على الدرب مع طلحة جبريل في تشريح الراهن السياسي السوداني

 


 

 

هذا الحوار له قصة أشارككم فيها
إذ انني عندما كنت في الخرطوم في يناير الماضي حرصت على أن أدلى بحوار حول  الأوضاع  السياسية في الوطن الذي نحب ينشر وانا في الخرطوم، لأتحمل مسؤولية ما اقول وانا هناك وفعلاً أجريت حوارين مع " الأخبار" و" الاهرام اليوم" وكنت أتمنى نشرهما في ذلك الوقت لكن " الأخبار" تلكأت في النشر الى أن توقفت، في حين أبلغت من طرف "الاهرام اليوم" أن رئيس التحرير السابق للصحيفة قرر عدم النشر وفي الحالتين كان رأيي أن من حقي أن اقول ما أعتقده بغض النظر عن الخط التحريري للصحيفتين، ومن حق الصحيفتين ان ينشراً أو لا ينشرا، اي أن كل منا يمارس حقه وكان أن تحدثت بعد مغادرتي الخرطوم مع صحيفة اميركية وأخرى ايطالية حول  القضايا نفسها،مع إنطباعات شخصية يمكن أن يطرق اليه في هذه الحالة شخص مهنته الصحافة لكن فوجئت أن " الأهرام اليوم" عادت لتنشر الحوار أمس و اول امس 15 و 16 ابريل في حين  أن الحوار جرى بالضبط في 15 يناير الماضي واحمد لهم أنهم نشروه مع الحفاظ على خطوطه الأساسية ومنعاً لأي التباس قررت توزيع هذا الحوار مع هذا التوضيح، لأن مكان وزمان الحوار  كان مهماً جداً، وليتهم اشاروا الى ذلك  لأنه يوضح السياق الذي قلت فيه ما قلت أو هكذا أظن، مع التأكيد إنني مقتنع تماماً بكل حرف قلته

طلحة جبريل
talha@talhamusa.com



1-2
لطلحة جبريل أكثر من سلطة في أوساط من عرفوه مباشرة، أو قراءة: سلطة معرفية يعترف له بها الخصوم قبل الأصدقاء، وجاذبية ساحرة في قلمه تجري وراء إغرائها القلوب والأفئدة، وسلطة أخلاقية حولته إلى ضمير جيل ومرحلة. وكم ستكون مهمتك بالغة الصعوبة، لو أنك بحثت عن تصنيف مُحدد لطلحة. رجل له بسطة في الفكر والحضور تتسع على جميع الأيديولوجيات، يمكنك أن تصفه بأنه (وسيط مسؤول). هو خلو من ادعاء إنقاذ البشرية وتخليصها، ولا ينتظر أن ينقذه أحد، يتصرف بوصفه مسؤولاً عن نفسه، يحاول الاحتفاظ باستقلالية متينة حال كونه صحافياً ملتزماً بدوره كوسيط مسؤول لا وصياً متعالياً. لم يهبط يوماً إلى لغة الأيديولوجيات والتبرير، لكنه ما ساوم أبداً على ما حسبه في جملة المبادئ، حين يقول: أنا ضد الشمولية أينما وجدت. قال كل شيء في حوار مقتضب مع (الأهرام اليوم)، ناقش فيه مسائل عدة يوحي ما قاله عنها بأنه قال فيها (كل شيء). لكن كان في جعبته الكثير مما يقوله في أحوال زماننا، ومما ليس يقوى غيره على قوله بمعايير الكفاءة والاقتدار وبمعايير الشجاعة التي لا تعدلها في قول الحق شجاعة قلم في هذي البلاد.

* انهيت إجازة قصيرة بالسودان، كيف وجدت الساحة السياسية السودانية؟

- بصفة عامة أستطيع القول إنه لم يتغير شيء كثير، الوضع كما هو، وإن كانت بعض الأمور قد ازدادت تفاقماً في ما يتعلق بالنزاعات المسلحة في بعض أجزاء الوطن. وبصراحة لم أكن حريصاً على الاقتراب من الوضع السياسي. لكن موقفي لم يتغير فأنا ضد الأنظمة الشمولية بصفة مطلقة، وحرصي على عدم الاقتراب من الوضع السياسي، لأنني كما تفضلت جئت في إجازة قصيرة للأهل والأصدقاء وبالتالي حرصت على تخصيص أكبر وقت منها لأسرتي، ولم أنشغل بالوضع السياسي. لكن انشغلت بأمر آخر، ربما أخذ مني الكثير وهو لقاءات ذات طابع مهني علمي، مع عدد من الصحافيين والممارسين للمهنة في عدد من الصحف.

* لكن ثمة صورة تبدو واضحة بعد انفصال الجنوب، هل هي زاهية أم قاتمة من وجهة نظرك الشخصية؟

- إذا قلت إن الوضع في السودان زاهٍ. ربما يتهمني الناس بالجنون، الصورة ليست زاهية على الإطلاق، فهي قاتمة على المستوى الاقتصادي وعلى عدة مستويات، ربما بعض الناس يتساءلون الآن، هل كانت نيفاشا اتفاقية عادلة فعلاً؟ أنا كنت من الناس الذين يقولون إن نيفاشا اتفاقية لم تكن عادلة على الإطلاق، لأن موضوع انفصال الجنوب كان حتمياً، شاء من شاء وأبى من أبى، لكن بالمقابل إذا كان هؤلاء الإخوة في جنوب السودان - هذا حقهم - عبر تقرير المصير نالوا استقلالهم، هل استطاع الشمال أن يبعد ضرر الانفصال؟ من هنا يتضح أن اتفاقية نيفاشا كانت ظالمة جداً، ولم تكن منطقية، وتركت قنابل موقوتة تنفجر الآن، وكل ما قيل عن المفاوضين أو الوفد المفاوض، أو رئيس هذا الوفد والضجة التي أثيرت حول براعة الوفد المفاوض وقدراته اتضح الآن أنه كلام هُراء وليس صحيحاً.

* إذن توافق على مقولة إن جنوباً جديداً بدأ في البروز؟

- رغم إيماني بأن السياسة لن تكون أمنيات، فأنا أتمنى أن لا يحدث ذلك، لكن لا أتصور أن الأمور تذهب إلى حد وجود جنوب جديد. الجنوب وضع مختلف ومسألة مختلفة تماماً، ولم يكن مطلوباً أبداً من المفاوض الشمالي كما ليس من حقه إقحام هذه المناطق في مفاوضات نيفاشا، أي جنوب النيل الأزرق، وجنوب كردفان، أبيي نفسها، كان من المفترض أن تبعد تماماً لأنها جزء من الشمال، ولها مظالم كالمظالم الموجودة في دارفور والشرق وغيرها، وتحل في هذا الإطار.

* عدم العدالة في اتفاقية نيفاشا هل تكمن في عدم تنفيذها، أم أنها ليست عادلة في بنودها، الذين نظروا للاتفاقية قالوا إنها تحمل حلولاً للأزمة السودانية كلها؟

- أسوأ اتفاقية وقعت في تاريخ السودان الحديث على الاطلاق هي اتفاقية نيفاشا، وهذا الحديث ليس جديداً فأنا كتبته من قبل، أولاً هذه الاتفاقية أبعدت الأطراف الأساسية في الشمال، أنا لا أتحدث عن الجنوب، الحركة الشعبية كانت الطرف المهيمن وكان يجب أن تكون مع المفاوضات، هناك من يقول إن بعض الأطراف الجنوبية كانت معارضة، ولكن في رأيي ليست لها قيمة، لكن الاتفاقية أبعدت القوى السياسية في الشمال نهائياً عن هذه الاتفاقية، هي اتفاقية سلبية وسيئة جداً لأنها جلبت لنا فجأة بعد تطبيقها ثلاث حروب في جنوب النيل الأزرق، وجنوب كردفان، ثم أبيي، غض النظر عن موضوع دارفور، فكيف تكون هذه الاتفاقية صالحة وفيها إيجابيات. المفاوض (السوداني) إذا كان يعتقد بأنه استطاع أن يأتي بالسلام في مقابل منح حق تقرير المصير لجنوب السودان فهذا تضليل، لأن حق تقرير المصير كان موجوداً في اتفاقية الاستقلال في 1953م وهو الذي أدّى إلى تداعيات تمرد توريت، هذه الاتفاقية سيئة من جميع النواحي، سيئة سياسياً، ولم توسع مواعين العمل السياسي حتى تشارك فيها كل القوى السياسية، وتداعياتها السياسية أدّت إلى نشوب ثلاث حروب، وسيئة اقتصادياً لأن المشكلة الاقتصادية التي يعاني منها الشمال الآن هي بسبب الجانب الاقتصادي في الاتفاقية، مسألة النفط، وعائداته، وكيفية اقتسام الديون، أضف إلى ذلك أن السودان كان يتعرض إلى حظر بسبب مشكلة الجنوب لأن أزمة دارفور لم تندلع في ذلك الوقت، والأمريكيون حضروا الاتفاقية، مجلس الأمن أتى بكامله ليصادق على هذه الاتفاقية في نيروبي، كان على المفاوض الشمالي أن ينص بمجرد تطبيق هذه الاتفاقية وانفصال الجنوب ترفع جميع العقوبات عن الشمال، هذا كله لم يحدث، فدعني أقول إنني مندهش حقيقة من بعض الناس الذين يقولون إن الاتفاقية حققت بعض الإنجازات وأن المفاوض الشمالي حقق بعض الإنجازات، هذا (كلام فارغ).

* بعض الناس يطرحون خيار قيام ثورة في السودان وأنت طرحت من قبل ترسيخ دورة المؤسسات فأيهما أجدى؟

- أنا أقول إن الأزمة السودانية لا يمكن تجزئتها، أو تقسيمها، كالحديث عن إيجاد حلول لأزمة دارفور في إطار الدوحة، وأبيي في إطار محكمة العدل الدولية، وجنوب كردفان والنيل الأزرق بالتفاوض مع بعض أطراف الحركة الشعبية. هذا كله تغبيش للحل الحقيقي، الحل الحقيقي هو ذهاب النظام الشمولي وقيام دولة مؤسسات، لا يمكن إطلاقاً خارج هذا الحل أن نتصور إيجاد الحلول لهذه الجزئيات، لا أقول غداً تندلع ثورة في السودان، أو إزاحة النظام الشمولي عبر العنف، لأنني ضد العنف المسلح، وضد استعمال القوة في التغيير، لكن يكفي لهؤلاء الناس الاستمرار في الحكم.

* إذن ما هي الطريقة المثلى للوصول إلى دولة المؤسسات في تقديرك؟

- الطريق السلمي هو المطلوب وأن يكون عبر نوع من أنواع المؤتمرات ذات الطابع الدستوري مثلما حدث في بعض المواضيع الكبرى، تجلس كل الأطراف حول طاولة مفاوضات، وتكون هناك تنازلات متبادلة. دعني أكون أكثر وضوحاً أنا شخصياً ضد فكرة محاكمة أي مواطن سوداني - أيّاً كان هذا المواطن- خارج إطار القضاء السوداني، لكن هذه لا تؤخذ على طريقة (ولا تقربوا الصلاة) هذه مرتبطة بقيام دولة مؤسسات حتى يكون لدينا قضاء مستقل، إذا كنا استبعدنا عامل العنف، والتغيير العنيف والذي جربناه، وأنا كنت أحد الأعضاء في التجمع الوطني الديموقراطي وانتهى إلى لا شيء، كان كياناً مهلهلاً فاشلاً لم يحقق أية نتيجة، إذا كنا جربناه الآن نجرب التفاوض كما تفاوض الناس في نيفاشا، ونبدأ سلسلة تفاوض في الخرطوم، ما المانع؟ نحن نتفاوض في نيفاشا في قضية صعبة جداً ومصيرية، وتؤدي إلى تقسيم البلاد، نحن نريد الآن بكل صراحة أيضاً التفاوض حول السلطة، حتى يجد أي طرف – لا يعزل أحد- موقعه داخل هذه السلطة، لكن من خلال نظام تعددي سياسي ديموقراطي، دولة مؤسسات فيها انتخابات حرة ونزيهة، فيها تعددية سياسية، وحرية تعبير، وقضاء مستقل، وبرلمان له سلطات، وما إلى ذلك.

* ما هو المطلوب من الحكومة الحالية وهي تقول إنها منتخبة من الشعب السوداني بنسبة عالية جداً.....؟

- مقاطعاً... أرد بكلمة واحدة ... (يتنازلوا) أخذوا السلطة بليل، فيجب أن يتنازلوا عنها.

* لكن الحكومة تتحدث عن شرعيتها خلال انتخابات العام 2010م الماضية؟

- هذا نوع من أنواع التجميل والتلميع لنظام بدأ شمولياً، هذا نوع من التضليل، هذه محاولة للتلميع والتجميل، أخذتموها بليل، تنازلوا عنها بنهار وبهدوء، لا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك.

* هل توجد معارضة من وجهة نظرك الشخصية؟

- الأحزاب حسبما رأيتها كالسلع استنفدت وقتها، وغير صالحة للاستهلاك ويمكن أن تجلب الضرر حال استمراراها، الشعب السوداني يحتاج إلى كيانات جديدة، لها رؤى سياسية جديدة، وأوعية سياسية جديدة، ليست كالأوعية التقليدية، يكفي تضليل هذا الشعب، (ثلاثة أرباع رجلك في الحكومة وتريد أن تضع رجلاً في المعارضة) هذه مسائل فيها نوع من التدليس على الناس، أنا أقول إن المعارضة الآن هي عبارة عن قوى اجتماعية موجودة لكنها غير مؤطرة بشكل صحيح، لكنها قوى اجتماعية موجودة حقيقة، متمثلة في حراك اجتماعي أكثر مما هي متمثلة في حراك سياسي، هذا ما أقصده بالمعارضة، أنا لا أتحدث أبداً عن أحزاب أو قوى سياسية، ولا شيء، أنا كمواطن سوادني لي رأي في عدم نجاعة أو صلاحية الأنظمة الشمولية للسودان. أؤمن بالسودان في صيرورته، لا أنازع الحكم الحالي، أو النظام من أجل أن آتي إلى مكانه كما هو موقف الأحزاب، ولا أنازعه بالقوة ولا أي شيء، أنا أريد دولة مؤسسات لأصبح فيها مواطناً له كامل الحرية، والحقوق، نحن سنصبح ديموقراطيين ومواطنين كاملي المواطنة عندما نؤمن بأن الآخر له رأي يجب أن يحترم، هذا رأيي.

* قلت بوجوب التفاوض، وفي ذات الوقت اعتبرت الأحزاب سلعاً منتهية الصلاحية، السؤال ما الطرف الثاني الذي سيتم معه التفاوض للوصول إلى دولة المؤسسات؟

- هذا سؤال منطقي جداً. لكن هل نحن من الممكن أن نذهب إلى هذا التفاوض – بالضرورة - حكومة ومعارضة؟ يمكننا أن نذهب إليه بصيغة أخرى لا بد أن نبتكر صيغاً أخرى، ما هي هذه الصيغ؟ ماذا يضير لو قلنا إننا نريد أن نجري انتخابات سابقة لأوانها، ونأتي بمجموعة خبراء وكل التيارات السياسية الموجودة سواء أكانت لها أحزاب أو خارجها لنفكر لوضع قوانين جديدة، ليست لها علاقة بالانتخابات التي أُجريت في أبريل 2010م شكلاً أو مضموناً، وتعديل الدستور تعديلاً جديداً ليتواكب مع هذه المرحلة، ثم تشكيل لجنة محايدة بعيدة عن تعيينات السلطة لإجراء هذه الانتخابات، هذه صيغ من صيغ التفاوض، إذا كانت هناك نية جادة وصادقة - ولا أعتقد أن هذه النية موجودة – للوصول إلى دولة ديموقراطية حقيقية، دولة مؤسسات، على الحكومة أن تشرع في إجراء انتخابات مبكرة سابقة لأوانها، ما الذي يضير سواء على مستوى الرئاسة أو على صعيد البرلمان، في ظل قوانين جديدة، ودستور جديد، ورقابة دولية، وبعض الأشياء التي تضمن نزاهة الانتخابات، ما المانع في ذلك؟ نحن أجرينا استفتاءً في الجنوب تحت مراقبة أجنبية، ما المانع في إجراء انتخابات تحت رقابة أجنبية؟ هذا لا يضير، بعض الناس يقولون إن السودان نال استقلاله، إذا كان الاستقلال يعني جيوشاً أجنبية وحاكماً عاماً، لنتأمل عدد الجنود الأجانب في السودان الآن مقارنة بالجنود الذين كانوا في العام 1953، لا ينبغي أن نلعب لعبة تضليل وتدليس على الناس، يمكن أن يكون هذا أسلوب من أساليب التفاوض، عندما تقرر إجراء انتخابات سابقة لأوانها، ألا يعني هذا أن تلتقي بقيادات المجتمع المدني والمثقفين وقادة الأحزاب القائمة والموجودة، ببعض العناصر الخيرة في هذا البلد، وبعض الخبراء المختصين وما إلى ذلك، هذا كله ممكن



على الدرب مع طلحة جبريل في تشريح الراهن السياسي السوداني 2-2

لطلحة جبريل أكثر من سلطة في أوساط من عرفوه مباشرة، أو قراءة: سلطة معرفية يعترف له بها الخصوم قبل الأصدقاء، وجاذبية ساحرة في قلمه تجري وراء إغرائها القلوب والأفئدة، وسلطة أخلاقية حولته إلى ضمير جيل ومرحلة. وكم ستكون مهمتك بالغة الصعوبة، لو أنك بحثت عن تصنيف مُحدد لطلحة. رجل له بسطة في الفكر والحضور تتسع على جميع الأيديولوجيات، يمكنك أن تصفه بأنه (وسيط مسؤول). هو خلو من ادعاء إنقاذ البشرية وتخليصها، ولا ينتظر أن ينقذه أحد، يتصرف بوصفه مسؤولاً عن نفسه، يحاول الاحتفاظ باستقلالية متينة حال كونه صحافياً ملتزماً بدوره كوسيط مسؤول لا وصياً متعالياً. لم يهبط يوماً إلى لغة الأيديولوجيات والتبرير، لكنه ما ساوم أبداً على ما حسبه في جملة المبادئ، حين يقول: أنا ضد الشمولية أينما وجدت. قال كل شيء في حوار مقتضب مع (الأهرام اليوم)، ناقش فيه مسائل عدة يوحي ما قاله عنها بأنه قال فيها (كل شيء). لكن كان في جعبته الكثير مما يقوله في أحوال زماننا، ومما ليس يقوى غيره على قوله بمعايير الكفاءة والاقتدار وبمعايير الشجاعة التي لا تعدلها في قول الحق شجاعة قلم في هذي البلاد.

} البعض يستشرف الأمور في الساحة السياسيّة بمقولة فحواها أنّ مستقبل البلاد يحتاج إلى (ودّاعية).. إلى أيّ مدى تتفق مع هذا الرأي؟

- ليس لهذه الدرجة، الأمور واضحة جداً، يا سيّدي الفاضل هؤلاء الناس يجب أن يعرفوا أنّهم مجرد تيار داخل المجتمع، ومقبولون - من يرفعون شعار الإسلام السياسي هذا - ومن حقّهم، وأنا كتبت مقالاً واضحاً جداً قلت فيه إن الإسلاميين لا بد أن يكونوا جزءاً من المشهد السياسي المقبل حتى في إطار دولة المؤسسات، لا يوجد عزل، لكنهم يجب أن يقتنعوا بهذا الموضوع، هم مجرّد تيار، لو صبروا قليلاً في ظل الديموقراطية الثالثة ربّما وصلوا إلى الحكم بدون انقلاب لأنهم كانوا القوة الثالثة في البلاد، لا يمكن أن يحتكروا السلطة والثروة طوال (23) عاماً ويريدون أن يقنعونا بأنّهم مقبولون، هذا احتكار، هذا نظام شمولي مهما قالوا، لماذا لا يناقشون أنفسهم بهذا المنطق؟! نرجو أن يصلوا إلى هذا الاقتناع؛ بأنّهم تيار من بين التيارات داخل المجتمع السوداني المتعدّد. في الوقت الراهن، لا توجد معارضة تحمل سلاحاً، ولا توجد معارضة تتآمر للاستيلاء على السلطة بليل، كل هذا الناس تركوه، قالوا دعونا نتناقش بنوع من الحرية والديموقراطية. أنا لن أتآمر عليك، فليكفوا أن يتآمروا على هذا الوطن. صحيح أنّنا يجب أن لا نكون حالمين وشعراء، بالتنازل عن السلطة، لأنه لن يكون أمراً سهلاً، لكن أمامنا تجارب في عدد من الدول، دعني أعطي مثالاً بإسبانيا والبرتغال اللتين شهدتا أفظع ديكتاتوريتين فظيعتين، ونظامين شموليين (فرانكو وسرازار) وأنا واكبتهما عن قرب وليس كصحفي، مجتمع قرّر أنه آن الأوان يا (فرانكو) أن تتنازل عن السلطة، جاء شاب صغير جداً عمره (39) عاماً من المنفى اسمه (فليبي غونتاليس) وقاد عملية التغيير الديموقراطي بهدوء جداً، طبعاً سبقته بعض الحكومات وانتقلت إسبانيا هذه الدولة التي كانت تحت قبضة عسكرية قوية جداً، ونظام يميني (فاشستي) بسهولة بدون أي دماء أو أيّ شيء وقرّروا التفاوض معهم حول كيفية إجراء الانتخابات، والدستور المقترح الجديد، إلى آخره، وانتقلت إسبانيا إلى دولة ديموقراطية حقيقية، وهذا الشاب الذي قاد هذا التغيير حينما وصل حكم فترتين منتخبتين، وقال بعد ذلك إن إسبانيا لم تعد تحتاج لي، وجلس الآن يلقي المحاضرات في الجامعات، ونفس الشيء لما يسمى بثورة (القرنفل) في البرتغال، أنا لا أود الحديث عن دول عربية، لكن على الأقل نتبع هذين النموذجين، لم يقتل أحد، ولم يسجن أو يشرد أحد، سبق واقترحت وقلت إن كل ما نريده هو ذهاب هذا النظام وتشكيل لجنة للحقيقة والمصالحة على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا والمغرب، فقط نعرف بعض الوقائع، ماذا حدث؟ ومن المسؤول؟ والدولة تعتذر، وتقدم تعويضات للضحايا، المغرب دفع لبعض المعتقلين السابقين ووصلت التعويضات إلى حدود مليون دولار، أصبحوا يحسبون لهم بعدد الساعات، ودرجة التعذيب وتصالحوا وطووا الملف وانتهوا منه ولم تعد هناك مشكلة، ما المانع من إجراء تحقيق حول بيوت الأشباح في السودان بنفس المنطق؟ الدولة هي التي تعتذر، فقط نعرف من الذي عُذِّب، ومن الذي عَذَّب؟ ما هي المشكلة في هذا؟ لكن المكابرة ومحاولة حجب الشمس هذه مسألة غير مقبولة.

} تعيين مفوّضية لحقوق الإنسان، على الرغم من أنّها تأخّرت (6) سنوات من تكوينها، كيف تقرأ هذه المسألة؟

- جعفر نميري أنشأ حزب الاتحاد الاشتراكي وسُخرت له كل إمكانيات الدولة سنوات وسنوات، وحينما خرجت المظاهرات وخرج الشارع السوداني يطالب بالديموقراطية، هذا التنظيم (الكرتوني) لم يفعل أي شيء، نفس الشيء مفوّضيات أو مؤسسات حقوق الإنسان مثل الأحزاب لا تنشأ في حضن السلطة، هذا عمل مجتمع مدني (Civil Society). من الذي ينتهك حقوق الإنسان؟ لنكُن واضحين، لا يمكن أن تكون كما قال المتنبي (فيك الخصام وأنت الخصم والحكم)، لا يمكن، هذه المفوّضية أو المؤسسة كان يجب أن تكون كغيرها من تنظيمات المجتمع المدني، توجد منظمات حقوقية تدافع عن هذا الأمر، لست متفائلاً ولا أعتقد أنها ستحقّق شيئاً، هذا جوابي.

} أستاذ طلحة، في ما يتعلق بالقضايا العالقة، كالنفط والحدود، وأبيي، وغيرها، هل ستقودنا هذه المسائل إلى المربع الأول (مربع الحرب)؟

- هذه القضايا أصبحت معلّقة، بسبب غباء المفاوض السوداني في نيفاشا، بالله عليك أنا أريد أن أبسط الأشياء حتى يفهم قراؤكم هذه المسألة، كنا نعرف والمفاوض الشمالي السوداني كان يعرف والمفاوض الجنوبي كان يعرف، وكذلك العالم؛ أن نيفاشا ستؤدي إلى الانفصال، الحديث عن الوحدة الجاذبة كان لحفظ ماء الوجه للشمال، لو كنت ضمن الوفد المفاوض الشمالي، يمكن أن أطرح الأمر كالآتي: إننا سنصل إلى الانفصال، وسنمنحك هذا المطلب، وستصل إلى الاستقلال، عبر حق تقرير المصير، وستبني دولتك، لكن أنا أيضاً في الشمال خطأ أم صواباً أهدرت مليارات حفاظاً على الوحدة، وقتل مني آلاف، فمن حقي أن أطالب بالثمن. هذا الثمن؛ أنا لا أطالب بتعويضات عن الذين قتلوا في الجنوب بالحرب منذ العام 1953م إلى الآن، أو عن المليارات التي أنفقتها، لكن للنظر إلى المستقبل، الآن نحن لدينا وضع مهتز لأننا اعتمدنا على هذا النفط حينما كنا دولة واحدة، هذا النفط سيذهب، فما رأيك ما دام أنّنا سنصل إلى هذه النتيجة التي تريدها أنت أيها المفاوض الجنوبي، لنجعل هذه القسمة (50%) بالتّساوي تستمِر على الأقل، حتى أستطيع أنا أن ألتقط أنفاسي وأبحث عن بدائل، سواء في (15) أو (20) عاماً، قناة السويس على سبيل المثال كان الاتفاق على أن تستغل لمدة أعوام محدودة، وعندما استغرقت مدة أكثر مما يجب، جاءت قصة التأميم والرئيس جمال عبد الناصر، قال (لا) استغللتم القناة بما يكفي. وهناك عدة اتفاقيات بهذا المعنى، باكستان وبنغلاديش نفس الشيء، روديسيا الشمالية والجنوبية (زامبيا وزيمبابوي) نفس الشيء، في ظل الاستعمار، كان المفاوض عليه أن يحل هذه المشكلة، وهو المفاوض الشمالي، مسألة الجنسية أيضاً كان يمكن أن تحل وتضمن في اتفاقية نيفاشا، الآن نحن نحاول أن نرقع الذي لا يمكن ترقيعه، وهو: نيفاشا بمفاوضات أديس أبابا.

} ما هو المبرّر القانوني أو الأخلاقي الذي يجعل الجنوبيين يدفعون تعويضاً للشماليين مقابل الذين ماتوا في الجنوب؟

- في السياسة لا يمكن أن تعطي شيئاً سبق لك أن دفعت ثمنه، أنا لا أتحدث عن مبررات قانونية وأخلاقية، أنا أتحدث عن مبررات سياسيّة، بصراحة أعطيك شيئاً، يجب أن تعطيني بالمقابل شيئا آخر. حق تقرير المصير، لو كان المفاوض الشمالي وقف في هذه الحدود، ربما اقتسام النفط إلى الأبد يمكن أن يصبح إلى حدود عشر سنوات مثلاً، أو خمس سنوات، كنا سنتفادى على الأقل هذه الأزمة التي لازمتنا، هذه قضايا تحل بالمفاوضات، لماذا لم تتفاوض حولها في نيفاشا؟ والله، أنا من الذين قالوا إن من أكبر عيوب هذه الاتفاقية أنها تحمل الأزمة الاقتصادية كلها للشمال والخيرات تذهب إلى الجنوب، أنا قابلت الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وأجريت معه حواراً وقلت له إن العقوبات التي تفرضها على السودان وتتشدّد فيها - وهذا الحديث موجود في موقع البيت الأبيض على الإنترنت لكل من أراد أن يستوثق منه - قلت له إن هذه العقوبات يتضرّر منها الشعب ولا تؤثر مطلقاً على النظام الحاكم، قلت له أنا آمل كمواطن سوداني أن يعاد فيها النظر، فقال لي ستيفن هتن وكان مستشاراً بالبيت الأبيض وكان واقفاً وقال لي أنت أول سوداني يدخل البيت الأبيض ويقول هذا الحديث، رغم أنني دخلت البيت الأبيض كصحفي، كل الذين كانوا يأتون من سلفاكير إلى مناوي وغيره في البيت الأبيض كانوا يقولون شدّدوا العقوبات على السودان حتى يرضخ النظام، نحن دفعنا ثمناً اقتصادياً باهظا جداً، دول الترويكا (بريطانيا وأمريكا والنرويج) كانوا رعاة اتفاقية نيفاشا، كان علينا أن نطالبهم برفع العقوبات عن السودان بمجرد إمضاء الاتفاقية، حتى نصل بها إلى بر الأمان، لماذا لا يقولون هذا الكلام؟ لأنهم ليسوا سياسيين وليسوا رجال دولة، هؤلاء أخذوا السلطة في جنح الليل، هل رأيت رجلاً يمارس أنشطته في جنح الليل يمكنه أن يصبح رجل دولة نزيها؟ الخسارة والمأساة الكبرى أنك تريد إبعادي من المفاوضات كمجتمع مدني ومنظمات وسياسيين ومفكرين وغيرهم، فقط لأنني معارض لك، هذا مصير وطن، اللذان رفعا العلم في الخرطوم إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب – معارضة وحكومة - لأنه مصير وطن، لماذا لا تستعين بخبرات أخرى، كان على الأقل نعطيك هذا الرأي بدلاً عن كتابته في الصحف ونقول لك انتبه وإياك أن تذهب بهذه المفاوضات إلى هذا الحد، لأن جون قرنق لم يكن وحدوياً في يوم من الأيام، وحتى لو استمر به العمر فلن يكون وحدوياً، وهذه مجرد (أكذوبة) تقال للناس، وهو يعرف وجهة نظري - ونطلب له الرحمة - أبداً لم يكن وحدوياً، لكن تركيبة الحركة الشعبية كان سقفها يجب أن ترفعه إلى هذا الحد الوهمي، على أنها حركة وحدوية تدعو إلى الوحدة الجاذبة، ما معنى وحدة جاذبة؟ أنا يكون لدي دولة وفيها بترول وسفراء، ووزراء وكل الإمكانيات وتتحدث عن وحدة جاذبة حتى أعيش في أحياء الخرطوم العشوائية في (مايو ودقست)؟ هذا كان وضع الجنوبيين، هل كانوا سيقبلون بهذا الوضع؟ يوجد حديث لا معنى له، هل تتقاسم مع من حملوا ضدك السلاح تتقاسم معهم السلطة وتأتي بهم إلى داخل القصر الجمهوري؟ وأبناء هذا الوطن والحادبون عليه، لا تريد أن تجلس معهم، فقط تستمع لهم؟ ما هذا التناقض؟ أنا لا أمثل معارضة أو حزباً، حديثي هذا أقوله دائماً للمسؤولين، نحن ماذا نحمل غير فكرنا ورؤانا التي يمكن أن تستفيدوا منها؟ هذا هو ما أسميه وألخصه بعدم القبول بالآخر.

} المذكرة التصحيحية كيف تقرأ مآلاتها، وإلى أي مدى يمكن أن تنجح، وهل الحركة الإسلامية مقبلة على انشقاق جديد؟

- أنا قرأت هذه المذكرة، وهي مذكرة ذات طابع إصلاحي طبعاً، لكن لماذا نهتم بمذكرة داخل الحركة الإسلامية، وبقية أطراف الطيف السياسي تقدم مليون مذكرة ولا أحد يهتم بها؟

} لأنّ أصحاب المذكّرة حاكمون؟

- نعم لأنّهم حاكمون، إذاً هذا حوار لا أعتقد أنّه يعني الشعب السوداني، هذا يعني الحُكّام وأطراف الحكومة، أنا بصراحة هذا الحوار لا يعنيني نهائياً، ومن أدرانا أن من يقفون وراء هذه المذكرة أنهم أطراف داخل الحكومة، ويدخل الأمر في إطار صراع مراكز القوى، لا تنطلي عليّ مثل هذه الأشياء، فلذلك أنا متحفظ على العملية برمتها، ولا أعتقد أن مشكلة السودان ستحلّها مذكرة من داخل الحركة الإسلامية، أو من خارجها، مشكلة السودان يحلّها التوافق وقدرة الناس على الوصول إلى حلول متّفق عليها، كما ذكرت تجربة البرتغال، وإسبانيا، تفكيك النظام الشمولي بهدوء، لا ضرر، ولا ضرار، لماذا لا نقدم هذا النموذج للعالم؟ الآن يتحدثون عن ربيع عربي، نحن حينما أسقطنا أنظمة شمولية، العالم العربي لا يعرف لا الربيع، ولا غيره، حتى مفردة الربيع العربي التي استقوها من تشيكوسلوفاكيا وهو ربيع (براغ) في العام 1968م، نحن سبقناهم بأربع سنوات، فككنا نظاما شموليا بهدوء، كم عدد الشهداء الذين سقطوا في أكتوبر؟ (4) شهداء، إذا أضفنا إليهم أحمد القرشي (5) شهداء، لأن الذين استشهدوا بالنسبة لي هم أولئك الذين خرجوا في مظاهرات في ساحة القصر منهم (نصّار) على سبيل المثال، وكانوا يعرفون أنهم سيواجهون الرصاص، كم عدد الذين استشهدوا لنيل استقلال السودان؟ هذه الزحمة التي تسمع بها، (2) من الشهداء فقط ضد الجمعية التشريعية، هذه حقائق، أربعة أشخاص الذين استشهدوا في ثورة أكتوبر، عندما أرى الآخرين يتحدثون عن ربيع عربي، أين هو الربيع العربي؟ نحن سبقنا الربيع العربي بعقود، ونحن أول شعب في المنطقة العربية، والشرق الأوسط وأفريقيا، أسقط نظاماً شمولياً عبر العصيان المدني وعبر المظاهرات. نحن الآن لماذا لا نقدم تجربة أخرى، هي تفكيك نظام شمولي بهدوء؟

} أستاذ طلحة، لاحظت استياءك من العشوائية التي تضرب الخرطوم، هل العاصمة تعاني شغباً معمارياً كما تعاني شغباً سياسياً؟

- الخرطوم فيها مشكلة الإنسان قبل مشكلة البناء، نحن نتحدث حديثاً فيه مجاملات، سلوك الإنسان السوداني لأسباب كثيرة سلوك غير متحضر، أنا لم أر شعباً (يتبوّل) على الحيطان إلا السودانيين، علينا أن نكون واقعيين، الشعب السوداني في نظافة منزله لا يقصّر، لكنّه عندما يخرج للشارع على بعد أمتار يمكن أن يقذف بكل (الزّبالة) التي جمعها، هذه لها علاقة بالتربية، السودانيون يعتقدون أن المجاملات الاجتماعية والذهاب إلى هذا العزاء ومساعدة فلان وعلان ومعايدة ذلك المريض نخوة سودانية، لكن نحن نريد فردا سودانيا مؤهلا بصراحة لدولة مؤسسات، هذا الموضوع في ذات نفسه يحتاج إلى نقاش، هل الفرد السوداني مؤهل لهذه المسألة؟ يجب أن نواجه أنفسنا بالحقائق والوقائع، يقولون لك على سبيل المثال إن الشعب السوداني شعب العزة والكرامة، لكنها إذا لم ترتبط بالعمل، أنا لا أستطيع أن أنتج في مكاني، وفي أقرب وقت أبحث عن مبررات لعدم الإنتاج، هذا سلوك معوج وغير سليم، يعني نحن في سلوكنا الجمعي بصراحة في حديثنا نتكلم كلاماً جيد جداً، لكن في ممارساتنا على أرض الواقع بصراحة ممارسات سلبية إلى أبعد الحدود.

} لديك مؤلفات أبرزها الملك والعقيد، السنوات الحرجة، وغيرها من الكتب التي كتبت فيها عن المغرب والمنطقة العربية، لاحظت أن كتاباتك عن السودان تكاد تكون معدومة؟

- أنا كتبت المغرب السنوات الحرجة، أيام الرباط الأولى، محطات من تاريخ ليبيا، الملك والعقيد، والآن لدي كتاب سيصدر هذا الشهر اسمه صحافة تأكل أبناءها، كتبت كتاب الأسلوب، ومستقبل الصحافة المكتوبة في عالم رقمي، لكن أيضاً كتبت على الدرب عن الطيب صالح، ويعتبر الوثيقة الوحيدة في كل العالم، لأنه ترجم بمدينة نيويورك في كلية (باسار) التي يتحدث فيها الطيب صالح عن نفسه، أنت تطالبني بالكتابة عن السودان، وأنا (36) سنة لم أعش في السودان، لو كانت أتيحت لي الفرصة لأكون موجودا في السودان ربما لكتبت أشياء كثيرة جداً، لكن لم تتح لي الفرصة بصراحة بسبب الأنظمة الشمولية، أنا لست موجودا في الخارج حتى أشيد منزلاً، أو أعلم أبنائي في جامعات خارجية، أنا موجود في الخارج بسبب موقف سياسي
\\\\\\\\\\\\\\

 

آراء