حاصروا “بن وليد” بقوة المنطق وليس منطق القوة

 


 

 



(ذكريات من ليبيا)

لمن يعرف الطبيعة اللليبية وما ظلت تمثله القبيلة من مصدر فخار واعتزاز للفرد، أن ينصح الأخوة في المجلس الوطني خيرا بحوار ممثلي القبائل ومحاولة الحاقهم بركب الثورة بحسبانهم جزءا من التغيير الذي ينتظم البلاد بطولها وعرضها في مسيرة تغيير لا يمكن - بحال من الأحوال- اختزالها في تغييب القذافي عن واجهة التأثير وإنما تمتد لتشمل القطاعات الواسعة في دولة انهكها إرث عقود اربعة من الفوضى وانعدام المؤسسية وحكم القانون.
لذلك فإنه يتوجب على الأخوة في المجلس الوطني أن يجتنبوا- ما استطاعوا- كل اشكال التهديد باستخدام القوة في إخضاع مدينة بن وليد بل واستبعاده كخيار نظري من طاولة المفاوضات واستبقاءه كخيار امر واقع و أخير ومحدود لكي لا يتحول لعامل استفزاز لهذه القبائل.
هذا قطعا لا يعني عدم قدرة الثوار على اجتياح مدن (بن وليد) و(سبها) وحتى (سرت) ولكن تجارب الشعوب مع الحروب الأهلية وتجارب الشعوب مع مبدأ الإجتياح بالقوة دلت على أن الحروب الأهلية لا تفضي إلا لدمار يطال الجميع ومنطق الحرب الأهلية لا يمكن استبعاده في حال استفزت قبائل هذه النواحي من قبل الثوار، ثم إن تجربة الحلول الأمنية علمتنا دائما ان احتلال اي مساحة جغرافية بالقوة أمر ممكن ويبقى أمر اخضاعها بالكامل وفرض الإستقرار فيها عصيا على اكبر الأمبراطوريات العسكرية، ودوننا العراق يقف شاهدا على ذلك.
هذه القبائل ربما تكون متعاطفة مع العقيد الليبي او مرتبطة معه بصيغة من صيغ التناصر ولكن العامل الأقوى في تنشيط مقاومتها للتغيير في ليبيا قد يتمثل في الشعور بالإستفزاز من دخول عناصر الثوار من قبائل ومدن أخرى لمناطقهم واحتلالها في وضح النهار، هذه تعتبر من الأمور بالغة الحساسية والتي يحاول الكثيرون التقليل من اهميتها ونفيها ولكنها من أقوى عوامل الممانعة لدى عناصر وقيادات هذه القبائل التي توراثت الكثير من الصراعات الحدودية مع عناصر قبلية مجاورة لها، ولا يمكنها بحال من احوال ان تقبل دخول عناصر هذه القبائل عليها مدججين بالسلاح.
لذلك نرجوا من الأخوة في المجلس الوطني ان ينتقوا من بين مفاوضيهم العناصر الخبيرة في هذا الشأن العارفة بقدر الناس من أصحاب الحضور والذكر وتجنب التصريحات الإعلامية غير المسؤولة من الجميع بل ومحاسبة اي عنصر من عناصر الثورة يتصرف بشكل منفرد لأن الإعلام الذي قاد الثورة وحقق الكثير من انتصاراتها هو ذاته الإعلام الذي يدمر الثورة وينتهي بها لنزاع قبلي لا يعرف مداه إلا الله، ودماء الأبرياء أغلى من ان تهدر جراء تفلتات صبيانية، وقضية ليبيا أكبر من كل محاولات الظهور الإعلامي، بل وأكبر من كل سبق صحفي يمكن ان يثير ضجيجا هنا او هناك.
أن ليبيا التي انتظرت التغيير اربعة عقود تستطيع الإنتظار لشهورأخرى من أجل الوصول لحل سلمي في بقية المناطق التي تستمسك بخيارات المقاومة وذلك لعدم جدوى المقاومة من ناحية ولتعارضها مع المد الجماهيري العام الذي انتظم البلد واخيرا لعدم إفادتها حتى للنظام المنهار.
هذه النقاط مصحوبة بأهمية التحاق هذه القبائل بركب التغيير تعتبر عناصر تحفيز واقناع في ذات الوقت نهديها لشيوخنا واهلنا في بن وليد وفي سبها وفي سرت من أجل الوصول بالبلاد  لبر الأمان.

عبدالله عبدالعزيز الأحمر
ايطاليا- فروزينوني
abdellah abdelaziz <alahmer2003@yahoo.co.uk>

 

آراء