الانتفاضة الشبابية الكونية بدأت زحفها وسوف تستمر

 


 

 


أن ما حملته أجهزة الإعلام العالمية في افتتاحياتها وأخبارها أن أكثر من ألف مدينة حول العالم خرجت الي الشوارع والميادين منددة ورافضة للنظام المالي والسياسي العالمي لم يكن ذلك مفاجئا ولا مستغربا للذي يقرأ ما يجري من أحداث ويحللها وقد ذكرنا من قبل أن لابد من إنتفاضة كونية وإنفجار عالمي غير محسوب ولا مرتب له رفضاً لما إغترفة الغرب في حق شعوب العالم عامة والشعوب المستضعفة بصفة خاصة لأن كل ما وصل إليه العالم من مجاعات وحروب وجفوة بين شعوب العالم الأول كما سموه هم وبقية الشعوب سببه هذه السياسات والتي يحركها ويتحكم فيها واحد بالمائة من سكان العالم كما أثبتت الإحصاءات .
هذه القلة التي أعطت لنفسها الحق في أن تفعل ما تريد في مجال المال والسياسة غير مراعية لحقوق وإنسانية بقية العالم .
فجمعوا من الأموال ما يربوا على 70% من ثروات العالم وهيمنوا على الآلة الإعلامية الضخمة الموجهة والتي وظفوها لتضليل الشعوب وتشكيل الرأي العالمي حسب الطلب ولقبول ما يصدر من هؤلاء من سياسات تطبخ في مطابخ خاصة ولتبقي من الحكام من تريد وتشن الحرب على من لا تريد ولو أدى ذلك لإسقاطه ولا مانع عندهم إذا قادهم ذلك لإجراء عمليات البتر والتقطيع والتمزيق للدول وأحياناً إلي الإبادة والتخلص من كل ما من شأنه أن يقف حائلاً دون تطبيق تلك السياسات وسريانها .
ودعما لذلك أنشأوا المؤسسات المالية الكبرى كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ليجعلوا الدول وشعوبها تحت أسرهم ورقهم والخضوع لما يريدون وهذا ما حدث فكان نتاج ذلك أن أصبحت الدول مرهونة لهذه الحفنة من الأغنياء فتفشى الفقر بين الشعوب والعوز والجوع واللجوء من الدول الفقيرة إلي الدول الغنية عبر البحار والمحيطات فراراً من جحيم الجوع وجحيم حكامهم المدعومين من دول الهيمنة فيموت أكثر هؤلاء في البحار والبقية الناجية تقابل بالإهانات والاستفزازات والسجون وفي أغلب الأحيان يرجعون إلي حيث أتوا من غير رحمة أو رأفة .
وفي سبيل هذه السياسة القائمة على الأنانية وحب الذات اغتالوا شخصيات وأسقطوا حكومات وحبكوا القصص والأفلام والحكايات وغلفوا كل ذلك بالمساعدات التي ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب المتمثل في التجسس على الدول والدسائس والمؤامرات وزرع الفتن بين مواطني الدولة الواحدة ومن الأعمال التي ظاهرها إنساني وباطنها شيطاني كالتطعيم ضد الأوبئة والذي وضح أخيراً أنه تعقيم للشعوب وتنقيص لعددها وقد شهد بذلك أخصائيون، يفعلون كل ذلك ليسعدوا هم وحدهم وينعموا بخيرات الأرض وثرواتها دون شريك إلا الذي يرضون عنه من نخب وحكام الذين رضوا بالاسترقاق والعبودية وافعالهم تلك  دفعت الرئيس اليوناني مؤخرا بان يقول قد فقدنا الثقة في الاوربيين وسوف نتعامل مع دول الشرق الاوسط وعلى رأسها قطر .
فعلوا كل ذلك ونسوا أو تناسوا أن الشعوب قد تقدمت عليهم كثيراً في قراءتها للأحداث وفهمها لقضاياها وهم لا يزالون في أميتهم التي سببها الاستبداد والعناد والإعتداد بالنفس واستغفال الآخرين وهذا الذي حال بينهم وبين فهم حقيقة ما يحدث من تغيير إكتسح العالم .
وهم في نومهم هذا وفي غفلتهم تلك استيقظت الشعوب وتحسست موطئ أقدامها بقيادة شباب قد تجاوزوا كل من ليس في سنهم وفهمهم في التعامل مع كل شئ وبخاصة التعامل مع التقنيات الحديثة وقد وضح أنما سخرت لهم وهم أهلها والأحق بها وسوف يعيش في غربة وعزلة كل من ليس في فهمهم وتعاملهم مع كل شئ هؤلاء الشباب الذين جعلت منهم وسائل التواصل وكأنهم يجمعهم ناد واحد تلاشت معه المسافات وسقطت الفوارق العرقية والألوان والحدود الدولية .
فتلفتوا حولهم باحثين عما يجمعهم ويوحد بينهم كما وحدهم هذا النادي الإلكتروني بعد أن تأكدوا أن كل النظريات والتجارب السابقة قد شاخت وأصبحت ليست قادرة لتحقيق تطلعاتهم ولا مرتقية إلي ما هم فيه من وضع يستوجب التغيير .
فبدؤا بحثهم عن السبب الذي جعلهم متفرقين متناحرين متفاوتين في دخولهم وأرزاقهم وهم يعيشون في كوكب واحد وينحدرون من أصل واحد فهداهم بحثهم أن هذا سببه ظلم الانسان لاخيه الانسان وقد جمع بينهم هذا الظلم وقد قيل أن المصائب يجمعن المصابينا .
فتحركت الشعوب وكأنهم قد تواصوا على ذلك ورتبوا له لكن شئ من ذلك لم يحدث بل كان رد فعل طبيعي لأن الشعور بالظلم هو الشعور نفسه في كل مكان والظالم هو نفسه والمتسبب في الظلم هو نفسه في كل مكان فتراكمت هذه المظالم والغبن حتي جاءت ساعة الصفر والتي كان للشباب السبق إلي ذلك فهنيئاً لهم بذلك .
لقد إنطلق الشباب في كل مكان متفقون على الظلم والظالم إلا أن شكله مختلف من بلد لآخر لكن هناك ما يجمع كل هؤلاء الظلمه ألا وهو السياسة العالمية والتي سببها أميركا والغرب وهناك في العالم من ينفذها من حكام وغيرهم فكانت بداية الربيع العربي أن اعتبروا الحكام هم السبب في كل ما تعانيه الشعوب فبدؤا بإسقاط الأنظمة أما في أميركا والغرب فالظلم قائم على ثلاثة أركان :السياسيين ورجال المال والاعلام فبدأ الشباب هناك بتوجيه التهمة لرجال المال فكانت شعارات احتلوا وول استريت (أنشأوا عالماً جديداً) فنادوا بفك الارتباط بين السياسيين ورجال المال والاعلام فتظاهر الآلاف من مدريد إلي نيويورك وعبر مئات المدن حول العالم وأعتبروا مصدر الفساد الرئيسي هي المؤسسات الموجودة في وول استريت وحي ستي المالي في قلب لندن والبنك المركزي الأوربي في فرانكفورت فهكذا إجتاحت الثورات الشبابية العالم فهذه الثورات أتت ببشائر تثبت أن شعوب العالم ليس هناك ما يمنعها من التوحد بعد أن عرفت مصدر فرقتها وتناحرها وإشعال الحروب،بينما طيلة الفترة الماضية والتي قسموا فيها العالم إلي عالم أول وثاني وثالث وأوهموا الشعوب أن يظل كل في مرتبته تلك ولا يتطلع إلي غيرها وهذا من أهداف سياستهم المذكورة ليظل هذا الفهم الاستسلامي والشعور بالدونية مصاحباً للشعوب فعلى الشباب أن يسيروا في هذا الاتجاه والذي مقصده التحديث والتغيير ويوحدوا صفهم ولهم من الوسائل ما يساعد على ذلك عليهم أن يسيروا في ذات الاتجاه ببصر حديد وعقل رشيد وعزم أكيد لأن هؤلاء سوف يسعون إلي تعطيل هذا الزحف الثوري وبأي وسيلة حتى لا تحقق هذه الثورات أهدافها لأن ذلك يعني نهايتهم،لابد من العمل معاً حتى يتشكل العالم تشكيلة جديدة قائمة على العدل والمساواة بين بني البشر لا فرق بينهم إلا بقدر جهدهم وما يقدموه من عمل لمجتمعهم فعلى الشباب أن يسعى لتحقيق ذلك وبما أن المفقود واحدا فلنبحث معا، ولنتحسس أين تكون تلك الحلول والفكر والارث الانساني لم ينضب بعد .
وقد أحسن الشباب بدعوتهم إلي رابطة لشباب العالم والتي أظنها تدعو لكل جديد يجدوا فيه أنفسهم ورغباتهم ونبذ كل قديم أوصلنا إلي ما نحن فيه لابد من فكر جديد ونظرية جديدة لها المقدرة على الاجابة لأسئلة العصر والاستجابة لمتطلباته فهلموا إلي البحث عن ذلك وهذا يقتضي بالضرورة أن يكون في الجديد المفقود إصلاح للنظام السياسي والمالي العالمي حتى يواكب هذه الثورات ولو أدى ذلك إلي تغيير النظام الرأسمالي القائم على الأنانية وحب الذات والمحمي بنظام ليبرالي يكرس للرأسمالية وقبضتها على اقتصاد العالم وهذه ليست بأماني مستحيلة أو أحلام زلوط لأن المستحيل كان أن تنتفض هذه الشعوب وتتوحد في أهدافها ومقاصدها دون موعد أو ترتيب من جاكرتا إلي نيويورك ومن سدني إلي لندن وقد سبقتها الشعوب والشباب العربي والذي لا زالت ثوراته متقدة .
ونطمئن الشباب أن لابد من التغيير وأن طال الزمن ومهما كانت التضحيات ونذكرهم لابد من تجهيز البديل والتصور لما يحدث بعد التغيير والعلم الذي أوصلكم لهذه التقنيات لا أظنه يعجز أن يدلكم على ايجاد ضالتكم المنشودة .
كما نأمل أن الشباب يوسعوا دائرة التواصل مع دول العالم وأن يفتحوا حسابات بنكية للتبرعات وتأسيس مواقع الكترونية وقنوات فضائية لتحريض الشعوب إلي التمرد والتغيير وأبدأ بنفسي مساهما بألف دولار كما أناشد كل الخيرين أفرادا ودول داعمة للتحرر والتغيير وفي مقدمتهم  أمير دولة قطر، فعليكم أيها الشباب أن تستمروا في ذلك ولا تلتفتوا إلي المثبطين وأصحاب الهمم الفاترة من الشباب أنفسهم أو أصحاب الهوى والغرض في إجهاض مثل هذه الثورات الموعودة بالنصر أن شاء الله مهما كانت العقبات والمصاعب ومن لم يهوى صعود الجبال يبقي أبد الدهر بين الحفر وأن غداً لناظره قريب .       
ahmed altijany [ahmedtijany@hotmail.com]

 

آراء