الجزر والمراسي السودانية ذلك الكم المهمل من السياحة والسيادة !!

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الثالث والأخير
عمر خليل علي موسي: كاتب في الشئون البحرية والأمنية
osssm5@hotmail.com

تطرقت الدراسة من خلال  الجزءين الأول والثاني لمعظم الجزر والمراسي السودانية من رأس كسار جنوبا علي الحدود الاريترية إلي مرسي عروس شمالا وقد اهتم الجزء الثاني بالسياحة البحرية وتشجيع الاستثمار فيها . التمس المعذرة من الأصدقاء والمهتمين لتأخر الجزء الثالث لظروف أسرية وأشكر متابعتهم وتشجيعهم ، هذا الجزء الثالث والأخير والذي سيغطي بقية الساحل السوداني من مرسي عروس شمالا حتى مثلث حلايب الذي كان تحت سيادة بلادنا حتى 1995 م.
1.    مرسي أريكتاي . مرسي اركياي قريب جدا من قرية عروس ويبعد  مدخل  المرسي عن القرية السياحية نحو  3 م/بحري بينما تبعد محطة المراقبة الساحلية الموجودة يأركياي والتي تتبع للقوات البحرية نحو 5 م / بحري وهي محطة عتيقة موجودة منذ بداية السبعينات ، إلا إن هذه المحطة رغم هذا القرب من مرسي عروس لم تستطع كشف عمليات تهريب اليهود الفلاشا  الشهيرة من أمام هذا المرسي خلال العهد المايوي ويرجع ذلك لقدم أجهزة المحطة واعتمادها علي المراقبة البصرية وعدم توفر الإمكانات الحديثة  لها حالها كحال القوات البحرية ، مرسي اركياي ليس مأهولا بالسكان ولا  وجود بشري به سوي أفراد محطة المراقبة الساحلية إن كانت تعمل حتى الآن .  
2.    مرسي سَلَك . يقع شمال مرسي اركياي داخل منطقة تصعب فيها الملاحة البحرية الساحلية لوجود كثير من المناطق الضحلة والشُعب المرجانية  وأرخبيل من الجزر المرجانية والرملية الصغيرة الممتدة  ومنتشرة في منطقة غير ممسوحة بحريا (unsurveyed area )  لذا تشتهر هذه المنطقة بوفرة الأسماك البحرية  بأنواعها  خاصة اسماك الناجل والقشري لكثرة الشُعب وهي تماثل في ذلك منطقة (الشُبك) جنوب شرق سواكن، كما يعرف عن  المنطقة البحرية حول مرسي سَلَك بأنها منطقة تهريب حيث يصعب للسفن والزوارق البحرية مطاردة وتتبُع سنابك المهربين التي تحتمي  بالمناطق الضحلة التي تمَكِنُها من إنزال حمولتها أو الهروب .
3.    أرخبيل جزر تايلا .  يتكون أرخبيل  تايلا من عدة جزر مرجانية ورملية قريب من ساحل قاحل تقترب فيه سلسلة جبال البحر الأحمر من الساحل  وتعتبر جزيرة تايلا اكبر جزر هذا الأرخبيل القاحل الذي ترتاده الطيور البحرية في هجرتها جنوبا  ويمكن الملاحة البحرية عبر جزر هذا الأرخبيل ،  وتقع تايلا علي بعد 1.5 كلم من الساحل ، وعموما هذا الأرخبيل امتداد طبيعي للمنطقة البحرية حول مرسي سَلَك  . 
4. مرسي إنكفال. يجسد مرسي إنكفال نقطة تلاقي الجبال الشاهقة مع مستوي سطح البحر(صفر) ،  وهو مرسي جميل وعميق وتستوجب الملاحة إليه ليلا الحذر من صخرة أبنجتون  ( Abington rock) في بداية مدخل الممر الملاحي  قرب الساحل المختفية تحت السطح عند حركة المد البحري وتظهر قليلا عندما يكون الجزر في أوجه في الليالي القمرية، يطل مرسي إنكفال  علي بداية الممر الملاحي بين جزيرة مكور / مقرسم والساحل  ويبلغ عرض هذا الممر الملاحي المؤدي الي مدينة محمد قول عند إنكفال  نحو   4 ميل / بحري نحو (7.7كلم) حيث يقترب جبل (إربا) من الساحل ، وهو من أعلي قمم سلسلة جبال البحر الأحمر وتوجد في قمته محطة الاستقبال والإرسال اللاسلكي السودانية المطلة علي مثيلتها بالسعودية في الساحل المقابل قرب مدينة جدة
5. جزيرة مكور / مقرسم .  تعتبر جزيرة مكور أكبر الجزر البحرية بالمياه السودانية تمتد طوليا في محاذاة الساحل القريب  الذي يبعد نحو (8كلم) وهي جزيرة جبلية بها عدد قليل جدا من السكان الذين يعيشون علي صيد الأسماك وبالجزيرة بئر للمياه العذبة وأعداد من الماعز البرية ، يبلغ طول الجزيرة نحو 6.3 م/  بحري (11.5كلم) وعرضها نحو  1.7 م/بحري (3كلم) . يقع إلي الشرق من الجزيرة جبل (ميتيب) علي بعد 3.6 م/بحري وهو مستوطنة لأنواع كثيرة من الأفاعي البحرية والطيور، وتقع إلي الشرق من جزيرة مكور ومن جبل ميتيب مجموعة شُعَب (أنقروش) Angarosh   الشهيرة عالميا للمهتمين يمكنهم الدخول للموقع التالي للمزيد عن شعب أنقروش الرائعة  http://www.angarosh.com/Angarosh/Home.html ، علي بعد 8.8 ميل/بحري من رأس مكور الشمالي هذه الجزر المعروفة بجمال شُعبها المرجانية والتي يأتي لها السُياح من محبي الغطس (scuba diving) من أوربا لمشاهدة هذا الكنز الذي لم يسمع عنه أغلبية الشعب السوداني بكل أسف وعموما تعتبر منطقة جزيرة مكور وما حولها من جزر وشُعب وجميعها امتداد لرأس دونقناب ، تعتبر كنز سياحي مهمل ومجهول  لنا ، بينما يعلم عنه كثير من محبي السياحة البحرية في الغرب الأوربي خاصة أولئك الذين يعشقون الشعب المرجانية ويحبون البحار الدافئة وهو كنز ان استثمر بمعرفة وخبرات لا يدانيه كنز .
6.    محمد قول ورأس دونقناب . محمد قول عبارة عن قرية لم ترتقِ إلي مصاف المدن رغم قدمها وهي كانت لفترة طويلة معزولة عن بور تسودان ولم تتطور حتى بوجود الطريق المسفلت ، بل أن سكانها ومن أرغمتهم الظروف  يعيشون بها شظف العيش ، ولا توجد بها مصادر مياه وكانت تعتمد علي ناقلة مياه القوات البحرية السفينة (بركة)  وتعتمد حاليا علي ناقلات المياه (التانكرز) التي تأتيها من بورتسودان (فاقد الشئ لا يعطيه !)  ، المنطقة جنوب رأس دونقناب غنية جدا بالأسماك التي تتكاثر ولا تجد من يصطادها كشأن بقية الساحل ، وهي نهبا سهلا لعدد كبير من صيادين دولة مجاورة .  توجد بين رأس دونقناب والساحل عدد من مزارع تربية الأسماك الخاصة ، يعتبر رأس دنقناب ويسمي  طرفه الجنوبي محليا برأس (هدربا) أو الشيطان نسبة للرياح القوية التي تصعب معها الملاحة الساحلية ، بدءاً من رأس دونقناب  يتغير اتجاه الساحل إلي الشمال الغربي وهو شبه جزيرة تمتد إلي نحو 30 كلم بعرض نحو 8 كلم ويعتبر رأس دنقناب اقرب نقطة لمدينة جدة السعودية إذ تفصلهما فقط نحو 103 ميل / بحري والجالس في دنقناب وينظر نحو الشرق يري وهج مدينة جدة البرتقالي ليلا في السماء الصافية الظلماء .

7. مراسي المنطقة الشمالية من دنقناب الي خط عرض 22 .
يبلغ طول ساحل هذه المنطقة  نحو  63 م/ بحري (116 كلم) ، هذا الساحل يتغير اتجاه امتداده  ليصبح متجها  بالاتجاه  ْ315 درجة أي مائلا نحو الشمال الغربي بينما كان الساحل من بورتسودان إلي دنقناب يتجه للشمال الجغرافي تقريبا  ْ356  درجة ، هذا التغير في الاتجاه يعرض الساحل للرياح الشمالية الشرقية التي تهب معظم العام بقوة والتي تحرك سطح المياه وتحرك التيارات البحرية التي تقلل من كثافة  نمو الشُعب المرجانية كتلك التي في جنوب الساحل ، تختلف طبيعة الساحل هنا عن ما قبله و الذي تطرقنا له ، حيث تكثر هنا (الشروم المائية) التي تكون المراسي العميقة الممتدة داخل اليابسة لأميال عديدة ، يبلغ عدد هذه المراسي نحو 8 مراسي متشابهة في طبيعتها البحرية ، بعضها بمسميات معروفة ومطروق  وبعضها مهجورا ولا سكان به وعموما حتى المراسي المطروقة مثل شنعاب وابوعسل / اوسيف  تعتبر فقيرة بحريا وسكانيا وطاردة لانعدام المياه العذبة  ، عموما هذه المراسي الثمانية هبة إلهية وجاهزة لان تصبح مواني طبيعية تتمناها كثير من الدول بهذا الشكل الطبيعي والجغرافي بامتداداتها العميقة والطويلة داخل اليابسة ، لكن بكل أسف هي موجودة كما خلقها ووهبها الله منذ ملايين السنين تشجع غيرنا علي ارتيادها والاستفادة من الثروات السمكية بها وحولها وربما فكروا في سيادتها كما حدث في المنطقة التي تليها شمالا..!  أهم المراسي شنعاب وابوعسل / اوسيف وأبو عمامة ، ويعتبر مرسي شنعاب الذي يُرَجح انه ميناء (عيذاب) الإسلامي الذي عبر إليه المسلمون في صدر الإسلام في هجرتهم لإفريقيا وتوجد به آثار قديمة ذات دلالات إسلامية ، وهو الأقرب إلي منطقة انبعاث الإسلام (مكة والمدينة) . أما ميناء اوسيف الحالي فهو في طور النمو ويحتاج للكثير من الجهود البحرية والحضرية .

8. مثلث حلايب . .  هو منطقة حدودية يتبع إداريا وجغرافيا للسودان ويطلق عليه رسميا في الخرائط الدولية المنطقة الإدارية لحكومة السودان       (SGAA) وفق اتفاقية 1902 م البريطانية. تبلغ مساحة مثلث حلايب نحو 20500 كم مربع  ويبلغ طول ساحل المثلث نحو  117 ميل بحري ، أهم مدنه شلاتين ، حلايب وابورماد ، تطالب مصر بسيادة المنطقة منذ استقلال السودان عن مصر وبريطانيا ،  وقد حدثت عدة توترات بين الدولتين بخصوص تبعية المثلث ، وشكل المثلث وما زال يشكل خميرة عكننة للعلاقات بين الدولتين ، وقد أخضعت مصر أخيرا المثلث لسيادتها بقرار منفرد في 1995 م في ظل انعدام  سيادة جادة وملموسة من جانب السودان وإهمال امتد لعقود خلال إدارة السودان لهذا الجزء من الوطن ، مع الأخذ في الاعتبار أن إدارة السودان لم تحقق الحد الادني لمعيشة السكان المحليين الفقراء جدا . 
أ .  محمية (جبل ألبا) ذلك الكنز  السياحي المفقود : اهم معام مثلث حلايب محمية جبل (ألبا) الجبلية التي تقع في الركن   الجنوبي الشرقي وهي غنية بمواردها الطبيعية من نباتات وحيوانات برية ومعادن مختلفة ،  وبها  آثار فرعونية قديمة وتكثر بها قرب الساحل السبخات والمستنقعات الساحلية واشجار المانجروف وتشمل منطقة جبل البا مناطق (أبرق والديب) ومن اشهر معالم هذه المنطقة ( بوابة الماء الأثرية / الصورة ) التي تعد معلما سياحيا فرعونيا  فريدا لم يسمع عنه معظمنا  وهو كنز سياحي يطمره اهمالنا وعدم معرفتنا به ، لعقود لم  تروج له  وزارة السياحة السودانية يوما  او تنشر له صورا وربما لا تعلم عنه شيئاً ، وكذلك الوزارة الولائية ، هذه الآثار هي اهم العوامل التي جعلت مصر تتشبث بهذه المنطقة بجانب اسباب اخري تتمثل في كميات كبيرة من الذهب والمعادن الاخري التي توجد في جباله بجانب اهمالنا لهذه المنطقة ولخيراتها ولانسانها( وهو الاهم ) الذي وفرت له مصر كل شي من طرق وماء وكهرباء ومواد غذائية وتعليم وصحة  . فهل نتصور ان هذا الانسان اذا ما خير يوما لاي جانب  يود ان يتبع ...!  حتما سيكون الخيار ليست لصالحنا ...!   
ب. بوابة  خط عرض 22ْ .  اتفاقية 1902م التي اقرها  المستعمر البريطاني حددت تبعية المثلث الادارية للسودان ولم يكن هذا الخط يمثل الحدود الفاصلة بين الدولتين حتي 1995 ولم تكن هناك بوابة  فاصلة  بين الدولتين الا في الشلاتين (حاليا لا توجد بزعم ان شلاتين في عمق مصر) ، وكان للسودان قوة من حرس الحدود في حلايب والشلاتين ، وقوة بحرية صغيرة ومحطة مراقبة ساحلية في حلايب تتبع للقوات البحرية ، ومحلية ادارية بحلايب تتبع لها شلاتين التي كانت مركز تبادل تجاري بين الدولتين وبها بوابة الحدود الاصلية والمعروفة وكانت المدارس في حلايب وما حولها تًدرِس وفق المناهج السودانية  ، الا ان مصر بدأت تدريجيا بتمصير المثلث بدءأٍ من انشاء  عددا من النقاط والمخيمات العسكرية علي طول الطريق ومن ثم سفلتة الطريق وتمديد خطوط الكهرباء ومحطات المياه وتوسيع شبكة الاتصالات لتغطي المثلث وربطه بمصر ،  ثم اغراق المثلث بالمواد التموينية الرخيصة وتدريجيا الي ان انشئت البوابة وفرضت اجراءات توضح ان المنطقة تتبع لمصر وان البوابة التي علي خط عرض 22 درجة هي خط  الحدود الفاصلة بين الدولتين (الصورة) ولم تسمح بعبورها حتي للرسميين السودانيين منذ 1995 . عموما ان مشكلة تبعية هذا المثلث لن تحلها اجراءات تجارية او تكاملية او استثمارية بين حكومات تذهب لتأتي غيرها كحلول لحفظ ماء الوجه، الأهم أن تتفق الدولتان علي اتفاق مكتوب يحدد بوضوح تبعية المثلث يُلغِي  هذا الاتفاق الجديد او يثبت الاتفاقية السابقة  سواء ان كانت  اتفاقية 1889 لصالح مصر او كانت اتفاقية 1902 لصالح السودان  او أن تُعرض المشكلة علي المحكمة الدولية للبت في تبعية المثلث نهائيا.
ج . مرسي حلايب .  تبعد حلايب نحو 65  كلم شمال غرب خط عرض 22 درجة وهي قرية كبيرة  نشأت في البداية كمرسي لعدد قليل من الصيادين ، كانت مهملة وبعيدة عن صانعي القرار في السودان ، وكان للسودان قوة من حرس الحدود  متمركزة في حلايب وقوة بحرية تديرمحطة المراقبة الساحلية في حلايب وتتبع للقوات البحرية السودانية وبها ايضا محلية ادارية ومدارس سودانية لتعليم الاساس ، لم تتطور حلايب أو أن تنتعش لضعف الامكانات الموجه اصلا للريف من حكومات الوسط المتعاقبة بالسودان . حلايب تتوسط خط الساحل تقريبا وتوجد بها حاليا قوات مصرية وترتبط اداريا  واقتصاديا  بمحافظة البحر الاحمر المصرية ومعظم سكانها من البجا  والبشاريين والعبابدة السودانيين . في منتصف المسافة بين حلايب وخط عرض 22 درجة توجد علي مقربة من الساحل جزيرة حلايب الكبيرة (تبعد نحو 30 كلم عن حلايب) كانت في الثمانينات من القرن الماضي نقطة ارتكاز نهائة للبضائع المهربة من دول الجوار التي تُنَزل وتخبي بالجزيرة الي ان تحين الفرصة المناسبة لتهريبها داخل البلاد بالطرق البرية الوعرة آنذاك. 
د . بير الشلاتين . كانت بئر الشلاتين نقطة الحدود الاقصي الشمالية للساحل السوداني وكانت مركزا للتجارة البينية بين مصر والسودان وبها اكبر سوق لتصدير الإبل السودانية لمصر وقد انتعشت كمركز تجاري بعد ربطها بمناطق جنوب الساحل المصري علي البحر الاحمر بالغردقة مرورا ببرنيس وهي تتمتع بالمياه والكهرباء حاليا من خلال الشبكة المصرية ، ويلاحظ من خلال الصور الجوية الحديثة حركة الإعمار في الشلاتين من فلل ومساكن شعبية وطرق داخلية كما في حلايب . ويلاحظ ايضا منطقة المرسى التي اصبحت ميناءا صغيرا تكثر به السفن والتي في معظمها سفن صيد اسماك وسفن تجارية صغيرة للتجارة البينية مع مدخل خليج السويس وعبر البحر للملكة السعودية .
9. التوصيات.  باكتمال هذا الجزء الثالث من دراسة السواحل والمراسي والجزر السودانية ،  والتي أرجو أن أكون قد وفقت من خلالها  في نقل قليل من المعرفة عن هذه الثروة الضخمة التي نملكها والتي توجد في مياه إقليمية واقتصادية تمتد لأكثر من 700 كلم ، بها الكثير من الثروات الجيولوجية والإحيائية والسياحية وغيرها . نجد أن من خلال ما طرح في الدراسة كان هناك وما زال الكثير من الخلل والتقصير في التعامل مع هذا المجال الاستراتيجي المتمثل قي الساحل والجزر والمراسي والبحر  ككيان حيوي يمثل جزء هام وخطير من الدولة التي لا يكتمل أمنها ونظامها وسياستها واقتصادها إلا بالتفعيل والإهتمام اللامحدود بهذه الإطلالة البحرية الفريدة التي يجب ان نعتني بها ونستغلها الإستغلال الأمثل وذلك من خلال المتطلبات الهامة التالية :  
أ . السيادة أولا وأخيرا.    ( تُعرَف السيادة  Sovereigntyعلي أنها سلطة الدولة المطلقة والكاملة الغير منقوصة علي أراضيها وبحارها وأجواءها بحيث تخضع هذه المجالات الحيوية الثلاث لقوانين الدولة وأمنها وسياساتها واقتصادها ونظمها كافة التي تُمكن من استغلال الدولة لهذه المجالات  ) ، كما أسلفنا من خلال السرد أن  كل الجزر البعيدة والقريبة عن الساحل خاصة جزر (أرخبيل سواكن) الكثيرة لا توجد عليها سيادة وغير مطروقة وهي جزر سودانية  معرضة للاستيلاء عليها من الغير أو استخدامها في مآرب اقتصادية أو عسكرية دون علمنا  ، وكذلك توجد مساحات شاسعة من الساحل والمياه الإقليمية في المنطقة الجنوبية من الساحل بين ( رأس كسار إلي خور نوارات وحتى عقيتاي) لا يوجد بها تواجد ملموس وواضح يمثل الدولة وسلطتها  وينطبق ذلك علي ذلك الجزء من الساحل أمام دلتا خور بركة (عند ترنكتات والجزر التي امامها) وجزء طويل في الشمال ممتد من رأس هدربا عند دونقناب حتى خط عرض 22 درجة شمال وكذلك معظم المراسي الخالية من أي تواجد بشري شمال محمد قول، وبديهي كل المائة ميل بحري التي تمثل طول خط ساحل مثلث حلايب والتي تحتلها مصر ، السيادة علي هذه السواحل والجزر والمراسي تتطلب كثير من العمل والتنسيق بين أجهزة الدولة ويأتي قبل كل شئ التواجد الأمني وله عدة صور مطلوبة في المرحلة الأولي وتجهيزات ضرورية أهمها امتلاك قوات بحرية قادرة مزودة بأجهزة كشف ورصد رادارية تغطي الساحل كله وجزره وتتبع لهذه القوات طائرات عمودية للمراقبة والتدخل السريع فمن دون ذلك لا سيادة مطلقة .
ب . تنمية الساحل.  المقصود بها التنمية الجاذبة للسكان حتي يستقروا علي هذا الساحل ويصبح ساحلا مأهولا ،  التواجد السكاني احد متطلبات المنظومة الأمنية والتي هي بدورها احد عناصر ومتطلبات السيادة ، هذه التنمية المرتبطة بتوفير المياه وسبل كسب العيش للسكان  بجانب توفير متطلبات خدمية تشمل التعليم والصحة .
جـ . تأمين الساحل والمراسي والجزر. وهو منظومة تتكون من عدة  إجراءات لابد منها تتمثل في فرض هيبة الدولة علي السواحل والمراسي والجُزُر والبحر حتى لا تحدث اختراقات للساحل كالتي حدثت ثلاث مرات (وهي المعلومة لنا) من جانب إسرائيل ( تهريب الفلاشا ، قصف قافلة مركبات شمال بورتسودان ، حادث قصف سيارة قرب مرسي بشاير) أهم مكونات هذه المنظومة امتلاك سفن حديثة  ولا يتطلب الأمر مدمرات أو فرقاطات بل عدد لا يقل عن 10 قطع من سفن الهجوم السريع المسلحة بصواريخ سطح/ سطح بجانب أهمية وجود دفاع ساحلي صاروخي ومدفعية ساحلية ، مع وجود شبكة للإنذار المبكر والمراقبة الساحلية بحرا وجوا ، ونظم توجيه للأسلحة وإدارة نيران ،بجانب ذلك لا بد من وجود سرب طائرات عمودية مسلحة بالصواريخ جو / سطح للتدخل السريع ، هذه المطالب أساسية ولا تأمين من غيرها .
د . نشر الثقافة والوعي البحري . تكاد أن تنعدم الثقافة البحرية في بلادنا عموما وفي ساحل البحر الأحمر خصوصا ، لذا هنا تبرز ضرورة لتعريف السكان  بالبحر وأهميته وتعريفهم بالخيرات التي يمكن أن تٌجني منه المتمثلة في ثرواته والتي لا  يمكن الوصول إليها إلا بارتياده اولا ومعرفته ، فلابد من إدخال مادة بحرية تعريفية بالمحيطات والبحار والممرات الملاحية والسفن والفنارات والسواحل الخ... في مناهج التعليم الأساس تتطور إلي جرعات اكبر في المراحل التعليمية الأعلى، يواكب ذلك رحلات تعريفية للمراسي والجزر والشُعب المرجانية.
هـ . الاهتمام بالسياحة البحرية  . يجب ان يسبق صناعة السياحة البحرية  نشر الوعي البحري بين السكان ، وكما رأينا الساحل السوداني ملئ بالمواقع التي تصلح لجذب السياح كالكهوف البحرية في جنوب الساحل في خور نوارات ودلتا خور بركة التي  تتوفر بها اسماك الاستاكوزا التي يحبها الغربيون ، وكذلك بوابة الماء الفرعونية في جبل (ألبا) بمثلت حلايب ، وفوق كل ذلك الشعب المرجانية التي يذخر بها الساحل وداخل البحر والتي بعضها محميات بحرية عالمية تروج لها شركات سياحية عالمية وتكسب من وراءها الكثير دون علمنا ، علما بان مياهنا تمتاز بالدفء طول العام خاصة عندما  تكون أوربا تحت وطأة برد الشتاء والجليد لذا فان الإقبال عليها سيكون كبيرا ،  كما أن الجزر والمراسي جنوب بورتسودان وشمالها عبارة عن كنوز بحرية بقليل من الإنشاءات والجهد الاستثماري يمكن أن تصبح جاذبة سياحيا كما فعلت مصر والسعودية في بيئة مماثلة في شرم الشيخ والغردقة وينبع  وساحل أبحر بجده  واكوا بارك في جدة والدوحة وابوظبي الخ ..هنا يجب التمييز بين السياحة البحرية المرتبطة بالغطس البحري في مواقع الشعب المرجانية وكذلك السياحة البحرية الخاصة بالرياضة البحرية  وتلك السياحة المرتبطة بمهرجانات الغناء التي تقام في بورتسودان  التي بعيدة كل البعد عن مفهوم السياحة البحرية ، فما نقصده ويهمنا هو النوع الأول من السياحة وهو مستقبل ولاية البحر الاحمر.
و . تسمية الجزر البحرية  ونشر ذلك  . يوجد في أرخبيل جزر سواكن وفي المنطقة الممتدة امام جزيرة الريح عدد كبير من الجزر البحرية منتشرة بدءا من قرب الساحل  وحتي لمسافة  45  م/ بحري داخل البحر، معظم هذه الجزر دون اسماء رسمية علي الخرائط البحرية العالمية وكذلك يوجد عدد آخر من الجزر  جنوب مرسي سلك واخري شرق جزيرة مكور وكذلك عدد من مواقع الشُعب المرجانية السياحية التي يجب ان تسمي ايضا لتسجل عالميا كمواقع سياحية كسنجنيب وانقروش وشعب رومي وسعودي الخ .... ، هذه الجزر الغير مسماه تعتبر مخالفة للقانون الدولي للبحار خاصة تلك التي تقع خارج نطاق المياه الاقليمية (12 م/بحري من الساحل) .ارجو ان اُذكِر بان هذا الامر ذو اهمية عالية ويجب ان نعلم ان اي جزيرة تقع علي مسافة 12 ميل بحري او اقل  من اي جزيرة تليها تعطي الدولة مسافة جديدة قدرها 12 م/بحري تضاف للمسافة الاولي وهكذا يمكن ان تمتد المياه الاقليمية بفضل الجزر المسماة لمسافة تعطي الدولة حقوقا قانونية في استغلال ثروات الجرف القاري لهذه المياه  من نفط وثروات تعدينية واسماك ، لكن الجزر التي لا اسماء لها خارج هذه الميزة ، الجزر والشعب التي تسمي تنشر اسماءها ومواقعها البحرية في الإصدارات البحرية الدولية وترسل الي : The Mariner's Handbook  عن طريق مواقع الادميرالية البريطانية الخاصة بانتاج الخرائط البحرية والتنبيهات للبحارة والسفن .

ز.  الإسراع بحل مشكلة مثلث حلايب  . كما أسلفنا ساحل المثلث يشكل ربع الساحل السوداني  وبداخل المثلث يوجد جبل ألبا وما يحويه من مواقع سياحية وأثرية وثروات معدنية قيمة  ، فمن المفترض أن تسعي الدولة نحو إيجاد حل نهائي للمثلث مع مصر يخدم مصلحة البلاد و يحدد نهائيا تبعية المثلث بالتراضي بين الدولتين ويفضل عرض كل من الدولتان الأمر علي التحكيم الدولي  والقبول بنتائجه مهما كانت .
الصفحة الاخيرة


لمن فاتته الاجزاء الاول والثاني يرجي الاتصال علي الإيميل :  osssm5@hotmail.com



للاطلاع علي الدراسة كاملة بالخرائط والصور الرابط
https://acrobat.com/app.html#d=PZ265gaNNRdaYVQPY-tLeA

 

آراء