الاسلام ما بين الوارثين والباحثين(1)
الشيخ/ احمد التجاني أحمد البدوي
15 December, 2011
15 December, 2011
بعد أن تم للمسلمين فتح مكة غفل النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينه راجعا فدخل الناس في دين الله أفواجا وبدأت قواعد الدولة الاسلامية تتثبت ومعالمها تظهر فسارت الغزوات وتوالت الفتوحات فعم الاسلام الجزيرة العربية حتى صارت لا معبود فيها الا الله ثم كاتب رسول الله قيصر وأرسل الى كسرى داعيا لهم الى الاسلام وبعدها انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الاعلى بعد أن بلغ الرسالة وادى الامانة وجاهد في الله حق جهاده فواصل صحابته رفع الراية وتبليغ الدعوة فنشروا الاسلام في مشارق الارض ومغاربها ثم جاء بعدهم التابعون ومن جاء بعدهم فكان دورهم الحفاظ على هذا الدين من التغيير والتبديل بعد أن دخل كثير من الشعوب و الاعاجم الاسلام فجمعوا الحديث وقعدوا قواعد اللغة العربية وألفوا المؤلفات فكانت المذاهب والتفاسير وعلم التوحيد وفن التجويد فصار الاسلام في تلك الفترة ينساب بين الافراد والجماعات بالقدوة أكثر من الغزوة وبالعدوى أكثر من الدعوة وهي الفترة الي ظهر فيها التصوف والذي كان هدفه ارجاع الامة الى سلوك السلف فاخرجوا ذلك العلم من المؤلفات والسطور وجعلوه سلوكا منظور استمر الحال كذلك حتى جاءت فترة المتأخرين والممتدة بعد ذلك الى سقوط الخلافة الاسلامية في تركيا والى الآن وهؤلاء هم الذين اكتفوا بما وجدوا وقعدوا عن الحركة وجمدوا فكرهم واسلموه لما وجدوه امامهم واصبحوا في بيات وسكون والذين اسميتهم الوارثين فاذا كان لديهم ما يحمدون عليه فالاسلام بقي بهم محافظا على شكله العام ، فاستغل اعداء الاسلام هذا الاستسلام للواقع فحاولوا ابقاءهم على هذه الحال فغزوا الديار وتآمروا على الخلافة في تركيا وتقاسموا ديار المسلمين ونشروا ثقافتهم وسيدوا لغتهم على حساب اللغة العربية وثقافتهم على الثقافة الاسلامية وخلفوا لهم نخب وحكام تآمروا معهم وبهم على هذا الدين ،فهؤلاء الوارثين كانوا هم السبب في كل ما عانى منه الاسلام والذين صنفتهم في مقال سابق الى ثلاثة اصناف ورابعهم خرج من بينهم فكان الصنف الاول الذي يشمل الحكام ورعيتهم فالحكام ابعدوا الاسلام عن حكمهم وتحاكمهم والرعية حصرته في المساجد والزوايا والصنف الثاني اسروه ما بين اللحية الطويلة والجلباب القصير وجعلوا الدعوة الى الله تكفير الذين يرفعون الآذان ويشهدون أن لا اله الا الله وتركوا من كفره واقع ويبحث عن لا اله الا الله والصنف الثالث هم الذين أهلكوا الحرث والنسل وأشاعوا في البلاد الفساد بحجة اقامة الدولة الاسلامية كما هو مشاهد في الصومال وافغانستان وباكستان وغيرها وما علموا أن قتل كل مسلم يعني قتل رسول منوط به تبليغ الدعوة فاضعفوا الامة بذلك وفرقوا كلمتها وفتتوا عضدها شمتوا عليها الاعداء وخرج من بين هؤلاء الثلاثة الصنف الرابع وهم الشباب وقود الثورات ودعاة التغيير والمتمردين على كل قديم والذين نلحقهم بركب الباحثين وأعني بالباحثين الذين أعتنقوا الاسلام ودخلوا فيه عبر البحث والتنقيب في الكتب والمراجع و آراء الباحثين والتفاسير وعبر المقارنة بين الاديان وطرح الاسئلة و الاستفهامات وخلال ما وجدوه من علميات ومعاصرة في القرآن وفي تناوله لبعض الظواهر الطبيعية المتمثلة في علم الفلك والطبيعة وخلق الانسان وما فيه من آيات تدل على وجود الخالق وقدرته المطلقة التي تقاصرت دونها قدرة الانسان ومعرفته ، فالله سبحانه وتعالى لما علم بعلمه القديم أنه سوف يكون من عباده من له فهمه العميق للدين وله الهمة العالية لنشر الدعوة والتبليغ وأنه لابد لهذا الدين أن يسود ويظهره على كل دين ، لما علم ذلك سخر من الوسائل وسبل التواصل ما يجعل لهذا الدين العاقبة وحتى يصل لكل انسان وبلغته وفي حجرته وداخل جيبه سخر الشبكة العنكبوتية ومتعلقاتها وتوابعها وأولها هذا الجهاز المتنقل والذي بداخله كل ما يحتاج اليه الانسان من معرفة ومعلومات عن الاسلام من قرآن مفسر ومقروء ومراجع وكتب أحآديث وتفاسير وبكل اللغات والتي اذا جاز ان نطلق عليها اسما فهي حجة الله البالغة فهي حجة لأن فيها ما يحتج به على الانسان وبالغة لانها قد بلغت ووصلت لكل انسان في اقامته وسفره في باديته وحضره وفي جيبه وداخل حجرة نومه وقد صدق الله حينما قال (فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم اجمعين ) فهؤلاء الباحثين قد توفرت فيهم كل ما تحتاجه الدعوة من ايمان راسخ لا تهزه رياح الافكار والهوى ولا تحركه النوائب ولهم من الامكانيات المادية ووسائل لم تتاح لغيرهم فاذا كان الاسلام بالوارثين بقي حينا من الدهر يراوح في مكانه فبهؤلاء سوف ينتشر ويقوى وينطلق وهم الذين يخرجون ما في المؤلفات والسطور ليكون سلوكا منظور هؤلاء الذين قال الله فيهم :(وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا اولئك لهم اجرهم عند ربهم ان الله سريع الحساب )فهؤلاء هم ونامل ان لا يلبس الوارثون عليهم دينهم بالخلافات الفرعية والمذهبية والطوائف لأن هؤلاء يأخذون الاسلام من مصادره ولهم من الفهم ما يجعلهم يستوعبون المعاني والمقاصد من النصوص وهؤلاء الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو بلغ الاسلام الثريا لناله الاعاجم ) ومن هؤلاء الباحثين القس الانجليزي جلال الدين برنتون الذي درس اللاهوت وأعطى اعمال التبشير كل اهتمامه فتحدث اليه صديق هندي مسلم وناقشه في العقائد المسيحية ومقارنتها بالاسلام عندئذ قرر ان يبحث بنفسه باحثا عن الحقيقة فقال :فعدت الى الانجيل اوليه دراسه حقيقيه فشعرت ان هناك نقصا لم استطع تحديده عندها كرست وقتي لدراسة الاسلام ولم يمض وقتا حتى ادركت صدق الاسلام ودعوته وكذلك المغني الامريكي تشوسكي حوكنز يقول رغم المال والشهرة التي وصلت اليها حتى اصبحت واحد من افضل عشرة مغنيين في امريكا الا انني لم اجد السعادة في داخلي حتى زرت ابو ظبي وهناك تأثرت بثقافة المسلمين وهنا بدأت اسأل عن حقيقة هذا الدين وبعد تفكير عميق اشهرت اسلامي ووجدت الراحة النفسية التي كنت انشدها فاسلمت زوجتي وابني وزاد حماسي بعد انضمامي الى منظمة الدعوة الكندية ولدي مشروع دعوي وهو دعوة مشاهير الغناء والفن الى التعرف على الاسلام ومبادئه السمحة وخير مثال يوضح الفرق ما بين اسلام الوارثين والباحثين قصة ذلك الشاب المغربي الذي تعلق بشابة فرنسية وعرض عليها الزواج فقبلت لكن والده اشترط عليه ان تعتنق الاسلام فاخبرها الشاب بذلك فقالت لامانع لكن بعد دراسة وبحث فبدأت بحثها ودراستها للاسلام وبعد فترة اتاها الشاب قائلا ماذا فعلت قالت وجدت الاسلام كله خير واسلمت ففرح الشاب فرحا عظيما لأن امنيته بزواجها سوف تتحقق لكنها فاجئته قائلة لكني لا اتزوجك فقال لها لما قالت لأن ما وجدته للمسلمين من صفات في هذه الكتب لا ينطبق عليك فما عرضنا من امثلة ونماذج يبين لنا الفرق بين الوارثين والباحثين وشتان ما بين الوارث والباحث....
ahmed altijany [ahmedtijany@hotmail.com]