الصادق المهدي ومركب الانقاذ المتهالك

 


 

 



اثار مقالي السابق بعنوان ( الصادق المهدي في واشنطن .. ماذا يبحث ؟) ردود افعال متباينة بشكل كبير وعلى خلفيته وصلتني عشرات الرسائل عبر بريدي الاليكتروني وقد انزلت بعضها في بعض المواقع مكتفيا بها  ..  ولكن للحقيقة والتاريخ فان معظم تلك الردود والمداخلات في كل المواقع التي اكتب فيها كانت متفقة اجمالا مع ماطرحته من افكار وحقائق حول علاقة الصادق المهدي بالسلطة منذ نعومة اظفاره وتحديدا في العشرينات من عمره وقد شبهت تلك العلاقة بعلاقة السمكة بالماء وهو توصيف نال استحسان الكثيرين .

في 2/5/99 كان لقاء الصادق مع الترابي في  جنيف .. وفي يوم 26/11 من نفس العام وقع الصادق ما سمي بـ ( نداء الوطن ) مع المشير الهارب من العدالة الدولية في جيبوتي ويومها كنت احد المستنكرين لمثل هكذا اتفاق وتساءلت عن اي وطن يتحدث  هؤلاء: هل هو وطن ماقبل  الانقاذ ( عهد الصادق الديمقراطي  الكسيح !!) ام وطن عصابة الانقاذ الاسلاموية الانقلابية ؟؟ .. اما اصدق اتفاقيات المهدي المتعددة والتي يصعب حصرها على مدى اكثر من عشرين عاما اي منذ الاطاحة بحكومته التي جاءت ديمقراطيا ولكنها من تكن كذلك وذلك امر معلوم وقد تحدثنا عنه كثيرا ( التعويضات الشهيرة المشينة لآل المهدي!!!) كانت تلك الانفاقية التي وقعها في ابوجا مع الزعيم الراحل ( جون قرنق) في يوم 3/2/2001 رغم انه لم تتهيأ لها الظروف الموضوعية لتصبح واقعا بعدئذ .

والواقع ان مركب الانقاذ المتهالك الذي يسعى حتى من صنعوه للقفز منه لم يجعل هذا الصادق يغير من استراتيجيته في التعامل مع نظام لا يفي بوعد ولا يراعي ميثاقا او عهدا وهذا ما اثبتته الايام والتجارب .. الصادق لا يزال في حالة غزل مع الانقاذ حيث يقدم رجلا ويؤخر اخرى رغم ما يصرح به ومايوحي به من انه يضع كل يوم شرطا جديدا للمشاركة في حكومة لن تكون الا تحت ابط الانقاذ وتوجهاتها المشوهة التي أوردت السودان موارد الهلاك ليس اقلها تقسيمه الى وطنين وتشويه صورته لدى العالم واخذه رهينة تحت اسلام زائف وشريعة عرجاء تقوم على الفساد والافساد في كافة مناحي حياتنا وعلى كافة الاصعدة اخلاقيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وغيرها.

كم تمنيت – ومعي الملايين من ابناء وبنات وطني الجريح – ان يفسح هذا الصادق المجال امام دماء جديدة لا سيما شباب اليوم المتحمس والذي  يسعى لأن يكون له رأي في شؤون ادارة وطنه المنكوب وقد سئم هذا الشباب هؤلاء الديناصورات التي افسدت عليه حياته وحجمت امانيه وألجمت تطلعاته لمستقبل يكون له فيه وجود .

الصادق يخشى سقوط النظام في الخرطوم بحجة انه سيكون سقوطا مكلفا فعنده - اي الصادق -  لكل وسيلة لاسقاط الانقاذ توصيفة لا يتفق معه فيها الا افراد اسرته وبعض حواريه من المتحزبين في حزبه الذي اصبح قطعا مجزأة  وكذا بعض  من  انصاره الذين يقودهم الولاء لبيت المهدي والذي لوكان حيا اليوم لكان له رأي آخرينسجم مع تطلعات شعب اذاقته الانقاذ ويلات الحروب والمجاعة والتشرد  واللجوء وجلعت منه قطيعا تابعا عبر انتخابات زائفة وارادة مسلوبة دون ان تجد له مرسى أمان يجعله متفرغا للتنمية والنهوض بوطن اقعدته الانقاذ عن القيام بدوره الطليعي وسط  شعوب المنطقة عربيا وافريقيا مما جعله محل تندر لدى قطاعات واسعة من شعوب تتابع اخبار هذا الاسد الجريح !!!.

يقول الصادق في اربعة سيناريوهات طرحها علينا خلال جولته الراهنة لكل من مصر ( الثورة) والولايات المتحدة الامريكية .. حيث قال في احداها ان انتقاضة في غياب عنصر المفاجأة واستعداد النظام لثورة مضادة سيؤدي الى الحالتين اليمينة والسورية وان تحالفا يجمع حركات دارفور المسلحة مع الحركة الشعبية قطاع الشمال سيؤدي الى رواندا وبورندي ..  اما المزيد من الضغوط السياسية على  النظام – يقول الصادق –  ستخلق نظاما جديدا بصورةغير دموية وغير اقصائيه .. يعني لم يوضح لنا هذا الصادق اي السيناريوهات يفضل ولماذا وكيف لنظام جاء على ظهر دبابة يمكن له ان يتنازل سلميا وعبرانتفاضة سلمية او غير دموية .. واحيانا يسميها هذا الصادق بالناعمة  .. وهو ملك المصطلحات السياسية والتنظير المائي غيرالمرئي وغير مفهوم في كثير من الحالات .. اذ لو لا ذلك لماذا لم يطرح سيناريو خامس مثلا ان يتنحى الجميع جملة واحدة هو ومن في عمره من ديناصورات السياسة السودانية مثل الميرغني والترابي مع النظام الذي جاء به في يوم اسود في تاريخ السودان وكذلك نقد .. وسواهم ممن حفظهم شعبنا عن ظهر قلب على مدى الخمسين عاما الماضية  دون ان يضيفوا لهذا البلد المنكوب بهم شيئا .. وهنا لا املك الا ان ا ترحم على المفكر الدكتور جون قرنق فقد كان يتمتع بكاريزما نادره وصاحب فكر وقاد ورؤية كان يمكن لها ان تكون منقذا لوطن عجز ساستنا ان يجدوا له مخرجا من تخبط  ظل مستمرا منذ الاستقلال وحتى اليوم.

ويظل السؤال الجوهري والملح : الى اين يسير بنا الصادق وهو يجتهد سعيا للعودة لسلطة اثبتت الايام انه فاشل فيها بامتياز الامرالذي جعلني يوما - وفي مداخلات خشنة مع من لايرون زعيما في هذا السودان سوى هذا الصادق – أسال متحديا اياهم : هل لكم ان تذكروا لي انجازا تاريخيا واحدا يمكن ان يعتز به شعبنا ويخلد هذا الصادق حتى بعد رحيله ؟.

وكان من طريف اجابات احدهم وبالحاح واصرار منه انه يكفي أن الصادق  المهدي  يمتلك مئات المؤلفات في الشؤون السياسية والدينية .. فرددت عليه ان كان لكل تلك المؤلفات أن تكون قوتا لجائع او كساءا لعريان او حذاءا لحاف او حتى بطانية لطفلة ترتعد فرائصها من البرد .. فصمت الرجل .

عموما فان الصادق المهدي لا يزال – برأيي - يشكل عقبة كأداء امام اي تغيير يفترض ان يلحق بالربيع العربي الذي اصبح تسونامي سيظل يلاحق هؤلاء الذين عاثوا فسادا في وطن مختطف منذ اكثر من عشرين  عاما  ولا يزال .     

وحتى الملتقى انحناءاتي لوطني الذي كم اشتقت اليه بعد غربة قسرية فاقت العشرين عاما .

خضرعطا المنان
khidir2008@hotmail.com

 

آراء