهذا ما يؤكده الواقع على الأرض هنا في السودان, فالكل أصبح على يقين بحدوث  الانفصال, وهناك محاولات للتصالح مع الفكرة نفسها في الجانبين من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية شريكي الحكم بالبلاد.

استغرقت زيارة الرئيس السوداني لجوبا ساعات معدودة استقبلته خلالها الجماهير الجنوبية التي اصطفت بالآلاف من المطار إلى القصر الجمهوري بجوبا بالترحيب, ولكنها مع هذا الترحيب رفعت لافتات تنادي بالإنفصال, بعدها خاطب البشير مجموعة صغيرة في قاعة صغيرة ضمت  قادة الحركة الشعبية وحكومة الجنوب ومنظمات المجتمع المدني, وكان متوقعا أن يلقي خطابا جماهيريا بجوار ضريح قرنق, الأمر الذي فسره المراقبون بأن الحركة الشعبية تخوفت من أن يخاطب عواطف الجنوبيين تجاه الوحده, وتذكيرهم بقرنق, فقصرت الأمر    على مخاطبة الرئيس لعدد محدود.

البشير رغم ذلك ألقى خطابا متزنا مسئولا فسره المراقبون بأن الرئيس ظهر هادئا مسئولا في هذه المرحلة التاريخية من تاريخ السودان, حيث أكد على دعمه للوحدة, ولكنه سيحترم رأي الشعب الجنوبي إذا إختار الإنفصال, وأنه سوف يساعد الجنوبيين في بناء دولتهم الجديدة, كما أكد على حل المشاكل العالقة بإستثناء أبيي والحدود والتي سوف تؤجل للمرحلة الإنتقالية التي نصت عليها إتفاقية السلام في الفترة من 9 يناير الجاري حتى 9 يوليو المقبل.

أما أبرز ما جاء في حديث " سلفاكير ميارديت" فهو تعهده بأن يطرد الحركات الدارفورية من جوبا, وهذا الأمر تطلبه الخرطوم من الحركة الشعبية وتؤكد عليه. ويرى بعض المراقبين أن المؤتمر الوطني يضع هذا المطلب شرطا أساسيا لمرور مشاكل عالقة مع الجنوب بسلام, فيما يذهب فريق آخر من المراقبين ليؤكد أن حديث " سلفاكير" حول هذا الأمر ماهو إلا خطاب إعلامي  يراعي أهمية المرحلة, ولكنه سوف يستمر في دعم حركات دارفور سرا.

المؤتمر الوطني من جانبه أكد أن زيارة البشير لجوبا كانت ناجحة وأنها حققت الغرض المطلوب منها وقال " د. ربيع عبد العاطي" القيادي بالمؤتمر الوطني لـ " أفريقيا اليوم" أن رسالة الرئيس كانت ناجحة, وأن رسالة البشير وصلت للجماهير, مضيفا أن الخطاب كان مباشرا وله مضمون, وأنه نقل رسالة هادئة ومطمئنة لشعب الجنوب, مشيرا إلي  أن الجماهير استقبلت هذه الرسالة بترحاب, لافتا إلى وجود جماهير كانت تؤيد الوحدة في استقبال البشير, وأن القاعة التي كانت تستمع للخطاب من الطبيعي أن تكون إنفصالية لأنهم من قيادات الحركة الشعبية التي تنادي بالإنفصال وتؤيده.

المعارضة الشمالية قللت في تصريحات  لـ " أفريقيا اليوم" www.africaalyom.com
 من أهمية الزيارة واصفة إياها بأنها "   تحصيل حاصل" ،    ووصف" بشير آدم رحمة" أمين العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبي السوداني الزيارة بالوداع الأخير للجنوب الذي أصبح بين قاب قوسين من الإنفصال. وقال " رحمه" لـ " أفريقيا اليوم" أن الزيارة تأتي في الوقت الضائع, وخطاب البشير  الوحدوي ليس له أي قيمة الآن, مضيفا أن البشير كان قد وعد بعد الإنتخابات بأنه سوف يعيش بجوبا ولم يفعل ذلك, وكان أمامه خمس سنوات ماضية لم يعمل  خلالها على تحقيق هذه الوحدة, فلماذا يتحدث عنها الآن قبل أيام من الإنفصال, مؤكدا أن البشير يريد أن يزيح اللوم عن نفسه, داعيا إلى تعايش سلمي بعد إنفصال تأكدت معالمه, وقال لابد من تواصل على المصالح بين الجانبيين خاصة في الشريط الحدودي بينهما والذي يعيشه حوالي 8 مليون نسمه, معلقا على حديث سلفاكير بطرد حركات دارفور من جوبا قائلا أن جوبا ليست مكانا للنضال, وإذا كانت  الحركات موجودة فعليها بالرحيل, مؤكدا أن سلفاكير لديه مناطق ضعف ممكن أن تستغلها الخرطوم بدعم معارضة الحركة الشعبية, رافضا أي نضال من الخارج, وقال من يريد أن يناضل فليناضل في بلده.

ورأي  " الهندي عز الدين" رئيس تحرير جريدة الأهرام اليوم السودانية  أن  الفائدة الوحيدة من زيارة البشير أنها كانت رسالة إعلامية للعالم الخارجي أكثر من شعب الجنوب, وأن هذه الرسالة مفيدة لشخص البشير وحده , وقال لـ " أفريقيا اليوم" أنه كان من الممكن أن يكون هناك فائدة أخرى بطرد الحركات الدارفورية من الجنوب, ولكن هذا الأمر غير مضمون مع شخصية سلفاكير الحافلة بعدم المصداقية, مرجحا أن يكون حديث سلفاكير حول هذا الأمر مجرد حديث إعلامي, لافتا  إلي أن الحركة الشعبية قد منعت البشير من إلقاء خطاب جماهيري   لأسباب  ليست أمنية, وإنما لكي لا يحدث تعاطف يحدث شرخا في الحائط الذي بنته الحركة لصالح الانفصال, مشيرا إلي  أن حديث الرئيس كان سياسيا ودبلوماسيا, يستهدف  تطمين الجنوبيين بعدم حدوث مشاكل حول الأمور العالقة مستقبلا, موضحا أن أهم شئ في هذه الأمور العالقة هي أبيي والحدود وسوف تؤجل إلى الفترة الإنتقالية بعد الإستفتاء.
 

 

آراء