اليوم العالمي للمسرح 27 مارس
أود أولا أن أعرب عن خالص شكري وتقديري لسعيد شاهين على كلمته الرقيقة التي نشرها بالأمس بموقعه "أخبار المدينة " بمناسبة 27 مارس اليوم العالمي
للمسرح ، والشكر موصول لصديقي محمد عبدالوهاب الذي " دق صدرو " وأعلن عن ثمة ترتيبات تجري لتكريم عدد من المسرحيين في المهاجر والشتات بهذه المناسبة ، وقال لي أنهم لا يريدون أن يتم التكريم بشكل " فطير " وإنما على أسس علمية متأنية نظرا للقامة الرفيعة التي يحتلها جميع المكرمين واعترافا منهم بدور المسرحيين السودانيين في الحياة الفنية والسياسية السودانية ، كما أشكر جميع المواقع الإلكترونية التي إهتمت بالحدث وأتوجه بالتهنئة الخالصة لكافة المسرحيين السودانيين في الداخل والخارج بهذه المناسبة العظيمة .
درجت العادة أن يحتفل المسرحيون في العالم أجمع بيوم المسرح العالمي في السابع والعشرين من مارس كل عام ، ومن أهم الفعاليات في هذا اليوم إختيار شخصية مسرحية عالمية معروفة وشهيرة لإلقاء كلمة اليوم والتي سبق أن ألقاها الكثير من المسرحيين الذين قدموا عطاء مسرحيا فريدا ومتميزا ، ولا زلت إلى اليوم أتذكر الكلمة الرصينة التي ألقاها الفنان المسرحي الراحل المقيم السوري سعدالله ونوس ، والذي قدمنا له في السودان مسرحيته المعروفة " حفل سمر لأجل خمسة حزيران " إخراج الفنان المسرحي السينمائي والشاعر المعروف علي عبد القيوم .
كلمة المسرح لهذا العام سيلقيها الفنان المسرحي العالمي الإيطالي داريو فو ، ومن المفترض أن يقوم الشخص الذي تختاره الهيئة الدولية للمسرح لإلقاء الكلمة أن يقدم الخطوط العريضة لكلمته .
د. يوسف عايدابي وهو مسرحي سوداني معروف عربيا وعالميا وكان عميدا لمعهد الموسيقى والمسرح في السودان في سبعينات القرن الماضي والمقيم حاليا في دولة الإمارات ، قام بترجمة الكلمة .
يقول داريو :
"منذ زمن سالف بعيد حلت قوة التعصب وأعربت عن عدم تحملها لممثلي الكوميديا الهزلية بطردهم إلى خارج البلاد.
واليوم يواجه الممثلون وجماعات المسرح الصعوبات في العثور على المسارح العامة ودور العرض وحتى المشاهدين.. كل ذلك بسبب الانهيار الاقتصادي؛ لذلك لم يعد الحكام مهتمين بأمر السيطرة على أولئك الذين يعبرون عن أنفسهم بالسخرية والتهكم، طالما لم يعد هناك من مكان للممثلين، بل ولا يوجد جمهور نظارة لمخاطبته.
على النقيض، ففي أثناء عصر النهضة، وفي إيطاليا، كان على أولئك الذين في الحكم أن يبذلوا جهداً مهماً لكي يحملوا ممثلي الهزليات ليبعدوا بعيداً عن جمهور كبير استمتع بعروضهم كثيراً.
لقد بات معروفاً أن النزوح الجماعي الواسع للاعبي الكوميديا المرتجله حدث في قرن الإصلاح الذي أمر بتفكيك كل خشبات المسارح خصوصاً في روما حيث اتهم الممثلون بإهانة المدينة المقدسة ، لقد أمر البابا الثاني عشر في العام 1697م تحت ضغط الطلبات الملحة من الفئة الأكثر محافظة من البرجوازية ومن الدعاة الرئيسيين لرجال الكنيسة، بهدم مسرح " توردينونا " الذي طبقاً لفلاسفة الأخلاق قد نظم العدد الأعظم من العروض غير اللائقة.
في عصر الإصلاح ألزم الكاردينال كارلو بروميو، الذي كان نشطاً في شمال إيطاليا، نفسه بإصلاح "أطفال ميلانو"، إذ فرق بوضوح بين الفن – باعتباره الشكل الأعلى للتربية الروحية، وبين المسرح - باعتباره مظهراً للتجديف ، وفي رسالة موجهة إلى معاونيه التي اقتبس منها الخلاصة، يعبر عما يدور في نفسه كما يلي : "في اهتمامنا باستئصال النبتة الضارة الشريرة بذلنا أقصى ما يمكن لحرق النصوص التي تحتوي خطابات سيئة السمعة لمحوها من ذاكرة الرجال، وفي نفس الوقت لمحاكمة أؤلئك الذين أباحوا طباعة مثل هذه النصوص أيضاً ".
من الواضح، على أية حال إنه بينما كنا نحن نياماً، كان الشيطان قد عمل بالخداع من جديد؛ فكيف يكون اختراق الروح أكثر بكثير مما يمكن أن ترى العيون، ومما يكون قد تمت قراءته من مثل تلك الكتب؟! كيف يمكن أن يكون التدمير لعقول المراهقين والبنات الشابات بواسطة الكلمة المنطوقة والايماءة الملائمة أكثر بكثير من كلمة ميتة مطبوعة في كتب؟! لذلك فإنه من الضروري تخليص مدننا من صناع المسرح، كما نفعل بالأرواح غير المرغوبة".
وعليه فالحل الوحيد للأزمة يكمن في الأمل بتنفيذ إقصاء واسع منظم ضدنا، وخصوصاً ضد الشباب من الذين يرغبون في تعلم فن المسرح : شتات جديد للكوميديان، لصناع المسرح، الذين يستخلصون من مثل هذا العبء الثقيل منافع مستحيلة التصور بلا شك لأجل تمثيل وتشخيص جديد " .
badreldin ali [badreldinali@hotmail.com]