كفى بك داءً
انعقد بالأمس اجتماع بين وزارة المالية والاتحاد العام لنقابات عمال السودان لمناقشة قضية أجور العاملين بالدولة في ميزانية العام 2013. اشترط وزير المالية وهو يعرض الميزانية على البرلمان أي زيادة للأجور بزيادة موازية في الضرائب وخفض للدعم للحكومي للوقود، شرط اعتبره الاتحاد يلغي الزيادة وإن تكرمت بها المالية. أعلن الاتحاد تمسكه بمطلب زيادة الحد الأدنى للأجور من 165 إلى 425 جنيه مع العلم أن المجلس الأعلى للأجور أوصى برفع الحد الأدنى إلى 1700 جنيه. في هذا الخصوص قال نائب رئيس الاتحاد، الجنيد أحمد محمد صالح، لجريدة الرأي العام أن أجور العاملين بالدولة لم تشهد أي زيادات منذ العام 2004 رغم الارتفاع المضطرد لأسعار السلع وزيادة أسعار الوقود مرتين منذ فبراير 2011.
الاتحاد الذي ظل وفيا للحكومة يسمع ويطيع تاورته سلفية عمالية كما يبدو فأصدر في 4 ديسمبر والميزانية بعد في مجلس الوزارء بيانا ناريا هاجم فيه السياسة الاقتصادية للحكومة وانفراط ولايتها على المال العام. قال البيان أن الميزانية جاءت خالية من أي بنود تخص العمال واستنكر مطلب المالية أن يقترح العمال من عندهم موارد للميزانية ويتقدموا باحصاءات حول الأجور بينما هي عاجزة عن ردع مؤسسات الدولة عن حرام التجنيب والصرف خارج الميزانية. ختم اتحاد العمال بيانه بشراسة جدت عليه فقال أن الميزانية المقترحة تزيد الاغنياء غنى والفقراء فقرا.
استغرب محرر جريدة الصحافة أن يرفع اتحاد غندور إصبعه في وجه الحكومة ولو بخجل. غندور، من جانبه، حصر الخلاف بين الحكومة والاتحاد في شخص وزير المالية على محمود قائلا: "التفاهم مع وزارة المالية حول قضايا العمال لم يهتز إلا في عهد وزيرها الحالي، وقضيتنا مع وزير المالية ليست شخصية وإنما هي خلاف حول استحقاقات العاملين بجميع ولايات البلاد". طويل العهد بروفسير دكتور ابراهيم غندور يغالط نفسه باصرار، فمن جانب يقول أن سوء التفاهم سببه الوزير ومن آخر يقول القضية مع الوزير ليست شخصية، لسانه لسانان. الثابت ما جاء في بيان الاتحاد، فالحكومة وقد تمرد بعضها على بعض بالتجنيب، خمر الإيرادات بعبارة وزير المالية، لا سلطان لها سوى على السمك الصغار، العمال والطلبة، أما التماسيح فالله غالب.
قال حسن أحمد الشيخ، سكرتير نقابة موظفي السكة الحديد الأسبق لجريدة الصحافة، أن النقابات والاتحادات الموجودة أضعف من أن تواجه الحكومة فهي صنيعة النظام اختار لقيادتها الانتهازيين من كل لون، ولذا فهي لا تمثل إرادة العمال. إن انفنست قيادات النقابات والاتحادات، كما ألمح حسن، فإن قواعدها شقت منذ زمن طريقا مستقلا عن القيادات بالإضراب الكيري، إضراب من لا نقابة تسند قفاه، بل أرغمت الحكومة على الإذعان لسلاح الإضراب حتى أقرت بشرعيته في صدر قانون نقابات العمال لعام 2010 وقد كانت تجرمه وتعاقب عليه. النقابات ضعيفة، نعم، لكن العمال ليسوا كذلك. النقابة، ولا بد، عائدة وراجحة وفتاكة، فويل للمجنبين!
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]