لم يكن يدر بخلد مؤسسي موقع التواصل الإجتماعي (الفيسبوك/Facebook) أن هذا الموقع سيشكل لاحقا سلاحا ناجعا لقلب الطاولة على رؤوس الطغاة في العالم العربي؛ من تونس التي هرب رئيسها من الجماهير الغاضبة في جنح الظلام مرورا بثورة الشباب المصري الذي وضع حدا للدولة البوليسية ما بين مصدق ومكذب، إلى الخوف الذي خيم على حكومتنا السنية (الغير مدغمسة) بعد أن رأت بأم عينيها نوم او تناوم نواطير (جمع ناطور اى الحارس) مصر عن شباب الفيسبوك في ميدان التحرير؛ ليس إيمانا منها بالديمقراطية لكن الثورة المباغتة شلت قدرة الفرعون على التحكم في الوضع، ولم تسعفه الجمال والخيول والحمير على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. وبحسب (قوقل) تعود المبادرة في تأسيس (الفيسبوك) إلى مارك زوكربيرج بالاشتراك مع كل من داستين موسكوفيتز وكريس هيوز الذين تخصصا في دراسة علوم الكمبيتور، وكانا رفيقي زوكربيرج في سكن الجامعة عندما كان طالباً في جامعة هارفارد. كانت عضوية الموقع مقتصرة في بداية الأمر على طلبة جامعة هارفارد، ولكنها امتدت بعد ذلك لتشمل الكليات الأخرى في مدينة بوسطن وجامعة آيفي ليج وجامعة ستانفورد. ثم اتسعت دائرة الموقع لتشمل أي طالب جامعي، ثم طلبة المدارس الثانوية، وأخيراً أي شخص يبلغ من العمر 13 عاماً فأكثر. يضم الموقع حالياً أكثر من 350 مليون مستخدم على مستوى العالم. في ظل هذا الخوف الذي أستبد بالطغاة من ثوار استغلوا الشبكة العنكبوتية لدك حصون الجبابرة، وجّه رئيسنا المفدى، عمر البشير لدي مخاطبته الجماهير في أم روابة بولاية شمال كردفان: "وجه بالاهتمام بإدخال الكهرباء للريف لتمكين الطلاب والشباب من استخدام الكمبيوتر والاستفادة من خدمات الإنترنت للرد على المعارضين من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية (الفيسبوك)". (أجراس الحرية) الموافق 9 فبراير 2011م. ولمن يشك في أمر طاغيتنا أن يقرأ هذه المناصحة التي جاءت لرأس النظام من أحد أعوانه الإسلامويين من أصحاب الضمائر الحية- الذين قلّ وجودهم هذه الأيام- وهو مدير جامعة الخرطوم المُقال، بروفيسور مصطفي إدريس البشير الذي قال محتجا على قرار رئيس الجمهورية بنزع داخليات (البركس) من جامعة الخرطوم: "أخي الرئيس : لقد حدثنا بعض مشايخنا في فترة سابقة بأنهم عندما أرادوا أن يختاروا رئيساً لمجلس قيادة الثورة؛ وقع اختيارهم على العميد عمر حسن أحمد البشير من بين عدة خيارات كانت مطروحة للنقاش. وقالوا إن ما رجح كفته لقيادة مجلس الثورة أنه قوي الشخصية عند الشدائد، ولكنه ليّن الجانب وبسيط في الأحوال العادية، ويشارك العوام من أهل السودان أفراحهم وأتراحهم ويتكلم معهم باللغة التي يفهمونها؛ ولا يتنكر لماضيه ونشأته القروية المتواضعة ويقبل النصح ويلتزم برأي الجماعة.... فهل صحيح أنك الآن بعد أكثر من عشرين سنة في السلطة يصعب نصحك أو التصريح برأي مخالف أمامك، وهل صحيح أنه يستحيل أن تغير رأياً أو قراراً بعد اتخاذه إذا لم تتم التهيئة لذلك عدة شهور. علمنا يقيناً أن المستشارة القانونية التي طلب منها صياغة القرار (قرار نزع داخليات البركس من جامعة الخرطوم) أشارت إليك بضرورة أخذ رأي الطرف الآخر صاحب الحق قبل صدوره، ولكن ضرب برأيها عرض الحائط وكذلك توسل إليك بعض الرموز في الدولة للرجوع عن القرار بنزع أرض الجامعة فرفضت". نقلا عن مقاله المنشور بموقع (سودانيز ون لاين). والمشير البشير إذ يعلن للملأ أن 90% من الشعب السوداني (مؤتمر وطني) فهذا أمر يجب أن نشكره عليه لاسيما أن كل الأنظمة الديكتاتورية تعلن عن فوزها في الإنتخابات بنسبة 99.9%، فالرجل كان شفافا للغاية بإعترافه بأن 10% من شعبه لا ينتمون لحزبه؛ أوليس هذا إقرار يُشكر عليه يا مناضلي الفيسبوك؟! ما لم يدركه المشير البشير وبقية الأنظمة العربية الديكتاتورية الأخرى أن ثورتي تونس ومصر لم تقم بهما أحزاب وتنظيمات سياسية بعينها بل تراجع دور الأحزاب السياسية في كل المنطقة العربية؛ وأصبح الشباب العاطلون عن العمل والمسحوقون ((Downtrodden هم طليعة ووقود هذه الثورات؛ وإحتلت الأحزاب مؤخرة المقصورة في قطار الثورات. إذا، الإدعاء بأن اى حزب حاكم سوى في السودان أو مصر يمثل إرادة الشعب لا يقدم ولا يؤخر، لأن الجماهير التي تساق مثل الأنعام للقاء القائد الملهم في الميادين والساحات العامة ستكون نفسها ضمن ثورة الشباب. على قادة المؤتمر الوطني أن يقودوا التغيير المنشود بدفع فاتورته ومطلوباته؛ وإن لم يستجيبوا لرغبة شعبهم في تغيير السياسات والشخوص اليوم فلن يجدوا في الغد مصيرا أفضل لهم من مصير بن علي ومبارك.. وما فيش ديكتاتور أحسن من ديكتاتور!.