ألا تبالي أيها الوالي؟! حتى لا نرى بو عزيزي السوداني!!

 


 

 


mohamed ahmed [waqialla1234@yahoo.com]

لم أعرف السيد والي الخرطوم، الدكتور عبد الرحمن الخضر، معرفة لصيقة، بل إني - وهذا خطئي وتقصيري في المتابعة - لم أعرفه إلا في  أيام الحملة الانتخابية الماضية التي أقنعتني بأن أنهي مقاطعتي التي طالت لأكثر من عشرة أعوام لجهاز التلفاز، فعدت أقتني تلفازا ودشا حتى أتابع مجريات تلك الحملة وأتعرف على ما يطرح فيها من أفكار.
وأيامذاك سمعت لهذا الوالي عدة خطب بدا لي فيها صاحب رؤية وفكر وبدا وكأنه ينطق عن بينة وينطلق على هدى من رؤية واضحة وفهم مستدق.
ولست الآن بمعرض إسداء الثناء على السيد الوالي بل إني لا أريد إلا أن أوسعه نقدا وأوجعه تثريبا.
فقد عادت سلطاته الدنيا لتعدو على صغار صغار رجالات الأعمال إذا صحت لنا النسبة وجاز لنا التشبيه.
وأعني بهؤلاء الجمِّ الغفير من المجاهدين الشرفاء العاملين في سبيل كسب لقمة العيش النظيفة عن طريق التجارات المصغرة في المفارش والبقالات.
وقد نجم عن عدوان أدوات الوالي الدنيا آثار اقتصادية سيئة تمثلت في تعطيل وتدمير تجارات هؤلاء التجار الصغار بعد أن أرهقوا بإتاوات وجبايات تضاعفت خلال سنة واحدة قرابة ثلاثة أضعاف!
فقد صدر بمطلع هذا العام مرسوم ظالم من سلطات محلية الخرطوم يقضي بزياة مهولة في رسوم العوائد التجارية والخِدمات والكروت الصحية ورسوم الكشف الطبي وغير ذلك من البنود المتداخلة.
ولا أدل على ذلك من فرض الضرائب على بندين منفصلين أحرى بهما أن يكونا بندا واحدا.
وإلا فانظر إلى هذا المثال الضريبي المزدوج الذي طال كلا مما سمى بالكروت الصحية والكشف الطبي!
وهذا النموذج الضريبي الازدواجي ربما اهتدى المشرعون الذين اجترحوه بالمشرعين (العباقرة!) في وزارة الداخلية وبمطار الخرطوم الذين  فرضوا على الناس رسمين ضريبيين مختلفين باسمين متشابهين.
حيث فرضوا علي المواطنين السودانيين إذا ما أزمعوا السفر إلى خارج البلاد رسما باسم تأشيرة الخروج وآخر باسم رسم المغادرة.
ولما يتنبه أحد في حمى الجشع الخابط إلى اشتباه الصفتين بل وتطابقهما!
وبتكلف هؤلاء المشرعين الجشعين وافتعالهم واختلاقهم للحيثيات الموجبة للضرائب والضرب على هذا النحو شديد التبريح، فقد أثقلوا كواهل صغار رجالات الأعمال وبرَّحوها بضروب شتى من الضرائب فاقت الثمانمائة جنيه بعد أن كانت في العام الماضي ثلاثمائة وخمسين جنيها.
ولم يأخذ المشرعون التواقون إلى أخذ ما في أيدي الناس عنوة أحوال هؤلاء التجار الصغار بالاعتبار، ولم ينظروا إلى أنهم  في أكثرهم انبثقوا من طوائف العمال والموظفين السابقين الذين أحيلوا إلى التقاعد.
وأنهم أمسوا يجاهدون وهم في سن الكهولة ليستثمروا مدخراتهم القليلة وينموا مكافآتهم الشحيحة في سبيل إيواء أسرهم وإطعامها والوفاء برسوم ومتطلبات تعليم الأبناء.
ولو نظر المشرعون الجشعون بغير العين النهمة التواقة للنهب (المصلَّح!) إلى أحوال هذه الشريحة الضعيفة من العباد لوجدوا أحوالهم تغني عن سؤالهم.
ولو اتصفت سلطات محلية الخرطوم بشيئ من العفة والحكمة والمسؤولية لقللت عدد هذه الضرائب أو ألغتها جميعا.
ولقامت بإعانة هؤلاء المجاهدين الشرفاء في سبيل الرزق بتقديم الخِدمات لهم من حيث تنظيم الأسواق وتنظيفها ليباشروا تجاراتهم البسيطة في بيئات أصح.
وهذا ما يحدث في الجارة القريبة مصر حيث لا تتبارى البلديات ولا تتجارى في فرض الرسوم على الباعة في الشوارع كما تتباري محلياتنا وتتجارى في ملاحقة هؤلاء الباعة وابتزازهم.
ومع ذلك اندلعت نيران الثورة الكبرى التي اكتسحت الكبار والكبراء والمتكبرين بمصر.
وكان المظلومون من الباعة الصغار من أمثال هؤلاء هم الوقود الذي به زاد السعير.
وهذا ما لا نريد ان نراه ببلادنا بالتأكيد.
ففيها من مهددات الأمن الخطرة ما يكفيها.
وجلها مهددات من هذه الصفة الناشئة عن الجور والعدوان على أقدار الضعفاء الذي قدر عليهم في الرزق.
فاتقوا الله - يا معاشر حكامنا وفي طليعتكم هذا الوالي- واتقوا غضب هؤلاء الكاظمين الغيظ  فقد ينفجر فيكم هذا الغيظ الكظيم ذات يوم أليم.
ومعظم النيران انطلقت من شرر يسير.
وإن النار بالعودين تُذكى.
وإني أرى خلل الرماد أعوادا كثرا.
وما دفعني إلى تسطير هذا التحذير إلا ما قرأته من نذير خطير رفعه إلى جنابكم وإلى أعتابكم الشريفة أحد الشكاة نيابة عن تجار القطاعي المتظلمين من جرائر زبانية الجباية المتجبرين.
وهو المواطن الكريم الغيور حسن محمد طه، نائب رئيس اللجنة الشعبية لمربعي  34/35 بضاحية الصحافة وسط.
وقد بلغنا نذيره في هذي الأقاصي من أصداء الزاوية القلمية التي يسجل فيها آراءه النقدية صديقنا الأستاذ علي يسن.
وقد ارتأينا أن نردف هذا النذير ونعضده بشيئ من القول اليسير.
ولكن إلَّا يسمع هذا الوالي ما قلنا له من قول لين، وإلَّا يذَّكر أو يخشى، فإن الواجب  يقتضينا أن نبذل له لاحقا – حيث لا نخشاه ولا نخشى أحدا من الخلق سواه – شيئا من القول الفظ العسير.
 

 

آراء