رحيل الموسيقار عمار الشريعي

 


 

 

لم يكد العالم أجمع يفرغ من الإحتفال بالثالث من ديسمبر اليوم العالمي لذوي الإحتياجات الخاصة إلا ويفاجأ الجميع وبعد أربعة أيام فقط برحيل الموسيقار المصري العالمي عمار الشريعي ، تعرفت عليه في سبعينات القرن الماضي وتكررت زيارتي له في بداية الثمانينات من القرن الماضي وجمعتني معه أمسية رائعة جدا تحدث فيها عن الأغنية السودانية وقال لي أنه معجب شخصيا بالفنان الراحل المقيم محمد وردي وسمع له عددا من أغانيه ، وقال لي "  إن الأغنية السودانية مظلومة " واعقب ذلك لحظة حزن لن أنساها أبدا ، وفي مستهل عام 2012 إستمتعت بكل الحلقات التي بثتها القناة الفضائية راديو وتلفزيون العرب ART  وتلك السهرة الجميلة التي قدمتها معه الفنانة الرائعة صفاء أبو السعود .
صحيح هو كفيف ولكنه مبصر لدرجة يخيل لك وأنت تجلس إلى جانبه أنه يكاد يرى النملة وهي تمشي أمامه وهذا ما حيرني معه ، إذ كيف إستطاع هذا الكفيف إجادة العزف على العود والأكورديون والأورغ وهي آلات تحتاج إلى البصر !!!

عمار الشريعي المولود في مدينة سمالوط إحدى مراكز محافظة المنيا بصعيد مصر في 16 إبريل 1948 تلقى علوم الموسيقى الشرقية على يد مجموعة من الأساتذة الكبار بمدرسته الثانوية في إطار برنامج مكثف أعدته وزارة التربية والتعليم المصرية خصيصاً للطلبة المكفوفين الراغبين في دراسة الموسيقى.

وخلال فترة دراسته، وبمجهود ذاتي، أتقن العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود ثم أخيراً الأورج. وبدأ حياته العملية عام 1970 م عقب تخرجه من الجامعة مباشرةً كعازف لآلة الأكورديون في عدد من الفرق الموسيقية التي كانت منتشرة في مصر آنذاك، ثم تحول إلى الأورج حيث بزغ نجمه فيها كأحد أبرع عازفي جيله، واعتبر نموذجاً جديداً في تحدى الإعاقة نظراً لصعوبة وتعقيد هذه الآلة واعتمادها بدرجة كبيرة على الإبصار.

واتجه إلى التلحين والتأليف الموسيقى حيث كانت أول ألحانه "إمسكوا الخشب" للفنانة مها صبرى عام 1975 م، وزادت ألحانه عن 150 لحناً لمعظم مطربي ومطربات مصر والعالم العربى.

تميز في وضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام السينمائية  والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية والمسرحيات والتي نال معظمها شهرة ذائعة، وحصل العديد منها على جوائز على الصعيدين العربى والعالمي.

وتجاوز عدد أعماله السينمائية 50 فيلماً، وأعماله التليفزيونية 150 مسلسلاً، وما يزيد على 20 عملاً إذاعياً، وعشر مسرحيات غنائية استعراضية, وقد قام كذلك بتلحين الحفل الموسيقي الضخم الذي أقامته سلطنة عمان عام 1993م بمناسبة عيدها الوطني وكذلك عيدها الوطني عام 2010م وكان قد سبقه في تلحين اعياد عمان الوطنية العديد من عمالقة الطرب العربي أمثال الموسيقار محمد عبد الوهاب.
رحم الله عمار الشريعي وأسكنه فسيح جناته .


badreldin ali [badreldinali@hotmail.com]

 

آراء