العمدة محمود: ملياردير بحر العرب
كفى بك داءً
قال وزير الزراعة عبد الحليم اسماعيل في ندوة نظمتها النهضة الزراعية، أخت النفرة، ومركز مأمون بحيري للدراسات الاقتصادية أن القطاع المطري رفد خزينة الدولة العام الماضي بمليار دولار، عائد تصدير 3,5 مليون رأس من الماشية و20 ألف طن من اللحوم. تحدث الوزير، بحسب الصحافة، عن المشاكل التي تواجه الرعي والزراعة المطرية، فقال أن إهمالها عائد إلى بعد مواقع الإنتاج عن المركز الحكومي وعجز الإدارات الولائية عن القيام بالواجب. ذكر الوزير، في نقل الرأي العام، أن الشباب انصرف عن الرعي والزراعة التقليدية، الموروث من سبل المعيشة في الريف، إلى التعدين الأهلي وقطاع الخدمات، يقصد ربما سوق الله أكبر، وتأثر القطاع المطري زراعة ورعيا سلبا بالتغييرات المناخية، يقصد ربما التصحر.
من جانبه، توسع مدير مركز مأمون بحيري سيد على زكي في الموضوع، على خلاف الوزير الذي أبى السياسة واكتفى بفقه البيع، فقال أن القطاع المطرى تحاصره مصاعب شتى منها تدني الإنتاجية لنقص مدخلات الإنتاج والعجز في مكافحة الآفات والوقاية منها وغياب الإرشاد الزراعي، ثم سكرة البترول والفطام منه، إلى جانب انتشار الفقر وانعدام الأمن الغذائئ وتزايد معدلات الهجرة واشتعال الصراعات. اقترح سيد علي زكي حلا من الكراس، فقال بضرورة تبني استراتيجية واضحة المعالم للنهوض بالقطاع المطري تغتني بما تقدمه الإيفاد، أي الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة، من خدمات في هذا المجال.
اقترب المتحدثان، الوزير ومضيفه، من مادة الصراع الاجتماعي والسياسي في البلاد لكن أخذ كل منهما ساتر كما يبدو، فرددا من الاقتصاد طنينه ورفضا بالعمد الخوض في ملموسه، فجاء منهما الحديث حسنا لكن بغير بركة. أين هو هذا القطاع الرعوي؟ أليس حزام النار الممتد على طول 1937 كيلومتر بين السودان وجنوب السودان وألسنته الناشبة شرقا وغربا؟ وأين هم شباب القطاع المطري، أليسوا المجندين بالآلاف في آلة الدولة الحربية والمليشيات الأهلية، جنجويد وتورا بورا ودفاع شعبي وحرس حدود وأبو طيرة وحركات مسلحة وهمباتة ساكت. إن التحديث الذي يطلبه سيد علي زكي بالرفق عبر برامج الأمم المتحدة قائم بالسلاح في جغرافية المطر المتناقص حيث يفدي الناس الموارد بالدم في برزخ انتقال طويل من الإنتاج المعيشي، مجال تدبير القوت، إلى الإنتاج النقدي – بتاع رأس المال – الذي تتشهى فيه الدولة ويفاخر به الوزراء.
نقلت صحافة الخرطوم ندوة مركز مأمون بحيري لكنها لم تنقل حديث محمود جبريل، أحد عمد الرزيقات، إلى وكالة الصحافة الفرنسية ينذر بنفوق مليوني رأس من الماشية جراء الحرمان من مراعي جنوب السودان. يرابط العمدة محمود وأهله في معية قطعانهم منذ ديسمبر شمال بحر العرب ينتظرون العبور جنوبا. قال محمود لمراسل الصحافة الفرنسية "عايزين نقطع البحر ببهايمنا لكن الجنوب قافل الحدود". شرح آدم أبو بكر، راعي شاب، ورطة أهله إن أرادوا تفادي المواجهة العسكرية مع جيش جنوب السودان المرابط عند مجرى الماء بقوله أنهم بين خيارين، إما العودة شمالا حيث انعدم الماء أو البقاء حيث هم حيث الكلأ وفير والماء شحيح. ماذا تفعل الإيفاد في هذه يا سيد زكي؟
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]
///////