حكايات دبلوماسية ..!

 


 

منى أبو زيد
25 December, 2011

 




عندما فجرت الفلسطينية آيات الأخرس نفسها في أحد المجمعات التجارية بمدينة القدس، نظم الشاعر السعودي غازي القصيبي قصيدة شهيرة تشيد بشجاعتها، وتؤكد أنها شهيدة، وتندد بطواغيت البيت الأبيض الذين مافتئوا يحثون العرب على تقبيل حذاء شارون .. وهي - كما ترى - ممارسة شخصية لحرية التعبير، لولا أن مصادفة بروتوكولية بسيطة قلبت لشاعرها ظهر المجن ..!

تصادف أن نشر القصيدة كان في أثناء فترة تأدية القصيبي لمهامه الدبلوماسية كسفير لبلاده في بريطانيا، فثارت الصحف الإنجليزية ضده، وأصبح موقفاً شخصياً لموظف دولة من قضية عامة مثار جدل بين واشنطون ولندن والرياض، فكانت النتيجة عودة السفير إلى بلاده وزيراً للمياه ..!

في مصر – وفي ذات الفترة تقريباً - انتقد السفير الأمريكي بالقاهرة ديفيد وولش الصحافة المصرية لأنها وصفت عمليات التفجير التي نفذتها المقاومة الفلسطينية بالفدائية والجريئة، وأصر – في مناسبات عامة - على طرح وجهات نظر مخالفة للسياسة الرسمية في مصر .. فما الذي حدث مع السيد وولش ؟! .. ظل مسترخياً في منصبه يمارس تحرشه بسياسة البلد المضيف، إلى أن تمت ترقيته بعد عام ونيف مساعداً لوزيرة الخارجية ..!

في السودان – هذه الأيام - أعلنت وزارة الخارجية انتهاء فترة عمل السفير البريطاني بعد فترة عامين كان من المتوقع أن تنتهي بنهاية العام الجاري، وكانت الخارجية السودانية قد استدعت السيد نيكولاس كاي بعد نشره في موقع شخصي على شبكة الانترنت كلاماً - اعتبرته هي غير دقيق - على غرار "إن المسئولين عن أمور السودان المالية يتحدون قواعد الجاذبية الأرضية، وأن إنشاءات وزارة الدفاع الجديدة معجزة مادية" ..!

الآن، بعد تأملات في تفاصيل تلك الحكايات الدبلوماسية، لنا أن نعتبر الموقف البريطاني من السفير السعودي تسلطاً غربياً، ولنا أن نرى في موقف الخارجية المصرية مع السفير الأمريكي تخاذلاً عربياً .. ولنا - بطبيعة الحال – أن ندعم موقف خارجية بلادنا .. ولكن ..!

إذا سئلتُ عن رأيي الشخصي أقول إن سفير جلالة الملكة لم يفعل أكثر من استخدام حقه في الدهشة العارمة من مقدرات هذا الشعب الهائلة على التعايش مع الفقر .. !

طرفة رائجة في الثمانينيات تقول إن خواجة من أهل نيكولاس كاي قدم إلى بلادنا بهدف دراسة أحوال معيشتنا، وعندما أدهشه عجز الميزانية الدائم الذي تكابده الأسرة السودانية، قرر أن ينزل إلى الشارع ويجري استفتاءاً بنفسه .. وكان الرجل كلما سأل أحدهم "كيف تستطيع أن تتدبر أمرك بدخل شهري لا يكفي لأساسيات معيشتك" يجيبه بتوكل أهلنا المعهود "الله كريم" ..!

عاد الخواجة إلى بلاده وهو يحدث أهله عن منظمة خيرية عظيمة في السودان، اسمها "الله كريم"! .. سعادة السفير فوق العادة أذهلته حكايات شعب فوق العادة، وكتب في حقه مدحاً يشبه الذم .. فكان ما كان ..!


munaabuzaid2@gmail.com

 

آراء