تصفية (بحب السيما)

 


 

 



ما تستند عليه حصيلة الأفلام السودانية الروائية المنتجة والتي لا تتعدي أصابع اليد الواحدة من أول فيلم سوداني (آمال وأحلام) ، وهو إنتاج الأستاذ (الرشيد مهدي) رغم أنك قد لا تجد أحدا ً يدلك علي من شاهده حتي تستطيع تقييم هذه البداية ، علي كل ، قلنا أن عدد الأفلام السودانية الروائية من أول إنتاج وحتي آخر إنتاج فيلم (بركة الشيخ) لمصطفي إبراهيم لا يشرف تاريخ ظهور السينما والدور الذي قامت به في تغيير ربما بنيات المجتمع السوداني بكافة أشكالها ، إجتماعية وسياسية وثقافية بالإضافة الي دورها الترفيهي المعروف . ولكن دعونا لا نظلم قطاع الإنتاج ورغم أهمية ما يقوم به إلا أنه ليس كل الأدوار في صناعة السينما ، وعندما نطلق عبارة (صناعة سينما) فقد يتخافت الصوت قليلا ً الي درجة إنعدامه ، عندما تتراءي في خيالنا الدرجة التي وصلت لها صناعة السينما في مصر أو صناعة السينما في الهند أو حتي صناعة السينما في لبنان ، بعد أن نالت المخرجة اللبنانية (نادين لبكي ) عن فيلمها (وهلأ لوين) جائزة الجمهور في مهرجان تورونتو٢٠١١، لا تستقيم هذه النتائج مع ما رصد وثائقيا ًعن بدايات السينما في السودان فقد كتب الصحفي المرموق (سليمان كشة ) في مذكراته : أن بعض سكان العاصمة كانوا يشاهدون الفانوس السحري ويقيمون العروض المسرحية في قهوة الخواجة لويزو وقبل دخول العشرينيات من القرن الماضي اتسعت حركة المشاهدة السينمائية وشاهدت الجماهير السينما المتجولة في المدارس والميادين العامة ) . كما ذكر الأستاذ كمال محمد إبراهيم في كتابه : (السينما السودانية الماضي ، الحاضر والمستقبل ) أنه جاء في مذكرات سير (ستيوات سايمز) الحاكم العام البريطاني للسودان في الثلاثينات في مؤلفه (جولة عمل) Tour of duty  أن أول عرض سينمائي في السودان تم بتوجيه من اللورد كتشنر عندما كان في زيارة للسودان في مهمة رسمية عام 1911 وكان فيلم أخباري قصير صامت تم عرضه في مدينة الأبيض ضمن الإحتفالات التي أقيمت بمناسبة إكتمال خط السكة حديد وكان محتوي الفيلم مقابلة الملك (جورج الخامس) ملك بريطانيا العظمي لبعض الأعيان والمشايخ من أهل السودان في ميناء بورتسودان . فما الذي حدث وأبان التردي الذي أصاب أداة التعبير الأكثر تجذرا ً في وعي الجماهير السودانية ؟ كما تساءل أحد المهتمين ، ثم أوضح أنه بدأ هذا التدهور صريحا ً بعد التصفية الفورية والمفاجئة لمؤسسة الدولة للسينما والتي كانت تغطي تماماً وظيفة إستيراد وتوزيع الأفلام وتسهم في رفع مستوى الوعي السينمائي، وكان يمكن استمرار عمل المؤسسة مع فتح الباب للمنافسة الحرة لإستيراد وتوزيع الأفلام. إلا أن ما تبقي يتطابق تماما ًمع مقولة (عثمان سامبين) المخرج السنغالي والروائي العالمي أن "السينمائيين الأفارقة بمقدورهم أن يصنعوا سينما عظيمة عندما يكف السياسيون الأفارقة عن صناعة الأفلام الرديئة".

 

آراء