مراسل (السوداني) باكاش بابتسامته (الأدروبية) محتفياً بسبقه الصحفي يتجول داخل البارجة الإيرانية ويلتقط الصور ويسعى لاستنطاق الطاقم، وبعض أطفال المدينة في صحبة ذويهم يقضون يوماً ترفيهياً على سطح الزائرة الإيرانية! جاءت البارجتان الإيرانيتان الى شواطئ بورتسودان وغادرتا أمس الى باب المندب، ليس مهما إن جاءتا للتحية والمجاملة أم للتحذير والتنبيه أو للترفيه..! وفي المقابل تحركت المدمرة الاسرائيلية (ايلات) وحمولتها ألفي طن عبرت قناة السويس ترافقها البارجة kidon وحمولتها 700 طن قادمتين من ميناء حيفا الإسرائيلي في طريقهما الى البحر الأحمر وسط إجراءات أمنية مشددة دون أن تعرف وجهتهما النهائية...! ليس من المستبعد أن يلتقيا في نقطة ما، وربما تبادلا التحايا غير الودية على مقربة من المياه السودانية..! وسؤال بريء يستيقظ في الخرطوم.. هل يكون الخيار التكتيكي لإسرائيل وإيران البحث عن مسارح بديلة (لديمونة وقم) لاختبار مقدرات الذات والعدو، وهل تضم بورتسودان الى جنوب لبنان وغزة قبل الإجهاز على دمشق؟!! وصول السفن الإيرانية لميناء بورتسودان بغض النظر عن الدواعي والمبررات، حدث في حد ذاته يغني عن التفاصيل والتفسيرات!
مهما تفانت الدبلوماسية السودانية واجتهد الوزير علي كرتي في قطع الصلة بين الاعتداء على اليرموك ووصول السفينتين الإيرانيتين لن يجد من يمنحه أذن التصديق!! لا لأنه يكذب أو يحاول إيجاد تفسيرات أخرى غير التي يقدمها النص وتوفرها الصورة ولكن في مرات كثيرة يصبح عامل الوقت والظرف أهم من الحدث والفعل!! لا أجد إجابة على سؤال مهم، هل استقبال السفينتين الإيرانيتين قرار استراتيجي تم اتخاذه من قبل مركز قرار درس الخطوة في كل أبعادها ونظر للجهات الستة – على طريقة مولانا الميرغني - واستعد للتعامل مع مترتبات الخطوة وما بعدها قبل منح الإذن بالدخول؟!! ستصبح طامة كبرى إذا كانت الزيارة روتينية ومعدة سلفاً قبل الاعتداء على اليرموك - كما تقول الدبلوماسية السودانية - ولم تأخذ في الاعتبار ما تعنيه الخطوة في ميزان الصراع الدولي والتجاذب الاقليمي بين إيران ودول الخليج خاصة المملكة العربية السعودية! الزيارة الايرانية سيترتب عليها واحدة من احتمالين: الأول/ أن تصبح رسالة تنبيه تحذيرية لدول الخليج بأن موقفكم السلبي من العدوان على السودان سيدفع بهذا القطر السني بحكم التاريخ والسكان والقريب منكم بحكم الجغرافيا والجوار أن ينتقل الى المعسكر الشيعي الإيراني. وأن الوقت لا يزال يسمح بمراجعة الموقف. الثاني/ أن تقرأ الزيارة باعتبارها إشهار علني لعلاقة شبه سرية بين السودان والمعسكر الإيراني، ويترتب على ذلك عودة الخرطوم الى معسكر الضد، ولكن هذه المرة مع إيران لا العراق..! قبل يومين في نشرة العاشرة مساء بتلفزيون السودان كان نص الخبر يقول إن وكيل الخارجية رحمة الله محمد عثمان عقد اجتماعاً مع سفراء الدول العربية والافريقية لشرح الموقف الرسمي من الاعتداء على اليرموك ولكن الصورة كانت تقول إن من اجتمع بالسفراء هو السفير عمر صديق وليس رحمة الله عثمان وأن السفراء المجتمع بهم لا يوجد بينهم سفير واحد بعقال عربي..!! \\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\