رسالـة إلي رابطـة الشباب العالميـة (1)

 


 

 



إلي شباب العصر المتطلعين  المستنيرين الذين أثلجوا صدورنا وطمأنوننا على الحاضر وبشرونا بما سيأتي في مستقبل الأيام لهذه البشرية من خير وذلك بسبب رفضهم للظلم وإستشرافهم للمستقبل ...
الشباب الذين كنا نظنهم شباب خانعين  لا هم لهم إلا مشاهدة الكرة والمصارعة والبحث عن مواقع اللهو والجنس ولكن وجدناهم شباب طامحين تجاوز تفكيرهم ملذاتهم ورغباتهم الشخصية إلي قضايا كبرى وهموم عظمى تمثلت في هم البشرية وما تعيشه من غبن وظلم.
شباب لهم فهمهم الثاقب وفكرهم المنقب عن الحقيقة وعقلهم الراجح الباحث عن مكامن الخلل في النظام العالمي وعلاجه .. هذا الإهتمام الذي فاق أعمارهم حتى إحتار في أمرهم الكبار .. هؤلاء الشباب الذين كسروا قيود الماضي وطووا المسافات فيما بينهم .. وأزالوا الفوارق العرقية والثقافية والدينية وحدود الجغرافيا وذلك بتواصلهم عبر الأندية الإلكترونية التي جمعتهم وكأنهم في غرفة واحدة ووحدت بينهم قبل أن يتوحد وجدانهم وهمهم وقضيتهم ... دخلوا تلك الغرفة وقد نبذوا كل ما يفرق من القديم من مذهبية وطوائف دينية وتبعية لا حول ولا قوة للتابع فيها ... التبعية التي كانت تقول كذلك وجدنا آبائنـا وإنا على آثارهم مقتدون ... نبذوا كل ذلك.
وقد ظهر ذلك في هتافاتهم وقد قالوها في لبنان (لا إيران ولا نصر الله نحن شباب فقط جند الله) كما قالوها في (وول ستريت) مطالبين بتغيير النظام المالي والسياسي العالمي ليحل محله نظام عالمي جديد قائم على العدل والمساواة بين بني البشر ... وبهذا يكون هؤلاء الشباب قد رفضوا القديم كله بزينه وشينه ... وأنهم سوف يكون لهم مرجعية مغايرة لتلك المرجعية القديمة وذلك بقولهم الله أكبر وهذا يعني أنهم لا كبير عندهم إلا الذي خلق هذا الكون والذي أمر بإقامة القسط والعدل بين الناس .
إنهم لا يهتمون بمن حولهم من هو وما هو بقدر ما يهتمون بإدخال الشباب في دائرة فكرتهم القائمة على الرفض والتغيير .. تلك الفكرة القائمة على الحرية وتبادل المنافع بين البشر المرتكزة على عدم الإعتداء وإشعال الحروب إلا دفاعاً عن النفس والعقيدة المعترفة بالآخر المحترمة لرأيه وعقيدته لا تكفير ولا تنفير بل الجدال بالتي هي أحسن .. لا فظاظة ولا غلظة ولا جهر بالسوء من القول ولا تبخيس لمعتقدات الآخرين وتكون معالجة الأمور بالحكمة والموعظة الحسنة ...
هذه هي هويتهم والتي لا شرط فيها إلا أن تكون شاباً تؤمن بقضيتهم وتحس بإحساسهم وتشاركهم نفس الشعور بالظلم الواقع على الإنسان من أخيه الإنسان وأن تبحث معهم عن بديل يكون فيه الحل لما يعيشه العالم من هرج ومرج وفوضى تفشت في الشارع ودخلت كل بيت فكان نتيجة ذلك الفوارق الطبقية والإثنية وتباعد الفجوة بين الأغنياء والفقراء في العالم.
ونقول لهؤلاء الشباب لا بد أن يحددوا الأهداف ويتخيروا الوسائل زهيدة التكلفة سريعة العائد والنتائج ... فالشعور بالمسئولية وأخلاق المسئولية هي أول وسيلة لتحقيق الأهداف والمقاصد ... فالسكون و الإستسلام للواقع موت والحركة دون مسئولية فوضى وقد تؤدي إلي هدم المشروع بأكمله ... ولذلك أنتم اليوم في أمس الحاجة إلي طريق يوصل إلى الأهداف دون عقبات أو خسائر غير محسوبة ...
أنتم في حاجة إلي منهج تفكير لا يخدعكم وموازين لا تضلكم ... فالقيم الأخلاقية مصادر نور تكفي لتفادي كثير من المعضلات ولكن نتذكر أن أهم هذه الوسائل والعوامل الشعور بالمسئولية ... المسئولية ذات الرقابة الذاتية التي تدفع بالهمة وتقوي العزيمة والإصرار على النجاح مهما طال الزمن .. ولا ننسى كذلك الرقابة ممن حولنا من الشعوب لأننا تقدمنا العالم آخذين بيده إلي ما هو أفضل ..
وهذا بالضرورة يقتضي أن لا نفسح المجال لكل ما يكون سبباً في فشل مشروعنا ... ويفتح الباب أمام المتربصين الذين لا يعجبهم مثل هذا العمل من الذين يتظاهرون في مظهر الداعم والمبارك للفكرة لكنهم في حقيقتهم يسعون لإحتواء هذا المشروع وقتله في مهده ... فخذوا حذركم وأسلحتكم وتحصنوا ضد هؤلاء قاتلهم الله وهم يحاولون أن يتلونوا بألوان ويلبسون ملابس تخفى مكرهم ومقصدهم الخفي ... فالحذر كل الحذر من هؤلاء ...
فالمطلوب إغلاق كل باب يحقق لهؤلاء ما يريدون من عرقية أو جهوية أو تدابر أو تناحر أو إختلاق أو طمع في قيادة أو الإهتمام بالإعلام أكثر من الإهتمام بالقضية نفسها …
أيها الشباب …
لا يخيفكم إذا إعترى هذه الثورات بعض الفتور أو الهدوء لأن الحرب كر وفر .. وما دامت القضية عادلة والوسائل شريفة تقرها القوانين والأنظمة فلا تيأسوا ولا تقنطوا … فالغايات النبيلة محفوفة بالمكاره والطرق إليها لم تكن سالكـة وكل عمل جليل يتعثر في بدايته ويجد أمامه بعض العقبات لكنه في النهاية لا بد أن يصل إلي مبتغاه بالعزيمة والإصرار والثقة بالنفس … وهي أكبر دافع معنوي يساعد على النجاح وبلوغ الأهداف …. والطفل مهما طال حبوه لا بد له أن يقوم علي رجليه ويسير ثم يقوى ساعده ويصير رجلاً.
كما نلفت نظر الشباب أن يزوروا موقع (سودان نايل) لقراءة مقال يخصهم بعنوان (الإنتفاضة الشبابية الكونية) ومقالات أخرى في ذات السياق.

E-mail:ahmedtigany@hotmail.co

 

آراء