عفوا .. دولة جنوب السودان لن تكون عربية!!

 


 

صباح موسى
10 July, 2011

 


أفريقيا اليوم/ صباح موسى sabahmousa@hotmail.com
دولة جنوب السودان الوليدة لن تكون عربية. ربما يصدم البعض من هذا الحديث، لكن هذا هو الواقع الذي يجب أن نتعامل معه. ولا أرى غضاضة في أن تنتمي جمهورية جنوب السودان الجديدة إلى أفريقيا، فحساب الربح والخسارة والمصالح يؤكد أن الجوار الأفريقي للجنوب أقرب منا بكثير لهم، فلديهم أمن قومي مشترك، حدود ومصالح وثقافة وأشياء كثيرة لا تتوفر في علاقتنا بالجنوبيين، وعلينا أن نتساءل مالذي يربطنا بالدولة الجنوبية؟ المصلحة؟ نجد أن مياه النيل هي أهم مايربطنا بجوبا، رغم أن كمية المياه التي تأتي إلينا من الجنوب حوالي 14% والنسبة الباقية من شرق السودان، وإذا كان ما يهمنا في المقام الأول ألا تنضم الدولة الجنوبية إلى إتفاق عنتيبي ودول منابع النيل ضدنا، هذا أهم مايربطنا مع دولة الجنوب، لو سألنا أنفسنا في المقابل مالذي يربط دولة الجنوب بنا حيث لا حدود لا لغة لا ثقافة لا ديانة، ربما تكون الإجابة بعض التبادل التجاري والمصالح التي ربما لا تكون إستراتيجية للجنوبيين. أتعجب دائما من أننا نلوم بعض الدول الأفريقية لعلاقتها بتل أبيب، وأعود وأتساءل لماذا نتعشم في هذه الدول؟! ماذا فعلنا لها حتى نربطها بنا. إسرائيل ساعدت ودربت واستثمرت ومنحت، ماذا قدمنا نحن؟ ولماذا نريد أن يكون الولاء لنا؟ لماذا نجرم هذه الدول على علاقتها بإسرائيل؟ فالقضية الفلسطينية قضيتنا نحن وليست قضيتهم هم، ولذلك يتحتم علينا أن نفيدهم ونقدم لهم مايجعلهم ينتمون إلينا حتى بعد ذلك نتحدث عن عشم. الوضع مع جنوب السودان ليس مختلفا، وتخوفاتنا من علاقات بين جوبا وتل أبيب ليست من حقنا، فلابد أن نقدم لهم مايعوضهم عن هذه الإسرائيل. يجب أن نبدأ من جديد بنظرة مختلفة نظرة مصالح في علاقتنا بأفريقيا عموما وجوبا على وجه الخصوص، ويجب أن نعيد النظر في أن بعض المنح التي نعطيها للجنوبيين للدراسة بجامعتنا والتي لايستفيدون منها لأنهم يتحدثون الإنجليزية ليست كافية، والتبرع ببناء جامعة وبناء بعض المحطات الكهربائية غير كاف على الإطلاق.

لعلني أذيع سرا بأن دولة الجنوب الجديدة تنوي إلغاء اللغة العربية تماما من قاموسها ودستورها وتعليمها وحياتها كلها، وأن الحديث عن إنضمام جنوب السودان للجامعة العربية حديث مضحك، لعلنا نجد إشارات من هنا وهناك من قادة جوبا بأنهم سيحافظون على علاقات جيدة مع العرب، وسوف ينضمون للجامعة العربية، ولكنني أفهم هذا الحديث منهم، فهم كانوا في مرحلة حساسة قبل الإنفصال تستوجب منهم الحذر قبل إعلان توجهاتهم الحقيقية، ولا ألومهم في هذا على الإطلاق، بل ألوم مصر والعالم العربي، فإذا كانت السياسة المصرية القديمة تجاه الجنوب (غير واعية) وهذا تعبير رقيق قصدت إستعماله بدلا من تعبير آخر أعنف، فمصر لم تلتفت إلى الجنوب والسودان عموما إلا بعد إقرار حق تقرير المصير في مشاكوس، وعندما توجهت القاهرة للتعامل مع الجنوب أخذت وقتا طويلا للفهم، مما جعلها تتخيل بأن بعضا من المعونات من هنا وهناك سوف يحقق هذا الإنتماء والتجاوب مع جوبا. دعونا من هذه السياسة التي أخطأت، لابد أن نتحرك في مسار آخر به تحد حقيقي ومنافسة قوية مع تل أبيب في المنطقة فهذه هي الحرب الحقيقية مع إسرائيل ويجب أن ننتصر فيها. لابد أن ننجح في استمالة جوبا إلينا، ولا ننتظرها تأتي إلينا فلن تأتي. فمايربطنا بها أكثر مما يربطها بنا.

نهاية حديثي أهنئ الشعب الجنوبي على دولته الجديدة وأتمنى له أن يكون دولة فاعلة في المنطقة، فالجنوب سوف يكون دولة محورية يمكن أن تكون إضافة لأفريقيا كلها، ويمكن أن يكون عكس ذلك. وأقول ( جوبا إنتظرينا سوف نأتي إليكي ونعتذر لإهمالنا لك طيلة هذه السنين).

 

آراء