بُركـان فـيزوف السوداني
عبد الله الشقليني
2 March, 2012
2 March, 2012
م رّ ت : مرّت الأيام ولم تمًرّ الأحزان . الأرض موسومة ومرسومة بالطفح البركاني ، تبدو من البعيد نجماً مُضيئاً . لن ترى الثقوب التي أحدثتها جُحور فئران الزمن الغابر في سطح الأرض . من قبل نأى الجميع بأجسادهم إلى المنفى شظايا . توهّج الوطن بأضوائه في الأفئدة عرائس من حلوى الأعياد ، أو أُحاجي .
عدنا من المنفى فرأينا الأخاديد التي خلفها فئران الزمن الغابر على الخدود كالجُدَري . وجدنا الوطن خرائب أجساد وخرائب في الأرض وحروب أطراف وحروب من اختلاف الرؤى في تأويل الدين وتيبست مفاصل الحياة .الذئاب البشرية وقد ائتمنوها لخدمة الفئران تصرفُ عليهم الدولة من مال جباية الفقراء . زرعوا السمَّ في الماء والكربون القاتل في الهواء ولوثوا الدماء ليأتي الموت عيداً للفقراء الذين انتشروا في أرض الوطن ، مدنه وأريافه البعيدة .
عندما نقترب من نجم الوطن تظهر لنا الأخاديد . كل الطرق إلى الحياة مسدودة . الهياكل العظمية مكتسية بالتجاعيد ،والنحافة أقل الخسائر . وجوه الأبنية والطرقات إبداع في صناعة القُبح . تدحرج الجمال إلى الأسافل ، حتى الأغاني باهتة لا لون لها ولا طعم ، مُقلّدة المعدن . حال ما تنتهي من سماعها تختفي بلا أثر . وحدها نستولوجيا الحنين عند البشر لم تجد لها سهامهم المصوّبة ضرباً في مقتلٍ . تماسك الجميع . يلتقون بعضهم عند فواجع الفقد أو المستشفى أو عقد القران في المسجد. يأكلون ويشربون ويستبيحون المآتم لدبيب الحياة الاجتماعية ، فأضحت متنفساً .
للذين تستخدمهم الدولة بطاقات للسيطرة على الآخرين ، ينزِعون أجورهم من عامة الناس عُنوة. للجميع هواتف نقالة ، ليدفع الفقراء فاتورة الشكوى لبعضهم .مال الزكاة المفروض عُنوة برؤية ابن عباس ، يسرقه الجُباة ويقولون " هي لله " !.
الشمس وحدها استدار وجهها وسعيرها يكافح الميكروبات بلهبها ، فالأرض حليقة من النبات ، ليس بينها وبين الفقراء من ستار.اليوم سعيٌ بلا فائدة ، منذ الفجر وإلى الليل .المؤسسات النظامية : وكلاء مباني ومستثمرون وسماسرة بيع أراضٍ وخرائب . إن جئت مستثمراً حقيقياً سرقوكَ منذ المُبتدأ ، وأطلقوا الرصاص على التجربة . وعند انهيارك بالإفلاس، تنهض ذات التجربة من القبور بذات التفاصيل عفريتاً جديداً باسم أحد عُصبة التمكين .
قال فيما قال : مفوضية للفساد !
العمرُ أقصر مما ينبغي . السرطان كالشقيقة ، والجميع بلا مناعة ، دعكَ من نقصها !.الأوبئة وجدت الأبواب مفتوحة ، وطناً وجواز سفر وترخيص وإعفاء من الخدمة الإلزامية ، وتنقُل بلا جباية !.
لكل شيء سعرٌ . النفايات أغلى من البشر . عند كل زاوية أو طريق أو أعشاش سكن ،تجد جمهرة من رجال الأمن ، ولا أمن هناك .
قاعات متعددة لحفلات الزواج ، فقد تقاسم أهل السلطان باحات الأحياء لدور سكنهم المرفه . كَثُر الموت وقلّتْ المدافن . من يقولون عن أنفسهم أصحاب السُنة رقّموا الموتى المقبورين وأناروا المقابر ! . لا اسم ولا تاريخ لمن مات .
لا تسأل عن الدستور والقانون والرشوة أو الفساد ، فكلها أوامر من المحافظ أو الوالي بمنشور !. الخاتم الذهبي في يد الزوج حلقةٌ من نار . خاتم الفضة للفقراء وخاتم أبيض لامع للأغنياء لا يعرف الفقراء له اسماً .ضرب الإناث أمر عاديٌ ، ويشهد العذاب طائفة من السابلة ومنهم أصحاب السياط أنفسهم . النقل عن ابن تيمية وابن عبد الوهاب وعبد الحي وهنيّة ، وشيخٌ مهيب تغزل شعراً في امرأة في سن حفيدته وتزوجها ثم طلقها لانقضاء الوطر حسب روايته .
أي نعيم نحن نجلس أرائكه في هذه الدنيا ؟!
إن صرَختَ من آلام الحُمى ، قبضوا عليكَ متلبساً ، وأحضروك لدار الاستخبارات . أدخلوك بيتاً كبيوت الكلاب ، وقالوا لك : " أنت تصرخ متوجعاً من الحكومة .. أتُنكِر ؟؟؟ .
فَتَحت السماوات أغلفتها لمن يرغب أن يكتب . يكتب من يشاء ما يشاء ، فبعث الجهاز برجالاته للصين للتدريب على تهديم المدونات التي تصدح بالرأي . والرأي طبل ودخان ونار يغلبونه بمال السُحت ويغلبهم بالبنين .
25/2/2012م
abdalla shiglini [abdallashiglini@hotmail.com]