الحركة الإسلامية السودانية: بئر معطلةٌٌ وقصرمشيد
نادر السيوفى
1 June, 2011
1 June, 2011
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: نادر السيوفى.. المملكة المتحدة ..مانشستر
فى زيارته الأخيرة للسودان بعيد إنتصار الثورة الشعبية فى تونس بادر الشيخ راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة التونسية بإغداق الثناء على الحركة الإسلامية السودانية معدداً مآثرها وذاكراً شيخها الحبيس آنذاك دكتور الترابى بالخيرواصفاً له بأستاذه ومعدداً أياديه البيضاء عليهم .. فى وقع الأمر فقد صدق الشيخ راشد العنوشى فقد كانت الحركة الإسلامية السودانية إلى وقت قريب كالشامة وسط الحركات الإسلامية فى عالمنا العربى والإسلامى , بل كانت كواسطة العقد ودره النفيس ...
فى واقع الأمر إمتازت الحركة الإسلامية السودانية طوال تاريخها بالحيوية والحركة والجرأة فى الطرح والتناول والإستنارة فى الرؤية حيث كانت من أولى الحركات الإسلامية التى عمدت إلى تجديد الدين فى واقع المسلمين فحررت المرأة على هدى الدين الحقيقى وأحدثت بذلك حراكاً واسعاً فى المجتمع الذى كاد شقه أن يكون معطلاً وكسيحاً و ذ لك لخلط مجتمعاتنا بين "تعاليم الدين الحقة وتقاليد المجتمع " ...أحدثت الحركة الإسلامية السودانية حراكاً واسعاً فى الحياة الثقافية والإجتماعية بالسودان حيث أبرزت نما ذ جاً ناجحة فى العمل الدعوى والخيرى والإغاثى كمنظمة الدعوة الإسلامية والوكالة الإسلامبة للإغاثة والجمعية الطبية الإسلامية ..
أحرزت الحركة الإسلامية أيضاً نجاحات كبيرة وسط القطاعات الحديثة كالطلاب والخريجين لعقود عديدة وذلك بتقديمها لقيادات قوية أمينة ومبدعة وخلاقة ولذلك فقد كانت الصورة الذهنية عن قيادات الإتجاه الإسلامى بالجامعات والمعاهد العليا آنذ اك من أفضل مايكون حيث كانوا بحق أصلب العناصر لأصلب المواقف كما إرتبطت سيرتهم آنذاك بالإستقامة والأمانة .... لم تقصر الحركة الإسلامية فى إنشاء مؤسساتها الإقتصادية البديلة فجاءت البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية لتشكل بديلاً مقبولاً عن المؤسسات الإقتصادية التقليدية والربوية بالرغم مما شاب أداء البنوك لإسلامية بالسودان من عيوب وتقصير عن الوصول للمثال الإقتصادى الإسلامى المطلوب.
قبل ذلك إمتازت الحركة الإسلامية بتنظيم قوى محكم تسوده الشورى وروح المحبة والإخاء ويتم فيه إختيار القيادات للمواقع المختلفه داخل التنظيم بناء على معايير القوة والأمانة ثم تتم متابعتهم من القواعد بالنصيحة والمحاسبة لتى لاتوفر قيادياً أو زعيم مهما علا شأنه وسمت مكانته , ولازلت أ ذ كر أننا فى لجنة الإنتخابات العليا للإتجاه الإسلامى للطلاب السودانيين بمصر فى حقبة الثمانينيات المنصرمة قد قضينا فى إحدى الإنتخابات الطلابية أكثر من 18 ساعة فى إجتماع مستمر من الجرح والتعديل لنستقر على إسم مرشحنا لرئاسة الإتحاد العام للطلاب السودانيين فى مصر على الرغم من أن كل الأسماء المطروحة كانت على درجة عالية من الكفاءة والإلتزام والقوة والأمانة ولكنها الرغبة فى تقديم الأفضل والأمثل لقيادة لطلاب , و لذ لك فإن الحركة الإسلامية كانت تظفر وتنال ثقة الطلاب بدون ان تلجأ إلى التزوير والتزييف لإرادة الطلاب كما يحدث الآن .. بل كانت تنال الثقة من الطلاب تقديراً لبرامجها وإعجاباً برموزها ومرشحيها والذ ين كانوا بحق أهلاً للمسوؤلية والأمانة ...
إمتازت الحركة الإسلامية أيضاً بقوة الأواصر والعلاقات والمحبة لصادقة بين عضويتها حيث كنا نعرف معظم الناشطين فيها داخل وخارج السودان حيث كانت تجمعنا المؤتمرات والمعسكرات الصيفية والأنشطة المختلفة من رحلات وجوالة ومعارض وليالى قمرية وندوات ومحاضرات فضلاً عن آصرة المسجد ... لكل ذلك وغيره فقد بلغت الحركة الإسلامية السودانية شاؤاً ومبلغاً كبيراً فى التخطيط والتنظيم والتنفيذ والدقة فى تحديد الأهداف والوصول إليها ....
ولكن يبرز هنا تساؤل محير فاين ذهب كل هذ ا الألق والنجاحات بل كيف إنقلبت الأمور رأساً على عقب فأصبحت الصورة الذ هنية الحالية عن الحركة الإسلامية السودانية وقياداتها مرتبطة فى أذهان الكثير من الناس بالتكاثر فى الأموال والعقارات والنساء والشره فى الحفاظ على الوظائف العليا والإستغلال المشبن لآلة الدولة وعدم الإهتمام والإكتراث بسواد الناس وعامتهم بل والفساد ... ولماذا إرتبط ذكر بعض قياداتها بالتجاوزات فى حق الآخرين إعتقالاً وترويعاً وفصلاً وتشريداً ثم لما ذا إرتبط إسمها مؤخراً بالتزوير والتزييف لإرادة المواطنين كما يعتقد على نطاق واسع داخلياً وخارجياً .....
الصورة الحالية إ ذاً لاتسر ولاتبدو زاهية من أى زاوية نظرت إليها أما إ ذا حاولنا أن نجرى بعض المقارنات لحال الحركة الإسلامية السودانية مع الحركات الإسلامية الشبيهه فى عالمنا العربى والإسلامى فإن المقارنة تعد بحق مؤلمة وجارحة وصادمة حيث تنبهنا للحال والمآل الذى آلت إليه لحركة الإسلامية السودانية ....فمن تركيا إلى المغرب مروراً بمصر والأردن وتونس واليمن وليبيا وغيرهم من الدول تحرز الحركات الإسلامية نجاحات لافتة مما جعلها أرقاماً صعبة لايمكن للقوى الدولية أو ألإقليمية أن تتجاوزها ...
ففى تركيا أصبح حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان – غل كالأيقونة المباركة بالنسبة لتركيا والعالم العربى والإسلامى حيث إستطاع خلال سنوات قليلة أن ينقل تركيا من حالة الهزال والضعف الإقتصادى والسياسى إلى دولة مزدهرة إقتصادياً ومتصالحة سياسياً مع ذاتها ومحيطها الإقليمى والإسلامى حيث دخلت نادى أقوى 20إقتصاد فى العالم فى المرتبة السادسة عشر وتسعى للوثوب إلى مرتبة عاشر أقوى إقتصاد فى العالم فى السنوات الخمس القليلة القادمة ....تحولت تركيا فى عهد العدالة والتنمية من خانة العداء التاريخى مع سوريا إلى مرحلة فتح الحدود وإلغاء التأشيرات بين البلدين كما إنتقلت من خانة التوجس والريبة وعدم الإلتفات للعالم العربى إلى مرحلة فتح الحدود وإلغاء التأشيرات مع العديد من الدول العربية كالأردن وقطر بالإضافة إلى توفير إمدادات الكهرباء للعديد من البلدان العربية والأهم من ذلك وقوفها بثبات وقوة وجرأة مع الحق الفلسطينى ولعل السفينة مرمرة بشهدائها الأتراك التسع لتعد بحق خير شاهد ودليل ...
أما فى مصر فقد نالت جماعة الخوان المسلمين حصاد صبرها وصمودها الأسطورى على العسف والتنكيل والتضييق الذى مورس ضدها بصورة منهحية طيلة العقود الخمسة الأخيرة , إنتصبت الجماعة قوية ونالت حصاد عملها الدوؤب وسط الجماهير والفقراء والمساكين من خلال مساجدها ومراكزها الطبية ومدارسها والنقابات والإتحادات الطلابية والمهنية التى تترأسها , أخيراً نالت المحظورة -كما إعتاد إعلام الحزب الوطنى أن يسميها هزؤا منه وسخرية- الإعتراف الرسمى والشعبى بل أصبحت بمثابة الحصان الأسود فى الإستحقاقات الإنتخابية القادمة مما دعاها إلى إعلان تفضبلها لفقه المشاركة وليس المغالبة حيث أعلنت فى خطوة ذكية على لسان أمينها السياسى دكتور عصام العريان بنزول مرشحيها فى نصف المقاعد فقط لمحلس الشعب مع عدم تقديم الجماعة مرشحاً لإنتخابات رئاسة الجمهورية , أنظر يارعاك الله فى الفرق فى السياسة والكياسة بين من يفعلون ذلك وهم قادرون على إكتساح الإنتخابات بدون عناء يذكر وبين من يهندسون الإنتخابات عندنا فى السودان لتعزل كافة القوى السياسية وينامون بعد ذلك قريرى العين هانيها ظانين بأنهم قد أحسنوا صنعا فما أبعد البون وما أوسع المسافة ....
لايقف الأمر فى النجاحات الباهرة للحركات الإسلامية عند تركيا ومصر بل تمتد التجارب الباهرة إلى المغرب العربى والمشرق العربى ففى كل مكان قصة نجاح , من حزب العدالة والتنمية بالمغرب بقيادة عبدالإله كيران والدكتور سعدالدين العثمانى والذى يوصف فى المغرب بأنه الحزب السياسي الأكثر حداثة في المغرب ويعد الأوفر حظاً فى نيل ثقة الناخبين متى توفرت البنية للإستحقاق الديمقراطى الإنتخابى الحقيقى ومن اليمن حزب التجمع اليمنى للإصلاح الذى يعد من أبرز رموز المعارضة التى تزلزل أركان النظام اليمنى الآسن هذه الأيام ...
ويظل السؤال المؤلم لما ذا تراجعنا فى الحركة الإسلامية السودانية كل هذا التراجع المؤلم والمخيف ولما ذا تذيلنا الصفوف بعد أن كنا فى المقدمة والصدارة ؟؟؟ ولما ذا فشلنا فى تجسيد الأفكار والمبادئ العظيمة التى طالما دعونا إليها وحلمنا بها واوقفنا عليها حياتنا ؟؟؟
ربما تكمن الإجاية فى إجراء مبضع النقد الذاتى المؤلم على كامل تجربتنا فى العقدين السابقين وتحديد المسوؤلين عن الأخطاء الجسام فى حق الدين والوطن والمواطن ولكن من الجلى والواضح أن من أبرز الدروس والعبر من تجربتنا بعد إنقلاب الإنقا ذ أن إلغاء الآخر ونفيه وتغييبه عن الفعل إنما هو الإيذان بالبوار والفشل الذريع وذهاب الريح فسنة الله فى الأرض هى التدافع والتنافس والتباين فى الرؤى والأفكار كما أن من أعظم الدروس المستفادة أن إقامة المؤسسات هو الأهم وأن الفصل بين السلطات هو حجر الأساس وأن الأفراد لاتؤمن فتنتهم أبداً ولو صاموا وقاموا وحجوا وجاهدوا ..
نادر السيوفى
nadir elsufi [elsufinader@hotmail.com]
بقلم: نادر السيوفى.. المملكة المتحدة ..مانشستر
فى زيارته الأخيرة للسودان بعيد إنتصار الثورة الشعبية فى تونس بادر الشيخ راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة التونسية بإغداق الثناء على الحركة الإسلامية السودانية معدداً مآثرها وذاكراً شيخها الحبيس آنذاك دكتور الترابى بالخيرواصفاً له بأستاذه ومعدداً أياديه البيضاء عليهم .. فى وقع الأمر فقد صدق الشيخ راشد العنوشى فقد كانت الحركة الإسلامية السودانية إلى وقت قريب كالشامة وسط الحركات الإسلامية فى عالمنا العربى والإسلامى , بل كانت كواسطة العقد ودره النفيس ...
فى واقع الأمر إمتازت الحركة الإسلامية السودانية طوال تاريخها بالحيوية والحركة والجرأة فى الطرح والتناول والإستنارة فى الرؤية حيث كانت من أولى الحركات الإسلامية التى عمدت إلى تجديد الدين فى واقع المسلمين فحررت المرأة على هدى الدين الحقيقى وأحدثت بذلك حراكاً واسعاً فى المجتمع الذى كاد شقه أن يكون معطلاً وكسيحاً و ذ لك لخلط مجتمعاتنا بين "تعاليم الدين الحقة وتقاليد المجتمع " ...أحدثت الحركة الإسلامية السودانية حراكاً واسعاً فى الحياة الثقافية والإجتماعية بالسودان حيث أبرزت نما ذ جاً ناجحة فى العمل الدعوى والخيرى والإغاثى كمنظمة الدعوة الإسلامية والوكالة الإسلامبة للإغاثة والجمعية الطبية الإسلامية ..
أحرزت الحركة الإسلامية أيضاً نجاحات كبيرة وسط القطاعات الحديثة كالطلاب والخريجين لعقود عديدة وذلك بتقديمها لقيادات قوية أمينة ومبدعة وخلاقة ولذلك فقد كانت الصورة الذهنية عن قيادات الإتجاه الإسلامى بالجامعات والمعاهد العليا آنذ اك من أفضل مايكون حيث كانوا بحق أصلب العناصر لأصلب المواقف كما إرتبطت سيرتهم آنذاك بالإستقامة والأمانة .... لم تقصر الحركة الإسلامية فى إنشاء مؤسساتها الإقتصادية البديلة فجاءت البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية لتشكل بديلاً مقبولاً عن المؤسسات الإقتصادية التقليدية والربوية بالرغم مما شاب أداء البنوك لإسلامية بالسودان من عيوب وتقصير عن الوصول للمثال الإقتصادى الإسلامى المطلوب.
قبل ذلك إمتازت الحركة الإسلامية بتنظيم قوى محكم تسوده الشورى وروح المحبة والإخاء ويتم فيه إختيار القيادات للمواقع المختلفه داخل التنظيم بناء على معايير القوة والأمانة ثم تتم متابعتهم من القواعد بالنصيحة والمحاسبة لتى لاتوفر قيادياً أو زعيم مهما علا شأنه وسمت مكانته , ولازلت أ ذ كر أننا فى لجنة الإنتخابات العليا للإتجاه الإسلامى للطلاب السودانيين بمصر فى حقبة الثمانينيات المنصرمة قد قضينا فى إحدى الإنتخابات الطلابية أكثر من 18 ساعة فى إجتماع مستمر من الجرح والتعديل لنستقر على إسم مرشحنا لرئاسة الإتحاد العام للطلاب السودانيين فى مصر على الرغم من أن كل الأسماء المطروحة كانت على درجة عالية من الكفاءة والإلتزام والقوة والأمانة ولكنها الرغبة فى تقديم الأفضل والأمثل لقيادة لطلاب , و لذ لك فإن الحركة الإسلامية كانت تظفر وتنال ثقة الطلاب بدون ان تلجأ إلى التزوير والتزييف لإرادة الطلاب كما يحدث الآن .. بل كانت تنال الثقة من الطلاب تقديراً لبرامجها وإعجاباً برموزها ومرشحيها والذ ين كانوا بحق أهلاً للمسوؤلية والأمانة ...
إمتازت الحركة الإسلامية أيضاً بقوة الأواصر والعلاقات والمحبة لصادقة بين عضويتها حيث كنا نعرف معظم الناشطين فيها داخل وخارج السودان حيث كانت تجمعنا المؤتمرات والمعسكرات الصيفية والأنشطة المختلفة من رحلات وجوالة ومعارض وليالى قمرية وندوات ومحاضرات فضلاً عن آصرة المسجد ... لكل ذلك وغيره فقد بلغت الحركة الإسلامية السودانية شاؤاً ومبلغاً كبيراً فى التخطيط والتنظيم والتنفيذ والدقة فى تحديد الأهداف والوصول إليها ....
ولكن يبرز هنا تساؤل محير فاين ذهب كل هذ ا الألق والنجاحات بل كيف إنقلبت الأمور رأساً على عقب فأصبحت الصورة الذ هنية الحالية عن الحركة الإسلامية السودانية وقياداتها مرتبطة فى أذهان الكثير من الناس بالتكاثر فى الأموال والعقارات والنساء والشره فى الحفاظ على الوظائف العليا والإستغلال المشبن لآلة الدولة وعدم الإهتمام والإكتراث بسواد الناس وعامتهم بل والفساد ... ولماذا إرتبط ذكر بعض قياداتها بالتجاوزات فى حق الآخرين إعتقالاً وترويعاً وفصلاً وتشريداً ثم لما ذا إرتبط إسمها مؤخراً بالتزوير والتزييف لإرادة المواطنين كما يعتقد على نطاق واسع داخلياً وخارجياً .....
الصورة الحالية إ ذاً لاتسر ولاتبدو زاهية من أى زاوية نظرت إليها أما إ ذا حاولنا أن نجرى بعض المقارنات لحال الحركة الإسلامية السودانية مع الحركات الإسلامية الشبيهه فى عالمنا العربى والإسلامى فإن المقارنة تعد بحق مؤلمة وجارحة وصادمة حيث تنبهنا للحال والمآل الذى آلت إليه لحركة الإسلامية السودانية ....فمن تركيا إلى المغرب مروراً بمصر والأردن وتونس واليمن وليبيا وغيرهم من الدول تحرز الحركات الإسلامية نجاحات لافتة مما جعلها أرقاماً صعبة لايمكن للقوى الدولية أو ألإقليمية أن تتجاوزها ...
ففى تركيا أصبح حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان – غل كالأيقونة المباركة بالنسبة لتركيا والعالم العربى والإسلامى حيث إستطاع خلال سنوات قليلة أن ينقل تركيا من حالة الهزال والضعف الإقتصادى والسياسى إلى دولة مزدهرة إقتصادياً ومتصالحة سياسياً مع ذاتها ومحيطها الإقليمى والإسلامى حيث دخلت نادى أقوى 20إقتصاد فى العالم فى المرتبة السادسة عشر وتسعى للوثوب إلى مرتبة عاشر أقوى إقتصاد فى العالم فى السنوات الخمس القليلة القادمة ....تحولت تركيا فى عهد العدالة والتنمية من خانة العداء التاريخى مع سوريا إلى مرحلة فتح الحدود وإلغاء التأشيرات بين البلدين كما إنتقلت من خانة التوجس والريبة وعدم الإلتفات للعالم العربى إلى مرحلة فتح الحدود وإلغاء التأشيرات مع العديد من الدول العربية كالأردن وقطر بالإضافة إلى توفير إمدادات الكهرباء للعديد من البلدان العربية والأهم من ذلك وقوفها بثبات وقوة وجرأة مع الحق الفلسطينى ولعل السفينة مرمرة بشهدائها الأتراك التسع لتعد بحق خير شاهد ودليل ...
أما فى مصر فقد نالت جماعة الخوان المسلمين حصاد صبرها وصمودها الأسطورى على العسف والتنكيل والتضييق الذى مورس ضدها بصورة منهحية طيلة العقود الخمسة الأخيرة , إنتصبت الجماعة قوية ونالت حصاد عملها الدوؤب وسط الجماهير والفقراء والمساكين من خلال مساجدها ومراكزها الطبية ومدارسها والنقابات والإتحادات الطلابية والمهنية التى تترأسها , أخيراً نالت المحظورة -كما إعتاد إعلام الحزب الوطنى أن يسميها هزؤا منه وسخرية- الإعتراف الرسمى والشعبى بل أصبحت بمثابة الحصان الأسود فى الإستحقاقات الإنتخابية القادمة مما دعاها إلى إعلان تفضبلها لفقه المشاركة وليس المغالبة حيث أعلنت فى خطوة ذكية على لسان أمينها السياسى دكتور عصام العريان بنزول مرشحيها فى نصف المقاعد فقط لمحلس الشعب مع عدم تقديم الجماعة مرشحاً لإنتخابات رئاسة الجمهورية , أنظر يارعاك الله فى الفرق فى السياسة والكياسة بين من يفعلون ذلك وهم قادرون على إكتساح الإنتخابات بدون عناء يذكر وبين من يهندسون الإنتخابات عندنا فى السودان لتعزل كافة القوى السياسية وينامون بعد ذلك قريرى العين هانيها ظانين بأنهم قد أحسنوا صنعا فما أبعد البون وما أوسع المسافة ....
لايقف الأمر فى النجاحات الباهرة للحركات الإسلامية عند تركيا ومصر بل تمتد التجارب الباهرة إلى المغرب العربى والمشرق العربى ففى كل مكان قصة نجاح , من حزب العدالة والتنمية بالمغرب بقيادة عبدالإله كيران والدكتور سعدالدين العثمانى والذى يوصف فى المغرب بأنه الحزب السياسي الأكثر حداثة في المغرب ويعد الأوفر حظاً فى نيل ثقة الناخبين متى توفرت البنية للإستحقاق الديمقراطى الإنتخابى الحقيقى ومن اليمن حزب التجمع اليمنى للإصلاح الذى يعد من أبرز رموز المعارضة التى تزلزل أركان النظام اليمنى الآسن هذه الأيام ...
ويظل السؤال المؤلم لما ذا تراجعنا فى الحركة الإسلامية السودانية كل هذا التراجع المؤلم والمخيف ولما ذا تذيلنا الصفوف بعد أن كنا فى المقدمة والصدارة ؟؟؟ ولما ذا فشلنا فى تجسيد الأفكار والمبادئ العظيمة التى طالما دعونا إليها وحلمنا بها واوقفنا عليها حياتنا ؟؟؟
ربما تكمن الإجاية فى إجراء مبضع النقد الذاتى المؤلم على كامل تجربتنا فى العقدين السابقين وتحديد المسوؤلين عن الأخطاء الجسام فى حق الدين والوطن والمواطن ولكن من الجلى والواضح أن من أبرز الدروس والعبر من تجربتنا بعد إنقلاب الإنقا ذ أن إلغاء الآخر ونفيه وتغييبه عن الفعل إنما هو الإيذان بالبوار والفشل الذريع وذهاب الريح فسنة الله فى الأرض هى التدافع والتنافس والتباين فى الرؤى والأفكار كما أن من أعظم الدروس المستفادة أن إقامة المؤسسات هو الأهم وأن الفصل بين السلطات هو حجر الأساس وأن الأفراد لاتؤمن فتنتهم أبداً ولو صاموا وقاموا وحجوا وجاهدوا ..
نادر السيوفى
nadir elsufi [elsufinader@hotmail.com]