هل هذا مما يخفى على الشيخ الغنوشي؟ … بقلم: د. محمد وقيع الله

 


 

 


للأستاذ الإمام راشد الغنوشي ارتباط روحي  وفكري وحركي عميق بالسودان.
وليس لهذا الشخص النبيل أدنى حظ من الأنفة المعهودة لدى بعض الإسلاميين الذين يظنون أن مما يحط من أقدارهم العلية أن يعترفوا ببعض نواحي تفوق الحركة الإسلامية السودانية وأن يقبسوا من تجاربها التطبيقية ما يفيد.
ولدارس الفلسفة العميق هذا من عمق التفكير وسعة الأفق وروح التصوف والتجرد ما يدفعه لاتخاذ هذا الموقف النفسي والفكري الإيجابي من الحركة الإسلامية السودانية ويعصمه من المزايدة عليها كما يفعل بعض المفكريين الإسلاميين التقدميين أو الذين يحلو لهم أن يقولوا عن أنفسهم إنهم تقدميون.
وقد كان المأمول أن يكون للشيخ الغنوشي رأيا واضحا فيما جلبته الأهواء وحظوظ النفس ودناياها من انقسامات وسط الحركيين السودانيين.
ولكن من خلال فعاليات زيارته الأخيرة للسودان اتضح أن الإمام الغنوشي ما يزال حسن الظن بالدكتور حسن الترابي وما يني يدافع عنه.
وقد بدا ذلك واضحا في حرصه على زيارة دار حزب المؤتمر الشعبي ودار الترابي بالمنشية فضلا عن زيارة آخرين من أعوان زعيم المؤتمر الشعبي.
كما بدا ذلك جليا في استطلاعاته وتساؤلاته عما إن كان للجماعة التي تدعى بالعدل والمساواة صلات عضوية بما يسمى بالمؤتمر الشعبي أم لا؟
وفي ذلك ذكرت في صحف الخرطوم الصادرة أمس أن الشيخ الغنوشي :" استفسر عن أزمة دارفور وعلاقة المؤتمر الشعبي بحركة العدل والمساواة، وذلك خلال لقائه نائب الأمين العام عبدالله حسن أحمد وإبراهيم السنوسي بالمركز العام للحزب وبيت الترابي في ضاحية المنشية، ويس عمر الأمام بمنزله بأمدرمان - الثورة يوم الخميس الماضي ".
وقد استغربنا كثيرا لإبراز السيد الغنوشي لهذه التساؤلات التي تبدو بريئة عن علاقة متمردي دار فور من أتباع خليل إبراهيم بالشعبيين الترابيين.
ومبعث استغرابنا هو أن الشواهد قد تتابت وتلاقت واطردت وعضد بعضها بعضا تعضيدا ودلت دلالات قطعية لايعتريها شك على وجود علاقات قوية بين متمردي العدل والمساواة والمؤتمر الشعبي هي من قبيل علاقات الفرع بالأصل.
وقد أكدت هذه الشواهد المتضافرة بدلائل لا تنقض على أن عصابات ما يسمى بالعدل والمساواة ليست سوى الذراع العسكري لما يسمى بالمؤتمر الشعبي.
وقد غدا هذا أمرا بدهيا معلوما من السياسة السودانية بالضرورة.
وما عاد يشك فيه مواطن سوداني عادي فما بالك بهذا المفكر والقيادي الإسلامي الطليعي الخبير العريق الذي هو سيد العارفين بشؤون الحركات الإسلامية الحديثة وشجونها.
وهو الذي كان في دهره الماضي من قطان لندن التي فيها كل شيئ يبين.
فهنالك أكثر من أي مكان آخر في الدنيا تتلاقى شراذم المتمردين العدليين مع شراذم المتآمرين الشعبيين.
وتخطط لتشويه صورة السودان في المحافل الدولية كما تخطط لشن الحروب في إقليم دار فور.
ورغم يقيننا أن خطايا حسن الترابي هي من الجسامة والوضوح بحيث لا تخفى على أصحاب البصر والبصائر من أمثال الشيخ الغنوشي فإنا نذكره ونذكر أنفسنا - لا عن نسيان- ببعض الخطايا الكبرى التي ارتكبها هذا الشخص في حق الحركة الإسلامية والسودان والإسلام.
1 -  تتمثل أولى خطايا حسن الترابي وأبرزها في تشبثه اللا متناهي بالسلطة وإصراره على البقاء على سدتها بسلطان متفرد يخوله أن يستلطف من يشاء ويستبقيه ويقلي من يشاء ويقصيه.
وهي خطيئة لا تزال تتلبس به حيث ما يزال يصر على البقاء في منصب القيادة بعد أن بلغ من العمر عتيا وأخلف وعوده التي زفها لنا المحبوب بقرب تنحيه وتقاعده عنالعمل القيادي وبقيت وعوده كوعود عرقوب أخاه بيثرب ووعود مبارك وبن علي لشعبيهما بمصر وتونس.
2 -  ابتداره للفتنة التي شقت الحركة الإسلامية بإصراره على التعديلات الدستورية التي ما أراد بها إلا توطين بعض كبار مناصريه في مناصب الدولة الكبرى.
3 - إفشاؤه لأسرار الحركة الإسلامية في مؤتمراته الصحفية وتوزيعه لهذه الأسرار لجميع خصوم الإنقاذ.
4 - استذراؤه بحركة التمرد الجنوبي المدعومة بالأجهزة الكنسية والاستخبارات الغربية ودعوته لزعيم المتمردين لكي يرشح نفسه منافسا للبشير في انتخابات رئاسة الجمهورية وإعلانه لتأييده له إذا ما ترشح ضد البشير.
5 - تقاربه وتحالفه مع الحزب الشيوعي السوداني ومع ما يسمى بتحالف جوبا من الأحزاب المعادية للتوجه الإسلامي من حيث المبدأ والتي ناصبت دولة الإنقاذ العداء من أول الأيام.
6 - تخطيطه وتنفيذه لإنقلاب عسكري عنصري ضد الإنقاذ.
7 - تلاعبه بالعامل العنصري والقبلي في تكوين ما يسمى بحركة العدل والمساواة التي أسهمت في تسعير الحرب ضد البلاد.
8 - تحالفه خارجيا مع كثير من الدول المعادية أو التي كانت معادية للسودان كأرتريا وتشاد ليبيا وفرنسا وغيرها.
9- تأييده السافر لمشروع مجلس الأمن لاتخاذ قضية دار فور والمذابح المزعومة فيها ذريعة للتدخل العسكري في السودان واحتلاله.
10 - تأييده المتأجج لدعاوى مدعي المحكمة الجنائية الدولية الصهيوني أوكامبو وإعلانه لتطوعه لتقديم شهادة زور ضد الرئيس البشير.
11- تأييده لانفصال جنوب السودان وتوجيهه لعضوية حزبه من أبناء الجنوب للتصويت لصالح الانفصال.
فهذه أكثر من عشر خطايا لا تخطئها العين، وهي أكثر من كافية لإدانة حسن الترابي وإسقاط الثقة به.
وإن لم تكف هذه اللائحة لإدانة حسن الترابي فإن هنالك لوائح أخرى من الخطايا لا تقل عنها شأنا يمكن أن نستدعيها بكل يسر.
وهذا كله مما لا يعزب عن بال الشيخ الغنوشي فيما نرى.
ولهذا تبقى حيرتنا بلا تفسير حيال التزام الشيخ الغنوشي جانب الدكتور حسن الترابي في معامع الصراع.

mohamed ahmed [waqialla1234@yahoo.com]

 

آراء