حول المذكرة (1)

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

العزاء وحسن السلوان  للشعب السودني ولكل محبي ومحبات  فنان الملايين الأستاذ محمد   وردي الذي مات بحسرة (البلا الما انجلا)  وبقاء (السجن والسجان)حتى اليوم .
اللهم اغفر لعبدك وردي سيئاته وزد في حسناته وضاعفها له   وأكرم أهله من بعده و أكرمنا  يا ربنا  نحن السودانيون جميعا عبيدك  وبنو عبيدك  بزوال السجن وبزوال السجان وبشرنا يا ربنا  (بالخير القَرّب).

بنشرها على صحيفة أخبار اليوم اليومية في عددها رقم 6243 الصادر بتاريخ الخميس 2 فبراير 2012م
وقبل التقدم بها لجهات الإختصاص صارت (مذكرة السبعة) قضية رأي عام ولذا فليسمح لي القراء الكرام بجرهم  بسببها إلى سوح حزب الأمة الداخلية  لكي نقلب معا سطورها وما بين السطور فنحاول فك طلاسمها ومعرفة حقها من باطلها .
ربما ضجر البعض من هذا الإقحام  في شأن حزبي  خارج دائرة إهتمامه وهمومه وجسده المنهك تعتصره الآلام وربما الأمراض ومطلوبات الحياة اليومية الضاغطة الخانقة تنتاشه وتتعاوره كخرقة بالية ، كما أن بلادنا ليست بمنجاة: إذ  تعبث بها الأهواء والأنواء في لحظة مفصلية فارقة :فما حاجتنا والحالة كذلك بأحاديث المذكرات وهموم الأحزاب؟.
لكني أزعم  أننا وبقليل من التفكير  سوف لن  نستطع  الفصل بين مذكرة السبعة تلك وبقية أوجاع الوطن (فعقربايتهم واحدة) كما قال سيدي خليفة المهدي .ذلك أن تلك المذكرة ما هي إلا بنت زمانها والأشبه به من حيث الشكل والمضمون مما يشي بغرضها ويصرخ بمرضها :ومثل المريب تكاد تقول خذوني .
ونحن لا ننفي جملة واحدة إحتمال إحتواء المذكرة على أسماء لأشخاص  بأهداف متنوعة ربما كان من بينهم من ينشدون الإصلاح فعلا فهؤلاء نرجو منهم النظر مليا  في الطرق التي يجب طرقها لتحقيق المرامي.
ربما صار في حكم المعروف عرفا بين أهل السودان أن بذر الفتن بين الجماعات والإنشقاقات في الأحزاب من أهداف المؤتمر الوطني الإستراتيجية الراسخة الحصرية وهي أهداف   ينفذها ضمن سياسة فرق تسد واسعة الإنتشار بفعله .كما أن أهل السودان قد عرفوا أن الحركة المسماة إسلامية وبكافة مسمياتها من مترادفات قد برعت في استخدم المال لشراء الذمم و(لفركشة) الجماعات.وأن تلك الحركة التي  استهدفت السودان في أعز  مكنوناته : مشروع الجزيرة، السلم التعليمي، الخدمة المدنية، المؤسسة العسكرية ،أحزابه السياسية الكبيرة التي كان لها الفضل والسبق في تحويل  عصبيات  القبيلة شيئا فشيئا إلى الولاء للوطن وطالت الإنقاذ  بالخراب أيضا النسيج الإجتماعي ..إلخ  القائمة من مدمرات . تلك الحركة  تجعل من أول أولوياتها حرمان بذرة الوطنية التي تسقيها تلك الأحزاب من النمو. فتناميها يعني وحدة الهدف. والهدف هو حفظ السودان سليما معافى من أمراض العصبية والقبلية. و ذلك هدف لا يتأتى في ظل المؤتمر الوطني- كلنا نعرف ذلك .وهم يعرفون تناقض تلك المصلحة بيننا (كل أهل السودان) وبينهم لذلك ينقضون على من يقف في طريق أهدافهم بمعاول الهدم.
عندما سمعت بالمذكرة المعنونة بـ(نداء التغيير)  لم أعرها اهتماما أول الأمر لإيماني بأن مثل تلك التدابير البائسة يجعل ربي دوما  تدميرها في تدبيرها .وللكتابة عنها اليوم استنهض همتي من أعتز برأيهم  في وجوب تناول أمر المذكرة وهائنذي أفي بوعدي ذاك .

في يوم الجمعة الموافق 10 فبراير 2010 حضر 4 من (جماعة السبعة) لعمي ابراهيم علي  مدير مكتب الإمام الخاص -في بيته وسلموه مظروفا ليسلمه للإمام الصادق والمظروف يحتوي المذكرة  المكتوبة بتاريخ 9/2/2012 (أي اليوم السابق ليوم التسليم)، وهي المذكرة التي نحن بصدد تشريحها اليوم  .ولأن مكتب الإمام (صاحي) لا حظ مديره أن تلك المذكرة التي يراد مخاطبة الرئيس بها وأخذ موعد لمناقشتها قد سبق تداولها في الصحف منذ مدة لدرجة أن مكتب التنسيق في حزب الأمة كان  قد ناقشها بغياب الإمام ورأى صرف النظر عنها لكونها أرادت الإثارة وليس الإصلاح ولا المعالجات. فقام من فوره بإبلاغ أصحاب المذكرة بأنه لا يرى جدوى من مقابلتهم للإمام وقد كان  عدم الجدوى من  المقابلة هو موقف الإمام نفسه من جماعة المذكرة لذات الأسباب التي رآها مدير مكتبه وصفيه ابراهيم.
نحن لا نعلم على سبيل اليقين هل أمر المذكرة يبدأ وينتهي عند أصحابها ، أو يبدأ في مكان آخر وينتهي عندهم ،أم  أنهم –أي السبعة صفوة مختارة من جسم عريض يبلغ بحسب إحصائنا للأسماء المرفقة بالمذكرة 637 (مع تشككنا في العدد الفعلي من وراء المذكرة بسبب ما بلغنا من أن كثيرين أفرادا وجماعات  جزموا بأنهم لم يسبق لهم الموافقة على هكذا مذكرة ! بل  عزم بعضهم على مقاضاة رؤوس المذكرة المدبرين  على سرقة أسمائهم  دون استئذان ودون وجه حق ).وبسبب من هذا الغموض الذي يحيط بالعدد الفعلي الواقف  من وراء تلك المذكرة ننسبها  لحملتها السبعة الذين ثبتوا من ورائها مع الإقرار بأن هناك من يسندهم من الأسماء التي وردت فيها بحسب ما وصلنا من تصريحات أصحابها في حوارات صحفية أجريت معهم  أو مقالات منشورة لهم على الشبكات الإسفيرية يدافعون فيها عن وجهات نظرهم المساندة للمذكرة.
بعد أن انكببت على تأمل تلك المذكرة تبدت لي خطورتها من حيث كونها انبثقت  لترفد ذلك المسعى الإنقاذي المتواتر بالليل وبالنهار، العامل جهده لشق الأحزاب والكيد لها، المستهدف لكل  دخري لحوبات الوطن علم أصحاب المذكرة الرافدون لهذا المنحى  أم جهلوا.ثم قفز  إلى ذهني فورا المشهد الذي تناقلته الصحف بعد المؤتمر العام السابع لحزب الأمة عندما حج نفر من منسوبي الأمة لذهب الحجاج ودنانيره فاستقبلهم السيد نافع علي نافع مرحبا ومذكرا :لا نريد خلف الصادق حتى أبنائه العشرة!
بداية :لا يستطيع عاقل أن ينكر أن التململ- وقد سمينا ملة ابراهيم رهق ضروري ومهم للسير قدما وللتقدم إلى الأمام.
كما أن تجويد أي عمل يقتضي نقده فالنقد خير وسيلة للبناء كما أسلف كانط محقا.
ليس هناك خلاف على أن المطالبة بتنحي أي  رئيس وفي هذه الحالة تنحي رئيس حزب الأمة حق  في حد ذاته ديمقراطي إن التزم بشروطه ويكفله دستور حزب الأمة نفسه كما يظهر من نصوصه .
على المستوى الشخصي وكثيرون ممن يقفون معي على  ذات المنصة  يرون أن الصادق المهدي كنز قل أن يجود الزمان بمثله وكثيرا ما تحدثنا الأنفس الشح –ومن يحرز ثمينا يبخل،ماذا لو ترك الإمام   هذه المواقع التي ترهقه وتنهكه وتذبله فتكاد قلوبنا تنفطر للفكرة: فكرة الشمعة التي تحترق لتضيء دون أن تلقي بالا لكونها  تبذل من العمر وهو  أجل غير متجدد  : لكنه لا يأبه لجرحه ولا لنفسه ولا لنا ويقول  في مواجهة تلك المطالبات الصامتة الناطقة: لقد كتبني أهل السودان وأسروني بأقوال وأفعال ومشاعر أفديها بكل غال.فنجهد لنرى جانب الكوب المليء !
عند الاستعراض التفصيلي للأسماء السبعة التي زينت الخطاب المقدم للسيد ابراهيم علي مدير مكتب الإمام الصادق الخاص  يخبرك العالمون بأن خمسة على الأقل من جملة السبعة هم من التيار العام ،وما أدراك ما  التيار العام !
ومنذ هذه البداية  يحق لنا القول بضمير مرتاح أن تلك فئة،  مدمنة مذكرات و كيدهم طارف وتليد فقد  سبق لهم  الطعن في نتائج مؤتمر حزب الأمة السابع وقد قدموا مذكرة بالخصوص إلى مجلس شؤون الأحزاب السياسية  في 2009 تطعن في نتائج ذلك المؤتمر وتطالب بإلغائها كلها (الهيئة المركزية والمكتب السياسي والأمين العام) فألقمهم  مجلس الأحزاب حجرا حينما رفض الطعن في تاريخه بعد استعراضه لطعونهم  وتأكده من الردود على تلك الطعون وقام بإخطار  الأطراف المعنية بذلك في 6/10/2011،  بالإستناد لنص المادة (10/2/أ )من قانون الأحزاب السياسية لسنة 2007.
وعند النظر في تفاصيل الأسماء يزعجنا تزعم اثنين من الذين سبق لهم المخاشنات اللفظية  مع قيادات من حزب الأمة منهم قيادة من القيادات النسائية في حزب الأمة   ودون توقف عند الأسماء نحن من تراث يؤمن  بأن غالبهن لئيم والمعتدى عليه الآخر شيخ ذو مقام علمي رفيع وقد أمرنا بتوقير الكبير وعندنا كأنصار حساسية خاصة من قبيح القول .
ويدهشنا جدا كون اثنين من السبعة على الأقل تأهيلهم قانوني وكان ينبغي لهم تجنب الوقوع في أخطاء يكتشفها  حتى سابلة دروب  القانون أمثالنا:مثل إيراد أسماء دون إمضاء من أصحابها ،تقديم مذكرة تطالب بتنحي الرئيس للرأي العام  مع أن ذلك من صلاحيات المؤتمر العام حصريا ويكون تقرير ذلك بواسطة ثلثي أصوات أعضاء المؤتمر العام بحسب الدستور ونجد أنه بحسب حضور المؤتمر العام السابع يكون العدد المطلوب ليقرر بهذا الشأن هو  : 4000× 2 /3 = 2666.6 بينما من جملة الأسماء المرفقة مع المذكرة -إن غضضنا الطرف عن المناقص الأخرى نجد أن 72 منهم  فقط ،هم من أعضاء المؤتمر العام الذين يحق لهم إن بلغوا ثلثي العدد الكلي  للمؤتمر العام بحسب دستور الحزب المجاز في 2009 في المؤتمر العام السابع المطالبة بتنحية الرئيس أو تعديل الدستور.
الناظر لتلك الأسماء المرفقة كجمهور من وراء المذكرة  سيجد فورا أن هذه المذكرة أصيبت في مقتل  فورا بتبرؤ المهجر منها حيث بلغ عدد المهجريين 216  من 637 وهم عدد الأسماء المرفقة مع المذكرة (والملفت هنا أن الواقفين من وراء المذكرة من المهتمين بالدعاية وتكبير الكوم والا ما الداعي لايراد قائمة  المملكة السعودية تحت عنوان المملكة والعالم العربي مع أنه ورد اسم  شخص واحد فقط من خارج السعودية وهو من مصر). فقد  صدر بتاريخ  4/2/2012  بيان من دائرة المهجر  ينكر المذكرة  بإمضاء كابتن عادل المفتي مساعد الرئيس لشئون المهجر و الحبيب البشري عبد الحميد محمد  مساعد الأمين العام – رئيس دائرة المهجروعضو لجنة التنسيق العليا بالحزب يؤكدون في البيان :(أن  مؤسسات الحزب بالمهجر لاعلاقة لها بالمذكرة ولم توقع أي من تنظيمات المهجر على المذكرة المزعومة بصفة مؤسسية كما لم يتم ارسال اي شخص للمشاركة ضمن الوفد المذكور إن صح الخبر).
ثم انطبق عليهم (العصفر على الحنة) حينما  أتى  خطاب من رئيس حزب الأمة في شمال كردفان الأمير منصور ميرغني زاكي الدين يؤكد للأمين العام أن 75% من الأسماء الواردة ضمن قائمة شمال كردفان  (وعددهم أتى تاليا في الحجم للمهجريين حيث بلغ حسب القائمة المرفقة 101 شخص )لا صلة لهم البتة بحزب الأمة ونعلم من الصحف ان شهادات  الزور صارت مشكلة للمحاكم السودانية .كما أنه على مستوى الأفراد اطلعت شخصيا على تصريحات لمن ينفون علمهم من الأساس بالمذكرة .كما علمت من الجهات المختصة بتلقيهم  لاتصالات تترى  تنفي كذلك وتستنكر سرقة أسمائها.اضافة لنفي قيادات الحزب بشمال كردفان والمكتب التنفيذي لولاية الخرطوم الذي فصل بقول  أن عدد الـ  (40) شخص الوارد اسماءهم في المذكرة (36) منهم لا يعرفونهم .وأتت إفادات مماثلة من جنوب كردفان وغيرها .
كما طعن أناس بأنه قد يرد في المذكرة أسماء لخمسة أشخاص من ذات البيت: رب الأسرة وزوجته والأبناء!
أما الطعون الأخرى الدالة على عبثية هذه المذكرة  ومصارعتها لطواحين الهواء ونكوصها عن هدفها الأعظم نفسه  الذي تجلى في  جميع نقاطها الـ28 المدرجة صراحة أو تلميحا وهو تنحية الإمام الصادق فهو تكاسلها عن  جمع العدد المطلوب من الإمضاءات المطلوبة لذلك   و عدم التوجه إلى الجهة المنوط بها الفصل في ذلك الأمر وهي المؤتمر العام.والإسراع بنشرها في أجهزة الاعلام قبل مخاطبة مؤسسات الحزب لتناقشها حتى على أساس أنها تململ جدي وواجب الأخذ به  في الإعتبار.
أول ما يلفت النظر  ويفضح أن هناك جهات حكومية  تقف من خلف تلك  المذكرة  هي ذلك الإحتفاء الملحوظ من صحافة رزئت بممالأة النظام والعزف على أوتاره . ثانيا فضحت الهرولة للإعلام هدف الإثارة والتشهير بالحزب لإضعافه وصرف النظر عن مشاكل البلاد الأخرى التي طفحت عن كأسها وآن زمان الإنفجار العظيم.وأغرب ما يرد في السياق هو رد السيد محمد حسن العمدة في مقابلة إسفيرية أجرتها معه الراكوبة الالكترونية أن المستفيد الوحيد هم أعداء الحزب الذين نعرفهم ومناديبهم بالأمانة العامة :ولسنا بصدد مناقشة تلك التهمة فأهلها أولى بالرد عليها ولكن ما يتبادر إلى الذهن هنا لا بد أن جسم أصحاب المذكرة مخترق إذ كيف يجوز لمن سماهم العمدة مناديب لأعداء الحزب في أمانته العامة الحصول على نص للمذكرة ونشرها على الملأ قبل أن تصلهم رسميا كأمانة عامة! كما أن السيد عبدالمطلب عطية (أحد السبعة الذين سلموا المذكرة باسمهم) بادر إلى التصريح في الصحف بأن المذكرة المنشورة ليست التي تم تسليمها للرئيس .ولكن ذلك كان حده قصيرا وتم دحضه بالمقارنة بين المنشورة والتي بين أيدينا(التي سلمت لمكتب الرئيس) .
من ضمن النقاش المثمر في منتديات الأمة هناك من يقسم ما تبقى من مجموعات خلف المذكرة  إلى عدة تيارات ليست على قلب رجل واحد فهم :
-    تيار (الانتصار للذات) كما يدعوهم صاحب  ذلك التصنيف  - هؤلاء يتحركون بدوافع شخصية حسدا وحقدا.
-    تيار متأثر بإعلام الأنظمة الشمولية حيث نجح هذا الإعلام في غياب تام لإعلام الحزب واستطاع أن يرسخ مفهوم أن كل مشاكل وفشل السودان سببه الإمام الصادق المهدي.
-    تيار متأثر بمن أسموا أنفسهم بالتقدميين الرافضين لما يسمونه بالرجعيين والطائفيين.
-    تيار غاضب على أداء الحزب وصور له من قبل التيارات الأخرى  بان أداء الحزب سوف ينصلح مجرد تنحي الإمام ومن بينهم من استغفل .
وعند استعراضي للمذكرة على ضوء هذا التصنيف وجدته حصيفا ولكنه ممعن في حسن الظن لكونه لم يخطر له أن يرى المارد (الوطني) الواقف من خلف تلك التيارات .
في الاسبوع المقبل إن شاء الله  سنبحر معا مع هذه التيارات ونخوض مع الخائضين  في بنود المذكرة الـال28 ونرى أشرا أُريد بها أم خيرا!
وسلمتم
umsalama alsadig [umsalsadig@yahoo.com]

 

آراء