مشاكل الزواج السياحي والدعارة باسم الإسلام (الجزء الثاني)

 


 

 


مِحَن الدُّنيا (3)

mohamed@badawi.de
بدأت نورا تسرد: منذ أن بلغت ال١٥ بدأ أهلي يحاولون تزويجي لأحد العرب لكن أخي كان يقف ضدهم مانعا أن تتم هذه الزيجة. بيد أن أخي لم يقدر على أن يسيطر أو يحد من قوّة وتسلط والديّ. كان صديق أخي يرغب في الزواج منِّي فتقدم لي للزواج بصورته المشروعة وكان أخي يساندني في هذا الأمر. كنت حينئذ في المدرسة وكان أخي يتحايل على والدي أن يصبر حتى أتمكن من اكمال الدراسة بالمدرسة. عارضهم في أن يضعوني في علاقة أي كانت وطلب منهم أن يزوجوا أختي التي تكبرني، لكن أختي هذه لم تكن خليقة بأن تجلب لهم المبالغ التي يحلمون بها والتي كنت أنا – بحسب جمالي - قادرة أن أحققها لهم. من المدهش حقاً بالنسبة لي أن أي واحدة من شقيقاتي لم تتعرض لهذه الزيجة أو تجبر عليها. لكنه كتب عليّ أن أبقى فيها بضع سنين من عمر شبابي ولم يتطرّق أحد من أسرتي لأمر أخواتي الأخريات. غلظ أبي في معاملته معي وكان يمنعني من الاختلاف إلى المدرسة وفي غالب الأحيان يضربني ضربا مبرحا ويكتّفني لكي أنصاع لأوامره وأسلّم بالأمر الواقع فضلا عن أنه منع كل زيارات صديقاتي لي فعزلني هكذا من محيط صداقاتي وصرت وحيدة منعزلة. للأسف كانت أختي الكبرى تقف بجانب والدي ولم أستطع فهم تصرفها هذا!  

على كل شاءت الأقدار وبدأت في دوامة الزواج السياحي بعد أن فقدت الأمل في كل شيء. توالت العلاقات وبعد قضاء كل فترة أرجع أدراجي إلى بيتنا خلل الدموع واليأس. لكني قررت بعد أن تكررت العلاقات وازداد جشع والدي المدمن في طلب الفلوس أن أبتعد عن أهلي وقريتي فقررت الهرب إلى مكان لا يطيلوني به، فهربت. اليوم أعيش وحيدة بعيدة عنهم. أول زوج دفع ٦٠ ألف جنيه وكانت تلك أول مرّة آخذ فيها منهم مال. أشتروا لي بمبلغ ١٠ ألف جنيه ذهب وحليّ لكنهم أخذوه مني بعد فترة وجيزة من الوقت وربما كان الذهب في المرّة الأولى بمثابة الطعم لي وبغرض اغرائي. في إحدى العلاقات كنت أسكن من أحد السعوديين في شقة وذات صباح فقت من النوم ووجدت ورقة الزواج العرفي مقطعة على الطاولة ولم أر الزوج المزعوم فقد غادر الشقة متسترا دون أن يخبرني. ونزلت وسألت البواب فأخبرني أنه قد غادر العمارة في الصباح الباكر.

لم أحمل من هذا الرجل لكنني حملت من الرجل الثالث. حينئذ قررت أن أعمل عملية جراحية لإسقاط الجنين بيد أن أهلي كان يرفضون فكرة عملية اسقاط الجنين تماما.  كانوا يشرئبون بكل شوق للتعرف على جنس الجنين: بنت أم ولد؟ وكانت رغبتهم أن أنجب لهم بنتا لكي يمارسوا معها نفس القضايا ويبيعوا شرفها للأعراب ولأن البنت "حتجيب فلوس". عكس الولد الذي سيبقى في البيت - مثل أبي الذي ظل كل حياته قابع في البيت - يأكل ويشرب ويتعاطى المخدرات. أمي ربّة منزل صابرة في البيت كالعادة وكل ما تريده تجده ونحن نحضر لها ما تطلبه. حاولت عدة مرات الهروب بعد الزيجة الثانية فلجأت إلى صديقة لنا بالقرية لكنهم - بعد فحص وتتبع - عرفوا أني ساكنة معها فأحضروني رغما عن أنفي. كان باستطاعتهم أن يقتلوني بعد هروبي في ذلك اليوم لكنهم لم يردوا ضربي لكي لا تبقى علامات الضرب على جسمي وصمة في عينيّ العريس الجديد وربما لتفادي انخفاض سعر بيعي بسبب آثار الضرب عليه. على كل حال رجعت مرغمة وكان يحضّرون للزيجة الثالثة إذ أنهم وجدوا أحدا يرغب فيّ.

تعرفت من خلال هذه العلاقات على طبيعة الأزواج الذين كان لي علاقة بهم. لقد كان أجمعهم في شدّة الغلظ والوحشيّة تجاهي إلا واحدا منهم. لم أكن أتعاطى الخمور وقتئذ لكن أحدهم أجبرني وشرّبني كل أنواع الخمور وأنا شربت دون تلكؤ أو حذر. نعم، شربت لأنني من الأصل لم أكن أحبه فضلا عن أنني أطيقه. وكنت أعلم في قرارة نفسي أن المخمور لا يعي بما يحدث له لذلك اضطررت لرفع الكأس والشروع في شرب الخمر. ولقد ترك هذا الرجل أثرا بالغا في نفسي فتعبت وتدمرت نفسيا بعد العلاقة معه. كان بالغ السوء في تعامله معي وكان يحب أن يحدث كل شيء بالعنف حينا يرغب أن يضاجعني بكل الوجهات كان يطيب له ضربي قبل الشروع. ذقت الويلات منه ومعه وتعبت نفسي عندما غادر تاركا لي في هذه المحنة النفسية. صارت نورا تبكي وتقول: "كان بيطلب من حاجات حرام وأنا تعبت من ده، لأنه كان كل يوم، لمدة ٢٥ يوم، وكنت ما اقدرش أقول لا."

يقول مقدم البرنامج (أجرأ الكلام) عندما أدمعت عينيّ نورا والباحثة الاجتماعية المتواجدة بالاستديو الآتي:  
"اليوم أي شخص منّا يتخيل بنته أو أخته من لحمه ودمه سواء من أولاد بلده أو من أبناء أمته عربيّا أو اسلاميّا بيحكو هذا الحكي، إذا كيف فينا نقف ساكتين أمام هذه المواضيع أو أمام ما يحصل."
تداخلت الباحثة الاجتماعية متسائلة: "كيف سمح أهلها لأنفسهم أن يقفوا ساكتين؟"
أجاب مقدم البرنامج: "أهلها هم الذين سهلوا لها هذا الموضوع. هي تقول أبوها الذي أجبرها على هذه العلاقات."
صارت نورا اليوم مدمنة بسبب رفيقها (زوجها المزعوم) الذي أجبرها على تعاطي الخمر وأمور أخرى لم تكن تتعاطاها من قبل. تقول نورا: "لازم أشرب كل يوم."

صارت نورا تعمل بملجأ أيتام لكنها تتعاطي الخمر وأمور أخي يوميّا. سألها مقدم البرنامج:
- هل تحلم الواحدة منكنّ بأن يوما ما سيأتي الزوج الذي تحلمن به ويقضي على السحابة السوداء التي أحلكت حياتكن وهل تحلمن بالرجوع إلى حياة طاهرة شريفة ككل البنات من أحد يحبكنّ ويقدركنّ ويعاملكنّ بكل رقيّ ونظافة بما لا يخالف الشرع والدين والعرف السائد؟ هل تحلمن هذا الحلم أم توقفت أحلامكنّ؟
وكانت إجابة نورا كالآتي:
- لنا أمل كبير في الله!
(صحيفة الخرطوم)
////////////////

 

آراء