يعتقد أرباب النظام والمنتفعون منه من الطفيليات الآدمية والمرجفون في المدينة أن الثورة لن تقوم لها قائمة وأنهم خالدين فيها أبدا . كما أن اليأس قد تسرب إلي بعض النفوس الضعيفة وهي تستبطء الهبة الثورية القادمة .
والثورة حينما يحين أوانها فإنها كالقدر المحتوم لا تستأذن أحدا ولا تستجيب لأماني أحد ولا تنتظر مباركة مولانا ولا تأييد إمامنا . ذلك لأن من يقرأ التاريخ القريب قبل البعيد يرى ما لا يراه الذين أعمتهم الدنيا وطمس الله بصيرتهم من أن الدروس تنبئ أن الثورة آتية لا ريب فيها ، والحديث عنها ليس رجما بالغيب ولا أماني نتمناها .
فمن رغب فيها أو كرهها لن يغير ذلك منها شيئا ، ولننظر حولنا من الشعوب التي انتفضت وهي ليست بذات عهد بما هبت من أجله ونحن لنا صولات وجولات مع الطغاة والمستبدين وأنظمتهم التي أسقطوها أقوي وأعتى من هذا النظام بما لا يقارن ، وثقتنا في الله ثم في أنفسنا لا تحدها حدود وهمتنا لا يعتريها الوهن .
فإن تأخرت الثورة فليس معني ذلك أنها لن تأتي وإن تتطاول ليل الظالمين فموعدنا الصبح وغده المشرق . وحدهم الحالمون هم من يصدق الوهم ، واللصوص فقط هم من يخاف ضوء الصباح ويكرهون مشرق الشمس حتي لا تنكشف عوراتهم ولا تظهر سوآتهم ، وهم من يشيعون في الناس اليأس والقنوط ، ويخزفون الناس من دهياء مظلمة إذا ذهب نظامهم .
ولكن هيهات فقد سقط النظام في عين الشعب وسقطت هيبته وسقط احترام الناس له ، وفقد أهم مقومات بقائه وهي اقتناع الناس به وتأييدهم له .فالأنظمة لا تستمد وجودها ولا تعتمد في بقائها على اللصوص والمنتفعين والمناورات السياسية ذات الكسب الرخيص بشراء الذمم ومواقف التأييد ، بل من اقتناع الناس بها وتأييدهم لها من غير مصلحة إلا مصلحة الوطن .
أما اللصوص والنفعيين وتجار السياسة فهم أول الفارين وآخر من يصمد في وجه الثوار ألم يحدث ذلك في أيام المظاهرات الأخيرة ،في تلك الأيام عن الجبن والجبناء ممن نقل أسرته للخارج حدث ولا حرج ، عن المسؤالين ممن وزع أمواله بين أبنائه حدث ولا حرج ، عن المخابئ والمقرات البديله للهروب حدث ولا حرج . لقد عمهم الخوف وركبهم الهم حتى جفاهم النوم وأرقهم السهاد ، كل ذلك والثورة لما تبدأ بعد ، فكيف الحال إن اشتعلت وأرتفع لهيبها ؟
Zahd Zaid [zahdzaid@yahoo.com]