الحركة الإسلامية السودانية، بعد الفساد، الإنشغال عن الدين بالدنايا !! … بقلم: حلمي فارس
أحسن ، أخيراً ، الأخ إسحق أحمد فضل الله و( ضرب في المليان ) هذه المرة ، لكنه برغم ذلك أخطأ هدفه ! وكأني به تعيس الحظ ذلك الذي أقسم أنه من شدة سوء حظه لو أراد أن (يشوت الأرض ، برضو حيجليها ) !!
ويتحدث الأخ أسحق ( جزاه الله خيرا ) بقلب وجل وقلق عظيم في مقال بعنوان ( ديوان الزكاة ) بإنتباهة الثلاثاء 15/02/2011 م ، عن إنتشار التنصير بغرب السودان خاصة مدينة كادوقلي وما حولها ، ويركز حديثه حول غياب ( ديوان الزكاة ) عن لعب دور في مقاومة التنصير أو نشر الدعوة هناك ؟!! لقد أحسن القول وطرق موضوع هام وخطير أليس كذلك ؟ لكنه ( قلشها ) ورمى بالكرة على غير مرماها !! وطعن في ظل الفيل تاركاً الفيل الذي يقف أمام عينه وبين يديه ، بل والذي يُعد اسحق نفسه جزء منه ! فقد أخطا الأخ اسحق أصابة الهدف بتوجيه حديثه الهام والخطير جداً عن التنصير للحيطة القصيرة ( ديوان الزكاة ) عوضاً عن توجيهيه مباشرة لكامل دولة الحركة الإسلامية السودانية صاحبة وراعية وحامية المشروع الحضاري ( الإسلامي ) في أعلى مستوياتها و بكامل مؤسساتها .
أوليست هي الدولة التي تقول أنها جاءت وقامت وما زالت تتشبث بكراسيها لخدمة ( الإسلام ) ورسالته أولاً وأخيراً ؟، الدولة التي رفعت شعارات ( شريعة أو نموت ، الإسلام قبل القوت ) و ( في سبيل الله قمنا ) و ( هي لله ) !! الدولة التي ظلت تبني كل فعاليات حشدها الجماهيري لأغراضها السياسية على أنها ما قامت إلا لنصرة الدين الحق وإقامة مجتمع الإسلام ونشر دعوته ليس فقط في السودان!! بل على كل كامل الأرض وكل الكون !! فإذا بها يعجزها حماية مسلميها من التنصر في أطراف البلاد وفي قلب قلب الخرطوم !!
بل لعل الذي يجب أن يُخاطب بما قال الأخ أسحق هي الحركة الإسلامية السودانية ( رد الله غربتها التي طالت ، وأيقظها الله من ثباتها الذي تطاول ، وأخرجها من ثوب المؤتمر الوطني الضيق ، النتن والمهتري) التي من المفترض أنها تسيطر الآن على الدولة بكامل مؤسساتها ! الحركة الإسلامية التي حين كانت دعوة خالصة قبل أن تتحول لدولة بائسة وباطشة ، كانت تترامى إلى أسماعنا ونحن بعد شباب يفع أنها تبعث الآلاف من الدعاة إلى أصقاع أفريقيا النائية لنشر الإسلام ، وكانت تؤهل كوادرها وتبتعثهم لإدارة العمل الدعوي الإسلامي في بلدان أوربا وأمريكا معاقل المسيحية التي نشتكي من تنصيرها لمسلمي بلادنا اليوم !! اليوم ، والحركة الإسلامية السودانية دولة بكاملها سلطاتها ، يضرب التنصير في ذات الإسلام وليس في فروعه ، في أطراف وقلب السودان ، ويهدد هوية وجوهر دولتها !
وفي حين يتصايح الحادبون ينبهون لخطر التنصير والتشيع كما يفعل الأخ أسحق ، فإن مؤسسات دولة الحركة الإسلامية المعنية بالدعوة والإرشاد والتوجية ، والتي يتولى قيادتها كوادر الحركة، مشغولة بتقاسم ( كعكات ) مواسم الحج والعمرة ، وهيئات وكيانات ومؤسسات العلماء التابعة للدولة ويقودها شيوخ الحركة الإسلامية ، مشغولة بصراعات التقرب للسلطان بفتاوي الفروع من الدين ، ودعاة الأمس صاروا تجار وفُساد ومفسدي اليوم وشغلتهم أموالهم وتجارتهم عن الدعوة وهمومها ، ووسائط ووسائل الإعلام والتربية والتوعية التي يقوم عليها مفكري الحركة الإسلامية يشغلها الغناء والرقص وحفلات تغييب الوعي والتخدير ليتناسى الناس أن ثلث وطنهم قد ( قضمه الكلب ) أو ( ألتقمه الحوت ) بلا مُسبح !!
أليست الحركة الإسلامية السودانية ودولتها هي المسئولة عن كل مسلم يتنصر في السودان ( القديم أو الجديد ) ، خاصة في دولة جنوب السودان الجديدة ، وهي التي كانت قد جيشت الشباب بمئات الآلاف للجهاد في جنوب السودان ( سابقاً ) بهدف نشر الإسلام به فإذا بها ، وبفشل ذريع لا تطرف له عينها ، ودون حياء أو إستغفار لله على فعلتها ، تسلمه لقمة سائغة و كاملاً لمؤسسات الكنائس العالمية ودعاة السودان الجديد الخالي من أي طعم أو لون أو رائحة للإسلام ، تاركة مصير الإسلام والمسلمين فيه لأهواء الحركة الشعبية وجيشها ؟؟ .
أليست الحركة الإسلامية وأمينها العام نائب رئيس الدولة هي المسئولة أمام الله قبل عباده عن كل كردفاني أو دارفوراوي يتنصر على يد منظمات الإغاثة التابعة مباشرة أو سراً لمؤسسات الكنائس العالمية ، وهي التي أعجزها حل مشكلة غرب السودان فتركت مواطنيه في معكسرات النزوح ثم فتحت أبوابه لهذه المنظمات في ظل غياب تام أو حضور خجول لمؤسسات الدولة المعنية بالأغاثة و الدعوة والإرشاد؟
أليست هي المسئولية عن كل مسغبة يعانيها مواطن في أي بقعة من أطراف وسط السودان ، تلك المسغبة التي يتخذها المنصرون مدخل أساسي لقلوب وعقول المسلمين من رعايا دولة الحركة الإسلامية ؟ أليست حكومتها هي التي تصرف مليارات الجنيهات شهرياً على الحركات والأحزاب الهلامية الكرتونية التي تجمل بها صورة حكومتها وترضي بها رغبات بعض المنظمات الدولية ، في تبخل بها على مواطني تلك المناطق ؟ وتبخل بها على منظمات وأفراد ينطلقون لمقاومة التنصير بيدين كفؤاد أم موسى ؟ فإن كان صحيحاً أنها دولة رسالية كما يدعون ، وإن كانت بحق ( لله ) لما سمعنا عويل أمثال إسحق على (الإسلام) ذاته ،
الأخ أسحق أحسن بإثارة الموضوع الهام والخطير ، وأخطأ بقصد أو بسوء تقدير في تحديد الجهة التي يجب أن يعنيها هذا الأمر ، لذا نحيل ما كتب بموضوعه المشار إليه ، مع ما نسطره هنا لأمين عام الحركة الإسلامية السودانية الأستاذ على عثمان ، ونعلق المسئولية كاملة برقبته فهو الراعي في دولة تديرها حركته ، فإن كان يخشى الله كما نسمع ، لما رعى ( نهضة زراعية ) و ( حملات زواج ) و (دورات إتحادات طلابية ) و ( مؤتمرات موارد بشرية ) وغيرها من الدنايا من شئون الدنيا ، في حين يترك ( الإسلام ) ودعوته بلا ( راعي ) ويترك التنصير بعد الإفساد والمخدرات تستشري في جسد الوطن ومواطنيه كما السرطان .
ثم نحيل الأمر بعد الله الشاهد على ذلك ، وبعد إحالته لـ ( شيخ ) الحركة الإسلامية ( النائمة ) ، للـ (الرأس الكبير ) الذي يجاهر ويفاخر بأنهم لنصرة الأسلام جاءوا ، وأنهم لرفعة الإسلام عاملون ، وكفى ، فهو رمز سيادتنا رغم أنفنا
نحيل أليهم ونخاطبهما في أمر خشي الأخ أسحق من مخاطبتهما به ، ولن ننتظر منهما معاً سوى الإستغفار من الإنشغال عن الدين بالدنايا ، و لن يرضى الله عنهما ولن ننرضى بغير العمل الفاعل المؤثر لتلافي تغافل الماضي بإنتباهة حاضرة تنظر لأمر الدين وجوهره الذي يتهدده التنصير قبل وبعد الفساد والإفساد،
قد يغفر الناس للرجلين حيث أعجزهما أمر الدنيا وشئونها فإنتشر في البلاد تحت حكمهما ، بعهدهما وفي دولتهما الفقر والعوز والفساد كما لم ينتشر من قبل ، لكن الله ، قبل الناس وبعد ، لن يغفر لهما تنصر مسلم واحد وهم عنه غافلون .
ألا هل بلغنا ؟ اللهم فأشهد
Hilmi Faris [hilmi.faris@hotmail.com]